Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل نتوقع إغلاقا تاما في بريطانيا قريبا؟

إجراءات عاجلة لدعم الشركات والأعمال استعدادا لتأثير الموجة الثانية من وباء كورونا

يبحث رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فرض إجراءات العزل العام مرة أخرى لمواجهة جائحة كوفيد-19، مع تسارع وتيرتها. وتشهد بريطانيا ارتفاعاً في معدلات الإصابات الجديدة إلى ما لا يقلّ عن ستة آلاف حالة يومياً، بحسب ما أظهرت بيانات منشورة قبل أسبوع، وتتزايد أعداد الذين يخضعون للعلاج في المستشفيات إلى الضعف كل ثمانية أيام، في حين تشهد عمليات إجراء الفحوص تخبطاً.

في الأثناء، أفادت صحيفة تلجراف البريطانية في وقت متأخر من الاثنين 21 سبتمبر (أيلول)، بأن جونسون سيشجع البريطانيين على العودة إلى العمل من المنازل إن أمكن للمساعدة في احتواء تفشي فيروس كورونا.

وكتب كبير المراسلين السياسيين في الصحيفة على موقع تويتر نقلا عن مصادر إن جونسون أبلغ نواب البرلمان بأن "التحرك الآن يعني عدم الاضطرار إلى اتخاذ إجراءات جذرية في وقت لاحق".

في المقابل، حذرت السلطات الصحية البريطانية اليوم الاثنين من أنه يتعين على البلاد "تغيير التوجه" تحت طائلة موجة ثانية من فيروس كورونا المستجد قد تفضي إلى 200 وفاة يوميا في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ويأتي التحذير عشية مداخلة لجونسون في البرلمان حول الوباء، في وقت تزداد الضغوط على السلطة لتبني تدابير جديدة لتخفيف وقع الموجة الثانية التي بدأت.

وبريطانيا الأكثر تضرراً بالوباء في أوروبا مع 42 الف وفاة، تسجل حالياً "ضعف عدد الحالات كل اسبوع" وفقا للمستشار العلمي للحكومة باتريك فالانس خلال حديث متلفز.

وأضاف أنه اذا واصل الوباء هذا المنحى "فسنصل إلى 50 الف حالة يوميا بحلول منتصف اكتوبر (تشرين الأول) 2020، مقابل ستة آلاف حاليا وفقا للتقديرات.

وأوضح الاستاذ كريس ويتي كبير الأطباء المسؤولين في المملكة المتحدة خلال المقابلة نفسها "في حال لم نغير التوجه سيتفشى الفيروس بوتيرة متسارعة. إنه الطريق الذي نسلكه".

وتابع "ليست مشكلة الآخرين بل مشكلتنا جميعا".

وحذر ويتي من أنها "مشكلة ستة أشهر" نظراً إلى التقدم المحرز لايجاد علاج والأمل بتطوير لقاح العام المقبل.

من جهتها أعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورغن تأييدها لـ "توحيد" جهود الكيانات الأربعة المكونة للمملكة المتحدة، معربة عن استعدادها للاستغناء عن ذلك في حال لم تر قرارات لندن مناسبة.

وقالت خلال مؤتمر صحافي "آن الاوان للتحرك" معربة عن الأمل في التمكن من تفادي "اغلاق تام" كالذي فرض نهاية مارس (آذار) الماضي.

ويتشاور جونسون اليوم الاثنين مع رؤساء وزراء اسكتلندا وويلز وارلندا الشمالية وفقا للمتحدث باسمه. وإضافة إلى مجلس الوزراء سيعقد رئيس الوزراء البريطاني غداً الثلاثاء اجتماعاً يخصص للخطوات التي ستتخذها الحكومة لمواجهة عودة انتشار الوباء.

وضع حرج

من جهة ثانية، قال وزير النقل البريطاني غرانت شابس لشبكة "سكاي نيوز" "من المؤكد أننا نشهد وضعاً حرجاً للغاية هذا الصباح، ومن الواضح أننا متأخرون بأسابيع قليلة عما نراه في مناطق أخرى من أوروبا"، وأضاف "من المهم أن نفعل كل ما في وسعنا لنتمكن نوعاً ما من مواجهة هذا الأمر، وسنسمع من آخرين بمن فيهم رئيس الوزراء عن الخطوات التالية المقترحة". وقال كريس ويتي، كبير مسؤولي الصحة في الحكومة البريطانية، إن تفشي الجائحة في بريطانيا "يسير في الاتجاه الخطأ"، وإن البلاد تمر "بنقطة حاسمة" في التعامل معها، وتابع "نبحث البيانات لمعرفة الطريقة التي يمكننا من خلالها السيطرة على هذا التفشي قبل دخول موسم الشتاء المليء بالتحديات".

نقطة حاسمة

وكان وزير الصحة البريطاني مات هانكوك قال إن بلاده وصلت إلى نقطة حاسمة في مواجهتها كورونا، محذراً من احتمال فرض إجراءات عزل عام للمرة الثانية إذا لم يتبع الناس القواعد الحكومية لوقف انتشاره.

وشهدت حالات العدوى بكوفيد-19 تزايداً حاداً خلال الأسابيع الأخيرة، حيث سجلت 3899 إصابة الأحد، وطالب رئيس بلدية لندن باتخاذ إجراء سريع لمنع انتشاره في العاصمة البريطانية.

موجة ثانية

ووصف جونسون التفشي بأنه موجة ثانية، بينما فرضت مناطق في أنحاء البلاد إجراءات وقيوداً أكثر صرامة لاحتواء انتشاره، ويحتمل أن تنتظر لندن دورها في فرض تلك الإجراءات.

ويبلغ إجمالي الوفيات الناجمة عن كورونا في بريطانيا 41777 وهي الأعلى في أوروبا والخامسة على مستوى العالم.

خطة إصلاح شبكة السكك الحديد

وسط هذه الأجواء، باشرت بريطانيا الإثنين إصلاحات جذرية لقطاع سكك الحديد المخصخص والذي يرزح تحت تداعيات فيروس كورونا المستجد، وتقضي باستبدال الامتيازات التجارية باتفاقيات تخضع لعمليات تدقيق أكثر صرامة ويكون فيها للدولة دور أكبر، ولن تكون خدمات القطارات بعد الآن تحت إدارة الامتيازات التجارية التي نقلت هذه الإدارة إلى شركات تشغيل خاصة ستحل مكانها اتفاقيات تشبه الامتيازات.

وقالت وزارة النقل في بيان "اليوم أنهى الوزراء العمل باتفاقيات امتياز سكك الحديد بعد 24 عاماً كخطوة أولى نحو جمع الشبكة المجزأة. والمنظومة الجديدة ستخلق بنية أكثر بساطة وفعالية ستتضح معالمها في الأشهر المقبلة".

وبينما لا تزال سكك الحديد البريطانية بيد الدولة، إلا أن القطارات تديرها على نطاق واسع شركات خاصة تحظى بمبالغ دعم حكومية كبيرة، غير أن حكومة بوريس جونسون المحافظة قررت في مارس (آذار) أن تتولى عائدات ومخاطر التكاليف خلال أزمة كوفيد-19. وجاءت تلك الخطوة في إطار تدابير طارئة بلغت كلفتها 3,5 مليار جنيه استرليني (4,5 مليار دولار) بحسب تقارير وسائل إعلام.

البورصة

وفتحت الأسواق البريطانية تعاملات أول أيام الأسبوع، الاثنين، على انخفاض كبير في مؤشر فاينانشيال تايمز للشركات المئة الكبرى في بورصة لندن، الذي هبط 3.2 في المئة، كما تعرّض الجنيه الإسترليني لضغط شديد وسط تحسب الأسواق لاحتمال دخول بريطانيا في فترة إغلاق مرة أخرى بسبب الزيادة المضطردة في أعداد الإصابات والوفيات من وباء كورونا.

وينتظر أن تطلب الجهات الصحية والعلمية من الحكومة البريطانية ضرورة تشديد إجراءات الوقاية بما قد يتضمن العودة لإبقاء الناس في المنازل لفترة للحد من انتشار الفيروس، بخاصة بعدما ارتفع معدل تكاثر فيروس كورونا إلى ما فوق 1 (ما بين 1.1 و1.4 حالياً).

كما يضغط عمدة لندن صادق خان على الحكومة؛ كي تسرع في قرار الإغلاق للحد من تفشي الوباء مع تضاعف أعداد من يدخلون المستشفيات وقدوم موجة البرد نهاية الخريف وبداية الشتاء. ويريد خان تشجيع سكان العاصمة مرة أخرى على العمل من المنازل، على عكس نصيحة الحكومة في الآونة الأخيرة للموظفين والعاملين بالعودة إلى أماكن عملهم في محاولة لتنشيط الاقتصاد وسط تباطؤ معدلات التعافي التي بدأت عقب تخفيف إجراءات الإغلاق في مايو (أيار) الماضي.

ويتوقع أن يعلن وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك هذا الأسبوع خطط الحكومة لتمديد برامج دعم الشركات والأعمال بسبب تبعات الموجة الثانية من وباء كورونا. وأصبح من المؤكد تمديد أربعة برامج دعمت الخزانة العامة من خلالها بالفعل حتى الآن قروضاً للشركات والأعمال بنحو 53 مليار جنيه إسترليني (68 مليار دولار).

ويعارض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الإغلاق التام بسبب تبعاته الاقتصادية واحتمالات أن يقضي على التعافي المؤقت في الاقتصاد، الذي دخل في ركود عميق خلال الربع الثاني من العام. لكن بعض الوزراء، بينهم وزير الصحة مات هانكوك، يميلون إلى نصيحة اللجنة الاستشارية العلمية للحكومة بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة ولو لمدة أسبوعين على الأقل كفترة للحد من انتشار الوباء وتفادي الضغط على مؤسسات الرعاية الصحية في البلاد التي تستعد لمواجهة ضغوط أمراض فصل الشتاء.

ومن بين برامج الدعم الحكومي المتوقع إعلان تمديدها، هناك ثلاثة تنتهي هذا الشهر، وخطة الخزانة المتوقعة هي تمديد قبول طلبات القروض المدعومة حكومياً من خلالها حتى نوفمبر (تشرين الثاني) ليمكن تقديم تلك القروض حتى نهاية العام. وينتهي البرنامج الرابع وهو برنامج "القروض المرتجعة" فينتهي في نوفمبر أصلاً.

دعم الشركات

وحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز، فإن برنامج صندوق المستقبل سيتم تمديده وهو برنامج دعم للابتكار والشركات الناشئة سريعة النمو يسمح للحكومة بتملك حصص فيها مع حصول الشركات على قروض مضمونة حكومياً قابلة للتحويل من ائتمان لأسهم حكومية.

أما القدر الأكبر من الدعم الحكومي للشركات والأعمال عبر القروض المضمونة من الحكومة فكان طريق برنامج القرض المرتجع، الذي تحصل الأعمال الصغيرة بموجبه على قرض يصل إلى 50 ألف جنيه إسترليني (64 ألف دولار) واستفاد منه حتى الآن 1.1 مليون شركة بقيمة إجمالية وصلت إلى نحو 35 مليار جنيه إسترليني (45 مليار دولار).

أما برنامج قروض تعطل الأعمال، الذي تقدم من خلاله قروض مضمونة من الحكومة يصل حد القرض الأعلى فيها إلى أكثر من 5 ملايين جنيه إسترليني (6 ملايين دولار)، فقد استفادت منه 60 ألف شركة حتى الآن بقيمة إجمالية تزيد على 13.7 مليار جنيه إسترليني (17 مليار دولار). وقدم برنامج تعطل الأعمال للشركات الطبيرة، الذي يصل حد القرض المضمون حكومياً فيه إلى 200 مليون جنيه إسترليني (257 مليون دولار) قروضاً إجمالية بقيمة أكثر من 3.5 مليار جنيه إسترليني (4 مليارات دولار).

ولم يتضح بعد ما إذا كانت خطط الدعم الحكومية للاقتصاد في مواجهة الموجة الثانية من الوباء ستقتصر على ضمان ائتمان للشركات والأعمال أم ستشمل أيضاً برنامج الحفاظ على الوظائف الذي تحملت الخزانة العامة من خلاله القدر الأكبر من رواتب العاملين الذين تعطلت وظائفهم حتى لا يتم تسريحهم. وينتهي هذا البرنامج آخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وبدأ بالفعل تأثير انتهاء البرنامج يظهر في أرقام البطالة التي أضيف إليها أكثر من 700 ألف بريطاني الشهر الماضي، ويتوقع أن يخسر قطاع السفر والضيافة وحده أكثر من 900 ألف وظيفة في الأشهر القليلة المقبلة، بخاصة بعد نهاية برنامج دعم الوظائف إذا لم تقرر الحكومة تمديده.

المزيد من اقتصاد