Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أحمر- أخضر" تحالف يساري ديني "غير مقدس"

المسلمون في الغرب ينظرون بقلق إلى "تعاطف أكاديمي" مع بعض الجماعات المتطرفة

مصريون يحتفلون بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013 (رويترز)

مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كشف الرئيس الفرنسي عن خطة مثيرة للجدل لمواجهة التطرف الديني، أو ما وصفه بـ "الانفصالية الإسلاموية"، في إشارة إلى جماعات الإسلام السياسي، في بعض الأحياء والمدن الفرنسية. ولم تمض أيام كثيرة حتى وقع حادث إرهابي مشين، إذ قطع شاب لاجئ من الشيشان رأس مدرس تاريخ، عرض رسوماً مسيئة للنبي محمد خلال درس عن حرية التعبير، الذي على إثره كشفت الحكومة الفرنسية عن إجراءات صارمة في مواجهة المتطرفين.

الخطاب الأخير لماكرون وما سبقه من خطابات مشابهة، تثير تساؤلات في شأن الحرية التي طالما تمتع بها أتباع تيار الإسلام السياسي، لاسيما جماعة الإخوان في العالم الغربي، أو كما يصفه مدير برنامج التطرف بجامعة جورج واشنطن ومؤلف كتاب "الدائرة المغلقة: الانضمام وترك جماعة الإخوان المسلمين في الغرب" لورينزو فيدينو، بتيقظ القادة المعتدلين للتهديد الذي يشكله تيار الإسلام السياسي. كما يطرح إشكال تعامل الغرب مع هذه الجماعات في نقيضين، وهما إما اليمين المتشدد المناهض لكل ما هو إسلامي، وإما اليسار الأعمى "عمداً"، الذي يميل إلى رفض أي اتهام ضد المسلمين بداعي "الإسلاموفوبيا".

تقارب الإسلام السياسي واليسار المتشدد

ما طرحه فيدينو يعيدنا إلى الجدل الخاص بالروابط التي تجمع تيار الإسلام السياسي واليسار المتشدد، فعلى مدار السنوات العشر الماضية، تحديداً مع هبوب رياح ما سمي "الربيع العربي"، كثر الحديث عن دعم غربي للتيارات الإسلامية السياسية، متمثلة في جماعة الإخوان، الأمر الذي تجلى في وقائع أثارت غضب الشعب المصري من السفيرة الأميركية السابقة في القاهرة آن باترسون، عندما هاجمت الاحتجاجات المناهضة للرئيس الأسبق محمد مرسي الذي ينتمي إلى الإخوان، حتى إن المحتجين رفعوا صورها إلى جانب صورته، مطالبين برحيل كليهما.

وداخل الولايات المتحدة، دارت كثير من التساؤلات حول علاقة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، التي يعتقد أنها كانت تكتظ بأصحاب التوجهات اليسارية الراديكالية، بشخصيات ومؤسسات معروف علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين، يعتقد أن لها دوراً في الموقف المناهض من قبل إدارة أوباما لثورة 30 يونيو (حزيران) التي أطاحت نظام الإخوان عن السلطة في مصر، وقرارها بتعليق المساعدات العسكرية للبلاد في ذلك الوقت.

وخلال العام الحالي، برزت علاقة دعم قوية بين تيار الإسلام السياسي ومرشحي اليسار الراديكالي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، فالمرشح اليساري المتشدد بيرني ساندرز، الذي خسر في نهاية المطاف أمام جو بايدن، نال دعماً واسعاً من دوائر جماعات الإسلام السياسي في الولايات المتحدة، وكان من بين أبرز وجوه حملته الناشطة المتشددة ليندا سرسور. كما أن "مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية"، المنظمة التي أدرجتها الإمارات ضمن قائمة المنظمات الإرهابية عام 2017، أعلنت دعمها ساندرز.

وعلى الصعيد الدولي الأوسع، يشير باحثون إلى التحالف الدائم في المحافل الدولية بين إيران وفنزويلا، فبحسب الصحافي الألماني وولف ديتر فوجل، الذي عمل سنوات طويلة في أميركا اللاتينية، فإن زعيم فنزويلا الراحل هوغو تشافيز واصل التقارب والدعم للرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد، وحافظ على علاقات ودية مع النظام الإيراني، بالرغم من التناقضات التي تجمع الطرفين. وخلال زيارته طهران عام 2005، شدد تشافيز على "الفضائل الثورية المشتركة المناهضة للإمبريالية"، وأثنى لاحقاً على نضال إيران ضد ما وصفه بـ "الاستعمار والخنوع والامتثال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"أحمر - أخضر" تحالف غير مقدس

هذا التحالف غير المتجانس، الذي يطلق عليه "أحمر أخضر"، حذّر باحثون من أنه يمثل تحدياً معقداً سيتطلب اهتماماً دقيقاً من صانعي السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا، بحسب دراسة منشورة في دورية "الإرهاب والعنف السياسي" الأميركية عدد 25 لعام 2013، بعنوان "تحالف أحمر أخضر الناشئ: حيث يلتقي الإسلام السياسي باليسار الراديكالي"، التي تقول إن اليساريين المتطرفين وجماعات الإسلام السياسي تقربوا لبعضهم بعضاً خلال السنوات الأخيرة الماضية. وبحسب الدراسة، استخدم كل منهما الإطار الرئيس لمناهضة العولمة والرأسمالية للحصول على الدعم من أوسع نطاق ممكن من الناس.

ويطلق كثير من الباحثين الغربيين على هذا التحالف وصف "غير مقدس"، مثل الكاتب الأميركي اليساري سابقاً ديفيد هورويتز، والباحث لدى مركز ويلفريد مارتنز للدراسات الأوروبية توماسو فيرجيلي، فقديماً بنيت هذه العلاقة على معاداة الإمبريالية الغربية والرأسمالية والولايات المتحدة. وفي كثير من كتابات الغرب يجري وصف جماعات الإسلام السياسي الراديكالية ومنظّريها، على رأسهم سيد قطب، كجماعات ما بعد الحداثة، التي نشأت كرد فعل على التحديات التي تطرحها الحداثة على المجتمعات المسلمة.

لكن التوجس من هـذا التحالف لا يقتصر على العالم الغربي، إذ يراه كثير من الباحثين المسلمين الليبراليين تهديداً للشعوب العربية وللدولة الوطنية على النحو الـذي كانت تدافع فيه السفيرة الأميركية السابقة في القاهرة عن جماعة الإخوان، بالرغم مما ارتكبته عناصر الجماعة من عنف ضد المعارضين عام 2012، وبالرغم من تحذيرات تحوّل مصر حينها إلى دولة ثيوقراطية، بحسب رئيس المنتدى الإسلامي الأميركي للديمقراطية والعضو السابق باللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية زهدي جاسر، الذي زار القاهرة ضمن وفد أميركي رسمي عام 2013، والتقى السفيرة الأميركية وقيادات من الإخوان.

وفي شأن كيف ينظر إلى العلاقة بين اليسار الراديكالي، أو ما يطلق عليه اليوم اليسار التقدمي، وتيار الإسلام السياسي. تحدثت "اندبندنت عربية" مع عدد من الأساتذة والباحثين السياسيين في كندا والولايات المتحدة.

تعاطف غربي

يتحدث أستاذ السياسة لدى معهد الدراسات الدولية بجامعة كيبيك في مونتريال، والمستشار الرئيس للأبحاث في معهد الدراسات الدينية بجامعة مونتريال وائل صالح، عن الجانب الأكاديمي الغربي في تناول الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط، التي تصنف إلى عدة توجهات، التيار الأول فيرى أنها "حركات معادية للحداثة ومتطرفة بطبيعتها، لكن هذا التيار يضيق عليه، ويهمش في الأكاديميات الغربية. بينما داخل التيارات الأخرى يوجد متعاطفون من الأكاديميين الغربيين مع تيار الإسلام السياسي، معظمهم من اليساريين، وهذا التعاطف مؤسس منذ عقود على أفكار خاطئة عن جماعة الإخوان بالأساس، لكنها أصبحت من المسلمات في اللاوعي الجمعي لهؤلاء الأكاديميين".

ويشير صالح إلى تشبيه الأكاديميات الغربية لحركات الإسلام السياسي بحركات "لاهوت التحرير" ذات التوجه المدني التحرري التي وقفت مع الفقراء بحق في أميركا اللاتينية، من دون وضع المقارنات المهمة والاختلافات الجذرية الواضحة التي تشي بأن "الطبيعة الفكرية الخاصة للتطور السياسي لهذه الحركات في بلادنا أنتجت في واقع الأمر فكراً دينياً رجعياً غير تقدمي، وليس كما يدعي الباحثون الغربيون المتعاطفون معهم".

ويلفت الأكاديمي الكندي - المصري إلى مشكلة تواجه المسلمين بشكل عام، تتمثل في أن بعض هؤلاء المتعاطفين "يطابق بين الإسلام كدين وبين هذه الجماعات، ويعتبر الأخيرة الممثل الوحيد للإسلام، متجاهلين تيارات أخرى مهمة على الساحة الإسلامية". وفي حين أن المتعاطفين مع تلك الحركات يعتبرونها "رد فعل على الغزو الثقافي الغربي، فإن الهوية عند جماعات الإسلام السياسي قائمة قبل كل شيء في مواجهة الآخر داخل الوطن، أي المسلم غير المنضوي تحت فكر تلك الحركات، بمعنى أن أكثر نماذج "الآخر" كراهية في أيديولوجياتها هو المسلم غير المنتمي إلى هذه الحركات وفكرها، وليس الآخر الغربي أو المغاير في الدين، لأن وجود المسلم الرافض للفكر السياسي لتلك الحركات، في حد ذاته، يشكك في أساس فكرهم السياسي".

ويحذر رئيس المنتدى الإسلامي الأميركي للديمقراطية من استغلال الإخوان وغيرهم من تيارات الإسلام السياسي مصطلح "الإسلاموفوبيا" لجعل الإسلام عرقاً، إذ يقول "من المؤسف القول إن الإخوان خطفوا الإسلام لأجندتهم".

 

وهنا ضرب صالح مثالاً على خطورة الأمر، مشيراً إلى أن كاتباً وباحثاً مثل الفرنسي "فرنسوا بيرجا" ينتقد موقف بلاده تجاه تركيا، خصوصاً في شرق المتوسط، مفترضاً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمارس التمييز ضد تركيا كجزء من أجندة حملته الانتخابية القائمة على "الإسلاموفوبيا"، ويقول مستنكراً "إن بيرجا يعتبر أن تيار الإسلام السياسي هو الإسلام، وبمنطقه فإن دولاً عربية من بينها مصر لديها أجندات إسلاموفوبية لمجرد وقوفها ضد أجندات أردوغان". ويضيف أن مثل بيرجا يمكننا أن نصفهم بـ "تابعين لتيار الإسلام السياسي من غير المسلمين"، وهم أشرس من يدافع عن الإخوان في الغرب.

نظرة عنصرية

يعتقد كثير من المسلمين أن اليسار الراديكالي لديه نظرة فوقية عنصرية تجاه شعوب الشرق الأوسط والأقليات في الدول الغربية، وهي نفسها التي تدفعهم إلى دعم الجماعات الأصولية مثل تنظيم الإخوان، إذ يعتقدون أن شعوب المنطقة متجانسة جميعاً وتعارض بشكل أساسي قيم حقوق الإنسان.

وفي كتاب "الإسلام ومستقبل التسامح: حوار" الصادر عن جامعة هارفارد عام 2015، يقول ماجد نواز، الأصولي السابق قبل أن يتحول لمكافحة التطرف، "إن اليسار الراديكالي ساذج ثقافياً في نظرته إلى الشرق، وفي الحال الإسلامية يؤمنون بنظرية الحتمية الثقافية، وبينما يشككون في كل جانب من جوانب ثقافتهم الغربية الخاصة بهم باسم التقدم، فإنهم ينتقدون المسلمين الليبراليين الذين يحاولون القيام بذلك داخل الإسلام، ويختارون الوقوف إلى جانب كل رجعي باسم الأصالة الثقافية ومناهضة الاستعمار".

ويؤيد رئيس المنتدى الإسلامي الأميركي للديمقراطية هذه النظرة، فيقول جاسر إن الأمر يتعلق بنظرة اليسار المتطرف للشرق الأوسط، بما يمكن وصفه بـ "التعصب للتوقعات المنخفضة". ويوضح أنه عندما عقد أوباما الاتفاق النووي مع إيران كانت أولويته عقد صفقة، ولم يعبأ بممارسات النظام الإيراني في المنطقة أو بالداخل، لأنهم ينظرون بطريقة متعصبة تحمل توقعات منخفضة للمسلمين.

الاستغلال السياسي

أما بالنسبة للجانب السياسي، فيقول جاسر إن جزءاً من "الديماغوجية" اليسارية الراديكالية هو "استغلال الأقليات وتحويلها إلى عرق"، لذا فهم "يمنعون التفكير الناقد داخل المجتمعات"، وعلى سبيل المثال هم "لا يعبأون بحقوق المرأة بقدر استغلال القضية سياسياً"، فعلى سبيل المثال سارعت وسائل الإعلام واليسار لوصف قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب حظر مواطني سبع دول من دخول الولايات المتحدة قبل عامين بأنه "حظر للمسلمين"، بينما كانت هناك دول غير مسلمة ضمن الحظر.

ويعتقد الباحثون من المسلمين الليبراليين أن هناك حاجة للشعوب المسلمة للتوحد وتعلم الكثير مما يحدث في الدول الغربية. وحول هذا يضيف رئيس المنتدى الإسلامي الأميركي للديمقراطية، "على المسلمين في دول العالم إنشاء تحالف موحد قوي للحرية والوحدة الوطنية في ظل سيادة قانون للحقوق الشخصية لمواجهة التحالف "أحمر – أخضر"، وعلى سبيل المثال، فالغالبية الصامتة من المسلمين والمسيحيين وجميع العلمانيين والمتدينين في مصر بحاجة إلى الاتحاد في الحرية، وإلى أن يبدأوا الدفاع عن حقوق وحريات كل فرد لحماية الأمة وقوانينها، فالجانبان سواء كانوا تيار إسلام سياسي، أو اشتراكيين سيضحون بهم على مذبح تفوقهم وفاشيتهم".

ربيع كاشف

وفي حين ينظر كثيرون داخل المنطقة إلى ثورات الربيع العربي كشتاء قاس أصاب دولاً عدة بالفوضى، لكن جاءت فترة كاشفة لا للواقع السياسي الداخلي وحسب، بل وللدولي. فقد كان كثيرون يرون في تركيا مثالاً يمكن الاقتداء به لتحقيق الديمقراطية التي تقودها جماعات أيديولوجية، وكان ذلك عاملاً دفع دوائر مراكز الأبحاث الغربية، وحتى بعض القوى السياسية المحلية، إلى تأييد وصول الإخوان للسلطة في مصر عام 2012، ومنه بدأ السقوط.

ومثلما انقلب الإخوان في مصر سريعاً على الديمقراطية التي أوصلتهم إلى الحكم، حين سارعوا إلى إصدار مرسوم رئاسي نافذ في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012، يستحوذ بموجبه الرئيس على مزيد من السلطات، ولجأوا إلى ميليشيات خاصة في التعامل مع المحتجين، انقلب كذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية، على النظام الديمقراطي الذي ترسخ في بلاده طيلة عقود. ليس ذلك وحسب، بل تصدر مشهد الدفاع عن جماعات الإخوان بعد الإطاحة بهم من حكم مصر، ووفر لهم حاضنة قوية ومنابر إعلامية داخل بلاده.

وفي لقاء مصور مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، بثته منتصف أغسطس (آب) الماضي، انتقد المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن سياسات الرئيس التركي، ووصفه بأنه "مستبد"، معرباً عن دعمه المعارضة التركية.

ويقول جاسر إن تهديد "تيار الإسلام السياسي الراديكالي" للعالم "أمر حقيقي"، لكنه لفت إلى استخدام بايدن كلمة "مستبد" في وصف الرئيس التركي بدلاً من "ثيوقراطي"، الذي هو أكثر دقة لحال أردوغان. ويرى الباحث الأميركي أن هذا الوصف هو "جزء من نهج بايدن"، الذي تمثل في دعم إدارة أوباما - بايدن، للإخوان.

الموت الإكلينيكي

يرى صالح أن حزب "العدالة والتنمية" ذو الخلفية الإخوانية الحاكم في تركيا يسيطر على كل مفاصل الدولة والمشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي كذلك. ويقول الأستاذ بجامعة كيبيك، إنه يمكننا أن نطلق على هذا النمط من الحكم "دولة الحزب الشمولي الحركي ذو الخلفية الأيديولوجية العابرة لحدود الدولة الوطنية". وهذا النمط من الحكم عادة ما تكون له مساع توسعية، تارة باسم القومية وتارة باسم الأيديولوجية الدينية العابرة حدود الدولة الوطنية التي يتبناها.

ويقول، إن فشل النموذج التركي الذي كان يُقدم على أنه وصفة الدمج بين تيار الإسلام السياسي والديمقراطية، هو أحد "شواهد سقوط تيار الإسلام السياسي في المنطقة"، أو ما يطلق عليه الموت الإكلينيكي. وتتلخص غالبية الشواهد في إدراك شريحة كبيرة من الناس أنه "ليس الإسلام، بل هو رؤية شمولية حركية للدين، تعتقد أن هناك نموذجاً معداً مسبقاً يجب على المسلم اتباعه، وغير مسموح له بغير ذلك، وهو نموذج وضعوه وألبسوه رداء القداسة".

ويختم، "شريحة كبيرة من الناس وغالبية الباحثين أدركوا أن كل جماعات الإسلام السياسي بمختلف أطيافها، وفي القلب منها جماعة الإخوان، تتشارك المبادئ المؤسِسة نفسها، فهي لا تعترف بالأوطان وحدودها، وتخلط بين الدين والسياسة، فتدنس الديني بإنزاله إلى مستوى السياسي، وترفع من شأن السياسي بتقديسه، فتنتج خلطة أيديولوجية يختلط فيها الرأي والتفسير بالنص المقدس، فيتداخلان ويكونان تديّناً جديداً ينفجر عاجلاً أم آجلاً في وجه كل من لن ينضوي تحت لوائه. وبعد نتائج الربيع العربي انتقلت شرائح كثيرة من تلك الفئات من الخوف من الدولة الوطنية، إلى الخوف عليها من السقوط".

وعلى صعيد جماعة الإخوان والتنظيمات التابعة، حدث انفجار من الداخل، وتفتت تكتلات عدة تتصارع مع بعضها بعضاً، ليس ذلك وحسب، إذ يقول صالح إن "تغييرات حدثت أثرت في صورة الإخوان إقليمياً ودولياً"، ويشير في هذا الإطار إلى تقرير "جنكيز فار" الذي أعدته لجنة التحقيق في أنشطة جماعة الإخوان بالمملكة المتحدة، بقيادة السير جون جنكيز، وتشارلز فار رئيس جهاز مكافحة الإرهاب. إذ اعتبر التقرير أن بعض قطاعات الإخوان لديها "صلة غامضة بالعنف"، وأن كثيرين اعتمدوا على فكر الإخوان وتنظيمهم "معبراً للتطرف".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير