Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مستشفيات دلهي "على شفا الانهيار" مع ارتفاع إصابات كورونا

الأطباء يدعون إلى فرض حجر جديد من أجل إعطاء المراكز الصحية "بعض المجال للتنفس"

لأنها تقطن بلداً مثل الهند يفرّق بوضوح بين القادرين على تحمّل تكاليف الرعاية الصحية الخاصة من جهة، والعاجزين عن ذلك  من جهة أخرى، حسِبت عائلة لاخجيت سينغ أنها تمتلك الإمكانيات الماديّة التي تسمح لها بتلقّي أفضل علاج ممكن في ظلّ جائحة فيروس كورونا.

لذلك، حين بدأ صاحب المؤسسة التجارية من دلهي البالغ من العمر 68 عاماً يشعر بارتفاع حرارته في آخر شهر مايو (أيّار)، وحتّى عندما بيّن الفحص إصابته بكوفيد-19 بعد ستة أيام من ذلك، لم "تُذعر (العائلة) فعلياً"، كما يقول زوج ابنته مانديب سينغ لـ"اندبندنت".

لكن بعد مرور ثلاثة أيّام، حين وصلت حرارة لاخجيت إلى 38 درجة مئويّة، وبدأت أسرته بإجراء اتصالات هاتفية محمومة بالمستشفيات، تسلّل الخوف إلى قلوبهم. وجالوا بالسيارة على أفضل مرافق الرعاية الصحية في دلهي- وهي الأفضل في كل الهند- لكنها رفضت استقبالهم واحداً بعد الآخر. وفيما كان الأطبّاء في سادس مستشفى يرفض السماح للعائلة بإدخاله إليه، فقد الرجل وعيه، وفارق الحياة بعد ذلك بربع ساعة.

وفرض رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في 24 مارس (آذار) أحد أبكر وأقسى تدابير الإغلاق (الحجر) في العالم للحد من انتشار كوفيد-19، لكنه اضطر بحلول مايو أن يبدأ رفع القيود مع ترنّح الاقتصاد تحت وطأتها.

ومع عودة التجمعات الدينية وإعادة فتح المطاعم، والمراكز التجارية منذ أوائل يونيو (حزيران)، أخذت أعداد الإصابات بفيروس كورونا تتزايد باطراد لتبلغ ذروتها مع نحو 4 آلاف حالة جديدة يومياً بتاريخ 23 يونيو.

وفيما جعلت هذه الأرقام المتزايدة من دلهي أكثر الأماكن تأثراً بالعدوى في الهند كاملةً، أصرّت حكومة الولاية على نفي الحاجة إلى فرض إغلاق جديد، وأظهر تطبيقها الإلكتروني الخاص لإيجاد أسرّة شاغرة في المستشفيات توفّر كثير منها.

لكن واقع الأمر بالنسبة لمرضى مثل لاخجيت سينغ، وعشرات غيره من الذين أجّجت قصصهم الغضب في وسائل الإعلام الهندية، هو أن نظام الرعاية الصحية في البلاد يتهاوى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الدكتور سوميت راي، رئيس قسم العناية الحرجة في مستشفى العائلة المقدسة في جنوب شرق المدينة الذي يتّسع لـ350 سريراً "نحن على شفير الانهيار".

وفي دلهي ما يقارب 1900 سرير للعناية المركّزة بالإجمال، وقد امتلأت كلها بمرضى فيروس كورونا فور إتاحة الفرصة لوضعهم فيها كما يقول الدكتور راي.

وفي كل أنحاء الهند، تباهت حكومات الولايات بما فيها دلهي، بزيادة عدد الأسرّة خلال الحجر عبر تحويل القطارات، وقاعات الاحتفال، والفنادق، والمراكز الرياضية إلى مستشفيات مؤقتة. لكن في غياب الخبرة، والأجهزة المتخصّصة مثل أجهزة التهوية والتنفس، أو أجهزة المدّ بالأوكسجين التي توفّرها أسرّة العناية المركّزة، لا تساعد هذه الإجراءات من يعانون من حالات أكثر خطورة.

ويقول الدكتور راي "عندما يبلغ الأمر أشدّه مع كوفيد، أنت بحاجة للعناية المركّزة لأن المرضى يموتون بشكل أساسي بسبب فشل الجهاز التنفسي. ومجرّد زيادة (عدد) أيّ نوع من الأسرّة لا قيمة له في ظلّ هذا الوضع".

"بلغنا الحد الأقصى لقدرتنا الاستيعابية. وإذا زاد معدل الإصابات قليلاً بعد، سوف ننهار، وسوف تقفز بعدها حصيلة الوفيّات بشكل هائل لأننا إن لم نستطع أن نوفّر جهاز تنفّس صناعي لمريض يحتاج إليه، سيموت". 

ويبرّر نقص أسرّة العناية المركّزة سبب رفض المستشفيات استقبال حالات حرجة مثل حالة لاخجيت سينغ، مع أنّ تطبيق حكومة دلهي يشير إلى احتمال وجود مئات الأسرّة الشاغرة في المستشفيات.

ويعتقد زوج ابنته أنّه بالنسبة إلى الأطباء الذين رفضوا استقبالهم "كانت نيّتهم عدم استقبال إصابات حرجة بكوفيد، كي لا تزيد أعداد (الوفيات) عندهم". 

ويقول مانبريت "فقدنا الثقة بالنظام كلياً. فالحكومة، وكامل نظام الرعاية الصحية فشلا في بناء نظام يقول للناس 'نعم، قد تصابون، لكننا سنكافح العدوى'. لا أعلم هل عليّ أن أسمّيها خيانة، أو فقدان ثقة، لكنني أظن الوضع خطيراً جداً لأنك تعلم أنه مهما اشتدّ بك المرض، لن يقبل المستشفى استقبالك".

وسلّطت الأنظار في البلاد على حالة لاخجيت سينغ بعد أن غردت على تويتر ابنته أماربريت كاوور البالغة من العمر 38 عاماً عن تدهور وضع أبيها الصحي مع توالي الأحداث. وعند الساعة التاسعة من صباح الرابع من يونيو، كتبت في آخر تغريدة لها "لقد فارقنا. خذلتنا الحكومة"، وهي رسالة تشاركها عشرات الآلاف من الأشخاص.  

وقال زوجها مانبريت إنه اتّضح لاحقاً أنّ بعض المستشفيات كانت قادرة فعلاً على إدخال بعض أفراد عائلاتهم- إذ تبينت إصابة اثنين منهم بعد احتكاكهم بلاخجيت- بعد أن أظهر أشخاص لديهم علاقات سياسيّة اهتماماً بقضيتهم.

وتعالت الاحتجاجات الشهر الماضي عندما أقرّ مستشفى كارناتاكا الحكومي أنه حجز نحو 100 سرير "فاخر" لأي نائب أو سياسي محلي، أو مسؤول كبير قد يصاب بكوفيد-19، لكن مانبريت يقول إنهم "على الأقل صريحون بشأن الموضوع". 

ويضيف "يبدو أن هناك قاعدة غير معلنة تقول إنّ أسرّة المستشفيات سوف تُحجز كي تُعطى لطبقة معيّنة من الناس فحسب. لن تساعدك أموالك لكن إن كنت محظوظاً، قد تساعدك علاقاتك".

ومنذ 23 يونيو، بدأت أعداد الإصابات اليومية الجديدة في دلهي بالتراجع، وبلغت حصيلتها يوم الخميس 2008 حالات. واعتبر نائب كبير وزراء العاصمة مانيش سيسوديا أنّ ما تشير إليه البيانات، التي تظهر في إطار ارتفاع عدد الفحوصات، هو أنّ بعض الأحياء قد طوّر نوعاً من "مناعة القطيع".

لكن الدكتور راي يعتقد من جهته بضرورة فرض حجر محلي جديد في العاصمة "لإفساح المجال أمام التخفيف عن نظام الرعاية الصحية" مشيراً إلى أن هذا ما فعلته بعض المدن الكبرى الأخرى مثل تشيناي بعد تزايد أقل بكثير في أعداد الإصابات. 

 

ويقول إن العودة إلى تطبيق قرار ملازمة المنازل لمدة أسبوعين سيعطي الحكومة الوقت كي تعزز القدرة الاستيعابية للمستشفيات وتنقذ الأرواح. "أظننا بحاجة لأسبوعين على الأقلّ، وعندها، إن بدا فعلاً أنّ الأمور تحت السيطرة يمكننا رفع الحجر عن المدينة. (وفي هذه الأثناء) يجلبون المزيد من أجهزة التنفس، والمزيد من الأوكسجين، ويزيدون قدرة نظام الرعاية الصحية على التعامل مع الوضع".

لكن الدكتور ديباشيس دار، أحد كبار مستشاري العناية الحرجة في مستشفى سير غانغا رام Sir Ganga Ram Hospital لا يؤيّد هذا الرأي، على الرغم من إقراره بأنّ قسم العناية المركّزة في المستشفى "ممتلئ" وبأنّه يرى أعداداً كبيرة من المرضى منذ أوائل يونيو. حصل لاخجيت سينغ من مستشفى سير غانغا رام على نتيجة فحصه التي أكّدت إصابته بالمرض، وتقول الأسرة إنها لم تعد قادرة بعدها على التواصل مع أطبائه على الرغم من قيامها بعدة محاولات عبر الهاتف. 

ويعتبر الدكتور دار أنّ الأساس هو محاربة الوصمة المحيطة بعلاج مرضى كوفيد-19، في ظلّ التغطية الإعلامية المكثفة للجائحة، والإغلاق الوطني غير المسبوق اللذين زرعا "الخوف" في أوساط العاملين في المستشفى.

ويقول "إنّ معدل الوفيات بهذه الجائحة أقل بكثير مما شهدناه مع إنفلونزا الخنازير (H1N1) في العام 2009، لكن الاضطراب والخوف المرتبطان بها هذه المرة لا مثيل لهما. نسمع كل يوم عن وفاة هذا الطبيب أو تلك الممرضة، وهو الخبر الذي يتصدّر الأنباء في كل المحطات وكل الصحف".

"ولهذا السبب قد تكون الرعاية تضررت، أو تتضرّر في كل مكان. حدث تحوّل في النظام بحيث أصبح الناس مهتمون بسلامتهم الشخصية أكثر من اهتمامهم بالرعاية التي يقدمونها للمرضى".  

"هذا مصدر خجل لنا جميعاً". 

بالنسبة لعائلة لاخجيت سينغ، جعلتها التجربة التي مرّت بها خلال الأسابيع الماضية تتعهّد بعدم وضع حياتها بين يديّ نظام الرعاية الصحية في دلهي أبداً. وقد اشترى أفرادها الأدوية، والتجهيزات، وأنابيب الأوكسجين- "كل شيء ما عدا جهاز التنفس" وجهّزوا "مستشفى منزلياً" خاصاً بهم.

وعلّق مانبريت قائلاً "نسي نظام الرعاية الصحية وجودنا. أعتقد أنّ كل بلد يتفاعل مع الموضوع بطريقة مختلفة، والهند تتفاعل معه بهذه الطريقة، عبر إبعاد الناس. إن تفوّهت بكلمة كوفيد تخسر فجأة مكانتك في النظام أو المجتمع. نشعر بأننا لا نستطيع الاعتماد على نظام الرعاية الصحية- لذلك فلنفعل كل شيء بأنفسنا".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير