Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة إسرائيلية خاطفة للسودان تمهد لنهاية العداء التاريخي

"ست ساعات من اللقاءات والمشاورات وتكتم رسمي شديد وترجيحات بالإعلان عن عودة العلاقات الأسبوع الأول من نوفمبر"

صورة من الأرشيف لمطار الخرطوم الدولي (رويترز)

أكدت مصادر محلية ودولية عدة، مقربة من ملف العلاقات السودانية-الإسرائيلية، أن إعلان البلدين التوصل إلى اتفاق سلام ينهي حالة العداء التاريخية بينهما بات وشيكاً جداً.

وعلى الرغم من تأكيدات تل أبيب الرسمية بوصول وفد إسرائيلي ضم كبار مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومستشارين للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وإجرائه مباحثات رسمية مع قيادات بارزة في مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، إلا أن الحكومة السودانية لم تصدر أي بيان أو توضيحات رسمية حتى اليوم، بشأن زيارة الوفد إلى الخرطوم مساء الأربعاء الماضي.

كما لم يُصِدر تحالف "قوى الحرية والتغيير"، الحاضنة السياسية للحكومة، أي توضيحات أو تعليقات بشأن هذه الخطوة، على الرغم من أن الطائرة الإسرائيلية التي حطت في مطار الخرطوم لم تكن الرحلة الخاصة الأولى، فقد سبق أن استقبل المطار طائرة خاصة جاءت لتقل مستشارة الرئيس الأوغندي وسفيرة السودان في أوغندا سابقاً، نجوى قدح الدم، للعلاج بتل أبيب، لكنها فارقت الحياة متأثرة بكورونا قبل وصول الطائرة.

التكتم الرسمي والتسريبات المقربة

وعلى الرغم من تجنب المصادر الرسمية السودانية الحديث عن الموضوع وتفادي أي تصريحات حوله، أكد مراقبون وسياسيون وأكاديميون لـ "اندبندنت عربية"، أن الوفد الإسرائيلي الذي وصل الخرطوم الأربعاء، بحث مع مسؤولين كبار اللمسات والترتيبات الأخيرة لصيغة الإعلان المنتظر، بإنهاء البلدين حالة العداء التاريخية بينهما.

وكشف عوض داؤود الأمين العام للجنة التمهيدية لجمعية الصداقة الشعبية السودانية- الإسرائيلية، لـ "اندبندنت عربية"، أن زيارة الوفد الإسرائيلي الخاطفة امتدت لست ساعات فقط، وهي تمثل بداية الترتيب لإعلان "وقف العدائيات بين السودان وإسرائيل"، مرجحاً أن يتم الكشف عنه في الأسبوع الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

أضاف "بحسب إفادات صحافيين يتواصلون مع الجمعية من تل أبيب، فالطائرة التي وصلت الخرطوم مساء الأربعاء آتية من إسرائيل، أقلت مستشارين كباراً لترمب ونتنياهو، التقوا بشخصيات تنفيذية وسيادية قيادية، يرافقهم نائب مدير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، رونن بيرتس مستشار نتنياهو للعالم العربي، ومن الجانب الأميركي الجنرال كوريا مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، إضافة إلى ديفيد فريدمان وأرييه لايتستون، كبيري مستشاري السفير الأميركي لدى إسرائيل".

وأردف قائلاً، "يبدو أن البلدين ولظروف السودان الحالية، يسعيان إلى وضع اتفاقات مبدئية لوقف العدائيات والتعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والشعبية، من دون تبادل البعثات الدبلوماسية في الوقت الراهن، على أن تأتي العلاقات الدبلوماسية الكاملة بعد تكوين المجلس التشريعي في السودان".

تمرين دبلوماسي لتدشين العلاقات

وعلى الصعيد ذاته، قال عصمت محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية، ومدير مركز الدراسات الدبلوماسية، أن الوضع السياسي الداخلي الراهن أجبر الحكومة على خيار العمل السري لتسوية هذا الملف المصنف بأنه عمل سري تمهيدي، لا يزال يحمل النكهة التفاوضية، ولم تنضج ثماره بعد، مشيراً إلى أنه يمكن اعتبار ما تم في زيارة الوفد التكتمية بأنه تمرين دبلوماسي، إن لم يكن تدشيناً لتجاوز الأخيرة مرحلة العداء بين البلدين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرجح حسين أن تكون الحكومة تعتمد خطة التدرج المرحلي في الوصول إلى علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل، مشيراً إلى أن الوفد الإسرائيلي ربما ناقش الخطوات التمهيدية، وفق سيناريو لا يُدخِل الحكومة الانتقالية في أي حرج أو مواجهات مع حاضنتها السياسية في تحالف "قوى الحرية والتغيير"، على اعتبار أنها مجرد مفاوضات مستمرة، من دون الإعلان صراحة عن الوصول إلى علاقات دبلوماسية كاملة بشكل مباشر، على أن يتفهم الجانب الإسرائيلي ذلك ويقبله كأضعف الإيمان في الوقت الراهن.

الدور الأميركي

ورأى أستاذ العلاقات الدولية أن وصول الوفد واستقباله وفتح المطار له وما سبقه من فتح للأجواء السودانية، كلها إشارات تؤكد أن إسرائيل لم تعد دولة عدوة بأي حال، ومن ثم فإن العلاقة معها تقاس بهذا المستوى العملي من العلاقات غير العدائية، كمرحلة أولى باتجاه أن تكون طبيعية بالكامل.

أضاف "تلعب واشنطن دوراً محورياً من منطلق مصلحتها السياسية، وهي المحرك لكل ما يجري في الدهاليز والكواليس السياسية والأمنية والدبلوماسية، وترعى تماماً تلك الجهود والمساعي، وفي كل الاحوال فإن إعلان الولايات المتحدة عزمها الجاد على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يمثل ضغطاً ودفعاً في الاتجاه نفسه، ولا يمكن بأي حال فصله عن جهودها لإقامة علاقات دبلوماسية بين السودان وإسرائيل".

ويرى حسين أنه وفقاً لحيثيات ما يجري، فإن إعلان سلام مع تل أبيب بات قريباً جداً، وأن الحراك الذي تشهده علاقات البلدين من زيارات واتصالات سرية كانت أو علنية، كلها تعتبر قرائن وإشارات تؤكد ذلك، وترمي إلى ظهور الأمر كأنه الثمن المدفوع لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب صراحة.

"قوى الحرية والتغيير" لا علم لها

بدوره، لم يستبعد صديق يوسف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني لـ "اندبندنت عربية"، أن يكون وصول الوفد الإسرائيلي حقيقياً، لأن الحكومة الانتقالية لم تنف أو تؤكد الأمر حتى الآن، وطالب الحكومة بالنفي إن لم يكن الخبر صحيحاً، وإنهاء حالة التكتم على الموضوع.

وتابع "علمنا بهبوط طائرة الوفد ولا ندري بمن التقى ومع من جلس وتباحث، وما نعلمه هو أن الحكومة سبق وأصدرت قراراً بأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لن تقوم به حكومة غير منتخبة، ونحن نتمسك بهذا القرار، الذي أُبلِغ به وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في زيارته الأخيرة إلى السودان".

وأوضح يوسف أن "التطبيع لم يكن ضمن الشروط الأميركية لرفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، التي تعاملت الحكومة وفقاً لها، وأن إقحام التطبيع الآن يجيء في سياق حملة الانتخابات الأميركية، وهو أمر مرفوض تماماً من جانبنا".

الحاضنة السياسية ترفض وتهدد

وشدد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي على رفض "تحالف الحرية والتغيير"، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، و"مناهضتها لأية قرارات تصدر بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وستنظم حملات شعبية واسعة ضده، ولن تقبل بأي حال رهن قرار البلاد السياسي خارج سياق الإرادة الوطنية، أو امتثالاً للضغوط السياسية أو بيعه بالإغراءات المادية".

تباين المواقف السياسية الداخلية

وأكد وقوف الحاضنة السياسية ضد أي تجاوزات من الحكومة، ومنها لقاء البرهان ونتنياهو الذي تم من دون علمها في مدينة عنتيبي الأوغندية، مشيراً إلى أنه "في غياب المجلس التشريعي لا تملك قوى الحرية والتغيير، القوة والسلطة التي نناهض بها القرار، لذلك ليس أمامها كحاضنة سياسية، سوى خيار اللجوء إلى مواكب الشارع باعتبارها الآلية الوحيدة المتاحة حالياً، إلى حين تشكيل المجلس التشريعي، الذي يملك سلطة تغيير القرارات الحكومية".

وفي السياق نفسه، نقلت وسائل إعلام محلية عن الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي، تهديده بالانسحاب من حكومة الفترة الانتقالية في حال أعلنت الحكومة بدء العلاقات مع دولة لإسرائيل.

وعلى صعيد متصل، أكد مبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الأمة المسجل، لـ "اندبندنت عربية"، أن المفاوضات الجارية بين الحكومتين السودانية والإسرائيلية، تهدف في النهاية إلى التوصل لاتفاق سلام بين البلدين.

ووصف المهدي التكتم والسرية التي تحيط بها الحكومة موضوع تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بأنها أمر طبيعي في مثل هذه الأمور، خصوصاً في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي يعيشها السودان، والانقسامات الكبيرة التي تعاني منها "قوى الحرية والتغيير" الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية.

وكان المجلس العربي للتكامل الإقليمي، قد نظم خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول)، ورشة دولية حول العلاقات السودانية-الإسرائيلية، بمشاركة إسرائيل وأميركا والسودان حيث شارك من الجانب السوداني راشد دياب إضافة إلى السفير الصادق إسحاق رئيس جمعية الصداقة السودانية-الإسرائيلية، وعوض داوؤد أمينها العام، وصفاء الفحل مسؤول الإعلام في الجمعية، إلى جانب الشيخ الخنجر.

رفع العقوبات عن السودان

وتناولت الورشة، عبر تطبيق "زوم ميتنغ"، العلاقات السودانية والإسرائيلية، والتقاطعات الدولية حولها، تحدث فيها من الجانب الإسرائيلي ليور مندور الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية، وكل من مدير مركز بيريز للسلام، والحاخام شلومو ليفي، وجون شاندر من أميركا أحد مناصري رفع العقوبات عن السودان.

وأجرى مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، اتصالاً هاتفياً أول من أمس، برئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، استعرض خلاله ترتيبات رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأثنى بومبيو في تصريحات إعلامية على الجهود التي تبذلها الخرطوم لتحسين العلاقات مع إسرائيل.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية رسمية، قد كشفت مساء الخميس زيارة وفد رسمي الأربعاء إلى الخرطوم، ضم مسؤولين دبلوماسيين ومستشارين كباراً، التقوا برئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك.

وسبق للحكومة السودانية أن أعلنت على لسان حمدوك، رفضها التام الربط بين ملفي العلاقات مع إسرائيل ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وما ترتب عليها من عقوبات.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات