Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أنقذت القمة الأفريقية مفاوضات "الفرصة الأخيرة" لسد النهضة؟

الأطراف الثلاثة اتفقوا على مواصلة المباحثات وصياغة اتفاق قانوني ملزم بشأن الملء والتشغيل

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أثناء القمة الأفريقية المصغرة (الحساب الرسمي له على تويتر)

أعلنت الرئاسة المصرية التوافق في ختام القمة الأفريقية المصغرة المنعقدة على إثر تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، و"مواصلة المفاوضات والتركيز في الوقت الراهن على منح الأولوية لبلورة اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على أن يتم لاحقاً العمل على بلورة اتفاق شامل لكافة أوجه التعاون المشترك بين الدول الثلاث فيما يخص استخدام مياه النيل"، على الرغم من إعلان أديس أبابا انتهائها من الملء المخطط له للعام الأول. وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في تغريدة على تويتر، "كان اليوم لقاءً مثمراً في القمة الأفريقية المصغرة حول سد النهضة وانتهينا بالتفاهم لمواصلة التفاوض للوصول لاتفاق لملء وتشغيل السد".

 

 

القمة المصغرة وأزمة السد الكبير

وبدوره، قال رئيس جنوب أفريقيا الرئيس سيريل رامافوزا، في تغريدة على تويتر، إن هيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي "اختتمت لتوها اجتماعاً استثنائياً بنّاءً حول القضايا المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي الكبير، ولا تزال المفاوضات الثلاثية تسير على الطريق الصحيح، وأود أن أشكر جميع الأطراف المعنية على التزامها بإيجاد حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية".

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن اللقاء كان "مثمراً"، مؤكداً تقديره لجهود كل من رئيس الوزراء السوداني والرئيس المصري من أجل الوصول إلى التفاهم المشترك الذي تم التوصل إليه بشأن استمرار المناقشات الفنية حول ملء السد، مشيداً بمساعي تعزيز الحلول الأفريقية.

وشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء الثلاثاء، في قمة مصغرة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي عبر الفيديو كونفرانس، لمناقشة نتائج الاجتماعات الفنية والقانونية التي عقدت أخيراً حول سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي، وذلك برئاسة رئيس جمهورية جنوب أفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد، وبحضور كل من أعضاء المكتب الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، والرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، والرئيس فيلكس تشيسيكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى مشاركة عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان، وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا.

وأكد الرئيس المصري "استمرار الرغبة الصادقة لدى مصر لتحقيق تقدم على صعيد القضايا الخلافية، التي تعد جوهرية في أي اتفاق عادل ومتوازن يتم التوصل إليه بشأن سد النهضة"، مشدداً على أن الأمر "يتطلب توافر الإرادة السياسية للتوافق حول تلك القضايا العالقة، بما يعزز فرص وجهود التوصل للاتفاق المنشود، ويدعم بناء الثقة والتعاون لتحقيق المصلحة المشتركة بين الدول الثلاث".

 

 

وبينما أكدت الرئاسة المصرية الإعراب عن التقدير لجهود الرئيس الجنوب أفريقي بشأن قضية سد النهضة، فقد أكد السيسي خلال اتصال مع رامافوزا، الجمعة، على ثوابت الموقف المصري من منطلق ما تمثله مياه النيل من قضية وجودية لشعب مصر، ومن ثمّ حتمية بلورة اتفاق قانوني شامل بين كل الأطراف المعنية حول قواعد ملء وتشغيل السد، ورفض الإجراءات المنفردة أحادية الجانب التي من شأنها إلحاق الضرر بحقوق مصر في مياه النيل، معرباً في الوقت ذاته عن تقديره لجهود الرئيس رامافوزا في هذا الإطار.

وبدوره، قلّل المحلل السياسي السوداني حسين ملاسي من أهمية نتائج القمة الأفريقية وجدوى استمرار العملية التفاوضية، قائلاً، "استناداً إلى التجارب السابقة الممتدة منذ عام 2011، فإن القمة الأفريقية المصغرة بوساطة جنوب أفريقيا لإنقاذ تعثر مفاوضات السد الإثيوبي ليست سوى حلقة في سلسلة القمم واللقاءات والمباحثات التي سوف لن تفضي لشيء، ولن تحل أو تحلحل عقدة الخلاف البيّن في وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة، بخاصة بعد أن نفذت إثيوبيا وعدها لشعبها ووعيدها لكل من مصر والسودان بعزمها على البدء في ملء بحيرة السد بقرار أحادي، ودونما اتفاق مسبق مع البلدين، فأصبحت بالتالي أكثر تحرراً مما كانت عليه قبل بدء الملء الابتدائي لبحيرة السد من الضغط الذي كان يشكله عليها السقف الزمني الذي ألزمت به نفسها أمام شعبها من أن يكون الملء خلال شهر يوليو (تموز)".

وحذر ملاسي من خطوة الموقف الإثيوبي بعد "تحررها" من ضغط الوقت، معتبراً أنها لن تبدي أي مرونة لكسب مزيد من الوقت كما كانت تفعل خلال السنوات الماضية، على حد وصفه، مضيفاً "الراجح ألا يفضي اللقاء الرئاسي وما سيليه من اجتماعات إلى أي حلول، وسيتمسك كل طرف بمواقفه المعلنه سابقاً، وسيزداد تمسك إثيوبيا بإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث في عام 2015، في مقابل رفضها الوصول إلى اتفاق جديد حول آلية ملء وتشغيل السد".

وقال أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا سعت إلى تحويل الملف من مجلس الأمن إلى الاتحاد الأفريقي، وإحالته بعد ذلك إلى اللجنة القانونية للاتحاد، من أجل إطالة أمد المفاوضات، واستنزاف المزيد من الوقت والجهد بالتوازي مع استكمال الملء الأول، وبالتالي فوتت الفرصة على مصر للتحرك نحو بدائل أخرى، ورفعت من تكلفة "توجيه ضرب عسكرية للسد"، مشيراً إلى أن إثيوبيا نجحت في الهروب من البيئة التفاوضية الضاغطة خلال مسار واشنطن، وخلق بيئة تفاوضية دولية وإقليمية داعمة لموقفها في ظل إعادة الملف إلى الاتحاد الأفريقي الذي يتخذ من العاصمة الإثيوبية مقراً له.

 

 

إثيوبيا: المهمة أنجزت

ورغم نفي إثيوبيا رسمياً الأنباء حول بدء ملء السد اتصالاً بما تداولته وكالات الأنباء العالمية من صور ومقاطع مصورة توضح حجز كميات كبيرة من المياه خلف السد، أعلنت أديس أبابا، الثلاثاء، أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء خزان سد النهضة، وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن بلاده توصلت إلى "تفاهم مشترك مع مصر والسودان يمهد لتحقيق اختراق" بشأن السد. وذكرت إثيوبيا في السابق إن ارتفاع المياه ناتج عن الأمطار الغزيرة، كما برر رئيس الوزراء الإثيوبي، خلال القمة، البدء في ملء سد النهضة بزيادة معدل الأمطار.

واستكمل شبانة، "إثيوبيا تتمسك بتوقيع قواعد استرشادية لملء وتشغيل السد يمكن تغييرها مستقبلاً بمجرد الإخطار، دون اشتراط موافقة مصر والسودان، على ألا يتضمن ذلك أي اتفاق يمكن توقيعه النص على مفهوم الضرر ذي الشأن، الذي يحتمل حدوثه إثر تشغيل السد، وكذلك التعويضات المناسبة التي ستلتزم بها إثيوبيا في المقابل، وكذا تعريف مفهوم حالة الجفاف الممتد، أو تحديد كميات المياه المنصرفة في تلك الحالة، مع مساعي ترحيل القضايا الخلافية الفنية والقانونية الأخرى إلى ما بعد الاتفاق، وفي كل الأحوال لا يمكن التعويل على لجنة لم تنشأ بعد".

وقال محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والري المصري سابقاً، إن القمة الأفريقية سعت إلى "إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، من خلال الاتفاق على استئناف المفاوضات بهدف الوصول إلى اتفاق ملزم، مؤكداً أن ما جرى من توافق بين القادة أسهم في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، فضلاً عما قدمه خبراء الاتحاد الأفريقي والمراقبون من توصيات من أجل الوصول إلى اتفاق، معتبراً أنه في حال عدم وجود مرجعية محددة لاستئناف المفاوضات، "فلا جدوى من التفاوض من جديد أو الوساطة الأفريقية، فالخلافات معروفة، وإذا لم يتم تقديم تنازلات فلا جدوى للوساطة، وطالما تم الاتفاق على استكمال المفاوضات فإنها يمكن أن تصل بشكل سريع إلى اتفاق بخاصة في ظل بدء الملء وتركيز المباحثات على حلحلة المسائل الخلافية المرتبطة بإلزامية الاتفاق والتعامل مع الملء والتشغيل في فترة الجفاف والجفاف الممتد".

على الوجه المقابل، قال أمانئيل قبرمدهن، المتخصص الإثيوبي في الشؤون الدبلوماسية والدولية، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، إنه بالنسبة لإثيوبيا لا يوجد شيء يمكن أن يؤدي إلى النزاع، "فقد أعلنت إثيوبيا بالفعل أن الملء سيبدأ بحلول يوليو (تموز) خلال موسم الأمطار. وأعتقد أن إثيوبيا لا تحتاج إلى الحصول على أي إذن من أي جهة لبدء مشروعاتها وفقاً لجدولها الزمني. لذا، فإن البدء بملء السد لا يمكن أن يكون سبباً للخلاف لأنه استكمال لمشروع ينتمي فقط إلى إثيوبيا والإثيوبيين"، على حد وصفه.

وحول إمكانية استكمال المشروع الإثيوبي من دون الوصول إلى اتفاق، قال قبرمدهن، "إثيوبيا مستعدة دائماً لإخبار مصر والسودان والبلدان المشاطئة حول المشروع وتوضيح المعلومات المطلوبة وضمان أن المشروع لن يكون له ضرر كبير على دولتي المصب. وما يؤكده المسؤولون الإثيوبيون إن المفاوضات الثلاثية وبناء المشروع سيستمران معاً. وفي اعتقادي أنه لا يوجد خيار آخر سوى المفاوضات. التفاوض هو الحل الوحيد لكافة القضايا بين البلدان الثلاثة".

 

نيل السودان يشكو الانحسار

وبعد أيام من إعلان وزارة الري السودانية خروج العديد من المنشآت المائية من الخدمة نتيجة انخفاض منسوب المياه على إثر بدء ملء سد النهضة الإثيوبي، صرح مصدر مسؤول بوزارة الرى والموارد المائية لوكالة السودان للأنباء، أمس الاثنين، إن خروج بعض محطات المياه فى الخرطوم من الخدمة مؤقتاً يعود لعوامل عديدة ليس أهمها تأثير سد النهضة. وأضاف المصدر أن مناسيب النيلين الأزرق والأبيض والنيل الرئيس خلال شهر يوليو الحالي أعلى منها فى يونيو (حزيران) الماضى التى لم تواجه محطات المياه خلالها أي مصاعب.

وقال أحمد المفتي، متخصص القانون الدولي والعضو المستقيل من اللجنة السودانية المعنية بالسد الإثيوبي، إن موقف الخرطوم "مستغرب جداً"، بعد صمتها إزاء إعلان إثيوبيا بدء ملء السد بدون اتفاق، مؤكداً تضرر خزانات السدود والمنشآت المائية السودانية من احتجاز المياه، وأضاف "تصرفات إثيوبيا يصعب السكوت عنها، ولكن السودان صمت، بل أعلن إن الاجتماع الأفريقي حقق إنجازاً".

وقالت وزارة الري السودانية إن القمة الافريقية أكدت المقترح السوداني لتجاوز أزمة سد النهضة، وإن إثيوبيا وعدت بدراسة المقترح.

وأوضح وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، في تصريح صحافي مساء الثلاثاء، إن القمة خاطبها رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، ومن ثم استمعت إلى تقرير من خبراء الاتحاد الأفريقي الذين شاركوا في جولة المفاوضات السابقة كمراقبين متضمناً الجوانب القانونية بالتركيز على المشروعات المستقبلية على النيل الأزرق لارتباطها بالجانب الفني والقانوني، مبيناً أن حجة إثيوبيا تركز على أن اتفاقية سد النهضة تحجم أي تنمية مستقبلية في النيل الأزرق، مضيفاً أن المتخصصين أمنوا على مقترح السودان لتجاوز هذه النقطة، موضحاً أن المقترح يعطي الحق لإثيوبيا في التنمية المستقبلية سواء كان بناء خزانات أو مشروعات أخرى بشرط أن تكون وفق القانون الدولي للمياه بالإضافة لإعلام دول أسفل النهر؛ السودان، ومصر، بالمشروعات المستقبلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد وزير الري والموارد المائية أنه بمجرد التوافق على هذه النقطة يحق لإثيوبيا تعديل بعض الأرقام المتعلقة بطرق التشغيل، موضحاً أنه إذا تم اعتماد هذا المقترح يكون قد تم فك الارتباط العضوي بين التنمية المستقبلية والوصول إلى اتفاق فيما يخص الملء الأول وتشغيل السد، وقال إن الاجتماع عقد في جو إيجابي آمن، فيه الجميع على الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية، مشيراً إلى أن القمة أمنت على مواصلة النقاش والتفاوض في الفترة المقبلة من أجل تقريب وجهات النظر في النقاط المتبقية والنقطة الرئيسية مبيناً في هذا الصدد أن التوصل إلى حل النقطة الرئيسة يسهل التوصل إلى اتفاق في بقية النقاط.

وفي سياق ذي صلة، نشرت وكالة رويترز تقريراً، يوم الاثنين، حول معاناة الصيادين في كينيا نتيجة سد أومو، وعدم قدرتهم على توفير قوت يومهم بسبب انحسار المياه والتغيرات البيئية المرتبطة بالسد الإثيوبي الضخم، معتبرة أن هذه التداعيات تعطي مؤشراً على ما يمكن أن يعانيه المزارعون في مصر والسودان عقب إتمام مشروع سد النهضة.

وبدوره، قال الباحث الصومالي عبد النور عبد الله، إن الهدف من السد الإثيوبي هو الهيمنة المائية، مؤكداً تضرر العديد من البلدان المجاورة لإثيوبيا من مشروعاتها المائية، وفي مقدمتها كينيا والصومال، وكذا "إقليم أوجادين الصومالي المحتل"، مضيفاً "إثيوبيا هي نافورة المياه في شرق القارة ولكنها تقطع المياه عن الجميع لتحويل المياه إلى قوة سياسية من أجل فرض الهيمنة".

ظلال واشنطن لا تزال حاضرة

وأجرى الرئيس المصري عشية القمة الأفريقية المُصغرة اتصالاً هاتفياً بنظيره الأميركي دونالد ترمب، حيث ذكر بيان صادر عن الرئاسة المصرية أن الاتصال تناول "تبادل الرؤى بشأن تطورات الموقف الحالي لملف سد النهضة، حيث تم التوافق بشان أهمية مواصلة التفاوض وحتمية الوصول لاتفاق شامل يؤمن مصالح الدول الثلاث التنموية والمائية".

وبحث اجتماع لمجلس الدفاع الوطني، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبمشاركة رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، ووزراء الدفاع والخارجية والمالية و المخابرات والداخلية، وقادة الأفرع الرئيسة للقوات المسلحة، مستجدات ملف سد النهضة والمسار التفاوضي الثلاثي الراهن، والجهود الرامية لبلورة اتفاق شامل يلبي طموحات ومطالب مصر والسودان وإثيوبيا في التنمية والحفاظ على الحقوق المائية بشكل عادل ومتوازن.

وأكد المجلس في ختام اجتماعه، الأحد الماضي، "على استمرار مصر في العمل على التوصل إلى اتفاق شامل بشأن المسائل العالقة في قضية سد النهضة، وأهمها القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد، وذلك على النحو الذي يؤمن للدول الثلاث مصالحها المائية والتنموية، ويحافظ علي الأمن والاستقرار الإقليمي".

وقال الباحث الصومالي إن الولايات المتحدة لا يزال لها دور خفي في الأزمة على الأقل من خلال مشاركة المراقبين الأميركيين في كافة مراحل المفاوضات الماضية منذ إعلان فشل جولات واشنطن نتيجة رفض إثيوبيا لتوقيع الاتفاق، مؤكداً أنه "إذا فشل الاتحاد الأفريقي فلن يكون هناك مسار سوى تدويل الأزمة سواء من خلال مجلس الأمن أو بعودته إلى الوساطة الدولية، وهو ما يدعم موقف مصر بخاصة أن إثيوبيا تشكو الانحياز الأميركي لمصر".

خيارات التحرك المصري لا تزال مفتوحة

وأكدت مصادر حكومية مصرية مسؤولة أن القاهرة لا تزال تمتلك العديد من الخيارات للتحرك نحو إلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق مُلزم يضمن حقوقها المائية وعدم تضررها حالياً أو مستقبلاً من ملء وتشغيل السد الإثيوبي، وعلى رأس تلك الخيارات تحويل الملف المنظور أمام مجلس الأمن إلى "الفصل السابع" من ميثاق الأمم المتحدة لخروج قرارات ملزمة، فضلا عن إمكانية اللجوء إلى التحكيم الدولي، وغيرها من وسائل تصعيد الأزمة على المستوى الدولي لضمان إرغام إثيوبيا على وقف الملء لحين الوصول إلى اتفاق، "حتى لو تم القبول بالملء الخاص بالعام الأول".

وقال أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إن رعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات لا يمنع أن مجلس الأمن يظل هو صاحب الاختصاص الأصيل في إدارة الأزمة، و"تكييفها على أنها تمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين من عدمه، وهنا يمكن للمجلس نقل تعامله مع الأزمة من الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة إلى الفصل السابع، ليطالب إثيوبيا بوقف ملء السد حتى يتم توقيع اتفاق ملزم".

 

قلق في القرن الأفريقي

وقال شبانة، إنه في ظل المعطيات الراهنة يمكن القول إن أزمة سد النهضة قد بلغت مرحلة التعقيد الشديد وهو ما يستلزم سرعة الوصول إلى اتفاق ملزم بين أطرافها، بخاصة أن ملء السد من دون اتفاق سوف يدفع الاستقرار بحوض النيل والقرن الأفريقي إلى حافة الهاوية، على حد وصفه.

وتابع، "هيمنة إثيوبيا مائياً تعني بالنسبة لمصر انتكاس سياستها المائية، ودخولها لدائرة القحط المائي الشديد، وتهديد السلم الاجتماعي بها، كما أنه يمثل تهديداً لإمدادات المياه والطاقة بالسودان، ويحرم إثيوبيا من تحقيق الاستفادة القصوى من السد من خلال تصدير الكهرباء وغيره"، وشدد على ضرورة الوصول إلى اتفاق كامل ملزم قبل استكمال إجراءات الملء الأول، التي يمكن تأجيلها حتى في ظل "ملء العام الأول".

وأخبرتنا مصادر دبلوماسية كينية، طلبت عدم ذكر أسمائها، إن استمرار الخلاف حول أزمة سد النهضة وسط تلويح بالبدائل "غير السلمية" لحل النزاع، باتت مسألة مثيرة للقلق ليس فقط في القرن الأفريقي الذي يعاني بالفعل هشاشة منظومة الأمن الإقليمي، ولكن أيضاً في مجمل أمن واستقرار منطقة شرق أفريقيا.

 وأكد الباحث الصومالي، أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي إلى إريتريا أخيراً، دليل إضافي على مساعيه لتحييد معارضة دول الجوار الإثيوبي لتشدد مواقف أديس أبابا مع مصر، وإمكانية اشعال صراع واسع النطاق في القرن الأفريقي إذا لجأت مصر في أي مرحلة للخيار العسكري في نزاعها المائي مع إثيوبيا، الذي يمكن أن يشهد حلقات جديدة من التصعيد في المستقبل القريب، عندما تظهر التداعيات الخطيرة للمشروع الإثيوبي.

وتابع، "إثيوبيا في وضع حرج داخلياً، ولا يمكن أن تقف بوجه مصر حالياً، والقاهرة لديها فرص لتحقيق أهدافها بكل الوسائل الممكنة بما في ذلك مواصلة التحرك في مجلس الأمن، ومستقبل حالة الأمن والسلم في القرن الأفريقي أصبحت مرهونة بتصرفات إثيوبيا ومصر، وبطبيعة الحال المجتمع الدولي لن يترك الأمور تنزلق إلى الهاوية، بما يهدد مصالحه، والجميع بات يعلم أن الكرة في ملعب الإثيوبيين بعد أن حققوا كل أهدافهم في بناء السد وبدء ملئه، ومن ثمّ تشغيله".

وزار آبي أحمد خصم بلاده السابق رئيس إريتريا إسياس أفورقي، في زيارة هي الخامسة منذ توقيع اتفاق السلام الذي أنهى عقوداً من الصراع، وذلك بعد أيام من إعلان أسمرة أن نتائج الاتفاق "لم تحقق توقعاتها".

وجاءت زيارة آبي أحمد لإريتريا بعد أيام من زيارة أفورقي للقاهرة والتي تم خلالها "التباحث حول آخر التطورات الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، بخاصةً فيما يتعلق بملفات القرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر وكذلك قضية سد النهضة، حيث تم التوافق على تعزيز التنسيق والتشاور الحثيث المشترك لمتابعة تلك التطورات، وذلك تدعيماً للأمن والاستقرار الإقليمي.

وحذر الرئيس الإريتري من خطورة ما تشهده منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر من تحديات متلاحقة وتدخلات خارجية متزايدة، بما يفرض "تكثيف التعاون والتنسيق مع مصر وقيادتها على خلفية الثقل المحوري الذي تمثله في المنطقة بأسرها على صعيد صون السلم والأمن، مشيداً في هذا الصدد بالمواقف المصرية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، التي انعكست على الدعم المصري الكبير لإريتريا خلال المرحلة الماضية"، بحسب بيان للرئاسة المصرية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات