Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صوتت لصالح بريكست ويا ليتني عرفت حينها ما أعلمه الآن

بعد مرور أكثر من 1400 يوم على استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي ما زلنا نجهل شروط انسحابنا منه

شعارات شعبوية مضللة ساهمت بإقناع كثيرين من الناخبين بالتصويت لصالح الخروج من أوروبا (غيتي)

انتابني قدر من الدهشة قبل أربع سنوات، حين فاز الخيار الذي صوتت له، نعم كنت ميالاً بشكل معتدل لبريكست، وناخباً أيّد الخروج، ومثلما هو الحال مع بوريس جونسون وفق مساهماته الأقدم للحملة التي هي بالدرجة الأولى حملته الخاصة، لم أكن متأكداً أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيتحقق فعلاً، حتى لو أن أغلبية صوتت لهذا الخيار.

كان من المفترض أن ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء الأسبق، والاتحاد الأوروبي سيسارعان إلى تنظيم حزمة من الإصلاحات الملائمة لبريطانيا فور الإعلان عن نتائج الاستفتاء. ثم سيكون هناك استفتاء آخر على "إعادة المفاوضات" وفق أسس معدلة بشأن شروط عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي. كان ذلك في نهاية الأمر إجراء قياسياً يتخذه الاتحاد الأوروبي القياسي في أعقاب تصويت شعب ما بـ "لا" على سؤال طُرح عليهم في استفتاء عام. فالاتحاد الأوروبي كان سيواصل إلقاء السؤال على الناخبين حتى يعطوه "الإجابة الصحيحة"، وهذا ما فعله مع الإيرلنديين والفرنسيين، والهولنديين، والدنماركيين، فلماذا سيكون الأمر مختلفاً مع البريطانيين؟

علاوة على ذلك، فإنه حتى لو كان الخروج يعني الخروج، فإن المصالح المشتركة للطرفين ستعني أن هناك اتفاقاً خاصاً للاتحاد مع بريطانيا يسمح لنا بالارتباط ببلدان تتمتع باقتصادات سريعة النمو مثل الصين والهند، ليس هناك من ينكر أن للاتحاد الأوروبي عيوباً، ومشاكل جسيمة خاصة به، فالكتلة الأوروبية الديناميكية السريعة النمو تجاوزت أحسن أيامها، وبريطانيا ستتخلص من كل التعقيدات التي تعاني منها الكتلة، وسيُسمَح  لها أيضاً بإقامة علاقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي، أي أننا سنتمكن من أكل الكعكة وحيازتها أيضاً في الوقت نفسه. أليس هذا ما تقوم به النرويج، وسويسرا؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الأمور لم تسر على هذا المنوال، وأنا لم أصوِّت على ما سمّي بـ "بريكست صلب"، ولم أكن راغباً في أي شكل من الأشكال، في أن يُلحِق هذا الخيار ضرراً هائلاً بالاقتصاد البريطاني والوظائف،  ليس لدينا أي اتفاقيات للتجارة الحرة مع أي طرف آخر سوى الاتحاد الأوروبي، حتى لو كانت لدينا اتفاقيات من هذا النوع، فإنها لن تكون، ولا يمكنها أن تكون، قادرة على التعويض عن خسارة التجارة مع سوق موحدة، كالسوق الأوروبية المشتركة.

حتى الآن، وبعد مضي أربع سنوات، ما زلنا لا نعرف شروط انسحابنا من الاتحاد الأوروبي، وحين يصبح من الممكن أن تُعرف هذه الشروط، فإنها ستظل فاقدة للشرعية الديمقراطية، وينبغي حقاً أن تُتاح لنا فرصة التصويت في استفتاء ثانٍ، هو استفتاء " القول الفصل" بخصوص بريكست.

ولو كنت أعرف آنذاك ما أعرفه الآن، فإني لم أكن لأصوت إطلاقاً لصالح الخروج، كل ما أستطيع قوله هو إن معظم المواطنين البريطانيين أراد الخروج، لكن ربما ليس بهذا الشكل، وكانت الهجرة هي القضية الجوهرية بالنسبة إلى موضوع الخروج من الاتحاد الأوروبي، التي تُضعف إلى حد كبير كل ما تبقى من السياسات المتعلقة ببريكست.

بالعودة إلى عام 2016، يبدو أنه كان هناك أشخاص، وأنا أبالغ قليلاً، غير مهتمين بفقدان وظائفهم أو رؤية أولادهم وهم يُسرّحون من أعمالهم، شريطة أن ينخفض عدد المهاجرين في المملكة المتحدة. معروف أن أعلى نسبة من الأصوات التي حصدتها حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي كانت في المناطق الأكثر تعرضاً لخسارة الوظائف، مثل شمال شرقي إنجلترا. وإلى جانب هذا الموقف كانت الحجة القائلة إن بريطانيا تتحكم فيها بيروقراطية إمبريالية أجنبية. ولهذا السبب كان لشعار "استعادة السيطرة" جاذبية عميقة.

لعل من الإنصاف الإشارة إلى أن أحداً لا يستطيع اعتبار الاتحاد الأوروبي نموذجاً ديمقراطياً، إذ ليس هناك كيان سياسي واحد في القارة بأكملها، وليس هناك نظام حزبي أوروبي موحد، وليست هناك لغة واحدة، ولا يوجد مطلب شعبي لإجراء حوارات واسعة على المستوى الأوروبي.

ففي الإعلام، ما زال خطابنا السياسي قومياً بالكامل؛ ونحن لا نشاهد وزيراً للمالية في الاتحاد الأوروبي، كأن يكون فرنسياً من الوسط، يجادل زعيماً إسبانياً للمعارضة في الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، حول تخفيض الضرائب.

لقد فشل الاتحاد الجمركي، والسوق الموحدة، واليورو، والعلم، ونشيد الاتحاد الأوروبي، والانتخابات، والصلاحيات الممنوحة للبرلمان الأوروبي، كلها في خلق هوية سياسية أوروبية تحظى باحترام واسع، ناهيك عن الولاء أو التقدير. وهذا هو الخطأ الذي حصل قبل أربع سنوات.

© The Independent

المزيد من آراء