Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السوريون منقسمون في الحرب على قره باغ أيضا

الانقسام السوري يزداد حدة واتساعاً بين أرمينيا وأذربيجان

لا يستبعد مقاضاة تركيا في المحكمة الدولية بلاهاي من قبل الدول التي تأذت بسبب جلب المسلحين (علاء رستم - اندبندنت عربية)

حين اندلعت الحرب بين الدولتين الأذربيجانية والأرمينية على خلفية نزاع تاريخي حول مصير إقليم ناغورنو قره باغ، بلغ ذروته باشتباك مسلح في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، لم يتصور أحد أن يصطف السوريون في مواجهة بعضهم بعضاً في ساحات المعارك الدائرة بين البلدين.
 

صراع الإقليم

لا يمكن إنكار حقيقة اتساع الشرخ السوري دون هوادة منذ عام 2011، وإلى اليوم، بشكل تتكسر معه كل الآمال بالتوصل إلى مصالحات أو تسويات سياسية، ما دامت الأطراف السورية المتنازعة تزيد ارتباطها بالقوى الدولية المتحالفة معها وتتبعها.
ليس في داخل سوريا وحسب، بل خارج حدود البلاد ينقسم السوريون بين من يدعم أرمينيا ومن يقف بجانب أذربيجان، قولاً وفعلاً منذ اليوم الأول للحرب في الإقليم القوقازي.
في غضون ذلك، تتوالى تأكيدات التقارير الدولية والإعلامية، ومنها وكالة "رويترز"، عن خروج مئات المقاتلين السوريين وتحديداً 500 عنصر من تركيا إلى أذربيجان كدفعة أولى، بغية القتال إلى جانب الجيش الأذري. إلا أن أنقرة سارعت إلى نفي ذلك، واعتبر مسؤولون أتراك، من بينهم نائب رئيس لجنة الأمن والاستخبارات في البرلمان التركي، محمد ألطاي، أن ما يشاع عن إرسال مرتزقة للقتال في أذربيجان يندرج ضمن سياق الادعاءات.
إلا أنه مع نفيها إرسال مسلحين، لا تخفي اسطنبول دعمها المطلق لأذربيجان، إذ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال كلمة ألقاها في ولاية قونيا التركية يوم الجمعة 2 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ونقلتها صفحته الرسمية على "تويتر": "لقد حررت أذربيجان بالفعل مساحةً كبيرةً. آمل أن تواصل نضالها حتى تحرر كل أراضيها في قره باغ".

الحرب بالوكالة

من جهة أخرى، يصف الباحث في القانون الدولي بجامعة هارفارد في بوسطن، المحامي السوري من أصول أرمنية هاروت أكمانيان، أن الصراع الأخير بين الجارتين هو الأعنف منذ نهاية الحرب الأخيرة بينهما وتوقيع هدنة بيشكيك عام 1994. وأضاف "أعقب ذلك تأسيس منظمة الأمن والتعاون الأوروبي (OSCE) لجنة سميت لجنة مينسك برئاسة كل من أميركا وروسيا وفرنسا لإجراء مفاوضات سلام للحل السلمي بين أذربيجان وأرمينيا".
ورأى أكمانيان أنه وبحسب القوانين الدولية فإن المسلحين السوريين الذين استحضروا عن طريق تركيا "لا يتمتعون بحماية أي دولة وبإمكان دول مثل أرمينيا، وإيران، وفرنسا، والسويد، وألمانيا، وغيرها، أن تحاكمهم بسبب مشاركتهم في جرائم حرب، بخاصة إذا كانت تشريعات الدولة تنص على مبدأ الولاية القضائية العالمية".

ويشرح المختص بالقانون الدولي أن "بعض الدول التي تملك تشريعات عن الإرهاب بإمكانها أيضاً محاكمتهم أو تسليمهم إلى دول ليحاكموا كمنفذين أو مشاركين في أعمال إرهابية". وأضاف "لا يستبعد أيضاً مقاضاة تركيا نفسها في المحكمة الدولية في لاهاي من قبل الدول التي تأذت بسبب جلب هؤلاء المسلحين، مثل أرمينيا وليبيا، والمطالبة بتعويضات".

أذربيجان للواجهة

حيال ذلك، تحاول عاصمة أذربيجان، باكو، الاستفادة بقدر ما تستطيع، من علاقاتها المتينة مع حلفتيها أنقرة وتل أبيب، مستخدمةً قربها الجغرافي وارتباطها العرقي بتركيا، علماً بأن مواطنيها ينتمون إلى الطائفة الشيعية.
كما تحافظ باكو على علاقات واسعة مع تل أبيب منذ أبريل (نيسان) 1992 بعد نصف عام من استقلالها عن الاتحاد السوفياتي. وكشف معهد استوكهولم لأبحاث السلام عن أن "أذربيجان تعد ثالث أكبر مُشترٍ للأسلحة الإسرائيلية، حيث بلغت مشترياتها في عام 2017 نحو 137 مليون دولار بتراجع حاد عن عام 2016 حين بلغت 248 مليون دولار".
في المقابل، تصطف كل من إيران وروسيا الاتحادية، وكذلك معظم دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب أرمينيا. وكانت المفاجأة هي سماح طهران (ذات الأغلبية الشيعية) بإدخال آليات ومعدات عسكرية إلى يريفان، عاصمة أرمينيا في مواجهة الأذريين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


المعارضة والموالاة

في ظل كل هذه التطورات، يبرر المعارضون السوريون اصطفافهم إلى جانب أذربيجان ذات الغالبية المسلمة، بالمسوغ الديني الذي يخفي في طياته التوجهات التركية.
ويلقي أحد الناشطين المعارضين الكرة في ملعب السوريين الأرمن، ملوحاً أنهم يتبعون وطنهم الأم وينجرون، على حد تعبيره، إلى القتال أو تأييد أرمينيا "دون وعي إلى أحقية باكو في الإقليم المتنازع عليه".

ويلفت معارض سوري آخر النظر إلى "انجرار الجمهور الموالي للسلطة في دمشق إلى طرف أرمينيا بعد وقوف حليفيهم الإيراني والروسي إلى جانبها. وهذا ما يفسر أيضاً إعلان دمشق عن تسيير رحلات جوية نحو يريفان بعد افتتاح مطار العاصمة يوم الخميس 1 أكتوبر".
 

المقاتلون الأجانب ووقود الحرب

في المقابل، يرى مراقبون قانونيون سوريون من الطائفة الأرمنية أن "أفعال وتصرفات أذربيجان بعد تكثيفها الهجوم على مناطق مدنية ومنشآت سكنية ومستشفيات ومدارس واستهداف المدنيين عمداً، تشكل مجموعة كبيرة من انتهاكات القانون الإنساني الدولي (أو ما يسمى قوانين الحرب) يضاف إليها استخدامها مسلحين سوريين تجلبهم تركيا".
ويذكر الباحث القانوني أكمانيان بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تدعم أحقية أرمينيا بالدفاع عن نفسها ضد الأعمال العدوانية. ويضيف "علينا التذكير بأن هذه ليست أول مرة تستخدم فيها أذربيجان مسلحين أجانب ضد أرمينيا، فخلال حرب 1988-1994 جلبت آلاف العناصر من أفغانستان وباكستان والشيشان ودفعت لهم أجوراً طائلة".

وطالب أكمانيان "المجتمع الدولي بالتحرك سريعاً لوقف العدوان الأذربيجاني وإجباره على العودة إلى المفاوضات، وجلب المسلحين الأجانب إلى مكان يمكن محاكمتهم فيه، وإلا لن يكون العالم آمناً من شر وإرهاب هؤلاء في السنوات المقبلة، والذين يعيشون في سوريا يعرفون تماماً ماذا يعني ذلك".

المزيد من دوليات