Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الحاجز المرجاني العظيم" خسر نصف مكوناته في ربع قرن

ارتفاع حرارة المحيط أضر بصغار تلك الكائنات وكبارها في المياه الأسترالية الضحلة والعميقة

الشعاب المرجانية تبيَض وتذوي بسبب أزمة المناخ (غيتي)

وجد تقييم حديث أن الشعاب المرجانية النابضة بالحياة التي كونت يوماً "الحاجز المرجاني العظيم" في أستراليا تموت في وتيرة سريعة نتيجة أزمة المناخ التي تسببت في نفوق أكثر من 50 في المئة من تلك الكائنات العضوية الدقيقة، على مدى الخمسة والعشرين عاماً الماضية.

وقد تفحص فريق بحثي التجمعات المرجانية وحجمها على طول "الحاجز الأسترالي" بين عامي 1995 و2017. وتبين له أن انخفاضاً طاول الصغيرة منها والمتوسطة والكبيرة، في المياه العميقة والضحلة على حد سواء، وعبر "أنواعها كافة تقريباً". وللأسف، تعرض "الحاجز المرجاني العظيم" في أستراليا، وهو أحد المواقع المُدرجة ضمن قائمة منظمة "اليونسكو" للتراث العالمي، لأضرار شديدة تأتت من سنتين سجلت خلالهما درجات الحرارة أرقاماً قياسية، ما تسبب في "تبيض" (بمعنى تغيرها إلى اللون الأبيض الذي يُعتبر مؤشراً على ذوائها) جماعي للشِعاب المرجانية، في عامي 2016 و2017. وتشير التقديرات إلى أن زهاء ثلث الشِعاب المرجانية في العالم قد تأثرت بعملية "تَبَيض" شهدها عام 2016، وفق دراسات منفصلة عدة.

في ذلك العام، نجا أقل من 10 في المئة من الشعاب المرجانية الموجودة في "الحاجز المرجاني العظيم" من التبيض، بالمقارنة مع نجاة ما يربو على 40 في المئة من تلك الكائنات الدقيقة في حوادث تبيض سابقة. وكذلك شهد الحاجز المرجاني عينه في العام التالي (2017) عملية تبيض شديدة الوطأة.

وتذكيراً، يحدث "التبيض" عندما تولد ظروف معينة من قبيل ارتفاع درجة الحرارة أو الضوء الشديد، ضغوطاً على المرجان. نتيجة لذلك، يلفظ الأخير الطحالب التكافلية (الملونة) التي تعيش في مسامه. يسفر عن ذلك تحول المرجان إلى اللون الأبيض تماماً. صحيح أن هذه العملية لا تؤدي بالضرورة إلى موت تلك الكائنات البحرية، التي في مقدورها أن تتعافى على مدى فترات زمنية طويلة، بيد أنها لا ريب تجعلها أكثر ضعفاً.

للإضاءة على نتائج الدراسة الحديثة، تحدث الباحث الرئيس فيها الدكتور أندي ديتزل من "مركز "إي آر سي" للتميز في دراسات الشِعاب المرجانية" التابع لـ"مجلس البحوث الأسترالي" في "جامعة جيمس كوك" في كوينزلاند بشمال شرقي أستراليا. وأشار إلى أن ثمة نقصاً في السجلات الطويلة الأجل التي توضح تفاصيل التغيرات التي مرت بها تجمعات المرجان.

ووفق الباحث نفسه، "أجرينا عمليات قياس للتحولات التي طرأت على أحجام المستعمرات [المرجانية] لأن الدراسات التي تتناول تعداد تلك الشعاب المرجانية تكتسي أهمية في ما يتصل بفهم ديموغرافيا الشعاب المرجانية وقدرتها على التكاثر". إذ تُظهر النتائج التي خلُص إليها ديتزل وزملاؤه نضوب مجموعات الشعاب المرجانية، مع الإشارة إلى أنه في وقت سابق من العام الحالي، كابد "الحاجز المرجاني العظيم" عملية تبيض أخرى. "لقد وجدنا أن عدد الشعاب المرجانية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم على طول "الحاجز المرجاني العظيم" قد انخفض بما يزيد على 50 في المئة منذ تسعينيات القرن العشرين"، بحسب الباحث المشارك في الدراسة البروفيسور تيري هيوز، من المركز نفسه المذكور آنفاً.

