في الوقت الذي لا تزال فيه مصر تسجل إصابات مرتفعة يومياً بفيروس كورونا، دون "توقع محدد لذروة الوباء" بعد، وفق التصريحات الرسمية للدولة، أقرت الهيئة الوطنية للانتخابات في البلاد إجراء انتخابات مجلس الشيوخ بها في 11 و12 أغسطس (آب) المقبل.
وفيما أعلن لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، أن "إجراء الانتخابات في ظل هذا الوباء الذي يجتاح العالم يتوجب علينا اتخاذ تدابير وإجراءات احترازية عدة لوقاية أنفسنا ومجتمعنا"، يتخوف مراقبون من ارتفاع عدد الإصابات في بلد تخطت حصيلته الإجمالية للمصابين حاجز الـ77 ألف إصابة، بينها نحو 3489 وفاة.
وللمرة الأولى يتم انتخاب مجلس الشيوخ، بعدما نصت التعديلات التي أدخلت على الدستور المصري العام الماضي على إنشائه على أن يتألف من 300 عضو، ليصبح الغرفة الثانية بالبرلمان إلى جانب مجلس النواب. ويتم انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ بينما يعين الرئيس المصري بقية الأعضاء.
احترازات وتدابير صحية مشددة
بحسب ما أعلنه لاشين، في مؤتمره الصحافي الذي بثه التلفزيون الرسمي، فإنه في ظل الوباء الذي يجتاح العالم، ستتخذ السلطات كافة التدابير والإجراءات الاحترازية، معلناً، أن جميع مراكز الاقتراع ستلتزم بالإرشادات الصحية، مع مطالبة جميع الناخبين وموظفي الاقتراع بوضع الكمامات، كما سيتم تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي، موضحاً أن نتائج الانتخابات ستعلن في 19 أغسطس.
ووفق تأكيد مصدر مسؤول باللجنة العليا للانتخابات في تصريحات خاصة، فإن "هناك تنسيقاً على أعلى المستويات بين كافة المؤسسات بالدولة لتطبيق كامل الإجراءات الاحترازية والوقائية خلال العملية الانتخابية"، قائلاً، "العالم اتجه بالكامل نحو فكرة التعايش مع الوباء مع تطبيق الإجراءات والتدابير الصحية لحماية أرواح المواطنين".
ووفق توضيح المصدر، فإن "عملية التصويت ستتم في ظل إجراءات صحية صارمة منعاً لتفشي فيروس كورونا".
وسيفتح باب طلبات الترشح لخوض انتخابات مجلس الشيوخ، وفق لاشين إبراهيم اعتباراً من السبت 11 يوليو (تموز) الحالي، حتى السبت 18 من الشهر ذاته، مشيراً إلى أن عملية التصويت للمصريين بالخارج ستُجرى يومي الأحد والاثنين 9 و10 أغسطس، بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية.
شبح كورونا يخيم على الاستحقاق الانتخابي
مع تسجيل مصر أرقاماً مرتفعة لتعداد المصابين بالوباء بعد تسجيل أولى الحالات بها منتصف فبراير (شباط) الماضي، أخبرنا مراقبون عن تخوفهم من "أي تهوين في الإجراءات الصحية وقت إجراء استحقاق مجلس الشيوخ الانتخابي ما قد يؤدي إلى مضاعفة أعداد المصابين".
وقال النائب البرلماني محمد أبو حامد، "لا شك أن أي تهاون في الإجراءات الإحترازية قد يمثل خطورة على الناخبين والمصوتين خلال العملية الانتخابية". معبراً عن اعتقاده باختفاء الأجواء الكلاسيكية خلال مرحلة المنافسة بين المرشحين، فيما يتعلق بالحشود والمؤتمرات الانتخابية التي كانت تشهدها البلاد في مراحل ما قبل "زمن كورونا".
وذكر أبو حامد، "أن عدم وجود لقاح فعال ونهائي إلى الآن يعالج المرض يفرض علينا دائماً اتباع الإرشادات والإجراءات الصحية من لبس الكمامات وتطبيق التباعد الاجتماعي، لكن علينا ألا ننسى في الوقت ذاته ضرورة سير الحياة في طبيعتها وعدم توقفها بسبب المرض". وتابع، "نعول على تأكيد السلطات للتطبيق الصارم للإجراءات الإحترازية، وليس هناك مفر من المضي قدما في الانتخابات والاستحقاقات".
من جانبه، يرى عمرو الشوبكي، الباحث والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تكون نسبة المشاركة في العملية الانتخابية ضعيفة بالمطلق، قائلاً، "بعكس أي استحقاق انتخابي عاشته أو تعيشه مصر، تخبرنا التجربة التاريخية أن انتخابات الغرفة الثانية من البرلمان (الأولى هي مجلس النواب) دائماً لا تستحوذ على اهتمام الناخبين"، في إشارة إلى انتخابات مجلس الشورى سابقاً، الذي ألغي بموجب التعديلات الدستورية في عام 2014، وتابع، "تفاعل المواطن أو الناخب يكون أكثر زخماً خلال استحقاقات مجلس النواب وانتخابات الرئاسة والاستحقاقات المتعلقة بالدستور وغيرها". مضيفاً، "أن تزامن العملية الانتخابية مع تفشي الوباء قد تدفع الكثيرين للإحجام عن المشاركة في الانتخابات".
ويتخوف الشوبكي، من أن تشهد العملية الانتخابية ذات الدرجات من التسيب في تطبيق الإجراءات الاحترازية التي شهدتها الشوارع المصرية خلال الفترات الماضية، قائلاً، "هناك تهاون ملحوظ من قبل المواطنين في تطبيق الإجراءات الوقائية فضلاً عن تهاون مقابل في تفعيل القوانين المتعلقة بهذا الشأن من قبل السلطات، وأغلب التقديرات للاستطلاعات غير الرسمية تقول إن الأعداد الحقيقية للمصابين في مصر تمثل أرقاماً أكبر من الأرقام الرسمية التي تعلنها وزارة الصحة، وهو ما يوحي بمزيد من القلق".
وتقول وزارة الصحة المصرية، إنه منذ انتشار الوباء في منتصف فبراير (شباط) الماضي، سجلت البلاد 77279 حالة إصابة، بينهم 21718 حالات تم شفاؤها، و3489 حالة وفاة، وفق أحدث الإحصاءات الرسمية التي أعلنتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ماذا نعرف عن مجلس الشيوخ؟
وفق المسمى الجديد للغرفة الثانية للبرلمان (مجلس الشيوخ) فإنه وللمرة الأولى تشهد مصر مثل هذه الغرفة البرلمانية، أما وفقاً للصلاحيات والوظائف، يتشابه "الشيوخ"، مع ما كان يعرف سابقاً مجلس الشورى، الذي تم إلغاؤه بموجب التعديلات الدستورية لعام 2014.
وبحسب نواب وبرلمانيين، فإن استعادة "مجلس الشيوخ" من جديد استدعته الحاجة إلى الخبرات والكفاءات التي تكون بهذا المجلس، حيث تحال إليه القوانين قبل إرسالها إلى مجلس النواب لدراستها وإبداء الرأي فيها، وهذا بدوره يخفف العبء عن كاهل مجلس النواب. معتبرين أن تجربة الغرفة التشريعية الواحدة (مجلس النواب) لم تثبت جدارتها.
وبحسب مقاربة "اندبندنت عربية"، للمهام الوظيفية والصلاحيات التي كانت بيد (مجلس الشورى سابقاً) وتلك التي ستؤول لمجلس الشيوخ، وفق بنود قانون تأسيسه، لا توجد فروق وظيفية بينهما، فكلاهما تحال إليه القوانين من مجلس النواب ومن رئاسة الجمهورية، وكذلك مناقشة القوانين المكملة للدستور والقوانين الخاصة بتحسين الحياة المعيشية للمواطنين، وهذه هي الاختصاصات السابقة نفسها لمجلس الشورى الذي أنشئ للمرة الأولى عام 1980 في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وكان مقر مجلس الشورى سابقاً بجوار مجلس النواب وسط العاصمة المصرية القاهرة، وبالقرب من ميدان التحرير، الميدان الأشهر في البلاد، إذ كان يتخذ من أحد القصور التاريخية، ذي الطوابق الثلاثة الذي بني في عهد الخديوي إسماعيل عام 1866، مقراً له.