Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل الحزب الجمهوري بقيادة ترمب محافظ أصلا؟

رفض أعضاء فيه الوقوف ضد التدخل الروسي في الانتخابات وليس كل من ينطق عبارة "ليبارك الرب أميركا" يقصد معناها

غادر الحزب الجمهوري كثيراً من تقاليده منذ أمسك ترمب بقيادته (تويتر)

إذا كان عليك أن تكتب المبادئ الأساسية للتيار المحافظ على ظهر علبة سجائر، فإن السيادة الوطنية ستكون بالتأكيد مجرد خربشة، لأن أبسط جملة للتعبير عنها ستكون "دعونا لا نسمح للقوى الأجنبية بالتدخل في انتخاباتنا". وينطبق هذا خصوصاً على حزب سياسي جعل من قوت يومه التلويح بالعلم والصراخ بالحرية. في المقابل، بعد الكشف عن "صفقة الغرفة الخلفية" الأخيرة لأعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، أصبح من الإنصاف القول للكثيرين إن حبكم للبلاد ليس سوى احتيال.

قبل أيام، ألغى الجمهوريون في مجلس الشيوخ جزءاً من قانون "تفويض الاستخبارات" Intelligence Authorization Act الذي يفرض على الحملات الرئاسية الإبلاغ عن كل المحاولات من قِبَلْ كيانات أجنبية للتدخل في الانتخابات الأميركية. ولفت السيناتور مارك وارنر (وهو ديمقراطي من فرجينيا) المؤيد لهذا التشريع، إن عملية الإعدام تلك التي جرت خلف أبواب مغلقة كانت مشروطة بتمرير قانون "تفويض الدفاع الوطني"  National Defense Authorization Act (NDAA) الذي يُناقَش في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع.

ليست هذه المرة الأولى التي يجري فيها إحباط هذا التشريع من قبل أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، على الرغم من أنه يحظى بدعم الحزبين في "لجنة الاستخبارات" داخل المجلس، التي يعد وارنر الديمقراطي البارز فيها. وفي خطاب يشوبه الإحباط في مجلس الشيوخ، شدّد وارنر على أن روسيا تخطط للتدخل في الانتخابات المقبلة، واتهم كبار الجمهوريين بكونهم أكثر اهتماماً بتلقي إشادات ترمب على "تويتر"، من حماية الولايات المتحدة.

وكذلك نفى صحة الادعاءات القائلة بأن رفض مشروع القانون جاء بسبب نزاعات حول اختصاص اللجنة. وتعهد أيضاً بإضافة التشريع كتعديل، بغية إرغام المشرّعين الجمهوريين الذين أرادوا استبعاده، على التعبير عن موقفهم ذلك أمام الملأ. وتساءل وارنر "هل أنتم مع الأمن الانتخابي، أم أنكم مع السماح للكيانات الأجنبية بالتدخل وتقديم المساعدة، من دون الحاجة إلى الإبلاغ"؟

أعتقد أننا نعرف بالفعل الإجابة على هذا. دعونا لا ننسى أنه في 2019 التف الديمقراطيون حول تعهد بعدم استخدام معلومات جرى اختراقها، ضد خصومهم في انتخابات 2020، فيما رفضت حملة ترمب و"اللجنة الوطنية الجمهورية" الاقتداء بذلك.

في 2016، حذّر محافظون ينتمون لحملة "أبداً ترمب" Never-Trump من أن الرجل "ليس محافظاً وغير مؤهل". ولعلّ الإشكال الأول يحظى بأقل قدر من الاهتمام في وسائل الإعلام الرئيسة، على الرغم من أهميته. وإذا لم يكن الزعيم المحافظ محافظاً بالطريقة المثلى، فما الجدوى من وجوده غير كونه مطيّة للسياسيين المحترفين الذين، بعد أن ربطوا مصيرهم بمصيره، يمكن أن يرتدوا نفس ثوب الخيانة الخاص به؟ وفي هذا الصدد، ليس مهماً إذا كان المرء يتفق أم لا مع سياسة "أميركا أولاً" من الأساس، لأن تلك الفكرة قد فشلت من تلقاء نفسها داخل قيادة الحزب الجمهوري، إذ لا أحد هناك يضع الدولة قبل الحزب.

إننا نسمع الكثير عن الفضائل التي يتبجح بها اليسار، المتمثلة في الهوس بالرموز والكلام الرخيص. لكن لليمين نسخته الخاصة [من تلك الأشياء] منذ زمن بعيد وتتمثل في الوطنية الزائفة. فمن بين كل الأساليب التجميلية السهلة التي يمكن أن يختارها الجمهوري، يأتي التلويح بالعلم في المقدمة. والآن يفضح هذا الفشل الأخير في حماية الوطن زيف هذه الرمزية باعتبارها أسلوباً للاحتيال. ومثلما يستطيع أي شخص (ربما باستثناء مايك بنس) أن يقول إن "حياة السود مهمة" من دون النهوض بعمل هادف، فإن عبارة "ليبارك الرب أميركا" تشكّل تبجحاً سهلاً بالفضيلة من قبل الجناح اليميني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

واستطراداً، بالنظر إلى أن الوطنية مبدأ أساسي في فكر التيار المحافظ، فإن هذا الفعل الأخير [إلغاء جزء من قانون تفويض الاستخبارات] ينزع الأهلية تلقائياً عن جزء كبير من مجلس الشيوخ الجمهوري، بغض النظر عن الجدالات الأيديولوجية مع الديمقراطيين.

بالنسبة لكل شخص ولد في ظل "الحرب الباردة"، من الصعب تخيّل زمن كانت فيه الولايات المتحدة بهذا القدر من المهانة إلى حدّ أنها لا تستطيع منع التدخل الروسي في الانتخابات، من جميع النواحي. وعلى الأقل يجب أن يجرح ذلك كبرياء الجمهوريين.

في خطابه أمام مجلس الشيوخ، أعرب وارنر عن أسفه، مشيراً إلى أنه لو حدث [ذلك الإلغاء]، "في زمن آخر، مع رئيس آخر، ما كان لهذا القانون أن يكون مثار جدل على الإطلاق". في المقابل، تكمن المشكلة في أن كثيراً من الجمهوريين المحترفين قد اختُبرت مبادئهم وتبين أنها ناقصة. ويعود السبب في ذلك إلى أن ترمب يلاحق المعارضين داخل حزبه بالنار والغضب، ويصفهم بـ"حثالة البشر"، من سخرية القدر، بالطريقة نفسها تماماً التي يصف فيها جهاز الدعاية الخاص بصديقه كيم جونغ أون، المنشقين الكوريين الشماليين. وبعد انبطاحهم في الغالب، يمكن للجمهوريين في الكونغرس أن يتحملوا مسؤولية إخفاقاته [ترمب].

في سعيهم لحماية ترمب يواصلون التزام الحذر، على الرغم من أن كثيرين منهم يرفضون سراً أفعاله. إن أرقام استطلاعاته متشائمة حالياً، لكنهم يعوّلون على ارتدادها صعوداً. وسعياً إلى تحقيق ذلك، سنراهم يُكثرون من الوطنية الزائفة.

ومع اقتراب موعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، ستخوض القيادة الجمهورية السباق الانتخابي، على غرار ما يفعل الجمهوريون عادةً، على أرضية برنامج يدعي أن "الديمقراطيين يكرهون أميركا". ولتوضيح تصريحات ترمب سينشرون صور المباني الملتهبة ولقطات فيديو المتاجر المنهوبة. سوف يلعبون هذه الورقة، على الرغم من فشلهم في لعبة المواطنة الأساسية التي تمثل الولايات المتحدة فيها دولة ذات سيادة يجب أن تقرر انتخاباتها الخاصة.

ستنفع هذه الورقة مع كثيرين، إذ لا يزال الملايين يحبون هذا الرئيس. وبالنسبة إلى عدد أكبر من الأشخاص، فإن وضع الاسم الصحيح على الشارة سيجلب الفوز، فيما سيبقى العَلَمُ علماً حتى لو وُضِعَ على رمال متحركة.

© The Independent

المزيد من آراء