Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراع وجود بين البرلمان والحكومة في تونس

هل يتم إبعاد حركة النهضة من الحكم وتلتحق بالمعارضة؟

إعلان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ تعديلاً وزارياً (مواقع التواصل)

أزمة سياسية جديدة، تلوح في أفق المشهد السياسي التونسي، بعد إعلان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، رسمياً إدخال تعديل وزاري، على تشكيلة الحكومة، خلال الأيام المقبلة، قد يتم من خلاله، إبعاد وزراء حركة النهضة، التي دعت إلى الدخول في مشاورات لتشكيل حكومة جديدة.

تعديل يتناسب والمصلحة العليا لتونس

ووصف في البيان الصّادر عن رئاسة الحكومة أن التعديل سيكون بما يتناسب والمصلحة العليا للوطن، معتبراً دعوة حركة النهضة إلى تشكيل مشهد حكومي جديد، انتهاكاً صارخاً للعقد السياسي، الذي يجمعها مع بقية الأطراف المشاركة في الائتلاف الحكومي، ومع رئيس الحكومة، واستخفافاً بالاستقرار الحيوي، لمؤسسات الدولة، واقتصاد البلاد المنهك، جرّاء جائحة كورونا".

وأكد وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، محمد عبو، في تصريح صحافي، أن هناك سيناريوهات عدة تتعلق بمستقبل حكومة إلياس الفخفاخ، في الفترة المقبلة، من بينها سيناريو أن تصبح النهضة في المعارضة، مشيراً إلى أن الحكومة تدفع نحو هذا الاتجاه.

قيس سعيد يعتبر المشاورات افتراء

وكان مجلس شورى النهضة المنعقد يوم الأحد 12 يوليو (تموز) 2020 في دورته الـ41، قرّر تكليف رئيس الحركة، راشد الغنوشي، بإجراء مشاورات مع رئيس الجمهورية، والأحزاب والمنظمات الوطنية، للاتفاق على مشهد حكومي بديل، لحكومة إلياس الفخفاخ الحالية.

ومن جهته، قال رئيس الجمهورية قيس سعيد، خلال لقائه رئيس الحكومة والأمين العام للاتحاد العام التونسي للعمل إن الحديث عن مشاورات بشأن تشكيل حكومة جديدة هو من قبيل "الافتراء" وفيه "مغالطة للرأي العام"، مؤكداً أنه لن يقبل بأن يتشاور مع أي كان ما دام هناك رئيس حكومة وحكومة كاملة الصلاحيات.

التعديل إحراج سياسي للنهضة

فهل ينوي فعلاً رئيس الحكومة الياس الفخفاخ إبعاد وزراء حركة النهضة من الحكومة؟ وما هي ضمانات نيل الوزراء الجدد لثقة البرلمان؟

يؤكد الصحافي محمد صالح العبيدي، في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، أن التعديل الوزاري المنتظر، فيه إحراج لحركة النهضة، من أجل إعادة ترتيب التحالفات السياسية على قاعدة تجميع خصوم حركة النهضة، في تشكيلة حكومية، تضمن لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ كسب الوقت سياسياً، وتخفيف الضغط إثر ظهور قضية تضارب المصالح، وهو يتجه نحو إعفاء الشخصيات الوزارية المرتبطة بمكتب الغنوشي، مثل وزير النقل أنور معروف، ووزير الرياضة أحمد قعلول.

في المقابل، لن تكون أمام حركة النهضة خيارات كبرى، أو أوراق جادّة تلعبها في المعارضة، مضيفاً أنها قد تقبل طواعية البقاء في الحكومة بالشروط الدنيا، لأن قبول النهضة بالمعارضة يعني فتح العديد من الملفات الحارقة، التي ارتبطت بممارساتها السياسية منذ 2011، فالنهضة تعلم أنها غير قادرة على تكوين وفاق حكومي جديد، بخاصة مع تردّد حليفها "قلب تونس"، ونفور المنظمات الوطنية من حليفها الراديكالي ائتلاف الكرامة.

التعديل الحكومي من صلاحيات رئيس الحكومة

من جهتها، أوضحت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، في تصريحات صحافية تعليقاً على بيان رئاسة الحكومة، أن التعديل الوزاري الذي يعتزم رئيس الحكومة إجراؤه في الأيام المقبلة، من خلال إعفاء وزراء حركة النهضة، يحيل إلى إمكانية أن يحتكم رئيس الحكومة إلى الدستور من دون سواه، وألا يمر بالبرلمان لمنح الثقة للأعضاء الجدد، مضيفة أن الفرضية الثانية، هي أن يتولى إعادة توزيع الوزارات وإسناد حقائب وزارية بالنيابة لوزراء موجودين بالحكومة، ما يعفيه من المثول أمام البرلمان لنيل الثقة.

تجدر الإشارة إلى أن الفصل 92 من الدستور، يمنح رئيس الحكومة، صلاحية إنشاء وزارات أو حذفها أو إعفاء وزراء أو قبول استقالتهم، بالتشاور مع رئيس الجمهورية، بخصوص وزيري الخارجية والدفاع، وإعلامه بالقرارات المتخذة بخصوص التحوير الوزاري المتعلق بالحقائب الأخرى.

النهضة تعتبر البيان الحكومي انقلاباً

في المقابل، أكد عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة خليل البرعومي أن مجلس شورى حركة النهضة سيجتمع مساء اليوم الثلاثاء لاتخاذ القرار المناسب بعد بيان رئاسة الحكومة، مشيراً إلى أن الحركة ستتحرك في إطار الآليات الدستورية، موضحاً أن حركة النهضة منتخَبة وليست مسقطة على المشهد السياسي، وعلى هذه الحكومة وهي (النهضة) من منحت هذه الحكومة الثقة.

واعتبر بيان رئاسة الحكومة انقلاباً وخطراً على تونس وتشبثاً بالمنصب من قبل رئيس الحكومة، داعياً إياه للحفاظ على مصلحة تونس، وتسوية وضعيته أمام القضاء، في إشارة إلى شبهة تضارب المصالح المتهم بها الفخفاخ.

وكان محمد عبو وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، أكد أنه إذا ثبت أن لدى رئيس الحكومة، تضارب مصالح، سيعلم بها الرأي العام في الأيام المقبلة، وسيكون التيار الديمقراطي أول من ينادي بالإقالة.

هل تسحب الثقة من راشد الغنوشي؟

في غضون ذلك، تتفاعل الأزمة داخل البرلمان بعد تجميع 73 توقيعاً، لتمرير لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، وتضم القائمة نواب "كتل الديمقراطية"، و"الإصلاح الوطني"، و"تحيا تونس" و"الكتلة الوطنية".

وأكد رئيس الكتلة الديمقراطية هشام العجبوني، أن سحب الثقة من رئيس البرلمان يعود إلى إدارته السيئة والكارثية لمجلس نواب الشعب، مشيراً إلى وجود ضغوط بمنطق الترهيب ضد عدد من النواب لمنعهم من التوقيع على عريضة سحب الثقة من الغنوشي مقابل تقديم وعود بتمكينهم من المشاركة في الحكومة المقبلة، إضافة إلى ابتزاز بعض النواب الآخرين مضيفاً أن النهضة تسعى بكل ثقلها لمنع تمرير عريضة سحب الثقة.

"داعشي" في البرلمان

وشهد البرلمان اليوم حالة من الفوضى بعد اعتلاء نواب كتلة الدستوري الحر، بقيادة عبير موسي رئاسة المجلس، مما اضطر رئيسة الجلسة (النائبة الثانية) سميرة الشواشي إلى رفع الجلسة.

وتأتي هذه الخطوة من نواب الدستوري الحر في إطار التصعيد، على إدخال ما اعتبروه "داعشياً"، على حد تعبيرهم، إلى البرلمان من قبل سيف الدين مخلوف الناطق الرسمي باسم ائتلاف الكرامة.

وكان الدستوري الحر في وقت سابق، طالب رئاسة المجلس بما سموه "إيقاف العنف السياسي للنائب سيف الدين مخلوف"، ما أثار مشاحنات وحرب تصريحات بين الطرفين.

في المقابل، تسود المشهد السياسي في تونس أزمات سياسية معقدة، تتداخل فيها مؤسسة البرلمان ومؤسسة رئاسة الحكومة ويبقى الحل بيد رئيس الجمهورية المتمسك بالدستور، فهل يتم تغيير المشهد برمّته في الأيام المقبلة؟ بالنظر إلى توتر العلاقة بين حركة النهضة ورئيس الجمهورية.

المزيد من متابعات