Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عشرات الملايين من أموال ليبيا المنهوبة تظهر في أوروبا

صحيفة فرنسية تتحدث عن بيع 80 مليون دولار بقيمة تتراوح بين 20 و40 في المئة من قيمتها الاسمية للمافيا التركية

المصرف المركزي في العاصمة الليبية (غيتي)

بعد موت معمر القذافي الذي قتل خلال معركة سرت عام 2011، تفرقت ثروات ليبيا ما بين الداخل والخارج، وتقاسمت فئة من الطبقة الحاكمة أموالاً طائلة كانت "تسكن" قصور الراحل أو مخابئه السرية، للتسلح أو تقوية معسكر على آخر.

وفي أحدث المعطيات، أفادت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية أن محققين عثروا على قسم كبير من أموال قيل إنها للقذافي، كانت نهبت من مصرف في مدينة بنغازي عام 2017.

وذكر أن قيمة هذه الأموال تبلغ 160 مليون يورو، فيما وصفت عملية الضبط بأنها الأكبر بالنسبة إلى الأوراق النقدية الليبية على الأراضي الأوروبية.

ونقلت الصحيفة عن محققين أن أول خيط في هذه القضية أمسك به بعد توقيف زوجين في فرنسا أثناء محاولتهما بيع أوراق نقدية تالفة، وفي حال سيئة بأقل من قيمتها الرسمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما قيل أيضاً إن قصة الأموال المنهوبة تعود إلى عام 2017، أثناء الحرب التي خاضها الجيش ضد جماعات مسلحة متطرفة داخل مدينة بنغازي شرق ليبيا، حيث أفيد بأن متمردين عثروا بالصدفة داخل قبو بالمصرف على 160 مليون يورو، من فئتي 100 و200 يورو، تعرض قسم منها للتلف.

ويرجح أن السلطات الليبية سحبت عام 2010 هذا المبلغ الضخم من المصرف المركزي الألماني لسبب وصف بالمجهول، وأودع مصرفاً في بنغازي.

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مصدر قضائي أن 80 مليون يورو من الأوراق النقدية السليمة "بُددت بسرعة، أو أودعت في بنوك أخرى آمنة".

تقرير أوروبي

من جهة ثانية، خلص تقرير أوروبي أن قسماً من هذه الأموال كان "في حال جيدة إلى حد ما، وبيع منه 80 مليوناً تقريباً بقيمة تتراوح بين 20 و40 في المئة من قيمتها الاسمية للمافيا التركية".

وفي صيف عام 2018، أخبر المصرف المركزي الأوروبي أن بعض الأوراق النقدية عادت إلى أوروبا بواسطة أشخاص يحملون الجنسية التركية، كما عثر على مثيلاتها في حوزة موظفين مغاربة، حضروا لاستبدال أوراق نقدية حصلوا عليها بشكل غير قانوني من مقاولين أتراك.

مصادر مقربة من التحقيق كشفت أن الزوجين الموقوفين كانا يحصلان على إمدادات مالية من تركيا، وأنهما أنفقا 40 ألف يورو.

اللافت أن رواية أخرى ظهرت عام 2018، تحدثت عن نهب المبلغ ذاته تقريباً، وهو 160 مليون يورو، من قبو المصرف المركزي الليبي.

وكان تقرير آخر لفريق الخبراء الدولي الخاص بليبيا اتهم "الجيش الوطني" بالسيطرة على فرع المصرف المركزي في بنغازي، ونقل أموال طائلة بالعملات المحلية والصعبة، وكميات كبيرة من الفضة إلى جهة مجهولة، إلا أن فرع المصرف في المدينة نفى بشدة الاتهامات، ودفع بما وصفها أدلة "تبرئ ساحة الجيش الوطني".

وفي برنامج تلفزيوني بث أواخر عام 2018، عرض المصرف مشاهد من داخل قبوه، وثقت العثور في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 على هذه الأموال التي يقول فريق الخبراء إنها فقدت، وتعرض قسم كبير منها للتلف بسبب مياه الصرف الصحي.

المسماري

في المقابل، دعا المتحدث باسم الجيش الوطني اللواء أحمد المسماري، الليبيين إلى التوحد لتنفيذ هدف طرد الأتراك من البلاد، لافتاً إلى أن القوات المسلحة تقاتل من أجل السلام وتأمين المواطنين.

وشدّد في حديث صحافي سابق على أن تركيا تريد المال الليبي، قائلاً "أي دولار يصل إلى مصرف ليبيا المركزي يصل مباشرة إلى أنقرة، وتمت سرقة مليارات الدولارات، ولو استمر صمتنا فستنتقل السيادة الليبية إلى العاصمة التركية"، مشيراً إلى أن النوايا التركية واضحة من أجل السيطرة على ليبيا، بعدما اعترف وزير الدفاع التركي خلال زيارته طرابلس، بأنهم باقون في ليبيا للأبد.

بدوره، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مجلس الأمن الدولي من أن الصراع الدائر في ليبيا بلغ مرحلة جديدة، "مع وصول التدخل الخارجي إلى مستويات لم يسبق لها مثيل"، في إشارة ضمنية للتدخل التركي وإرسال المقاتلين والسلاح.

خلافات الإخوان

وفي سياق متصل، يبدو أن خلافات الإخوان المتزايدة في ليبيا ستفجر كثيراً مما خفي لجهة عمليات الجماعة المالية.

فقد ظهرت خلافات وانشقاقات عدة داخل الجماعة التي تقود المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، حملت معها فضائح، وكشفت لليبيين طرق استنزاف أموال الدولة وثرواتها، وآخرها عندما اتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق عبدالرحمن السويحلي قيادات حزب العدالة والبناء، فرع تنظيم الإخوان في ليبيا، بإرهاق خزينة الدولة وصرفها في إسطنبول، رداً على اتهامه من رئيس ديوان المحاسبة وعضو تنظيم الإخوان خالد شكشك، بالفساد وإهدار أموال عامة بغير حق على سفرياته الخاصة، وإقامة عدد من أفراد أسرته في فندق بتونس، بمبلغ يقرب من نصف مليون دينار، على نفقة المجلس الرئاسي.

تفاقم متاعب الشرق الليبي بسبب نقص السيولة

وبعد انتفاضة 2011، تداعت ليبيا التي كانت يوماً من أغنى الدول الأفريقية بفضل صادرات النفط، وصارت مقسمة بين حكومتين متناحرتين في الشرق والغرب، وشمل هذا الانقسام مؤسسات مثل البنك المركزي.
فمع اشتداد الحرب خلال السنوات الأخيرة بين حكومة الوفاق الوطني التي مقرها طرابلس الغرب، والجيش الوطني الليبي في الشرق بقيادة خليفة حفتر، تفاقمت المشكلات الاقتصادية.
وأدت الأوضاع المعيشية الصعبة، لاسيما انقطاع التيار الكهربائي وعجز إمدادات الوقود، إلى اندلاع احتجاجات في كل من غرب ليبيا وشرقها خلال الأسابيع الأخيرة، ما يزيد الضغوط السياسية التي يتعرض لها طرفا الصراع على حد سواء.
وخلال الشهر الماضي، رفع حصار كان يضربه الجيش الوطني الليبي على صادرات النفط منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وبدأت الإيرادات في التدفق مجدداً بشكل تدريجي، لكن ذلك لم يأت إلا بعد أن كبد الحصار ليبيا فاقداً في الدخل يزيد على عشرة مليارات دولار.
وتدفع عائدات النفط للبنك المركزي الليبي الذي مقره طرابلس، والذي يدفع بدوره الرواتب لغالبية العاملين بالحكومة على الجبهتين، ويشمل ذلك المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي.
 
النظر غرباً
موّل البنك المركزي في الشرق مسعى حفتر الحربي، فقد دبر المال من طريق بيع سندات خزانة إلى البنوك المحلية. والتي قال رئيس لجنة السيولة بالبنك المركزي رمزي الآغا إنها قد تكون أكثر من 40 مليار دينار (29 مليار دولار) حتى الآن. ويستورد البنك دنانير تجري طباعتها في روسيا.
وفي 2014 فصلت طرابلس البنك المركزي المنشق في الشرق عن أغلب عمليات المقاصة، لتتفاقم المشكلات التي تواجه البنوك التجارية نتيجة وجود نظامين ماليين متوازيين. ويحاول البعض في الشرق التوجه إلى البنوك المنافسة لضمان استمرار صرف الرواتب.
وعادة ما تستخدم الشيكات بدلاً من النقد، لكنها ترفض في بعض الأحيان في ظل سعي البنوك للسيطرة على تدفقاتها النقدية، ويمكن أيضاً صرف الشيكات الدولارية في شرق ليبيا بقيم مختلفة، بناء على البنك المصدر لها.
ويرجع سبب تجميد الأصول الليبية في الخارج إلى قرار صدر عن مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) 2011،  برقم 1973، يتضمن فرض عقوبات على نظام معمر القذافي، بعد اتهامه بقمع حراك فبراير (شباط) 2011، شملت تجميد الأصول الليبية، وكل الأصول المالية والأموال والموارد الاقتصادية التي يملكها النظام السابق بصورة مباشرة أو غير مباشرة في أراضي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فضلاً عن تجميد أصول المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي.

وتتعدد التصريحات والأقاويل بخصوص مقدار تلك الأصول، وقال محافظ مصرف ليبيا المركزي السابق فرحات بن قدارة، في تصريح له في أغسطس (آب) 2011، إنها حوالى 168 ملياراً و438 مليوناً من النقد الأجنبي.

في السياق ذاته، كشف رئيس الحكومة الانتقالية بالمجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل، خلال تصريح له عام 2011، أن بريطانيا جمدت 30 مليار دولار، وفرنسا 12 ملياراً، وألمانيا 10 مليارات، في حين جمدت اليابان نحو 4 مليارات و400 مليون دولار، وهولندا 4 مليارات و300 مليون دولار.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات