Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ضغطت واشنطن على الأطراف الليبية لاستئناف المفاوضات في المغرب؟

واشنطن تحرك ترسانتها الدبلوماسية و"غيابها عن المشهد منح فرصاً ثمينة للطامحين إلى شغل الفراغ"

الأطرف الليبية المتنازعة تستأنف مفاوضاتها في مدينة بوزنيقة المغربية (أ ف ب)

بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر المغرب، لبحث عدد من القضايا وفي مقدمها الملف الليبي، عادت الأطراف الليبية للجلوس إلى طاولة الحوار في مدينة بوزنيقة القريبة من العاصمة الرباط، في محاولة جديدة وربما أخيرة، للتوصل إلى تفاهمات حول المناصب السيادية، محور الخلاف بين طرفيه، مجلس النواب ومجلس الدولة الليبيين.

وربطت مصادر ليبية عدة بين استئناف الحوار الليبي في بوزنيقة، وزيارة وزير الدفاع الأميركي إلى الرباط، قائلة إن ضغوطاً من واشنطن قد تكون السبب الرئيس في عودة المفاوضات بين الوفدين الليبيين، بعد أن أعلنا قبل أيام تعثرها وتأجيلها لأجل غير مسمى.

واستشهدت هذه القراءات بالدور الأميركي خلف المشهد الضبابي في بوزنيقة، بتصريحات لوزير الخارجية مايك بومبيو، نهاية الأسبوع الماضي، قال فيها إن "بلاده تريد من القادة الليبيين بذل جهود جادة لإحياء اتفاقات قادرة على ضمان استقرار طويل الأمد للمنطقة بأسرها".

واشنطن تحرك ترسانتها الدبلوماسية

وكان بومبيو أرسل رسائل عدة للأطراف المنخرطة في الأزمة الليبية، داخلياً وخارجياً، في سلسلة تصريحات رسمية وصحافية، من العاصمة الإيطالية روما نهاية الأسبوع الماضي، أوضح فيها أن "إدارة الرئيس دونالد ترمب ستضاعف اهتمامها وجهودها بالملف الليبي خلال الفترة المقبلة، للضغط على جميع الأطراف لتسريع المسار السياسي والتوصل إلى حل للنزاع الليبي".

وقال خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الإيطالي، لويجي دي مايو، في روما الأربعاء 30 سبتمبر (أيلول)، "نحن متفائلون لأن الوضع على الأرض تحسن الأسبوع الماضي".

وأضاف أن "الأطراف الليبية تتحدث الآن مع بعضها البعض، ونحن ندعم مبادرة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لمباحثات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، أحد المسارات الرئيسة لعملية برلين".

وحملت كلمة بومبيو رسائل مختلفة موجهة لأطراف النزاع الليبي وداعميهم من الخارج، متعهداً بـ "استخدام الأدوات المتاحة كلها في ترسانة الدبلوماسية الأميركية لتهيئة الظروف لاستقرار ليبيا".

وأكد أن الولايات المتحدة "تعتقد أن تدخل طرف ثالث لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع، سواء من قبل روسيا أو تركيا"، ودعا "موسكو وأنقرة إلى التراجع والسماح لليبيين بحل أزمتهم بأنفسهم"، مذكراً بأن جلب السلاح إلى ليبيا يعتبر انتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة، "إنها دولة مليئة بالسلاح ولا حاجة لسلاح آخر، فالمطلوب بدلاً من ذلك حوار بناء بين جميع الجهات الليبية".

وأشار إلى أن "من مصلحة المنطقة بأسرها والشعب الليبي وقف إطلاق النار واستئناف إنتاج النفط، وتقسيم الأرباح بالطريقة الصحيحة".

تنسيق مع القارة العجوز

بموازاة ذلك، كشف بومبيو عن تنسيق بلاده مع الاتحاد الأوروبي لوضع خطة تدفع بالمسار السياسي الليبي نحو التسوية الشاملة، بقوله إن "واشنطن متفقة مع الاتحاد الأوروبي في شأن العملية السياسية التي بدأت في مؤتمر برلين المنعقد في يناير (كانون الثاني) الماضي، من أجل أن تلتقي الأطراف الليبية وتحدد إطاراً للحل السلمي".

في هذا السياق، كشفت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا أن السفير ريتشارد نورلاند أجرى مباحثات مثمرة مع الحكومة الفرنسية، معلنة أن "زيارته إلى باريس ستتبعها مشاورات في عواصم أخرى خلال الأيام المقبلة".

ويرى الصحافي يوسف الزوي، أن التنسيق الأوروبي - الأميركي يسهم فعلاً في دعم المسار التفاوضي الليبي، ويعزز فرص التوصل إلى حل سياسي قريباً. "على مرّ سنوات الأزمة، كان الجميع يطالب بدور أميركي أكبر لحل تلك المعضلة، وأغلب هذه المطالبات أتت من أوروبا التي ترى أن تراجع الولايات المتحدة خطوة إلى الوراء عن لعب دور ريادي في الملف الليبي، شجع دولاً عدة على الانخراط والتدخل سياسياً وعسكرياً، على رأسها روسيا وتركيا".

ويضيف، "غياب الردع الأميركي منح فرصاً ثمينة للطامحين لشغل الفراغ الذي خلفه غياب واشنطن عن المشهد، ما شكل تهديداً حقيقياً لمصالح الاتحاد الأوروبي وأمنه الذي استنجد طويلاً بالولايات المتحدة للتدخل ووقف هذا التهديد، وتجنيب الجميع التصعيد الذي لاح بشكل حقيقي أكثر من مرة، خصوصاً بين تركيا مع فرنسا واليونان".

ويعتقد أن "تردد الولايات المتحدة وتغاضيها عن كثير مما يجري في ليبيا أثار شكوكاً أوروبية حول دورها في دفع بعض الأطراف للعب أدوار تخدم أهدافها الاستراتيجية في أزمة ليبيا، خصوصاً الدفع بتركيا في مواجهة روسيا".

ويشير إلى وجود "رابط بين سحب تركيا لنفسها من ليبيا مع سحب المقاتلين الأجانب الذين جلبتهم إليها بالآلاف خلال السنوات الماضية، وتصريح الولايات المتحدة برغبتها الانخراط بقوة في سياق الأزمة الليبية، ستتضح صورته ونتائجه قريباً".

 زيارة وزير الدفاع للمغرب

في توقيت متزامن مع تصريحات وزير الخارجية الأميركي بخصوص ليبيا، حط وزير الدفاع مارك إسبر في الرباط، وبعدها بيوم عادت الأطراف الليبية لطاولة حوارها المتعثر منذ شهر في بوزنيقة، ومباشرة وجدت هذه الأخبار من يربط بينها، إذ أجمع مراقبون للمشهد الليبي على أن تصريحات بومبيو بدأت تدخل حيز التنفيذ.

وناقشت المباحثات التي أجراها إسبر مع وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، ملفات إقليمية كثيرة، تتقدمها أزمة ليبيا، وقال بيان للبنتاغون إن "الطرفين عبرا عن انشغالهما المشترك حيال انعدام الاستقرار الإقليمي، الناجم عن الجماعات المتطرفة العنيفة، والتدخل بالقوة في الشؤون الداخلية للدول"، في إشارة واضحة لليبيا.

 مضيفاً أن "المغرب حليف استراتيجي للولايات المتحدة خارج حلف شمال الأطلسي، لدوره الريادي الرامي إلى دعم الاستقرار والأمن في أفريقيا، ما يعد أولوية أساسية بالنسبة للولايات المتحدة".

ماذا تريد واشنطن؟

لا يمكن فصل تصريحات بومبيو وزيارة إسبر إلى الرباط عن عودة الأطراف الليبية للحوار، ولو بشكل خجول، وربما تحت الضغط وليس بإرادتها، كما لا يمكن فصل تصريحات بومبيو الأخيرة عن الجولة المغاربية لوزير الدفاع الأميركي إلى تونس والجزائر والمغرب، وعقده اتفاقات أمنية معها، خصوصاً في تونس، بحسب رأي أدلى به لـ"اندبندنت عربية "، الباحث والأكاديمي الليبي مرعي الهرام الذي يرى أن "الاتفاق الأمني الموقع مع تونس لم يخفِ فيه الطرفان علاقتها بالوضع المعقد في ليبيا، ورغبتهما في تحجيم تمدد الجماعات المتطرفة، خصوصاً مع عودة تنظيم داعش إلى المشهد الليبي في الفترة الأخيرة".

ورأى أن " الاتفاق لا يستهدف الجماعات المتطرفة فقط، وإن كان ظاهره يشير لذلك"، وهو يعتقد أن "واشنطن تخفي أهدافاً أخرى متعلقة بمواجهة التمدد الروسي في ليبيا أو التلويح بالقدرة على مواجهته، لاسيما مع فراغ يحتمل أن يخلفه الانسحاب التركي من المشهد الليبي، إذا تم بحسب ما تشير إليه تقارير عدة صدرت أخيراً".

المزيد من متابعات