انطلقت مساء أمس الدورة العاشرة لمهرجان "أيام بيروت السينمائية" التي تنظمها جمعية "بيروت دي سي" حتى 6 ابريل- نيسان تحت عنوان "التنوّع"، بفيلم وثائقي عنوانه "عن الاباء والابناء" للمخرج السوري طلال ديركي، وهو يصوّر حياة عائلة عنصر في التنظيمات الإسلامية المتطرفة يريد أن يجعل ابنه مقاتلا. ومن خلال هذه الزاوية يتناول موضوع التطرّف وتوارث ثقافة العنف، ومستقبل الجيل الجديد في سوريا. وقد مثّل هذا الفيلم سوريا في الاوسكار، وكان أحد الافلام الخمسة المرشحة عن فئة الفيلم الوثائقي، وعُرضَ كذلك في مهرجان الأفلام الوثائقية في أمستردام ومهرجان صندانس في الولايات المتحدة وسواهما.
ويضم المهرجان أفلاما عربية تحقق جولةً على أهم القضايا الراهنة في العالم العربي، من المجازر الإسرائيلية في حق الفلسطينيين، والتشتت الذي يعانونه، إلى ثورات مصر وتونس وليبيا، وظاهرتي التطرف والعنف، ومعاناة اللجوء، مروراً بالفقر والفساد والقضايا الإنسانية والاجتماعية، وسعي المرأة العربية إلى التحرر والانطلاق.
أما فيلم الختام في 6 ابريل فهو "يوم الدين" من تأليف وإخراج السينمائي المصري ابو بكر شوقي، عن قصة رجل ترعرع داخل مُستعمرة للمصابين بالجُذام، ينطلق في رحلة بحث عن جذوره. ويؤدي دور هذا الرجل راضي جمال الذي أرسل إلى هذه المستعمرة في سن المراهقة بسبب تشخيص خاطئ. ورغم كونه اول فيلم روائي للمخرج ابو بكر شوقي، فقد اختير للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان "كانّ" الفرنسي، علما أن شوقي سبق ان صوّر وثائقيا عن مستعمرة ابو زعبل.
ويشمل برنامج المهرجان افلاماً لأربعة مخرجين مصريين آخرين، بينها الوثائقي "الحلم البعيد" للمصري مروان عمارة والالمانية يوهانا دومكي، ويتناول قصص مجموعة من الشبان المصريين يعملون فى أحد الفنادق الكبرى في شرم الشيخ، ويعيشون تجاذباً بين ما توفره لهم المدينة من حرية وكسب سريع، وما تمثله من حياة على الطريقة الغربية، من جهة، والتقاليد الشرقية التي نشأوا في ظلها، من الجهة المقابلة. ويظهر الفيلم كيفية تعافي شرم الشيخ من الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها قبل سنوات.
أما الوثائقي "امل " للمصري محمد صيام، والذي عرض في افتتاح مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية (إيدفا) في 2017 وشارك في أيام قرطاج السينمائية ومهرجان "كارلو فيفاري"، فيتناول الثورة المصرية من خلال فتاة كانت مراهقة عند حصول الثورة عام 2011، رافقتها الكاميرا المخرج حتى بلغت العشرين.
وفي "ليل خارجي"، اختار المخرج المصري احمد عبد الله أن يُوظّف الكاميرا ليحكي تجاربه الشخصية وهواجسه وأحلامه، من خلال ثلاثة أشخاص من عوالم لا يمكن أن تتلاقى يجدون أنفسهم مضطرين لقضاء ليلة معاً، يخالفون فيها شكل الحياة التي اعتادوها.
ويُعرَض فيلم "عفاريت الاسفلت" للمخرج المصري أسامة فوزي الذي توفيّ في سن مبكرة أخيراً، في تحية تكريمية له. ويتناول "تأتون من بعيد" للمخرجة المصرية أمل رمسيس قصة غير عادية لعائلة فلسطينية، تشتتت وافترقت بسبب الاضطرابات التي شهدها القرن العشرين، بداية من الحرب الأهلية الإسبانية التي شارك فيها الأب نجاتي صدقي في النضال ضد حكم فرانكو، مروراً بالحرب العالمية الثانية، وبعدها النكبة الفلسطينية، ثم الحرب اللبنانية.
وخُصِصَت حصة كبيرة من المهرجان لفلسطين من خلال فئة "نظرة على غزة" التي تنظّم بالتعاون مع جمعية "التعاون"، ويُعرَض ضمنها عدد من الأفلام، بينها الوثائقي "طريق السمّوني" للمخرج الايطالي ستيفانو سافونا، والذي فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في الدورة الحادية والسبعين لمهرجان "كان " في فئة"العين الذهبية"، ويتناول أحداث المجزرة التي سقط ضحيتها 29 من أفراد عائلة السمّوني خلال عرس في مدينة غزة، غالبيتهم من الأطفال والنساء، من خلال لقاءات مع الناجين من تلك المجزرة ويتناول"ابولون غزة" للمخرج السويسري نيكولا واديموف، موضوع التمثال الأثري لإله الشمس والموسيقى أبولون في غزة والذي اختفى في ظروف غامضة.
أما البشر المخفيّون قسراً، أي ضحايا الخطف، فيتناولهم فيلم "طرس رحلة الصعود الى المرئي" للبناني غسان حلواني، وهو فيلم تجريبي وثائقي عرض للمرة الاولى في مهرجان لوكارنو حيث حصل على تنويه خاص، ويتناول قصة رجل تم اختطافه في لبنان قبل 35 عاما، وكان المخرج شاهداً على اختطافه، ولم يظهر بعد، لكنّ المخرج يصوّر ظهوره على طريقته.
وفي البرنامج ايضاً، فيلم "بمشي وبعد" الوثائقي للمخرجة اللبنانية سينتيا شقير، الذي عرض في مهرجان روتردام، ويتناول اللاجئين في جزيرة لسبوس اليونانية، من خلال مهرجين، كانوا يحيون مهرجاناً للترفيه عن أطفال هؤلاء اللاجئين. وفي أجواء مختلفة، يدور فيلم "المرجوحة" الوثائقي للبناني سيريل عريس الذي حصل على الجائزة البرونزية في مهرجان الغونة المصري وجائزة لجنة التحكيم من مهرجان "مدفيلم" في روما، وفيه يصور المخرج جده وجدته وطريقة تعاطيهما مع فاجعة وفاة ابنتهما.
ومن اللبناني غسان سلهب، الفيلم التجريبي "وردة" المستوحى من حياة الفيلسوفة والمناضلة الشيوعية روزا لوكسمبرغ، أشهر شيوعية في التاريخ، بمناسبة مئوية اغتيالها. وهذا الفيلم الذي عرض في الدورة الاخيرة من مهرجان برلين السينمائي، يستند على الرسائل التي كتبتها لوكسمبورغ عندما كانت في السجن في العام ١٩١٧.
ويتمحور فيلم "حقول الحرية" الوثائقي، للمخرجة الليبية- البريطانية نزيهة عريبي حول نضال نسائي من نوع مختلف عن نضال روزا لوكسمبرغ، إذ يتناول طموح المرأة الليبية إلى التحرر من القيود التي يفرضها المجتمع عليها. وعلى خلفية الثورة في ليبيا، تركز المخرجة على ثلاث فتيات مثقفات يتهيأن لبدء العمل في الطب والصيدلة، دون التخلي عن ولعهن بكرة القدم رغم الهجوم شديد واتهامات شتى من جانب رجال الدين لهن.
ومن السودان، قصة حبّ تدور في زمن الحرب الأهلية، من خلال فيلم "اكاشا" للمخرج حجوج كوكا الذي عرض ضمن أسبوع النقاد في مهرجان البندقية السينمائي، عن أحد أبطال الثورة السودانية الذي يعشق القتال بقدر عشقه لحبيبته. ويتناول الفيلم استمرار الحياة في ظل الحرب.
أما حصّة المغرب العربي من المهرجان فثلاثة أفلام، أحدها "في عينيا" للمخرج التونسي نجيب بلقاضي، عن قصّة شاب هاجر الى فرنسا واضطر الى العودة إلى تونس للاهتمام بابنه المصاب بالتوحّد، في حبكة مليئة بالمشاعر ومشاهد تعكس الوضع الاجتماعي والسياسي في تونس، والثاني "طفح الكيل " للمخرج
المغربي محسن البصري الذي يسلط الضوء على المعاناة الاجتماعية للفقراء ومشاكل النظام الصحي في المغرب، من حيث الرشوة والإهمال، وحالة الاكتظاظ التي تشهدها، في ظل هشاشة البنية التحتية.
أما الفيلم الثالث فهو "ريح ربّاني" للمخرج الجزائري مرزاق علواش، ويتناول فيه، كما عدد من افلامه السابقة، موضوع التطرّف والإرهاب، إذ يتناول قصة شاب وامرأة ترسلهما جماعات إرهابية لتنفيذ عملية انتحارية ضد منشأة نفطية في الجزائر لكن خلال الأيام القليلة التي تجمعهما في بيت واحد قبل الهجوم تنشأ علاقة حب من طرف واحد تغير مصيرهما معا.
كما تستضيف "دار النمر" أمسية تكريمية للمخرجة الراحلة جوسلين صعب، في تحية لها.
تجدر الإشارة إلى أن العروض تقام في "متروبوليس أمبير صوفيل"، فيما تستضيف "دار النمر" عروض "نظرة على غزة". ويُقام عرض لفيلم "طريق السمّوني" في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين. وتقام عروض أخرى في الجامعة الأميركية اللبنانية في بيروت وسينما إشبيلية في صيدا، وبيت الفنان في حمّانا.