Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأنظار تتجه إلى ارتفاع الطلب الصيني على النفط فماذا تخبئ بكين؟

الأسواق تلتمس مزيداً من الاستقرار باجتماع اللجنة الوزارية لـ"أوبك+"

تنوي شركات النفط الصينية المملوكة للدولة نقل ما لا يقل عن 20 مليون برميل من الخام الأميركي خلال أغسطس وسبتمبر (رويترز)

في وقت تُواصل فيه أسعار النفط ارتفاعها تبرز الصين بزيادة مُشترياتها من الخام الأميركي، حيث أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن بكين باتت تفي بمتطلبات الاتفاق التجاري الذي وقَّع عليه الطرفان في يناير (كانون الثاني)، على الرغم من تقصيرها حتى الآن في عمليات الشراء الموعودة للمنتجات الأميركية. وحجزت شركات النفط الصينية المملوكة للدولة مؤقتاً ناقلات لنقل ما لا يقل عن 20 مليون برميل من الخام الأميركي لشهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول).

على صعيد الأسعار، فقد صعد خام "نايمكس" قُرب 43 دولاراً للبرميل مع ترقُّب اجتماع اللجنة الوزارية في منظمة أوبك. وكانت أسعار الذهب الأسود مظللة باللون الأحمر في وقت مبكر من التعاملات قبل أن تتحول للصعود في وقت لاحق.

في الوقت نفسه، يترقَّب المستثمرون ما سيُسفر عنه اجتماع اللجنة الوزارية لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وذلك غداً الأربعاء. وبلغ الامتثال باتفاق خفض الإنتاج النفطي نحو 97 في المئة خلال يوليو (تموز) الماضي من جانب تحالف "أوبك+". وخفَّض التحالف مستويات اتفاق خفض الإنتاج النفطي في أغسطس (آب) الحالي إلى 7.7 مليون برميل يومياً بدلاً من 9.7 مليون برميل يومياً المطبقة سابقاً.

تحركات "أوبك" واستقرار الأسعار

وتلتمس أسواق النفط مزيداً من الاستقرار على صعيد تحسُّن الأسعار فوق مستوى 40 دولاراً للبرميل من قرارات اللجنة الوزارية المشتركة لتحالف "أوبك+"، لا سيما مع خفض توقعات الطلب العالمي للنفط خلال العام الحالي، في حين أصدرت منظمة أوبك توقعاً سلبياً بتقريرها الشهري الأخير أشار إلى أن الطلب العالمي على النفط سيهبط على نحو أكثر حدَّة في 2020 مقارنة مع ما كان متوقعاً في السابق بسبب فيروس كورونا، وهناك شكوك إزاء التعافي في العام المقبل.

كانت وكالة الطاقة الدولية قد خفضت توقُّعاتها للطلب الدولي على النفط لعامي 2020 و2021 بسبب التراجع المستمر لقطاع النقل، خصوصاً الطيران، إضافة إلى الأزمة الصحية. ومن المتوقع أن يتراجع الطلب على النفط هذا العام إلى 91.9 مليون برميل يومياً؛ أي 140 ألف برميل يومياً أقل مما كان متوقعاً، قبل أن يعود ليرتفع إلى 97.1 مليون برميل يومياً العام المقبل؛ أي أقل بـ240 ألف برميل.

وكانت الوكالة قد أشارت في تقريرها الشهري حول النفط أن "النقل الجوي والبري، وهما أبرز مكونين لاستهلاك النفط لا يزالان يواجهان صعوبات". وأوضحت الوكالة التي مقرها باريس، والتي تقدم الاستشارة للدول المتطورة حول سياستها النفطية، أنها خفضت توقعاتها للعام المقبل "لأنه يبدو أن القطاع الجوي سيحتاج لوقت أطول للتعافي". وكان تفشي فيروس كورونا المستجد أسهم في وقف تام للرحلات التجارية التي تُستأنف حالياً ببُطء.

الطلب الصيني وحجز الناقلات

الا أن الطلب الصيني قلب المعادلة، حيث بدأت شركات نفط مملوكة للحكومة حجز ناقلات لجلب ما لا يقل عن 20 مليون برميل من الخام الأميركي في أغسطس وسبتمبر (أيلول)،  حسبما أوردت "رويترز"، أيضا لتزيد بكين مشتريات الطاقة والمنتجات الزراعية قبيل مراجعة لاتّفاق التجارة المُبرم مع واشنطن في حينها انتعشت أسعار النفط بواردات خام غير مسبوقة لأكبر مُشترٍ في العالم، كما أن تخفيف قيود مكافحة "كوفيد-19" عالمياً، ساعدت في هذا الانتعاش، لكن محللين توقعوا أن أي موجة جديدة من إصابات فيروس كورونا، من شأنها أن تكبح الاستهلاك مُجدَّداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويؤكد المختصون أن خطوة الصين من شأنها أن تُهدِّئ المخاوف الأميركية، من كون مشتريات بكين كانت عند مستوى منخفض - بشكل كبير - عن تعهُّدات الشراء بموجب اتِّفاق (التجارة المرحلة الأولى). يُشار إلى أن بكين كانت تحتلُّ مكانة أكبر مُشترٍ للخام الأميركي، إذ تلقَّت ما قيمته 5.42 مليار دولار، في 2018، قبل أن يوقف توتُّر تجاري التدفُّقات بشكل شبه كامل.

في الوقت نفسه، تعهَّدت السلطات الصينية، في يناير (كانون الثاني)، بشراء منتجات في قطاع الطاقة بقيمة 18.5 مليون دولار، بما في ذلك النفط الخام والغاز الطبيعي، فوق مستواها في 2017، ما ينطوي على قيمة إجمالية بزهاء 25 مليار دولار، هذا العام.

وأفادت بيانات من مكتب تعداد الولايات المتحدة، بأن المشتريات الصينية من الخام الأميركي، حتى 30 يونيو (حزيران)، بلغت 2.06 مليار دولار، وهو ما يبرز التراجع الناجم عن جائحة "كوفيد-19"، والتأثير المحدود لاتفاق المرحلة الأولى.

لكن المصادر قالت، وفق "رويترز"، إن هناك قفزة، في الآونة الأخيرة، في المُشتريات لشركات مملوكة للدولة مثل بتروتشاينا، وكبرى شركات التكرير لديها سينوبك. وأوردت "رويترز" أن مراجعةً لاتِّفاق التجارة الأميركي الصيني، كان مقرّراً انطلاقها السبت الماضي، ستتأجَّل بسبب مشكلات تتعلَّق بالتوقيت، ولم يجرِ الاتِّفاق على موعد جديد، حتى الآن. ووفقاً لبيانات "رفينيتيف أيكون"، فإنه من المقرر أن يصل للصين، في أغسطس، إمداد شهري غير مسبوق، يبلغ 32 مليون برميل من النفط الأميركي.

من جانبه، قال هوي لي، الاقتصادي في بنك "أو سي بي سي" السنغافوري، إن "بيانات الطلب على النفط كانت إيجابية بدرجة كبيرة، الأسبوع الماضي، إذ ارتفع الطلب الأميركي المفترض على البنزين إلى مستوى يقلُّ 3.5 في المئة فقط عن مستويات ما قبل فيروس كورونا، وسجَّل النفط الخام المعالج للصين ارتفاعاً قياسياً، في يوليو.

في السياق ذاته، قال بنك "إيه إن زد"، إن الطلب زاد ثمانية ملايين برميل يومياً، على مدى الأشهر الأربعة الأخيرة، إلى 88 مليون برميل يومياً، لكنه يظل دون مستواه، قبل عام، بواقع 13 مليون برميل يومياً.

المخزون العائم بالصين

يرى أنس الحجي، المختص بالشؤون النفطية، أن اجتماع اللجنة المشتركة يأتي في وقت تُعاني فيه الأسواق من مشكلة كبيرة في المخزون العائم في الصين، والذي تتجه إليه كل الأنظار في الوقت الراهن.

وأشار أحمد حسن كرم، محلل أسواق النفط العالمية، إلى أن الأسواق النفطية باتت شبه مستقرة بالآونة الأخيرة مع استمرار تخفيضات "أوبك+"، حيث تستقر أسعار النفط فوق الـ40 دولاراً، وهو أيضاً كان نتيجة لتزايد الطلب عليه مع رجوع بعض الدول الصناعية لحالتها الطبيعية وعودة الأعمال التي توقفت بسبب جائحة كورونا.

ويرى أن أسعار النفط ستستمر بالاستقرار عند المستويات الحالية إلا إذا كانت هناك عوامل أخرى بدورها تؤثر عليها كعودة موجة ثانية لفيروس كورونا بقوة وتوقف الأعمال، بينما إذا لم يكن هناك أي تأثيرات بجانب تزايد الطلب ربما نرى أسعار النفط تصل لأعلى من 50 دولاراً، وهذا أيضاً يعود لاستمرار تخفيضات الإنتاج من قبل "أوبك+" أو زيادة في كمية التخفيض طبعاً إذا اقتضى واقع السوق النفطية.

الصين تتصدَّر الأسواق الواعدة

من جانبه، أشار محلل النفط الكويتي محمد الشطي، إلى أن الصين تُعد من الأسواق الواعدة، والتي تدعم استمرار الطلب العالمي على النفط بشكل كبير، فقد نما الطلب فيها خلال عام 2018 بمقدار 540 ألف برميل يومياً ليصل إلى 12.86 مليون برميل يومياً، وهو يمثل 37 في المئة من إجمالي الزيادة في الطلب على النفط، وخلال عام 2019 نما الطلب على النفط في الصين بمقدار 440 ألف برميل يومياً ليصل إلى 13.3 مليون برميل يومياً، وهو يمثل 61 في المئة من إجمالي الزيادة في الطلب على النفط.

وفي وسط آثار انتشار فيروس كورونا في العالم فقد تراجع الطلب في الصين خلال الربع الأول من عام 2020 إلى 10.7 مليون برميل يومياً مقابل 12.63 مليون برميل يومياً خلال الربع الأول من عام 2019؛ أي سجل تراجعاً بمقدار 1.93 مليون برميل يومياً، ولكن المؤشرات تؤكد تعافي في الاقتصاد الصيني مع انحسار فيروس كورونا.

تعافي اقتصاد الصين يدعم الطلب

تُشير التقديرات إلى أن الطلب الصيني على النفط وصل إلى 12.75 مليون برميل يومياً خلال الربع الثاني من عام 2020 مقابل 13.19 مليون برميل يومياً خلال الربع الثاني من عام 2019؛ أي تراجع بمقدار 440 ألف برميل يومياً. ويقدر الطلب على النفط في الصين أن يصل إلى 12.67 مليون برميل يومياً خلال الربع الثالث من عام 2020 مقابل 12.95 مليون برميل يومياً خلال الربع الثالث من عام 2019، يعني تراجَعَ بمقدار 280 ألف برميل يومياً.

وذكر الشطي أن التراجع في مقدار الانكماش يسير بوتيرة جيدة نحو التعافي المتكامل، حيث تشير غالب المؤشرات الاقتصادية إلى تعافي الاقتصاد الصيني خلال شهر يوليو، حيث شمل التعافي الإنتاج الصناعي، والاستثمارات، ومبيعات السيارات، والصادرات، والتعافي في قطاع السكن أيضاً، وعليه فإن استمرار التعافي بلا شك هو تطور يصب في صالح تعافي الطلب في العالم على النفط ويؤكده ارتفاع الواردات من النفط الخام وارتفاع معدل تشغيل المصافي، وهي في مجملها إن تأكَّدت واستمرَّت بثبات تدعم عودة الثقة للأسواق واستقرارها ودعم لمسار تعافي الأسعار.

أجواء مُتفائلة في الأسواق

ذكر الشطي أن الأجواء في أسواق النفط مُتفائلة، ولا أدل على ذلك من استمرار حركة أسعار نفط خام الإشارة برنت في الحركة بين 42 و46 دولاراً للبرميل منذ بداية يوليو 2020، وحتى الآن، وليصل المتوسط لشهر أغسطس قريباً من 45 دولاراً للبرميل، وهي بلا شك مستويات ممتازة، خصوصاً إذا ما تمَّت مقارنتها مع مستويات 15 دولاراً للبرميل، والتي كانت في أبريل.

وأشار إلى أن هذه التطورات تتم ترجمتها من خلال سحوبات من المخزون النفطي في العالم وفي الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص، وكذلك من المخزون العائم، وهي تؤكد نجاح الجهود نحو توازن الأسواق، وهو يتماشى مع برنامج "أوبك+" الذي يستمر إلى نهاية شهر مارس (آذار) من عام 2022.

وأوضح أن اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة الإنتاج خلال هذا الأسبوع بقيادة سعودية وتعاون من جميع الأعضاء سيركز على هذه التطورات، سواء بالنسبة إلى تعافي الطلب أو استمرار في تحسن في نسب الالتزام أو الالتزام في التعويض خلال الأشهر المقبلة أو سحوبات متواصلة من المخزون النفطي لتدلل في مجملها على خفض من المخزون العالمي لنفط في اتجاه تحقيق توازن السوق.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد