Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذيرات من "فيضان محتمل" في مصر مع ارتفاع منسوب النيل عند المصب

تنسق وزارة الموارد المائية والري مع جميع السلطات المحلية لتجنب أي آثار محتملة لموسم الفيضان الذي ما زال قائماً

مخاوف من الفيضان لنهر النيل في مصر (أ ف ب)

حذرت السلطات المصرية المواطنين بمحافظة البحيرة، شمال البلاد، من خطورة ارتفاع مناسيب مياه النيل، نتيجة تصريف كميات كبيرة من مياه فيضان العام الحالي، التي جاءت أعلى من المتوسط بصورة غير مسبوقة منذ نحو قرن من الزمن، وبينما لا تزال مشاهد غرق المدن السودانية حاضرة في الأذهان، ناشدت المحافظة مواطنيها إخلاء المنازل والمصانع الواقعة على أراضي "طرح النهر"، وأصحاب الأقفاص السمكية، نظراً لارتفاع منسوب نهر النيل، ما يؤدي لتعرض المباني والمزارع وحظائر المواشي للتلف نتيجة الغمر بالمياه.

وأكدت وزارة الموارد المائية والري في تصريحات خاصة لـ"اندبندنت عربية" أن ارتفاع مناسيب المياه لا يستدعي إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وأن المنسوب لا يزال في الحدود الآمنة، رغم تقدير الفيضان الحالي كفيضان مرتفع عن المتوسط الطبيعي. ووسط حملة حكومية واسعة لإزالة المباني المخالفة وتقنين أوضاع معظمها باستثناء الواقعة على مجرى النيل، قال محمد السباعي المتحدث الرسمي باسم الوزارة أن المنازل والمباني المعرضة للخطر هي بالأساس "مخالفة" لقواعد البناء نتيجة وجودها على أراضي "طرح النهر" أي التي ينحسر عنها الفيضان بعد انتهاء السنة المائية، ما يعني أنها بطبيعة الحال معرضة للغرق، وممنوع تماماً البناء عليها.

فيضان محتمل خلال أيام

تداول رواد مواقع الاجتماعي في مصر وبعض المختصين في الموارد المائية صوراً ومقاطع مصورة لغرق بعض الأفدنة الزراعية، محذرين من فيضان محتمل في محافظة البحيرة خلال الأيام الثلاثة القادمة، وهو ما أكدته التحذيرات الرسمية. وأرسلت محافظة البحيرة منشوراً إلى عدد من الوحدات المحلية الواقعة على نهر النيل بفرع رشيد، يشدد على اتخاذ الاجراءات الاحتياطية بشأن ارتفاع منسوب النيل خلال الأيام الثلاثة القادمة، مما قد يؤدي إلى حدوث فيضان محتمل لنهر النيل، يتسبب في غرق مناطق واسعة.

من جانبه، قال السباعي، إن وزارة الموارد المائية والري تنسق مع جميع السلطات المحلية لتجنب أي آثار محتملة لارتفاع منسوب المياه خلال موسم الفيضان الذي ما زال قائماً، مشيراً إلى أن ارتفاع الفيضان عن المتوسط بشرى سارة لأبناء محافظات دلتا النيل القائمة على النشاط الزراعي، معتبراً أنه لا داعي للقلق من ارتفاع منسوب المياه ما دمنا ملتزمين الاحتياطات والتحذيرات الرسمية المعلنة، نافياً وقوع خسائر مادية أو بشرية حتى الآن، ومؤكداً أن السنة المائية أو موسم الفيضان سينتهي في أواخر الشهر المقبل، ولا يمكن التنبؤ بكمية المياه الواردة بصورة نهائية، ولذلك هناك حاجة لتصريف المياه وإبقائها في الحدود الآمنة.

ودفعت الإدارة المحلية بمدينة رشيد بعدد من السيارات ذات مكبرات صوت في شوارع المدينة لتحذير المواطنين من أخطار ارتفاع منسوب مياه نهر النيل وآثاره على حياة المواطنين وممتلكاتهم، بعدما وجهت محافظة البحيرة الوحدات المحلية، خاصة بمراكز كوم حمادة، وإيتاي البارود، وشبراخيت، والرحمانية، والمحمودية، ورشيد، بإخلاء المنازل والمباني وحظائر الماشية والأقفاص السمكية، الموجودة على أراضي الدولة، وذلك لتفادي الأضرار التي قد تنتج عن غرق الأراضي الزراعية، وحفاظاً على أرواح المواطنين.

لماذا يتعرض مصب النيل لخطر الغرق؟

يقع مصب نهر النيل عند فرع رشيد في محافظة البحيرة، شمال البلاد، حيث إن شاطئ البحر المتوسط المحطة النهائية لمياه النيل القادمة من بحيرتي فيكتوريا وتانا في منابع النهر الأطول في الكرة الأرضية. وعلى الرغم من أن بحيرة السد العالي أصبحت منذ إنشاء السد هي الخزان الأول لحصة مصر من المياه بعد مرورها بالسودان، فإن السد بطبيعة الحال يسمح بتصريف كميات من المياه عند وصول منسوب بحيرة السد إلى أعلى مستوى له وتصريف كميات المياه الزائدة إلى مفيض توشكى المُوازي للمجرى الطبيعي للمياه، حيث تشمل محافظات دلتا النيل الواقعة بين فرعي دمياط ورشيد أماكن منخفضة معرضة للغمر بالمياه عند تصريف كميات زائدة في المجرى المائي للنهر. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة في تصريح خاص إن أراضي "طرح النهر" منخفضة من مستوى سطح البحر، ومن ثم فهي معرضة لخطر الغرق بشكل مستمر، ولذلك ممنوع البناء عليها مطلقاً، مشيراً إلى أنه عندما تضطر البلاد إلى زيادة تصريف المياه من خلال السد العالي، سترتفع مناسيب المياه في تلك المناطق المنخفضة، والتي تشهد أيضاً مخالفات بناء وغيرها معرضة للخطر، مشيراً إلى أن هذا التصريف مفيد لتجديد المياه بالنهر وتطهير المجرى المائي من الملوثات، وكذلك الاستفادة بالمياه في ملء قنوات الري، ومن بينها ترعة السلام التي تصل إلى شبه جزيرة سيناء.

وأكد شراقي أن الفيضان الذي حدث في السودان يختلف تماماً عما يمكن أن يحدث من فيضان محتمل في بعض المدن في شمال مصر، حيث إن ارتفاع منسوب المياه يتم بطريقة تقنية وفنية بحتة من خلال وزارة الري التي تتحكم في إدارة الموارد المائية والمناسيب وتضعها عند الحدود الآمنة والمناسبة لإدارة تلك الموارد، وليس فيضاناً من فعل الطبيعة كما حدث نتيجة للأمطار الغزيرة، معتبراً أن الفيضان المحتمل والمصغر سيكون "تحت السيطرة" تماماً، مشيراً إلى أن الوزارة يمكنها تصريف مزيد من المياه من خلال مفيض توشكى، لكن في كل الأحوال ارتفاع معدل الفيضان يمثل فرصة ذهبية لا بد من اغتنامها "لغسل مجرى النهر وتقليل الملوحة والملوثات وغيرها من الفوائد التي لا يمكن مقارنتها بأي مخاطر محتملة".

حماية السد العالي وبحيرة ناصر

وبينما تساءل بعض المتابعين عن سبب ارتفاع منسوب المياه في ظل استيعاب بحيرة السد العالي ومفيض توشكى للمياه، قال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن هناك خطورة كبيرة على جسم السد العالي إذا ارتفع منسوب المياه في بحيرة ناصر عن المعدلات الآمنة، ومن ثم لا بد من تصريف المياه من خلال مفيض توشكى الذي بدوره لديه قدرة محدودة على تصريف المياه، مضيفاً "في كل الأحوال من المفيد استغلال التصريف الزائد من خلال بوابات السد العالي من أجل تحسين نوعية المياه وتعزيز وصولها إلى مختلف الترع الفرعية وغيرها، فضلاً عن إبقاء منسوب بحيرة السد في الحدود الآمنة". 

وبدوره، قال متحدث وزارة الري إنه بغض النظر عن ارتفاع الفيضان الحالي، تقوم الوزارة بتصريف المياه إلى مجرى النهر للقيام بعملية "غسل المجرى المائي"، والتخلص من الملوثات في فرعي رشيد ودمياط، وتحسين جودة ونوعية المياه. وأوضح السباعي أن "الوزارة لم تعلن حالة الطوارئ لأنها بالفعل في حالة طوارئ دائماً خلال طوال أيام السنة وعلى مدار الساعة، وخاصة في موسم الفيضان الذي يتزامن أيضاً مع موسم هطول الأمطار والسيول، ومن ثم تستكمل جميع الاجراءات والاحتياطات اللازمة من أجل التغلب على هذه المخاطر والاستعداد لها من خلال إزالة التعديات والبناء المخالف وتطهير مخرات السيول والقنوات المائية وغيرها، فضلاً عن التنبؤ والتخطيط المستمر ورسم جميع السيناريوهات المتعلقة بإدارة الموارد المائية".
 

المزيد من تقارير