Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يضع الحكم في قضية الحريري لبنان على "صدع زلزالي"؟

الحكومة ستكون في قفص المحاسبة الدولية ما لم تتجاوب و"حزب الله" جهز طيلة سنوات الأرضية لمواجهة "الحقيقة"

 سعد الحريري ورئيس الحكومة حسان دياب (أ ف ب)

منذ الكشف عن موعد إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 7 أغسطس (آب)، بدأت القراءات والتحليلات لما سيحمله الحكم من تأثير سياسي في المسار الداخلي، خصوصاً في اتّجاه "حزب الله" المعني مباشرة به، باعتبار أن المتّهمين الأربعة من عناصره، ولو أن موقفه من المحكمة الدولية واضح منذ اليوم الأول على تشكيلها.

ولعل الأبرز في توقيت صدور الحكم أنه يتزامن مع اشتداد الخناق السياسي والاقتصادي على "حزب الله" من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها، من خلال العقوبات والتصنيف الإرهابي، وهو ما جعل الحزب تحت المجهر الدولي، لا سيما أن قرار إنشاء المحكمة، أممي صادر عن الأمم المتحدة، بالتالي فإن عدم تنفيذ الحكم لأسباب مرتبطة بعجز الدولة اللبنانية عن جلب المتّهمين، قد يحوّل الحكم تحت البند السابع مع ما يعنيه ذلك من ضغوط إضافية على "حزب الله" والسلطات اللبنانية.

"نزول آمن" للحكم

ويُتوقع أن يدين القرار المتهم سليم عياش، ويعتبره القائد المنفذ والذي نسق الأدوار المختلفة للمجموعة وسيكون الحكم هو الأقصى، فيما ستتم إدانة كل من أسد صبرا وحسن عنيسي وحسن مرعي، وستكون بأحكام أخف نظراً لأدوارهم اللوجيستية. وتقول المعلومات إن الأدلة المادية خضعت لتدقيق، بعضها أسقط لعدم موثوقيته وبعضها جرى اعتماده كأدلة لها قيمتها الجنائية، بالتالي خرج القضاة الثلاثة بشبه إجماع على إدانة المتهمين.

وتشير المعلومات أيضاً إلى أن أكثر من جهة سياسية ورسمية تعمل على تأمين "نزول آمن" للحكم من خلال العمل على خطين متوازيين، الأول سياسي يقتضي برفع منسوب التنسيق مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والثاني أمني حيث يجري عمل استباقي على الأرض، لتطويق أي ردود فعل شعبية في الشارع تحت شعار "منع أخذ البلاد نحو الفتنة".

ووفق المعطيات، فإن سعد الحريري سيحضر شخصياً الجلسة المخصصة لإصدار الحكم، إلى جانب النائب مروان حمادة الذي نجا من محاولة اغتيال، وعدد من ذوي الضحايا الذين سقطوا لحظة اغتيال الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005، حيث يُتوقع أيضاً أن يكون للحريري موقف حيال الحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدولية في لاهاي بهولندا.

وكان الحريري قال، الثلاثاء بعد اجتماع لكتلة المستقبل، "لا أريد استباق إعلان الحكم في 7 أغسطس، فالمسؤولية الوطنية والأخلاقية تفرض علّي شخصياً وعلى تيار المستقبل وجمهور الشهيد رفيق الحريري وكل العائلات التي أصابها مسلسل الاغتيالات انتظار الحكم والبناء عليه".

وأضاف "نتطلع للسابع من أغسطس ليكون يوماً للحقيقة والعدالة من أجل لبنان، ويوماً للاقتصاص من المجرمين".

انفجار الحكومة

وعلى الرغم من محاولات "حزب الله" تخفيف أهمية صدور الحكم ودفع الحكومة اللبنانية لتجاهل تداعياته، إلا أن معطيات دولية تشير إلى أن لبنان يقف الآن على صدْعٍ زلزالي سوف يُعلن على الملأ، وأن الحكومة ستكون في قفص المحاسبة الدولية في حال لم تتجاوب مع تداعيات الحكم، خصوصاً أن الدول بدأت العمل بمقتضاه منذ أشهر، وعلى هذا الأساس، صنفت ألمانيا "حزب الله" منظمة إرهابية، كذلك النمسا وبريطانيا ودول أميركا اللاتينية والبرازيل والباراغواي وسواها، إذ كانت أحكام قضائية أخرى في حقّ خلايا تابعة لـ"حزب الله" في قضايا تهريب مخدرات وغسل أموال واتجار بالبشر عابرة للقارات والبلدان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأيضاً في المعلومات، فإن انفجار الحكومة بات أمراً مرجحاً، خصوصاً مع تزامن العديد من التحديات والاستحقاقات في ظل استمرار الانهيار الاقتصادي والفشل في فرملته، إضافة إلى تصاعد التوتر بين إسرائيل و"حزب الله"، وأزمة التمديد لقوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان، واستفحال تفشي وباء كورونا والعودة إلى إقفال البلاد، ما يطرح تساؤلات كبيرة على قدرة الحكومة على الاستمرار بعد انكشافها أمام الرأي العام الدولي والمحلي أنها ليست سوى واجهة سياسية لـ "حزب الله".

النظام يحمي الحزب

وفي هذا الإطار، يشير الأمين العام لـ"لقاء الجمهورية" نجيب زوين إلى أن "حزب الله" لم يعترف يوماً بالمحكمة الدولية، لأنه متيقن أنها ستصل إلى معرفة الحقيقة، بالتالي سيصدر الحكم بحقه، وقد جهز طيلة السنوات السابقة الأرضية السياسية والاجتماعية لمواجهة هذه "الحقيقة"، فأسهم تدريجاً بإلغاء الوجود العملي والفعلي للدولة والسلطة الشرعية لمصلحة دويلته، وعمل على تفتيت المؤسسات حتى وصلت الحال بالمواطن إلى فقدان الثقة بكل المكونات، إلى أن "جاء أخيراً بحكومة حسان دياب التي يديرها حسن نصر الله".

ولفت إلى أن الوضع الحالي مع سيطرة الحزب على رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي وصولاً إلى الحكومة، هو مثالي للحزب في مرحلة تلقي صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الذي سيدينه، إذ "ستتحول المؤسسات بعد صدور الحكم إلى أدوات حماية شرعية له"، مستبعداً المخاطرة وإسقاط حكومة حسان دياب كونها الأكثر ولاء له في تاريخ لبنان.

وأضاف "يتصادم مشروعان اليوم على أرض لبنان، الأول هو مشروع حزب الله والتبعية العمياء لإيران، والثاني مشروع الحياد الذي ترعاه البطريركية المارونية حفاظاً على ما تبقى من دور وفعالية لهذا الوطن".

محكمة "مشبوهة"

ويرى المستشار في العلاقات الدولية قاسم حدرج أن الحكومة اللبنانية على موعد مع لغم جديد سينفجر بوجهها في السابع من أغسطس، حيث أن "الحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان معروف سلفاً أنه سيدين عناصر تابعة لحزب الله"، معتبراً أن "هذه المحكمة مشبوهة ومسيسة"، مشيراً إلى أن رد الحزب عليها سيكون بتجاهلها، وأن "هذا الحكم لن يشكل ضغطاً سياسياً عليه يؤدي إلى صدام مع الحكومة التي ستكتفي بالتعاطي الكلاسيكي مع هذا الحكم، من خلال القيام بإجراءات مماثلة لما أقدمت عليه الحكومات السابقة لجهة ملاحقة المطلوبين والإفادة بعدم إمكانية العثور عليهم".

وتابع قائلاً إن "تداعيات هذا الحكم لن تتجاوز الاستثمارات السياسية والشعبية لمزيد من التصويب على الحكومة واتهامها بأنها حكومة تعمل بإمرة حزب الله"، مستبعداً التحليلات التي تصب في خانة سعي الحزب لإسقاط هذه الحكومة، وإعادة سعد الحريري للسلطة امتصاصاً لتداعيات هذا الحكم.

فرصة سلام

وفي سياق الضغط الدولي الذي سيزداد مع صدور الحكم، اعتبر الأمين العام للمؤتمر الدائم للفيدرالية ألفريد رياشي، أن محاولة "حزب الله" وإيران تحمل الحصار الدولي والضغوطات المتزايدة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، والرهان على هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هي سياسة "الهروب إلى الأمام"، وسيؤدي إلى وصولهم لحائط مسدود كون الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط تجاه إيران لن تتغير.

وعن مراهنة العديد من المراقبين على حلحلة النزاع بين طهران وواشنطن لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، قال "نعتقد عكس ذلك تماماً حيث أنه من الأفضل لإيران والحزب التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الحالية"، معدداً الأسباب:

1- أن إدارة الرئيس ترمب بحاجة لتعزيز إنجازاتها قبيل موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

2- سيصبح من الصعب على الطرف الأميركي أن يقبل بأي اتفاق مع إيران وقرينها "حزب الله"، لا يأخذ في الاعتبار المزيد من المكاسب الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها، كون عامل الوقت لن يعود محورياً وسيتحول حكماً لمصلحة الولايات المتحدة، لأن وفي الحالتين وبمنأى عمن سيفوز، ستمتد الفترة التي يستطيع الأميركي أن يضغط لمدة لن تقل عن أربع سنوات.

3- وفي حال لم ينجح ترمب، فإنه لن يكون من السهل التعامل مع جو بايدن كونه يُعد من صقور الديمقراطيين، وباعتباره لا يملك طباع ترمب والتي هي مستمدة من عالم الأعمال، أي المتمثلة بروحية عقد الاتفاقات وإنهائها.

4- وفي حال استمرت الضغوطات على الثنائي أي "حزب الله" وإيران، فإن ذلك سيُضعف من القدرة التفاوضية لهما على المدى الطويل، باعتبار أنهما سيكونان منهكين، هذا إضافة إلى احتمال تغيير المعادلات الدولية والإقليمية، كما لعامل الرخاء في الوقت لصالح الولايات المتحدة.

واعتبر أنه من صالح طهران التوافق مع واشنطن على أربع نقاط أساسية في لبنان كانت قد طرحت على "حزب الله" والإيرانيين في وقت سابق هي "الحياد وتغيير النظام المركزي وترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ووضع آلية عملية للاستراتيجية الدفاعية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات