Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على بريطانيا السير على خطى هونغ كونغ في ضبط كورونا 

عدم الاستفادة من الإستراتيجيات المستخدمة في آسيا من أجل التصدي لكوفيد-19 خطأ جسيم، وسوف تفلس الشركات إن استمرت الحكومة في السير على الطريق الخاطئ، برأي جيمس فوستر

 عاد الموظفون إلى مكاتبهم في هونغ كونغ خلال الجائحة (غيتي)

أعاد بوريس جونسون إرسال الموظفين العاملين في المكاتب إلى منازلهم على حساب الإنتاجية والآلاف المؤلفة من المؤسسات التي تعتمد على حركة تنقلهم. ومع ذلك، ها أنا في هونغ كونغ أعمل من المكتب الذي عدنا إليه منذ شهرين، بسلامة ومن دون أي حادث يُذكر.

قد تبدأ قطاعات الأعمال في المملكة المتحدة بالانهيار الواحدة تلو الأخرى، فيما الأعمال تسير بشكل طبيعي في عدد من المناطق الآسيوية.

 ما السبب؟ فيما اتخذت الحكومات الآسيوية خطوات حاسمة ومثبتة نحو القضاء على الفيروس، تلكأت المملكة المتحدة وماطلت في التحرك.

واتبع البَلدان إستراتيجيات مختلفة منذ البداية. حين وردت التقارير الأولى عن ظهور الفيروس، أغلقت هونغ كونغ بينما المملكة المتحدة لم تفعل. ولدى هونغ كونغ خبرة واسعة مع فيروسات متجددة أخرى، لذلك كانت مستعدة جيداً. أما المملكة المتحدة التي لا تملك خبرة بهذا الحجم، فدخلت في الجائحة مغمضة العينين وأعلنت الإغلاق العام (الحجر) بعدها بكثير، من دون أن تتشدد في تطبيقه.

واختلفت الإستراتيجيات وراء كل إغلاق. فيما فرضت المملكة المتحدة إغلاقاً لكبح سير المرض، كان الهدف من الإغلاق في شرق آسيا القضاء على الفيروس. وبعد القضاء على الفيروس، يصبح تتبع الحالات ومنع تفشيها محلياً أسهل بكثير، ويمكن أن تعود الحياة إلى طبيعتها بسرعة.

مع أنه من الصعب محو كوفيد-19 كلياً لفترة طويلة بسبب سهولة انتقال العدوى، يمكن إدارة التحديات الناجمة عنه بطريقة تسمح باستئناف الحياة اليومية والعمل من المكاتب. في هونغ كونغ، كل الأماكن مفتوحة ومع ذلك لم تُسجل سوى 104 وفيات. وفي فيتنام، وقعت 35 وفاة مرتبطة بفيروس كورونا مقابل سبع فقط في تايوان. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن المقارنة بين هونغ كونغ والمملكة المتحدة ملفتة في شكل خاص، لأن المنطقتين تعتبران دولتين رئيسيتين للتبادل التجاري ومركزين للنقل والشحن. ويشكل الزوار القادمون من الخارج مصدراً أساسياً لاحتمال انتقال الفيروس. 

إذا سافرت إلى هونغ كونغ، عليك الخضوع لفحص "تفاعل البوليميراز المتسلسل" المعروف باختبار "بي سي آر" في غضون 72 ساعة من سفرك، كي تبرهن أنك غير مصاب بكوفيد-19، ثم توضع قيد الحجر الصحي المتشدد لدى وصولك إلى البلاد. ويُفرض هذا الحجر حرصاً على تجنب الحوادث الشبيهة بحادثة ناقل العدوى الفائق في مدينة بولتون، حين عاد رجل من خارج البلاد وارتاد سلسلة من الحانات.