"حدث الانخفاض في المياه الضحلة والعميقة كلاهما، وعبر جميع الأنواع تقريباً، مع حدوثه خصوصاً في "المرجان المتفرع" (يتميز بفروع عدة وتخرج منه فروع ثانوية) والمرجان الذي يأخذ شكل الطاولة (يُعرف باسم "مرجان الطاولة"). لقد شكلا النوعان الأكثر تضرراً بسبب درجات قياسية سجلتها الحرارة وأدت إلى تبيض جماعي في عامي 2016 و2017"، وفق كلام البروفيسور هيوز. وفي الواقع، يوفر النوعان المذكوران كلاهما، الهياكل المهمة للكائنات الحية التي تأويها الشعاب كالأسماك. من ثم، يعني فقدان المرجان خسارة تلك الموائل، ما يخفض أيضاً كمية الأسماك ويقلص مستوى إنتاجية مصائد الشعاب المرجانية.

وفي ذلك الصدد، ذكر الدكتور ديتزل أن أحد الانعكاسات الرئيسة التي ينطوي عليها حجم المرجان تتأتى من الدور الذي يؤديه في بقاء هذه الثروة وتكاثرها. وكذلك أوضح أن "مجموعات المرجان النابضة بالحياة لديها ملايين من صغار المرجان، إضافة إلى كثير من حيوانات المرجان الكبيرة، المتمثلة بأمهات المرجان الكبيرات اللواتي ينتجن معظم اليرقات المرجانية". وأضاف ديتزل "تُظهر نتائجنا أن قدرة الحاجز المرجاني العظيم على التعافي، أي صموده، قد ضعفت بالمقارنة مع الماضي، وذلك مرده انخفاض عدد صغار المرجان، والأعداد القليلة من الحيوانات المرجانية البالغة القادرة على التكاثر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في سياق متصل، يقول باحثو الدراسة إن ثمة حاجة ماسة إلى توفر بيانات أفضل في ما يتعلق بالاتجاهات الديموغرافية للحيوانات المرجانية. ومثلاً، وفق كلمات الدكتور ديتزل، "إذا أردنا أن نفهم كيف تتغير أعداد المرجان، وإذا كانت تقدر على استعادة عافيتها في الفترات الفاصلة بين الاضطرابات أو أنها تعجز عن ذلك، فستلزمنا بيانات ديموغرافية تفصيلية إضافية تشمل تكافل المستعمرة وتكاثرها وبنيتها وحجمها". وفي مسار متصل، ذكر البروفيسور هيوز إنه "لطالما اعتقدنا أن الحاجز المرجاني العظيم محمي بحجمه الهائل، بيد أن نتائجنا تظهر أنه حتى أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم والمحمي جيداً بصورة نسبية، يتعرض للخطر بشكل متزايد ويضمحل".

وفي ذلك الإطار، يعتقد باحثون أن أزمة المناخ العالمية تؤدي إلى ارتفاع معدل تواتر الاضطرابات التي تواجه الشعاب المرجانية على غرار موجات الحر البحرية.

في هذا الشأن، سجلت الدراسات تدهوراً حاداً في المستعمرات المرجانية في قسمي الحاجز المرجاني العظيم الشمالي والأوسط، عقب حوادث تبيض جماعي للشعاب المرجانية في عامي 2016 و2017 (شهدتا درجات حرارة استثنائية). كذلك تعرض الجزء الجنوبي من ذلك التشكيل الضخم من الشِعاب المرجانية لدرجات حرارة قياسية في أوائل عام 2020.

لذا، "ليس لدينا من الوقت ما نضيعه، ينبغي أن نخفض بشدة مستويات انبعاثات غازات الدفيئة (أهمها ثاني أكسيد الكربون) في أسرع وقت ممكن"، بحسب أولئك الباحثون.

وعلى الرغم من توافر الأدلة على الانهيار المناخي العالمي، تعهد سكوت موريسون، رئيس وزراء أستراليا، بإحداث "الانتعاش الذي يقوده قطاع الغاز"، كي يتعافي الاقتصاد الأسترالي في أعقاب جائحة فيروس كورونا.

وكذلك ذكر الشهر الماضي إن "أية خطة ترمي إلى التحول في نظام توليد الطاقة في اقتصاد كالذي تملكه أستراليا، لا يُعول عليها ما لم تنطوِ على زيادة في استخدام الغاز".

يُذكر أن الدراسة نُشرت في مجلة " بروسيدنغز أوف رويال سوسايتي بي" (وقائع الجمعية الملكية "ب")  Proceedings of the Royal Society B التي تنشر البحوث المرتبطة بعلم الأحياء.

© The Independent

المزيد من بيئة