Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جونسون قد يخسر معاقله الانتخابية بسبب عدم كفاءته في مواجهة الجائحة

تشكل المناطق الشمالية الفقيرة "الجدار الأحمر" للمحافظين لكنها تعرضت لعقاب اقتصادي تأتى من الإغلاق ومعاناة المرض

الشمال البريطاني تقليديا يقطنه ناخبون عماليون لكن جونسون فاز باصواته في الانتخابات الماضية لكن كورونا قد تقلب المشهد (أ.ف.ب) 

ليس هناك ما هو أشد إيلاماً في الحياة السياسية من تعارض مبدأين يعتزّ بهما المرء. وستكتشف ذلك حكومة بوريس جونسون بالطريقة الصعبة، إذ يحتمل أن تؤدي إجراءات الصحة العامة اللازمة إلى عزل، وفي بعض الحالات إلى إفقار عدد كبير من ناخبيه الجدد.

وبصورة فعلية، تلجأ الحكومة فعلياً إلى إغلاق الاقتصاد مرة أخرى في مساحات شاسعة من البلاد. ففي "المستوى 3" (عندما تكون الخطورة العالية جداً)، يكون الإغلاق واضحاً، إذ تقفل جميع الحانات والبارات وصالات الألعاب الرياضية والمراكز الترفيهية. وفي "المستوى 2" (عندما تكون الخطورة عالية)، يكون الموت بطيئاً ومؤلماً، إذ تبلّغ الحانات بأن بإمكانها الاقتصار على خدمة الأشخاص الذين يعيشون في أسرة واحدة. ويضغط الآن بعض العلماء في "الفريق الاستشاري العلمي لحالات الطوارئ" على الحكومة كي تمضي قدماً في إغلاق وطني شامل مع ما قد يترتب عليه من عواقب مدمرة.

وبينما تحافظ الحكومة على نهج مناطقي [في الإغلاق]، من المرجح بصورة غير متناسبة أن تشهد المناطق الواقعة على طول "الجدار الأحمر" للمقاعد النيابية، الذي يشمل المناطق التي يعتبرها المحافظون الآن قاعدتهم الانتخابية، حالة تأهب قصوى.

وبدلاً من النمو الاقتصادي الموعود، كمكافأة على التصويت لمصلحة المحافظين والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تنال هذه المناطق أسوأ القيود المرتبطة بالوباء. فقد أغلقت في وقت مبكر في أبريل (نيسان) عندما كان كوفيد "مشكلة لندن،" والآن مع فرض الإغلاق على مستوى المناطق، يسمح (حتى الآن) للندن بمواصلة حياتها بينما ينتشر الفيروس أكثر في مناطق أخرى.

ليس من المستغرب أن يستشعر انتشار كوفيد، والألم الاقتصادي الناجم عن حالات الإغلاق المتأتية من ذلك الانتشار، بشكل حاد للغاية في البلدات الشمالية التي تضم المجتمعات الفقيرة نسبياً حول ميرسيسايد وتينيسايد وتيسايد وهامبرسايد ومانشستر الكبرى وفي أجزاء من ميدلاندز. وعلى نقيض الضواحي المورقة في الجنوب الشرقي أو ريفَيْ دورست وديفون، يعيش كثيرون في أماكن مزدحمة بالشمال، وهناك كثير من العائلات المتعددة الأجيال التي تتواصل في ما بينها بشكل وثيق. علاوة على ذلك، فإنه في مدن الشمال تنتشر الوظائف التي تتطلب العلاقة المباشرة مع العملاء ولا يمكن إنجازها عبر مؤتمرات تطبيق "زووم"، إضافة إلى العمل الضروري للبقاء على قيد الحياة الذي لا يمكن الاستغناء عنه بسبب سعلة مشؤومة ورشح أحد أفراد الأسرة. يضاف إلى ذلك أن الناس هناك يعتمدون بشكل كبير على وسائل النقل العام. من ناحية أخرى، ظهر أن طلاب الجامعات الذين يبثّون الحياة في المدن الشمالية، هم ناقلون نشيطون للمرض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولولا عدم الكفاءة، لما كان لدى أهالي هذه المناطق المنكوبة أي سبب محدد لإلقاء اللوم على الحكومة في مصيبتهم. ففي معظم البلدان التي تعرف انتشار العدوى في بعض المناطق، يوجد نظام اختبار وتتبّع فعال يعمل على عزل التجمعات والأفراد الذين ينشرون العدوى بشكل فائق. ومثلاً، تمكّنت ألمانيا وكوريا الجنوبية والسويد والصين واليابان، بطرق مختلفة، من السيطرة على المرض بهذه الطريقة. ويمكن بعد ذلك أن تأتي إجراءات محددة للغاية، سواء عن طريق فرض القواعد أو الامتثال الطوعي.

في المقابل، فشل نظام الاختبار والتتبّع في المملكة المتحدة فشلا ذريعاً بسبب مزيج من تصميم سيّء ومركزية مفرطة ونظام تشغيل معيب، وعدم فاعلية مقدمي الخدمات المفترسين الآتين من القطاع الخاص، وإدارة سيئة تحت القيادة المعينة سياسياً لديدي "ديدو" هاردينغ (يرى بعض الناس أنه في إمكان مغني البوب ​​ديدو وليدي غاغا إذا اجتمعا أن يؤدّيا عملاً أفضل).

وبدلاً من الاعتراف بهذا الفشل، عن طريق نقل السلطة بعيداً من المركز، أو دعوة الألمان أو الكوريين أو الصينيين إلى تشغيل النظام لنا، أو الأمرين معاً، تكافح الحكومة لاحتواء المرض من دون تملّكها أدوات السياسة العامة الرئيسة المطلوبة. في حين، أدّت الرسائل المشوشة والمتناقضة والمتغيرة إلى تفاقم المشكلة.

وعلى نحو مماثل، تحاول الحكومة الاحتماء من بعض الانتقادات التي تنهمر على الوزراء عن طريق "استشارة" الممثلين المحليين، خصوصاً رؤساء البلديات المنتخبين في مانشستر وليفربول الذين ترتفع أصواتهم بشكل متزايد. في المقابل،  يبدو أن ما يعنيه هذا "التشاور" يتجسّد في إبلاغ الممثلين المحليين بشكل لائق بما سيحدث، عوض تجاهلهم تماماً. لذا، فإن الأمر يتعلق بمحاولة تحميل قادة حزب العمال جزءًا من المسؤولية عن الانهيار الاقتصادي الناجم عن الإغلاق، أكثر مما يتعلق بتقاسم حقيقي للسلطة.

وفي الوقت ذاته، إذا جرى استبعاد الضواحي الغنية، كـألترنشام في مانشستر والمناطق الريفية المحيطة بها التي تملك معدلات منخفضة من الإصابة بكورونا، من قيود الإغلاق، فسيكون هنالك مزيداً من التدهور في الشعور بأننا "جميعاً في المركب ذاته". وما يعزّز ذلك يظهر في تعرّض مناطق "الجدار الأحمر" الفقيرة للعقاب الاقتصادي من خلال الإغلاق، وكذلك المعاناة من المرض نفسه. واستطراداً، يجري تضخيم التمييز داخل المنطقة عبر التقسيم المناطقي بين شمال وجنوب.

ولقد استعصت مهمة سدّ هذه الفجوة العميقة على جهود الحكومات المتعاقبة على مدى عقود، على الرغم من تجربة سياسات مختلفة واستثمار مبالغ ضخمة من الأموال في مجالات التنمية ومناطق التنمية الخاصة والمشاريع ووكالات التنمية الإقليمية وبرامج التجديد وشراكات المؤسسات المحلية، فضلاً عن التغييرات والتشكيلات اللانهائية من المنح والقروض والإعفاءات الضريبية والمهارات وبرامج التدريب وصناديق الابتكار والبنية التحتية. وقد هدفت تلك الجهود إلى ربط العمل بالعاملين، والعاملين بالعمل، في انسجام بين سحر السوق وتدخلات الحكومة. وبالنتيجة، لم يجعل أيّ من تلك الإجراءات مناطق ميدلسبره وأولدهام ونوسلي وهال، أكثر شبهاً مع مناطق كـريدينغ وباسينغستوك وبورنموث وبريستول.

ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الأمور التي يمكن للوزراء فعلها الآن بهدف تحسين الأمور، حتى لو كانت العوائد السياسية الفورية ضئيلة.

ويتمثّل الأمر الأول في أن يفعل الوزراء ما يقولون إنهم يريدون فعله، أي نقل سلطة حقيقية إلى رؤساء البلديات المنتخبين في المدن الكبرى والمجالس المحلية في كل مكان. ففي كل بلدة ومدينة تقريباً مع اختلاف تاريخها، هناك مجلس بلدي، وعادة ما يكون هذا تذكيراً محزناً بالأيام التي كان فيها الاعتزاز بالانتماء حقيقياً، وامتلك أعضاء المجالس مسؤولية وقوة حقيقيين. لذا يمكن للحكومة أن تبدأ في إظهار ثقتها بالحكومات المحلية من خلال تسليمها الموارد والمسؤولية لإجراء عمليات الاختبار والتعقب، بدلاً من مجرد "التشاور" معها.

وتتمثل النقطة الثانية ذات الصلة، في إصلاح الخدمة المدنية ودور الهيئات غير الحكومية كي تبتعد عن تمركز منظومة القيم حول لندن. وفي هذا الصدد، أُدرك أن هذا ما يحاول دومينيك كامينغز ومايكل غوف فعله. وباعتباري شخصاً قضى نصف حياته في يوركشاير واسكتلندا قبل أن أصبح جزءًا من النخبة الحضرية، فإنني أتفق معهما، على الأقل في هذا الشأن.

أتذكر بوضوح من فترتي كوزير دولة، المقاومة الشرسة لجهودي الهادفة إلى إيواء بعض المؤسسات الجديدة ("بنك الاستثمار الأخضر" و"بنك الأعمال البريطاني") خارج لندن (نجح ذلك في النهاية عندما ذهب "بنك الاستثمار الأخضر" إلى اسكتلندا، و"بنك الأعمال البريطاني" إلى شيفيلد). كذلك ظهرت أيضاً معارضة شرسة من المؤسسة العلمية لاختيار أماكن "مراكز الابتكار" خارج مثلث أكسفورد وكامبريدج ولندن. فقبل بضع سنوات، بحثت في فكرة نقل مقر الخزانة إلى ليفربول، ما أثار بهجة وسخرية. لذا، ثمة تحدٍّ حقيقي هنا يمكن أن يثير شغف كامينغز.

والمسألة الثالثة والحاسمة تتمثّل في الموارد. هنالك حاجة إلى الأموال حالياً لتخفيف آلام الاقتصادات المحلية المغلقة ومن ثم استمرار الدعم من أجل "رفع مستوى" المناطق. ولا يتعلق ذلك بمجرد جمع أموال متزايدة من القاعدة الضريبية التي تتركّز حتماً في المناطق الأكثر ثراءً، بل يجب إعادة توزيع الإيرادات. ويعني ذلك جمع الأموال عن طريق فرض ضرائب على الدخل وقيم العقارات، والأموال التي ينفقها أهالي الجنوب الأكثر غنى، ثم ضخّها إلى المجتمعات الشمالية الأفقر. في المقابل، ستضع تلك الأمور مصالح الناخبين المحافظين التقليديين في مواجهة الناخبين المحافظين الجدد في "الجدار الأحمر".

ونتيجة لذلك، لا أرى أي علامة على أن بطل الربيع، ريشي سوناك، لديه أي نية على الإطلاق للعب دور روبن هود [= أخذ أموال الأغنياء وتوزيعها على الفقراء] في الجولة المقبلة من عروض التمثيليات الصامتة في عيد الميلاد. وبدلاً من ذلك، سيتم جرّه بالركل والصراخ من وزارة الخزانة المحافظة مالياً بشكل متزايد، بهدف سدّ بعض الثغرات في "الجدار الأحمر". وفي المهمة الجسيمة المتمثلة في دعم المناطق الأفقر في البلاد والحفاظ على وحدة تحالف من ينتخبون حزب المحافظين، من غير المرجح أن تكون تدخلاته [سوناك] كافية.

* السير فينس كيبل هو الزعيم السابق للديمقراطيين الأحرار ووزير الدولة السابق للأعمال والابتكار والمهارات من 2010 إلى 2015

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء