Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عراقي يودع زوجته المصابة بكورونا وهو مقيد بالأغلال

توقيف ثلاثة من عناصر الشرطة لمخالفتهم القوانين

يتعرض الجسم الطبي العراقي لإعتداءات متكررة (أ ف ب)

مقيداً بالأغلال يجاور جسداً بالكاد يتنفس، تحيطه أجهزة الأوكسجين، في غرفة لا يُسمع فيها أنين أو رجاء، بل أمل أن ينهض هذا الجسد من جديد. لكنه لم ينهض بعدُ. رجل بقي في جوار زوجته، التي هزمها وباء كورونا وفارقت الحياة، بعدما عايش لحظات غياب رفيقة عمره لحظة بلحظة.

هل عاهد هذا الزوج زوجته أن لا يغادرها حتى وإن فارقت الحياة، وكانت قيوده دليلاً على وفائه أم أن للقصة وجهاً آخر؟

حرب الأوكسجين

محمد كريم فقي، أبٌ عراقي لولدين ويعمل مدرساً في إحدى مدارس كركوك، دخل المستشفى مرافقاً زوجته التي تدهورت حالتها الصحية، على إثر إصابتها بفيروس كورونا.

ويقول لـ"اندبندنت عربية"، "المريض الذي يدخل قسم الإنعاش التنفسي يكون عاجزاً عن الحركة، وهو بحاجة إلى شخص يرافقه بشكل دائم لإطعامه، وجلب أدويته غير المتوفرة غالباً في المستشفى، إضافة إلى توفير البلازما للحالات الحرجة. كما أن المرافق يبدِّل الأوكسجين للمريض عندما ينفد".

مع تدهور صحة زوجته على إثر نفاد الأوكسجين، دخل فقي في حالة من الغضب، وبدأ الجدال مع كادر المستشفى، وحطّم أحد أجهزة التنفس، الأمر الذي دفع الشرطة إلى اعتقاله، وإبقائه في المستشفى، خوفاً من احتمال إصابته بكورونا بعد ملامسته زوجته المصابة. هكذا، كُبِّلت يداه بسرير زوجته التي كانت تصارع من أجل البقاء.

مواساة

يتذكّر فقي الساعات التي عاشها بمرارة، وهو مكبل بسرير زوجته، ويقول "كانت تنظر إليّ وتواسيني وتخفف عني، وكنت أشعر بالتقصير، لأنني عاجز عن إطعامها. كنت قريباً منها، لكنني عاجز عن الاهتمام بها".

مع نقص كمية الأوكسجين في جسد الزوجة، وبداية نوبات الاختناق من جديد، يقول فقي "جاؤونا بإسطوانة أوكسجين، وجرى ربطها إلى الجهاز، لكن تبين أنها فارغة. وحتى جاؤوا بإسطوانة أخرى كانت زوجتي قد توقفت عن التنفس، وغادرت الحياة".

وعلى الرغم من محاولات كادر المستشفى التدخل لفك قيود فقي، بعدما فارقت زوجته الحياة، بقي مقيداً 15 ساعة، من الحادية عشرة ليلاَ إلى الثانية ظهراً. وهو موعد بداية دورية الشرطي الثاني، بعد أن غادر الشرطي الأول وتركه مكبلاً.

مخالفات قانونية

يقول القانوني علي التميمي، لـ"اندبندنت عربية"، "توجد مخالفات قانونية عديدة تحملها هذه القضية"، موضحاً "الدستور العراقي ينص على أنه لا يجوز توقيف أو احتجاز الأشخاص من دون أوامر قضائية، كما لا يُسمح بتوقيف الأشخاص إلا في الأماكن المخصصة لذلك، وهي السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية".

ويشير التميمي إلى أن "اعتقال الشخص وتكبيله بجوار زوجته في المستشفى يمثلان مخالفة قانونية، يُحاسب عليها منتسبو الشرطة، كما يحق لهذا الزوج مقاضاة إدارة المستشفى، لأنها خالفت الدستور وأصول المحاكمات الجزائية العراقية".

أجهزة تتحطم واعتداءات متكررة

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتصاعدت حدة الاعتداء على الأطباء، وتحطيم أجهزة المستشفيات مع بداية جائحة كورونا، وازدحام المستشفيات بالمرضى، وسط نقص الأجهزة والمعدات.

يقول نقيب الأطباء عبد الأمير الشمري، "الاعتداءات المتكررة وظاهرة تحطيم الأجهزة يؤثران في عمل الكوادر الطبية، فالمستشفيات تعاني بالأساس نقصاً في الأجهزة، وأي جهاز يتعرّض للتدمير يؤثر في الخدمات الصحية التي تُقدَّم ".

الشمري أوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن غياب الإجراءات الرادعة أدّى إلى تفاقم الاعتداءات، موضحاً أنه بإمكان المستشفيات التي تتعرض أجهزتها للتدمير من قبل أحد المواطنين رفع دعوى قضائية للمطالبة بالحق العام، كونه يدخل قانوناً ضمن فقرة تدمير الممتلكات العامة. ويقول "الخاسر الوحيد من هذه الاعتداءات هو المواطن، الذي سيفقد الخدمات التي تقدمها المستشفيات بغياب الأجهزة".

إطلاق السراح

وأطلق سراح فقي بكفالة مالية، وبدأ التحقيق في حادثة الاعتقال التي جرت خارج الأماكن المخصصة، بعد إيقاف ثلاثة من رجال الشرطة المتهمين بهذه الحادثة.

ويقضي فقي أيام الحجر الصحي في منزله، لكن هذه المرة ليس مقيداً بأغلال حديدية، بل بذكريات سنوات عيشه مع زوجته.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات