Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تولي مزدوجي الجنسية مناصب عليا في الجزائر يتفاعل بقوة

"قضية شعابنة تبيّن أن هناك تسييراً غير عقلاني على مستوى الأمانة العامة لكل من الوزارة الأولى ورئاسة الجمهورية"

المهاجرون الجزائريون يظهرون حبهم له مع كل انتصار لمنتخبهم في شوارع العالم ولا سيما في فرنسا (مواقع التواصل الاجتماعي)

نزل خبر رفض الوزير سمير شعابنة "لساعات"، التنازل عن جنسيته الثانية الفرنسية مقابل تعيينه في الحكومة الجديدة، استجابة للشرط الدستوري، كالصاعقة على محيط الرئيس عبد المجيد تبون، بعد أن وجهت مختلف الأطراف انتقادات لاذعة على التسيير العشوائي الذي باتت عليه "الجزائر الجديدة"، بينما طعنت في وطنية الوزير المهاجر بعد تفضيله الجنسية الفرنسية على حساب خدمة بلده الجزائر.

السبب جنسية ثانية

 ألغى الرئيس تبون، قرار تعيين شعابنة في منصب وزير منتدب للجالية الجزائرية في الخارج، بعد ساعات من تعيينه في التعديل الوزاري الذي مسّ حكومة رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، وقالت الوزارة الأولى في بيان، إن إلغاء تعيين شعابنة، جاء بسبب حيازته الجنسية الفرنسية ورفضه التنازل عنها والامتثال للقوانين التي تفرض الجنسية الجزائرية من دون سواها في تقلّد المسؤوليات العليا في الدولة، مضيفة أنه خلال المشاورات من أجل تشكيل الحكومة قبل شعابنة حقيبة وزير منتدب مكلف بالجالية الوطنية في الخارج من دون أن يصرّح أنه يحوز على جنسية مزدوجة، وتبعاً لذلك فلم يعد عضواً في الحكومة.

وتبنت الجزائر عام 2016 قانوناً يقصي مزدوجي الجنسية من تولي عدد كبير من المناصب المدنية والعسكرية العليا في البلاد، و تنص المادة 63 من الدستور على "إلزامية التمتع بالجنسية الجزائرية من دون سواها في تقلّد المسؤوليات العليا للدولة والوظائف السياسية"، وبمقتضى هذا النص، يلتزم كل شخص مرشح في مسؤولية عليا، تقديم تصريح شرفي يودع لدى الرئيس الأول للمحكمة العليا، يشهد فيه تمتعه بالجنسية الجزائرية من دون سواها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تسيير غير عقلاني

الإعلامي الأممي المقيم في جنيف محمد خذير، يرى في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن "قضية شعابنة تبيّن أن هناك تسييراً غير عقلاني، أو غير منظم على مستوى الأمانة العامة لكل من الوزارة الأولى ورئاسة الجمهورية، وقال إن الأمانة العامة هي المكلفة بتحضير الملفات التي يوقعها رئيس الجمهورية والوزير الأول"، وعليه فالمرسوم الذي وقعه تبون حضرته الأمانة العامة ومدير مكتبه.

 يعتبر خذير أن ما حدث يؤكد وجود نوع من التخبط وعدم الكفاءة، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في التركيبة، ووضع الثقة في أصحاب المؤهلات والكفاءة لأنه مصير دولة، وليس هكذا يتم تسيير الدول، مشدداً على أن اختيار شعابنة خطأ من أساسه لأنه يملك الجنسية الفرنسية والجميع يعلم، وقد صرح بها شخصياً في عدد من المناسبات، وأوضح أنه لو كان يريد أن يصبح وزيراً لتنازل عن الجنسية الثانية قبل حدوث ما حدث، لأن الذين يبحثون عن الجنسية الثانية يعلمون أنهم غير معنيين بتولي المناصب العليا في الجزائر، وختم أن ما حدث هو عبث.

مزدوجو الجنسية في مأزق؟

 على الرغم من أن المادة التي منعت مزدوجي الجنسية تولي المناصب العليا قد أثارت حفيظة الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج كما المعارضة في الداخل، على اعتبار أنها تهمش الكفاءات الجزائرية التي تصنع الحدث بمختلف دول العالم، كما تشكك في وطنية المغتربين وتجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، إلا أن ما حدث مع المغترب شعابنة، أعاد فتح ملف مزدوجي الجنسية.

وشدد الرئيس تبون عند طرح مسودة الدستور الجديد، على أنه يتعين على الجالية المقيمة في الخارج أن تستعيد كامل مواطنتها لتستفيد من الحقوق نفسها، وتخضع للواجبات نفسها على قدم المساواة مع المواطنين المقيمين على أرض الوطن، حيث تتعين مراجعة الأحكام الدستورية التي تحدّ من تولي الجزائريين المقيمين في الخارج بعض المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية.

إساءة للمهاجرين

 في السياق ذاته، اعتبر رئيس جمعية الشباب الجزائري المهاجر في إسبانيا أمين صندوق لـ "اندبندنت عربية"، أن الوزير المقال أساء للرئاسة وأجهزتها وكشف عن فراغات قد تهزّ بمصداقية أجهزة ومصالح الدولة، مضيفاً أن هذا البرلماني تحدث كثيراً عن الوطنية وخدمة البلد لكنه سقط عند أول امتحان، وعليه فهو يتحمل مسؤولية هذه الحادثة ثم الأجهزة الاستخبارية، وأكد أن تصرف "شعابنة" يطعن في وطنية المهاجرين لأنه من المهاجرين وعضو من أعضاء الجالية، داعياً إلى إعادة النظر في المادة التي تمنع تولي مزدوجي الجنسية المناصب العليا في الدولة.

وفي وقت تعاملت رئاسة الجمهورية والوزارة الأولى بحزم مع قضية سمير شعابنة، تحت تبرير النص الدستوري، يتساءل الشارع عن أسباب "الهدوء" الذي رافق تعيين المدير السابق لمعهد الطب في ليون الفرنسية، نائب رئيس بلديتها البروفيسور كمال صنهاجي، مديراً عاماً للوكالة الحكومية للطاقة التابعة للرئاسة، وكذلك الياس زرهوني الذي يشغل منصب رئيس وكالة الصحة الأميركية، ويحمل الجنسية الأميركية، وقد تم تعيينه مستشاراً لوكالة الصحة الجزائرية الجديدة.

مطالب بإلغاء المادة 63 من الدستور

في المقابل، يعتقد الصحافي بالتلفزيون الالماني، رشدي شياحي، في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن التعيين في مناصب سامية يتم بعد البحث في سوابق الأشخاص، ومعرفة كل صغيرة وكبيرة في مساراتهم، وشعابنة شخصية عمومية سواء ما تعلّق بمساره الصحافي، أو كنائب بالبرلمان، ولا يعقل ألا تعلم الجهات الوصية بامتلاكه جنسية أجنبية، وقال إن الخطأ يتحمله الطرفان، الجهة التي قامت بتعيينه من دون تقصّ لمسيرته، وأيضاً شعابنة كونه قبل المنصب وهو يعلم أن في ذلك خرقاً واضحاً لمادة صريحة في الدستور الجزائري.

ويواصل شياحي أنه على الرغم من ذلك لا يمكن تبرير الحملة التي يتعرض لها طعناً في وطنيته، لأن الوطنية أو الولاء للوطن لا يُختزلان في وثيقة ورقية، بل يقاسان في الميدان بالكفاءة ومدى التفاني في أداء المهام الموكلة للفرد والمحافظة على الأمانة، و"لنا في المسؤولين السابقين الذين يقبعون اليوم في السجن خير مثال، فهؤلاء لا يملكون إلا الجنسية الجزائرية فقط"، نافياً أن يكون شعابنة قد أساء للجالية والمهاجرين، بل المشرع الذي سنّ هذه المادة آملاً أن يتم إلغاؤها في التعديل الدستوري المقبل لإعادة الاعتبار للجالية والاستفادة من خبراتها ومهاراتها بالسماح لها بتقلد مناصب سامية كأي مواطن جزائري يتمتع بكامل حقوقه.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات