Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميليشيات طرابلس تترنح... هذا ما فعله الجيش والحكومة

يبدو أن الحكومة أعدت خططاً لإضعاف دور الميليشيات من خلال ضرب بعضها ببعض، كما حدث في المواجهات التي شهدتها منطقة جنوب شرقي طرابلس بين فصائل عدة

شهدت المليشيات خلال الأشهر الماضية موجة من الاضطرابات (أ.ف.ب)

لم يتوقف مشهد سلاح الميليشيات في العاصمة الليبية طرابلس عن التحول تبعاً لعوامل داخلية وخارجية، وإن كانت هي بذاتها لم تتغير، على الرغم من وصولها أخيراً إلى حافة الهاوية، بعد تضاؤل نفوذها بسبب التغيرات المتلاحقة على الساحتين السياسية والأمنية في البلاد، حتى أن بعض قادة هذه الميليشيات أبدوا رغبتهم في الخروج من المشهد بعد ضمان عدم ملاحقتهم والاحتفاظ بالأموال التي جنوها طيلة الفترات الماضية، أمام سعي حكومة الوفاق الواضح إلى إنهاء سيطرة هذه الميليشيات على الدولة.

خلال فترات الحكومات المختلفة التي تعاقبت على البلاد، ظهرت مقاربات عديدة لاحتواء الميليشيات أو إنهائها، لكنها فشلت كلها بسبب الدعم السياسي الكبير الذي "تلقته من تيارات وشخصيات تُطبق أجندة خارجية لا ترغب في استقرار البلاد، ما جعل الميليشيات دولة داخل دولة"، وفق وصف كثير من المراقبين. لكن المعادلة تغيرت أخيراً بسبب تغير عوامل عدة، منها رغبة من يقف خلف تلك الميليشيات في نفض يده منها، بل أصبح بعض هؤلاء الداعمين مطلوباً لدى الحكومة، مثل عبد الحكيم بلحاج، قائد الجماعة الليبية المقاتلة الإرهابية.

ويبدو أن الحكومة أعدت خططاً لإضعاف دور الميليشيات من خلال ضرب بعضها ببعض، كما حدث في المواجهات التي شهدتها منطقة جنوب شرقي طرابلس بين فصائل عدة في أكتوبر (تشرين الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين، وأدت إلى إفقاد هذه الميليشيات كثيراً من عوامل قوتها المادية والعسكرية، تزامناً مع إجراءات أخرى كقرار إيقاف مرتّبات مسلحي الميليشيات.

وشهدت الميليشيات خلال الأشهر الماضية موجة من الاضطرابات، ظهرت ملامحها في شكل تصفيات جسدية لعدد من عناصرها القياديين، ما أدى إلى ترهلها وفقدان ثقتها في بعضها بعضاً، بل وفي داخل كل مجموعة. كما تغيرت الولاءات من قائد إلى آخر، أكثر من مرة، ما جعل تطبيق خطط الحكومة في التعامل معها أمراً صعباً. إذ هدفت خطة الترتيبات الأمنية، التي أعلنتها الحكومة في أكتوبر الماضي، إلى تفكيكها وتأمين انضواء عناصرها في شكل فردي في الأجهزة الأمنية. لكن، الفوضى التي تعيشها الميليشيات حالياً صعّبت من تنفيذ تلك الخطة، ما جعل كثيرين يعتقدون أن خيار البحث عن مخرج آمن لقادة الميليشيات مرجح بدرجة كبيرة، لاسيما أن عدداً منهم أشار إلى تلك الرغبة. فقائد مليشيات ثوار طرابلس هيثم التاجوري، أفرج عن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية في نظام معمر القذافي أبو زيد دوردة، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، كرسالة تشير إلى استعداده للتفاوض مع أي تيار أو جهة، فهو لم يعد يعادي أحداً حتى وإن كان من أنصار النظام السابق.

إحراج الدول الداعمة

في إجراء لم يخلُ من الإشارة إلى رغبة الحكومة في كسر قوة الميليشيات، أعلنت وزارة الداخلية عن تحفّظها على شحنتَي أسلحة أُوقفتا في ميناء الخمس، في ديسمبر (كانون الأول) وفبراير الماضيين، مقبلتين من تركيا. ما أثار غضب مليشيات قوة حماية طرابلس وقتها، التي أصدرت بياناً تطالب فيه بالكشف عن مصير الشحنتين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبدو إعلان الحكومة جاء كرسالة واضحة لتلك الدول التي توفر السلاح والدعم بالكفّ عما تقوم به، ولإحراجها أمام الرأي العام الدولي. إذ سارعت تركيا إلى نفي علاقتها بالشحنة وأرسلت على الفور وزير خارجيتها مولود أوغلو إلى طرابلس للإعلان عن فتح تحقيق مشترك مع الجانب الليبي. وهو ما دفع دولاً أخرى، كانت تفضل التعاون مع الميليشيات، إلى مراجعة مواقفها، مثل إيطاليا التي ظهرت في مناسبات عدة مضطرة إلى التنسيق مع الميليشيات لحماية مصالحها، وهي خطوات تتماهى مع الإعلان الخليجي عن قوائم المجموعات والكيانات الإرهابية، التي تبنتها دول عدة، ووجهات ليبية كمجلس النواب والجيش، خصوصاً أنها تضمنت عشرات الأسماء والكيانات الليبية المطلوبة، وأغلبها كان يقف وراء دعم مليشيات طرابلس.

اقتراب قوات حفتر

على الرغم من أن الإجراءات الحكومية الهادفة إلى إنهاء دور الميليشيات ومن بينها قرارات وزارة الداخلية، إلا أن المستجد الأهم الذي يهدّد وجود الميليشيات أصبح في اقتراب قوات الجيش، التي يقودها المشير خليفة حفتر من طرابلس، مدعوماً بنجاحاته الكبيرة في السيطرة على الجنوب بعد الشرق وخبرته الطويلة في التعامل مع الميليشيات، من بينها الميليشيات القبلية في الجنوب، التي فضّل التحالف معها على مواجهتها والتفرّغ لملاحقة الإرهابيين وفصائل المعارضة التشادية لكسب الوقت.

وفي ظل تصريحات قادة الجيش، ومنهم رئيس الأركان عبد الرزاق الناظوري، بأن "الجيش لن يدخل طرابلس مقاتلاً"، تتبدّى سيناريوات عدة لسيطرة الجيش على العاصمة، أرجحها إمكان التفاوض مع قادة الميليشيات وتحديد خطر وقوفهم بالسلاح ضد سعي الجيش إلى بسط سيطرته على البلاد. وتبرز ملامح هذا السيناريو من خلال حديث للمشير، في سبتمبر (أيلول) الماضي، طالب فيه قادة الميليشيات بمغادرة ليبيا أو الدخول في مصالحة مع المجتمع.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي