دخلت الاحتجاجات في السودان شهرها الرابع، وأحتشد الاثنين 18 مارس (آذار) مئات المحتجين في عدد من أحياء العاصمة، فرّقتهم السلطات باستخدام الغاز المسيّل للدموع.
ودعا "تجمع المهنيين السودانيين" الطلاب الجامعيين للمشاركة في الاحتجاجات الثلثاء تحت عنوان " شهداء الحركة الطلابية". غير أن تلك الدعوة لم تنجح في استقطاب أعداد كبيرة من الطلاب، نسبة لإغلاق غالبية الجامعات الحكومية، منذ ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وبث ناشطون صوراً لتظاهرة الطلاب في جامعة ابن سيناء بالخرطوم، وإطلاق السلطات للغاز المسيل للدموع داخل الحرم الجامعي.
وشهدت أحياء متفرقة من مدينة أم درمان احتجاجات مسائية مطالبةً برحيل الرئيس عمر البشير، وردد المحتجون شعارات "حرية سلام وعدالة" و "الثورة خيار الشعب"، و"سلمية سلمية، ضد الحرامية".
ويشهد السودان منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018 احتجاجات متواصلة في غالبية المدن، هي الأكبر منذ وصول الرئيس البشير إلى السلطة، وأسفرت حتى الآن عن سقوط 32 قتيلاً وفق آخر إحصاء حكومي، و51 وفق منظمة العفو الدولية.
اجتماعات المعارضة
بالتزامن مع الاحتجاجات، انطلقت في العاصمة الفرنسية باريس، الاثنين، اجتماعات تحالف نداء السودان المعارض، وأحد التحالفات الثلاثة الموقعة على إعلان الحرية والتغيير الذي طرحه "تجمع المهنيين السودانيين" مطلع العام الحالي والداعي إلى اسقاط النظام.
وأثارت اجتماعات نداء السودان في باريس التي تستغرق ثلاثة أيام جدلاً كثيفاً محلياً، إذ وجه إليها البعض انتقاداً بأنها ستناقش خيارات وحلولاً لحالة الاحتقان السياسي الذي يشهده السودان، وهو ما يتعارض مع إعلان"الحرية والتغيير" الرافض أي مشاورات مع الحكومة الحالية، ولا يرى حلاً لمشكلة السودان، غير ذهاب النظام الحالي. وعلى الرغم من أن مكونات من التحالف مثل حزب الأمة والمؤتمر السوداني، أكدت التزامها خيارات المحتجين، فإن النقد الموجه إليها لم يتوقف.
ويضم تحالف نداء السودان عدداً من الأحزاب السياسية، أبرزها حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي الذي يترأس التحالف وحزب المؤتمر السوداني، والحركة الشعبية لتحرير السودان- قطاع الشمال برئاسة مالك عقار، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، و"حركة تحرير السودان" بقيادة مني أركو مناوي.
وما عزز حجة النقد لتلك الاجتماعات دعوة مجموعة "القانون العام والسياسة الدولية الأميركية"، وهي شركة قانونية تتبع المبعوث الأميركي السابق لدولتَي السودان وجنوب السودان، برينستون ليمان، المعروف محلياً بعراب التسوية السياسية في السودان، إلى أحزاب ومجموعات معارضة للمشاركة في الاجتماعات، تعقد على هامش اجتماعات تحالف نداء السودان.
واعتبرت القوى الرافضة أن هذه اللقاءات ما هي إلا محاولة لإعادة تجديد شكل النظام الحالي، وإيجاد تسوية سياسة لا تعبّر عن تطلعات المواطنين.
نداء السودان يوضح
واعتبر تحالف "نداء السودان"، في بيان أن اجتماعاته تأتي في إطار دعم الحراك الثوري، ووحدة العمل المعارض وتفعيل العمل المشترك على المسارات كلها حتى وصوله إلى غايته بنظام جديد يكفل الحريات ويحقق السلام والعدالة والديمقراطية.
ووفق بيان صادر عن التحالف، " قدم الأمين العام لنداء السودان مني أركو مناوي تقريراً عن الأوضاع في البلاد، وتقرير الموقف السياسي قدمته نائب الأمين العام لنداء السودان مريم الصادق المهدى".
وأوضح أن الاجتماعات "ستقوّم الوضع السياسي وخطط تطوير العمل في اتجاه دعم الثورة، بتعزيز وحدة قوى إعلان الحرية والتغيير، والانتقال إلى مخاطبة عدد من القضايا التي توسع الثورة وتساعد فى تمددها أفقياً وعمودياً".
اتصال الحكومة بمعارضين
في إطار محاولة الحكومة إنهاء حالة الاحتقان التي تشهدها البلاد، أعلن المتحدث باسم الحكومة، حسن إسماعيل، أن الحكومة ظلت تتواصل مع كل المعارضين لاقتناعها بأهمية الحوار في الوصول إلى حلول لكل مشكلات البلاد.
وأكد في تصريحات بثّتها قناة مقربة من الحكومة، أن التواصل مع الصادق المهدي لم ينقطع حتى إبان دعم المهدي الاحتجاجات، إلى جانب الاتصالات مع الحركة الشعبية وجبريل إبراهيم.
وأشار إلى أن الذين اعتقلوا إبان التظاهرات قابلوا مسؤولين كباراً في الدولة وتمت بين الطرفين تفاهمات جيدة تحتاج إلى إرادة حتى تنزل إلى أرض الواقع.
أضاف أن الحوار مع المعارضة مطلوب، وما دامت رؤيتها موضوعية فهذه الرؤية ليست مرفوضة.
ورأى إسماعيل أن المعارضة الآن في وضع إعلامي أفضل، ولذلك من الأفضل أن تأتي للتفاوض والحوار، لأن الحملة الإعلامية قد تنحسر. وفي المقابل تنحسر الاستجابة الشعبية.