Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سعيد بوتفليقة في الإقامة الجبرية وعلي حداد في السجن... والقضاء يصدر مذكرات دولية للقبض على 3 مسؤولين خارج الجزائر

ملاحقة رموز الفساد تشّكل الورقة الأبرز بيد قيادة الأركان لاستمالة حراك الشارع

لم تكد تمضي ساعات قليلة على التفعيل الرسمي لاستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حتى بدأت الأخبار تتوالى في شأن ملاحقة العديد من رموز الفساد، التي ارتبطت أسماؤها بـ "القوى غير الدستورية" التي هيمنت على الحكم في الجزائر، خلال السنوات الماضية. ما يُظهر بأن قيادة أركان الجيش، التي تمسك بزمام السلطة موقتاً، بعدما أرغمت الرئيس وأشقاءه على "التطبيق الفوري" لقرار الاستقالة، تراهن على فتح ملفات الفساد التي تطاول شخصيات نافذة في "النظام القديم"، لأن ذلك يشكل الورقة الأبرز بيد قيادة الجيش لاستمالة الحراك الشعبي، وتفادي احتقان الشارع على خلفية تضارب الرؤى وغموض المشهد في ما يتعلق بترتيبات إدارة الفترة الانتقالية.

وكان لافتاً تعجيل السلطات، فور تفعيل استقالة بوتفليقة، بتقديم علي حداد، الرئيس السابق لمنتدى رجال الأعمال الجزائريين، أمام قاضي التحقيق، تمهيداً لإيداعه السجن بتهم الفساد وتبييض الأموال. هذا الإجراء الاستثنائي الذي تمّ ليلاً وبحضور كاميرات التلفزيون هدف إلى تكذيب الأخبار، التي كانت قد رُوّجت في شأن إطلاق سراحه بقرار من سعيد بوتفليقة، قبل ساعات قليلة من استقالة شقيقه الرئيس.

ملاحقة أفراد "العصابة" الرئاسية

ظهور صور حداد محاطاً برجال الشرطة، وهو يقتاد إلى المحكمة، شكّل خطوة رمزية قوية للتدليل بأن "العصابة التي قامت بتكوين ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، من دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة"، كما جاء في البيان الأخير لهيئة الأركان، لن تفلت من الملاحقة القضائية. ومعروف أن حداد كان أحد رؤوس "الأوليغارشية المالية" الأكثر نفوذاً في عهد بوتفليقة، وهو الذي كان يتولى تمويل حملات الرئيس الانتخابية، عبر "منتدى رجال الأعمال" الذي كان يرأسه.  

الملاحقات لم تلبث أن مسّت سعيد بوتفليقة ذاته. إذ راجت أخبار عن اعتقاله قبيل تفعيل استقالة الرئيس بوتفليقة. لكن مصادر موثوقة قالت لـ "اندبندنت عربية" إن سعيد بوتفليقة لم يُسجن، بل وُضع في الإقامة الجبرية في إحدى المراكز التابعة للدولة في ضاحية الأبيار، في أعالي العاصمة الجزائرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت المصادر أنه "لم يتعرّض لأي تعنيف أو استنطاق، ولم تُفعّل بحقه أي ملاحقات قضائية في الفترة الحالية". وتعذّر الوصول إلى أي معلومات دقيقة في شأن شقيق الرئيس الآخر، ناصر بوتفليقة، وبقية أفراد العائلة. إلا أن وضع سعيد بوتفليقة رهن الإقامة الجبرية أعتُبر مؤشراً قوياً إلى أن تجاذبات الساعات الـ 24 الأخيرة، التي سبقت الاستقالة الفعلية للرئيس بوتفليقة، أسقطت التسوية التي كان قد تم التوصل إليها الأحد، في شأن تأمين "خروج آمن ومشرف للرئيس بوتفليقة وأفراد عائلته".

 

مماطلة سعيد بوتفليقة في تفعيل استقالة الرئيس في مقابل الضمانات التي مُنحت للعائلة من قبل قيادة الجيش، وتحالفه مع فلول جهاز الاستخبارات القديم (تم حله رسمياً في العام 2015) في محاولة لإطاحة رئيس هيئة الأركان، اضطرا الأخير إلى تصعيد لهجته تجاه عائلة الرئيس، واصفاً إياها بـ "العصابة التي استولت بغير وجه حقّ على مقدرات الشعب الجزائري، وهي الآن بصدد الالتفاف على مطالبه المشروعة من خلال اعتماد مخططات مشبوهة ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والدفع بها نحو الوقوع في فخّ الفراغ الدستوري"، متهماً أشقاء الرئيس باللجوء إلى "المماطلة والتعنت بل والتحايل لإطالة عمر الأزمة وتعقيدها، غير مهتمين سوى بالحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة، من دون الاكتراث بمصالح الشعب ومصير البلاد".

مذكرات دولية للقبض على مسؤولين كبار

تُهم الفساد واستغلال النفوذ التي كالتها قيادة الأركان علناً لعائلة الرئيس بوتفليقة تجعل من الصعب تفعيل أيّ إجراءات عفو لاستثنائها من الملاحقات القضائية. لكن المصادر المقرّبة من قيادة الأركان تشير إلى أن الأخيرة "لا تريد استعجال أيّ ملاحقة بحق أشقاء الرئيس، حتى لا تعطي الانطباع بأنها تتصرف بمنطق انتقامي. لكن الملاحقات ستطاولهم حتماً، بعدما فعّل القضاء إجراءات الملاحقة بحقّ العديد من المقربين منهم من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين السابقين".

وقالت المصادر ذاتها إن الملاحقات المذكورة لم تقتصر فقط على الإجراءات التي أُعلن عنها الأسبوع الماضي لمنع رموز الفساد من مغادرة البلاد أو تحويل أموال إلى الخارج، بل أُصدرت مذكرات دولية للقبض على رجال أعمال ومسؤولين كبار سابقين موجودين خارج البلاد. وأضافت المصادر أن تلك المذكرات طاولت شخصيات بارزة من رموز "النظام البوتفليقي"، منها رئيسا حزب جبهة التحرير الوطني السابقان عمار سعيداني وجمال ولد عباس، ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوراب.

المزيد من العالم العربي