Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلافات الداخل الليبي تثير شكوكاً في تفاهمات الخارج

اعتقال رئيس المؤسسة العامة للإعلام الذي يملك صلاحيات وزير

المبعوثة الأممية للدعم في ليبيا ستيفاني وليامز (غيتي)

أعلنت الأطراف الممثلة لطرفي النزاع الليبي في الحوار العسكري (5+5) بجنيف توصلها إلى تفاهمات مهمة تتعلق بالشق الأمني والعسكري. وقالت البعثة الأممية للدعم في ليبيا إنها ستعزز فرص التوصل إلى سلام مستدام في البلاد.  

في المقابل، أثار شعار ينادي بالسلام وضعته القناة الحكومية الرسمية التابعة لحكومة الوفاق على شاشتها، جنون الكتائب التابعة لعملية بركان الغضب، الجناح العسكري للحكومة، فاقتحمت القناة واعتقلت رئيس المؤسسة العامة للإعلام، والذي يملك صلاحيات وزير.

رمزية الحدث كان وقعها كبيراً على الشارع الليبي، حيث ضخمت شكوكه في فرصة التسوية السياسية، وزادت حيرته بين الإعلان المتواصل عن تفاهمات وتقارب بين المتحاورين خارج حدود الوطن، والأخبار والأحداث التي يتابعها يومياً في الداخل، والتي تظهر أن ردم الهوة بين الطرفين يحتاج زمناً أطول على ما يبدو مما يبشر به المتفائلون بالنقاشات الدائرة في المسارات الثلاثة للحوار الليبي.

تفاهمات على طاولة سويسرية

واُختتمت في جنيف جلسات اليوم الثالث من الحوار بين اللجنتين العسكريتين (5+5)، وأعلنت المبعوثة الأممية للدعم في ليبيا ستيفاني وليامز، خلال مؤتمر صحافي، تحقيقها تفاهمات مهمة بين الطرفين، كاشفة عن "رغبة كبيرة لدى طرفي النزاع الليبي في إجراء انتخابات عاجلة".

وقالت وليامز خلال عرض نتائج اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) في جنيف، إن "أطراف النزاع الليبي المجتمعين في العاصمة السويسرية توصلوا إلى توافق حول عدد من القضايا المهمة، وأبرزها التأكيد على استمرار خفض التصعيد العسكري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت أن "جميع الأطراف أكدوا خروج كل القوات الأجنبية في غضون 90 يوماً من الاتفاق على وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن "التدخلات الخارجية تعمق الأزمة في ليبيا، وأنها غير مقبولة".

وأفادت وليامز باتفاق الطرفين على "اتخاذ خطوات لإعادة هيكلة حرس المنشآت النفطية لضمان استمرار تدفق النفط، وإعادة تشغيل الرحلات الجوية الداخلية، وفتح الطرق البرية بين الشرق والغرب".

وأعلنت استئناف جولة المحادثات الليبية الجمعة المقبل، 23 أكتوبر (تشرين الأول)، مشددة على أن "إجراءات بناء الثقة بين الأطراف الليبية تمت بالفعل".

ثورة "البركان" على إعلام السلام

أما في العاصمة الليبية فبدت الأجواء مختلفة عن نظيرتها السويسرية، حيث اعتقلت قوة عسكرية من كتيبة ثوار طرابلس التابعة لعملية بركان الغضب، الذراع العسكري لحكومة الوفاق، المكلف بتسيير أعمال مؤسسة الإعلام محمد بعيو، الذي عيّن في منصبه بصلاحيات وزير قبل أسابيع قليلة، وبقرار من رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ليثير تعيينه خلافات كبيرة في أوساط تتهم بعيو بمناصرة النظام السابق للرئيس معمر القذافي.

وذكرت الكتيبة أن "قرار اعتقال بعيو اتخذ بعد أن أزال شعار عملية بركان الغضب العسكرية التابعة لوزارة الدفاع في حكومة الوفاق من الشاشة الرئيسية للقناة الرسمية للدولة، ووضع مكانه شعاراً جديداً باسم (إعلام السلام)"، لتهاجم القوة العسكرية مقر القناة وتعيد الشعار، قبل أن تحاصر بيت رئيس مؤسسة الإعلام وتعتقله.

وأذاعت الكتيبة بياناً في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، وسط محاصرة عناصر مسلحة مزودة بمضادات للطيران مقر المؤسسة الليبية للإعلام قالت فيه، "إن ثوار طرابلس وكامل المنطقة الغربية والوسطى يؤكدون أن محمد بعيو ليس رمزاً من رموز ثورتنا المباركة، وليس ممن ضحوا بأنفسهم لأجلها، وليس له علاقة بنضالنا".

من جانبه، طالب آمر غرفة عمليات سرت الجفرة التابعة للوفاق، إبراهيم بيت المال، المجلس الرئاسي بسحب قرار تعيين الصحافي محمد بعيو رئيساً للمؤسسة الليبية للإعلام.

ونقل المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" عن بيت المال قوله إن "بعيو أصدر تعميماً للقنوات الإعلامية، وصف فيه عدوان حفتر على طرابلس بالحرب الأهلية، وأمر بإزالة شعار بركان الغضب من القنوات الرسمية، لذا تجب إقالته".

الكشف عن اختلاسات ضخمة

إزالة شعار القوة العسكرية من شاشة القناة الرسمية للدولة لم يكن السبب المباشر والوحيد لاعتقال محمد بعيو، بحسب ما ذكر في منشور له عبر مواقع التواصل قبل اعتقاله بساعات، وفيه كشف عن تلقيه رسالة تهديد صوتية من أحد أمراء الكتائب في طرابلس، على خلفية إحالة الإعلامي سليمان دوغة الذي يدير إحدى القنوات الفضائية الليبية المقربة من جماعة الإخوان المسلمين إلى التحقيق، بتهمة تبديد واختلاس 35 مليون دينار ليبي (23.33) مليون دولار.

وقال بعيو في المنشور ذاته، "ازدادت حملات أبواق الإخوان ضدي شراسة بعد إحالتي للمدعو سليمان دوغة إلى التحقيق بتهمة تبديد واختلاس الأموال، ومحاربتي للفساد في الأجهزة الإعلامية، وتلقيت اليوم رسالة تهديد صوتية بالخصوص من الميليشياوي أيوب بوراس آمر كتيبة ثوار طرابلس".

تنديد من المنظمات الحقوقية

في المقابل، واجهت عملية اعتقال رئيس المؤسسة الليبية للإعلام إدانة كبيرة داخل ليبيا من منظمات حقوقية ومدنية عدة، على رأسها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، التي دانت واقعة اختطاف بعيو من قبل كتيبة ثوار طرابلس، معتبرة إياها "انتهاكاً فاضحاً وصارخاً لحرية الصحافة والإعلام والرأي والتعبير".

كما نفى مكتب النائب العام في طرابلس "وجود أي أمر صادر عنه بالقبض أو التوقيف بحق رئيس المؤسسة الليبية للإعلام التابعة لحكومة الوفاق محمد بعيو".

واعتبر الناشط الحقوقي عبدالحميد يوسف أن "واقعة الاعتقال التعسفي بعد الهجوم على منزله واقتياده إلى أحد المقار التابعة لكتيبة ثوار طرابلس، ونشر صورة له وهو رهن الاعتقال القسري، حادث ذو دلالة سيئة على الأوضاع في طرابلس".

وأضاف أن "هذه الممارسات والجرائم المتكررة التي تنتهك الحقوق والحريات العامة وسلامة وأمن المواطنين بشكل عام، والصحافيين والإعلاميين والمدونين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في طرابلس بخاصة، تبين مجدداً أن من يسيطر على المشهد فيها ميليشيات غير منضبطة، ولا يمكن الحديث عن حل في ليبيا قبل تفكيكها وحلها، وغير ذلك هو بيع للأوهام والأكاذيب".

من جانبه، رأى الصحافي الليبي مجدي عطية أن "اقتحام العناصر المسلحة لمقر القناة الرسمية لحكومة الوفاق واختطافهم رئيس مؤسسة الإعلام، رسالة واضحة ودليل على رفض العناصر المسلحة للحوارات السياسية التي تجري حالياً بسلاسة، وفق ما أكدت البعثة الأممية في ليبيا، بخاصة أن جميع التفاهمات التي توصلت إليها الأطراف الليبية شددت على ضرورة حل المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون وشرعية الدولة".

موقف فرنسي

اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأربعاء، أنه توجد حالياً ثلاثة عوامل داعمة لإحلال السلام في ليبيا، مقدراً أنها يمكن أن "تتبلور" في مسار بنّاء يجب أن تشارك فيه دول الجوار.

وأضاف لودريان، أمام مجلس الشيوخ الفرنسي، أنه "توجد هدنة، لم يعد يوجد قتال في منطقة سرت الجفرة...، أو مجرد مناوشات"، معتبراً أنه من الممكن أن يقْدم طرفا النزاع على "المرور من الهدنة إلى وقف لإطلاق النار".

وقال إن "اتفاق رفع الإغلاق عن الموانئ النفطية... يمثّل تطوراً إيجابياً سيتم بمقتضاه إدارة موارد النفط بشكل شفاف وعدم توجيهها لصالح الفصائل المسلحة".

أما العامل الثالث، فهو سياسي ويتعلق بـ"المنتدى السياسي الليبي الليبي الذي اجتمع في مونترو السويسرية في الصيف وسيجتمع مرة أخرى في تونس - وهذا أحد أسباب زيارتي إلى تونس هذا المساء - خلال بضعة أيام... لتدارس طريقة تجهيز الانتخابات وتنقيح الدستور".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي