Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا تقترب من الموقف الجزائري في الملف الليبي لتحصين مصالحها

ماكرون يحمّل تركيا "مسؤولية تاريخية إجرامية" في ليبيا ويدين دور المرتزقة الروس

ماكرون مصافحاً تبون في لقاء سابق (مواقع التواصل)

كشفت المحادثة بين الرئيسين الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون التي تخلّلها تطابق في وجهات النظر بشأن الأزمة الليبية، عن تغييرات مرتقبة في المشهد الليبي وفي المنطقة، على اعتبار أن الجزائر تدعم الحلّ السلمي السياسي وترفض التدخل الأجنبي، بينما مالت فرنسا إلى طرف على حساب آخر وتسعى إلى تثبيت أقدامها عسكرياً على الأراضي الليبية.
وفي جديد الموقف الفرنسي، اتهم ماكرون تركيا الاثنين من مسيبرغ في المانيا بأنها تتحمل في النزاع الليبي "مسؤولية تاريخية وإجرامية" بوصفها بلداً "يدّعي أنه عضو في حلف شمال الأطلسي".
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل "نحتاج في هذه المرحلة إلى توضيح لا غنى عنه للسياسة التركية في ليبيا والتي هي مرفوضة بالنسبة إلينا"، آخذاً خصوصاً على أنقرة أنها "زادت" من وجودها العسكري في ليبيا و"استوردت مجدداً وفي شكل كبير مقاتلين متشددين من سوريا".
كما دان ماكرون دور المرتزقة الروس في ليبيا، وذلك بعد أيام من انكشاف أمر دخولهم مع آخرين حقل الشرارة النفطي الأسبوع الماضي.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا قالت يوم الجمعة  26 يونيو (حزيران) الحالي، إن المرتزقة دخلوا الشرارة في قافلة حافلات والتقوا بممثلين من حرس المنشآت النفطية، وهي قوة تأسست للحفاظ على الأمن في حقول النفط.
 

توافق بعد توتر

من جهة أخرى، أشارت الرئاسة الجزائرية في بيان عقب الاتصال الهاتفي بين تبون وماكرون إلى أن الرئيسين استعرضا العلاقات الثنائية قصد استئناف الاتصالات على أعلى مستوى وإعادة دفع التعاون في كل المجالات. وأضافت أن "المكالمة جرت في جو من الودّ والصداقة"، موضحةً أنه "تم تناول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك في ضوء التطورات الأخيرة في ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي، التي حصل بشأنها تطابق في وجهات النظر".
وكان التيار بين الجزائر وفرنسا مقطوعاً وبلغ "التوتّر" حدّ استدعاء الجزائر سفيرها لدى باريس بعد عرض إحدى القنوات الحكومية الفرنسية وثائقياً مثيراً للجدل حول الحراك، لتعود المياه إلى مجاريها عقب تبادل المكالمات الهاتفية بين رئيسَيْ البلدين وتغيير الإليزيه سفيرها لدى الجزائر، في خطوةِ تهدئة تبعها إعلان وزارة الدفاع الفرنسية عن تمكّن قواتها من القضاء على زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" عبد المالك دروكدال، المطلوب رقم واحد في الجزائر بعملية عسكرية في شمال مالي.

تغييرات مرتقبة في المشهد الليبي

واعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بلال موسوني في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الحديث عن تطابق وجهات النظر بين الجزائر وفرنسا في ما يتعلّق بالملف الليبي والوضع في منطقة الساحل يلفت الانتباه إلى وجود تغييرات في المشهد الليبي والساحل". وقال إن "دعوة باريس برفقة ألمانيا وإيطاليا، القوات الموجودة في ليبيا إلى وقف القتال والأطراف الخارجية إلى الكفّ عن التدخل، تحشد التعبئة لموقف الجزائر، وعلى الرغم من أن المقصود ليس دعم نظرة الجزائر بالتأكيد، غير أنه تغيير يجب التوقف عنده".
وتابع موسوني أن "التوافق بين البلدين حصل بشأن التوجه الجديد في ليبيا وهو محاربة الجماعات الإرهابية، لأن مصالح فرنسا فيها تختلف كلياً عن تلك الجزائرية المرتبطة بحماية حدودها"، مرجّحاً أن "يحدث توافق على حصر تمدّد تركيا التي يحمّلها المجتمع الدولي مسؤولية تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية وانتشار السلاح بعد نقلها مقاتلين ومرتزقة من سوريا والعراق إلى طرابلس، إضافةً إلى الأسلحة في إطار مواجهة قوات اللواء خليفة حفتر، بخاصة أن التوتر بين باريس وأنقرة ازداد في الآونة الأخيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وقف "تحرش" أنقرة؟

التطابق في وجهات النظر حول الملف الليبي بين تبون وماكرون، قد يضع حدّاً لـ"تحرش" أنقرة التي كانت تلعب على حبل الخلاف الجزائري - الفرنسي، إذ حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مناسبات عدّة استدراج الجزائر إلى خلافه مع باريس التي تطالبه بالاعتراف بالمجازر بحق الأرمن والتعويض عنها. وبدلاً من مواجهة الحقيقة، يردّ بمطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها ضد الجزائريين، ما دفع تبون إلى التصريح بلهجة شديدة بأن "ذاكرة الجزائريين غير قابلة للابتزاز والنبش".
وإذا كانت الجزائر لا تحبّذ الدخول في تكتّلات ضد أي دولة، إلّا أنّ باريس ستستغلّ التقارب الحاصل للوقوف بوجه تركيا في ليبيا، بخاصة بعدما أشار تبون في مقابلة صحافية مع وسائل إعلام محلية، إلى "دولة لم تلتزم ما اتُّفق عليه في مؤتمر برلين بمنع تدفّق الأسلحة والمرتزقة، إذ إنّها أرسلت بعد شهر 3400 طن من الأسلحة إلى ليبيا".

نجاح المقاربة الجزائرية

ورأى الإعلامي أيوب أمزيان أن "الحديث عن تطابق وجهات النظر حول الأزمة الليبية، يؤكد مرة أخرى أن الدبلوماسية الجزائرية استطاعت أن تحرز تقدماً كبيراً في الملف الليبي وتتجه تدريجاً نحو إقناع الدول المؤثرة في المشهد بفعالية المقاربة الجزائرية الداعية إلى الحل السياسي، بعيداً من أي تدخل أجنبي"، مضيفاً أن "الجزائر التي تستوعب كل التفاصيل المعلنة والخفية للملف الليبي، معادلة مهمة لا يمكن تجاهلها أو الاستغناء عنها".
واعتبر أمزيان أن "مساعي بلاده الحثيثة ومحادثات الرئيس تبون مع رؤساء الدول المؤثرة في المشهد الليبي، بخاصة روسيا وتركيا، وآخرها مع الرئيس الفرنسي، هي معطيات تشير إلى حدوث توافق بين كل الأطراف من أجل فرض الحل السياسي تحت إشراف الأمم المتحدة مع حماية مصالح تلك الدول"، موضحاً أن "هناك معلومات تفيد بوجود اتفاق بين اللاعبين الأساسيين لتحييد اللواء حفتر الذي أصبح غير موثوق فيه. وهذا ما رأيناه بعدما أصبح رئيس البرلمان عقيلة صالح الواجهة المقبولة من الجميع"، وهو ما يصبّ في اتجاه الحل السياسي الذي يحرز تقدماً.

المزيد من العالم العربي