وفي تايوان، شهدت شخصياً سرعة الاستجابة للأحوال المستجدة، حين وُضعت على آخر طائرة سُمح لها بمغادرة البلاد قبل إغلاق المطار. إن الاستجابة الصارمة هي الوضع الطبيعي في هذه البقعة من العالم. وبسبب قوانين الفحص وإجراءات الحجر الصحي المفروضة لا يحتاج المسافرون إلى عزل أنفسهم سوى لمدة خمسة أيام، ما يجعل السفر الدولي لأغراض العمل إمكانية واقعية.

ولا يكلف اختبار "بي سي آر" الشيء الكثير، لذا سيكون المسافرون مستعدين لدفع ثمن إجرائه في المطارات البريطانية. في الوقت الحالي، يستطيع الناس دخول المملكة المتحدة ومغادرتها دون أن يخضعوا للفحص. وطالما لا يُضبط المطار، ستتواصل دوامة الحالات مهما فعلتم.  

ولا تُجري المملكة المتحدة ما يكفي من الفحوصات داخل المجتمعات المحلية كذلك. وهذا ما وفر تربة خصبة لتزايد ضعف الثقة والتردد الواضحين حين طُلب من الموظفين العودة للعمل من مكاتبهم.

 في هذه الأثناء، لم توضح الإرشادات الحكومية للشركات ما الذي عليها أن تفعله كي تجعل مكاتبها آمنة، ولم تحدد لها معدات التنظيف والفحص. وهو ما جعلها تتردد في دعوة الموظفين لاستئناف العمل من المكاتب. وأعربت عديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تحدثنا إليها عن قلقها من تلقي شكاوى قضائية في حال أصيب موظفوها بالعدوى في مكان العمل.

وفي المقابل، عندما أقصد أي مكتب في هونغ كونغ، يكون قد نُظف قبلاً باستخدام معدات ذات تقنية عالية وأشعة ما فوق البنفسجية. وتُقاس درجة حرارتي، غالباً عدة مرات، كما حدث في طريقي إلى المكتب هذا الصباح.

كما أنني أسجل قبلها الأماكن التي كنت فيها لدواعي تتبع المخالطين من خلال هاتفي النقال، الذي يتابع تنقلاتي باستخدام تحليل متطور للبيانات، وهو مجال آخر ما زالت المملكة المتحدة متأخرة فيه.

خلافاً لما حدث في شهر مارس (آذار)، تستطيع المملكة المتحدة الآن الاستفادة من أمثلة بلدان أخرى بشأن طريقة السيطرة على تفشي العدوى. وعدم استفادتها من هذه الإستراتيجيات خطأ جسيم.

ثمة داع لوجود المكاتب وسوف تفلس الشركات إن استمرت المملكة المتحدة على هذا المنوال. وقطاع الضيافة بشكل خاص، يعتمد على موظفي المكاتب. إن تهاوى أحد القطاعات، سوف نشهد نوعاً آخر من العدوى الاقتصادية، حيث يؤثر انهيار قطاع المطاعم على قطاع الغذاء والشراب، بما فيه الإنتاج والزراعة والتصنيع. وسوف تسقط القطاعات الواحد تلو الآخر مثل أحجار الدومينو، وتؤدي في النهاية إلى كارثة اقتصادية.

يجب أن تجد المملكة المتحدة سبيلاً إلى الخروج من أزمة الفحوصات عبر استيراد الملايين من الفحوصات الإضافية. ويجب ألا يكون تتبع المخالطين أمراً ثانوياً بل في صلب إستراتيجية كوفيد-19.

وفي المرة القادمة التي تطلب فيها الحكومة إعادة فتح المكاتب، يجب أن يكون الفحص الموسع على حدود البلاد مطبقاً. كما يجب أن توفر تعليمات أوضح بشأن الخطوات التي على المؤسسات اتباعها وأن تحدد لها المعدات التي ستؤدي دور التنظيف وضمان السلامة.

إن أسباب نجاح هونغ كونغ واضحة. وعلى المملكة المتحدة أن تغير إستراتيجيتها بسرعة، كي تعيد السيطرة على الفيروس، وعلى الاقتصاد. 

(يشغل جيمس فوستر منصب الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع معدات الوقاية الشخصية "فيراكس كير")

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء