Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حملة تجوب الخرطوم لمحاربة تفتيح لون البشرة

المبادرة حظيت بـ 60 ألف متابع خلال أيام معدودة

تقف الفتيات في صفوف طويلة بانتظار أدوارهنّ لمقابلة صاحب محل بيع مستحضرات تفتيح البشرة في الخرطوم (حسن حامد)

على الرغم من تميّز السودانيين ببشرة سمراء مختلفة الدرجات، إلا أن بعض الشابات السودانيات وأخيراً الشباب، لجأوا لاستخدام مواد تعمل على تفتيح لون البشرة، تعبيراً عن رفضهم التمييز والعنصرية، التي يعاني منها أصحاب البشرة الداكنة في المجتمع.

عام بعد آخر، يطلق ناشطون اجتماعيون حملات تدعو لمحاربة هذه الظاهرة، التي تنتج عنها أضرار جسدية ونفسية حسب رؤيتهم.

ترحيب كبير

أطلق المصور الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي أحمد عبد الرحمن، حملة تجوب أرجاء الخرطوم، هدفها المحافظة على صحة بشرة الفتيات السودانيات، وجعلها طبيعية خصوصاً البشرة السمراء، وكل الدرجات اللونية الداكنة بالإضافة للمحافظة على السحنة والهوية السودانية ونبذ العنصرية.

عبد الرحمن قال لـ"اندبندنت عربية"، "تستهدف الحملة الإناث من الطفولة، لأن الفتيات في هذا العمر يتأثرن بما تقدمه القنوات التلفزيونية من محتوى يعزز مفهوم أن اللون الأبيض فقط هو اللون الجميل والمرغوب، في المرحلة الجامعية تبدأ الفتاة في التنقيب والبحث عن وسائل لتفتيح البشرة، فتبدأ باستعمال النافع والضار من المستحضرات التي تفتح بشرتها، بعض هذه المواد يحتوي على نسبة عالية من الزئبق الضار ما يسبب مشاكل صحية. رحلة البحث عن لون أبيض محفوفة بالأضرار النفسية والمادية والجسدية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحملة نزلت إلى الشارع

عن الأسباب التي تجعل الفتاة تلجأ لتفتيح لون بشرتها يقول عبد الرحمن "الترويج العالي للون الأبيض على أنه أفضل من الدرجات اللونية الداكنة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وبعض المؤسسات التي تفضل ذوات اللون الفاتح على الداكن في الاختيار، بغض النظر عن الخبرات والدرجات العلمية والكفاءة، وعدم الثقة بالنفس كلها أسباب تجعل الفتيات يسعين لتغيير لون بشرتهنّ، والمؤسف أن الفتيات يعلمن مخاطر المستحضرات التي تعمل على تفتيح لون البشرة".

الحملة نزلت إلى الشارع وعملت على نشر التوعية من طريق عرض قصص ومواد بصرية تحتفي بكل الدرجات اللونية الداكنة، إعلان متجول انطلق من الخرطوم، وطاف أم درمان، وبحري، والحصاحيصا في ولاية الجزيرة، والنتيجة كانت استجابة كبيرة للحملة منذ انطلاقها في اليوم الأول، إذ وصل عدد المتابعين الآن أكثر من 60 ألف متابع ومتابعة.

البعض يعترض

كغيرها من الحملات، واجهت انتقادات من الذين يعتقدون أن مشاكل السودان أكبر من ذلك، ويرون أنه يجب إهدار المجهود في مواضيع أكثر أهمية، وترك مسألة تفتيح  اللون لأنها حرية شخصية، أريج محمد، وهي موظفة حكومية، تقول لـ"اندبندنت عربية"، "الأسباب التي تجعل الفتاة تقوم بتفتيح لون بشرتها ليست شخصية، بل للمجتمع دور كبير في ذلك، إذ يمارس ضغوطات على الفتيات منذ الصِغر، ويروّج للون الأبيض على أنه الأكثر جمالاً، فتكبر الفتاة وهي معقدة من لون بشرتها، ما يجعلها تبحث عن أي طريقة لتفتيحها، لذلك يجب أن تكون التوعية للمجتمع، وللأهل، لأن التوعية إذا وُجهت للفتيات فقط وأقلعن عن استعمال المستحضرات المبيضة، سيجدن أن المجتمع سيواصل ضغوطاته، حتى لو لم تتم بصورة مباشرة".

ويقول الفاتح عبد الله، وهو طالب جامعي، "لن أرتبط بفتاة تستعمل مستحضرات تفتيح بشرة لأن اللون المكتسب منها ظاهر وغير جميل، أما إذا كان لجوء الفتيات لهذه المستحضرات بسبب تفضيل الشبان اللون الفاتح، فإن هناك العديد من الذين يحبون اللون الأسمر".

الرجال أيضاً

ظاهرة تفتيح لون البشرة لم تقتصر على الفتيات فقط، بل يوجد عدد كبير من الشباب الذين يقومون باستعمال مستحضرات تفتيح البشرة، وزيارة محال بيعها، وعيادات التجميل أيضاً. صرّح فنان سوداني على الهواء مباشرة، بأنه استخدم حقن تبييض البشرة، بلغ سعرها ستة آلاف دولار، رداً على السؤال الذي يتلقاه دائماً عن المواد التي استخدمها لتفتيح لون بشرته.

"اندبندنت عربية" قامت بزيارة سريعة لأشهر محل بيع مستحضرات تفتيح البشرة في الخرطوم، حيث تقف الفتيات في صفوف طويلة في انتظار أدوارهنّ لمقابلة صاحب المحل الذي لا يملك أي تصريح لبيعها، وفضّل حجب اسمه وقال لنا "أقوم ببيع الكريمات منذ سنوات طويلة، والجميع يثق في خبرتي، ولم تشتكِ فتاة من أن بشرتها تأذت، أما الشباب الذين يقصدون المحل فعددهم أكبر من الفتيات، ولكن يأتون في مواعيد أقوم بتحديدها لهم مسبقاً لضمان السرية بسبب نظرة المجتمع السيئة تجاه الشاب الذي يقوم بتفتيح لونه".

ضغوط مجتمعية

الضغوط المجتمعية ووسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج الفوتوشوب كلها أسباب جعلت الجنسين يقدمان على تفتيح لون البشرة بحسب المختصة النفسية نفيسة الفاضل، التي قالت لـ"اندبندنت عربية"، "الأثر النفسي الذي يتركه استخدام مستحضرات تفتيح البشرة سيّء، خصوصاً أن بعض المنتجات تدمر البشرة، وتشوهها، ما يدخل مُستخدم تلك المواد في حالة نفسية سيئة وندم شديد، والترويج للبشرة البيضاء وتفضيلها ليس في السودان فقط، بل في كل العالم، والمسألة لن تعالج بين يوم وليلة، بل تحتاج لزمن طويل حتى تعود الحياة كالسابق. أمهاتنا وجداتنا لم يفعلن ذلك، وفي الوقت نفسه، يمارسن ضغوطاً على بناتهنّ وحفيداتهنّ، وتبحث الأمهات دائماً عن فتاة بيضاء اللون لتزوجها لابنها، لذلك علينا معالجة المشكلة من جذورها، وتوجيه الحملات لتوعية الأمهات اللواتي لهنّ دور كبير في انتشار هذه الظاهرة".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات