Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أكثر من نصف مليون دعوى أمام محاكم بريطانيا في أزمة كورونا

اللورد رئيس القضاة يؤيد اتخاذ إجراءات جذرية بما فيها خفض عدد أعضاء هيئة المحلفين لمعالجة العدد المتنامي للقضايا المعلقة

أكثر من 480 ألف دعوى أمام محاكم الصلح وأكثر من 40 ألف قضية أمام القضاء الملكي (غيتي)

يرزح النظام القضائي في المملكة المتحدة تحت وابل من الدعاوى المتراكمة التي لم تُبتّ بعد أمام المحاكم، في انتظار التداول في أمرها في جلسات الاستماع في كلّ من إنجلترا وويلز، لتسجّل تراكماً هائلاً يصل إلى أكثر من نصف مليون قضية عالقة خلال فترة تفشّي وباء فيروس كورونا.

ومن غير المتوقّع أن تبدأ بعض هذه المحاكمات قبل ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021، في غمرة مخاوف من انسحاب الضحايا وتخلّيهم عن المضي في قضاياهم جرّاء تأخّر عقد جلسات المحاكمة.

وعلى الرغم من أن معدّل الجريمة شهد انخفاضاً ملحوظاً خلال فترة الإغلاق (الحجر) في المملكة المتحدة، لم يكن ذلك كافياً للتعويض عن التراكم الحاصل في عدد القضايا العالقة، الذي كان آخذاً في الارتفاع قبل مدة طويلة من انتشار الوباء. ويبلغ عدد الدعاوى المُحالة إلى المحاكم الجزئية أو ما تُعرف بمحاكم الصلح - حيث يتم إدراج جميع أنواع الجرائم في البداية في انتظار بتّها - حوالى نصف مليون.

وكان هنالك ما يناهز الـ 483700 قضية معلّقة على أن يُنظر فيها بحلول 17 مايو (أيار)، بعدما كان عددها قد وصل إلى 395600 قضية عندما دخل قرار إغلاق البلاد حيّز التنفيذ في مارس (آذار) الفائت. وستُحال الآلاف منها إلى المحاكم الملكية المتخصّصة في النظر بالجرائم الأشدّ خطورة.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، بلغ عدد القضايا المتراكمة أمام محاكم التاج37400  قضية، بعد أعوام من التقشّف والتخفيضات التي فرضتها الحكومة للتقليل من عدد أيام مزاولة المحاكم لأعمالها.

لكن بحلول نهاية الشهر الماضي، ارتفع العدد إلى أكثر من 40500  دعوى - أي بزيادة مقدارها 22 في المئة وفق تحليل "رابطة نقابات المحامين الجنائيّين". والآن أمام محاكم الصلح والتاج مجتمعةً أكثر من 524000  دعوى، في انتظار الاستماع إليها، وما زال العدد يرتفع بسرعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد أدّى فرض الإغلاق من جراء انتشار فيروس كورونا، إلى إقفال أكثر من نصف المحاكم في إنجلترا وويلز، بحيث لم يُنظر إلّا في الحالات العاجلة فقط مثل الحجز الليلي وتهم الإرهاب والجرائم المرتبطة بالفيروس. وفي 23 مارس، تم تعليق جميع المحاكمات في إنجلترا وويلز. وعلى الرغم من معاودة المحاكم النظر في عدد محدود من القضايا، فإن قواعد التباعد الاجتماعي فرضت توزيع الجلسات على ثلاث قاعات، الأمر الذي أدّى إلى الحدّ من قدرتها الاستيعابية للقضايا المقدّمة.

وإضافةً إلى ذلك، باتت الدعاوى تستغرق وقتاً أطول لتشقّ طريقها عبر السلّم القضائي، وذلك بمتوسط ​​511 يوماً بدءًا من "تاريخ حدوث الجريمة حتى اكتمال القضية" عام 2019، بعدما كانت تتطلّب 391 يوماً عام 2010.

ووصفت كلير واكسمان، المفوّضة عن الضحايا في لندن، التراكمات القضائية بأنها "قنبلة موقوتة"، محذّرةً من أن "الأمور ستزداد سوءاً على مرّ الأيام". وأوضحت لـ"اندبندنت"، "أن تأثير هذه التأخيرات سيكون هائلاً"، وأنها تخشى "أن تشهد البلاد ارتفاعاً في نسبة سحب المجني عليهم دعاواهم نتيجةً لذلك".

وقد دعم رئيس المحكمة العليا (اللورد رئيس القضاة) علناً الإجراءات الجذرية بما فيها تخفيض عدد المحلّفين وإزالة الحق في إحالة بعض القضايا إلى هيئة المحلّفين واستخدام مراكز المؤتمرات لمداولات المحكمة من أجل بتّ القضايا المتراكمة.

أما ديفيد لامي، وزير العدل في حكومة الظلّ "العمّالية"، فاعتبر من جانبه أن المحاكمات أمام هيئات المحلّفين "تشكّل جزءًا أساسياً من ديمقراطيتنا الدستورية". وغرّد عبر حسابه على "تويتر" يوم السبت الفائت أن "المحاكمات الجنائية في غياب محلّفين هي فكرة سيّئة".

ورأى لامي أنه "على الحكومة البريطانية أن تتّخذ إجراءات حاسمة، وأن تستحوذ على المباني العامة الفارغة في جميع أنحاء البلاد، لضمان إمكان بتّ  هذه القضايا بطريقة آمنة".

وحضّت رئيسة "رابطة نقابات المحامين الجنائيّين" كارولين غودوين الحكومة على ضرورة الاستثمار في مثل هذه الإجراءات، للسماح بعقد مزيد من جلسات الاستماع ومعالجة القضايا العالقة.

ورأت غودوين في المقابل أن "إنهاء الكمّ المتراكم من هذه الدعاوى والحدّ من التأخير المريع في بتّها، هما في  في غاية السهولة، بحيث يتعيّن على وزارة الخزانة التدخّل للقيام بواجباتها، من خلال تخصيص موازنة مالية تتيح لنا استخدام جميع مباني المحاكم المتوفّرة وتسمح لجميع القضاة المتاحين بترؤس جلسات الاستماع. وعندما يُبلغ ذلك، يجب استغلال مزيد من المباني وتعيين المُحاضرين (القضاة العاملين بدوام جزئي) للعمل جنباً إلى جنب مع القضاة".

وأشارت أيضاً إلى أن "معاودة جلسات المحاكمة بوجود هيئة محلّفين، تُعدّ خطوة مهمّة ينبغي لنا أن نفخر بها، إنما للفترة الراهنة فقط وفي عدد محدود من المحاكم".

ولفتت رئيسة "رابطة نقابات المحامين الجنائيّين" إلى أن "التعاطي بشكل جاد مع القانون والنظام، وضمان عدم معاناة الأبرياء من إجهاض العدالة، إنما يعكسان جدّية سمعتنا في استقطاب المليارات من الاستثمارات التي نحتاج إليها الآن في مختلف المجالات".

وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى قد قال الأسبوع الماضي إنه لا بدّ للبرلمان البريطاني من "أن ينظر بجدّية" إلى تغيير القانون، حتى يتسنّى خفض عدد المحلّفين من 12 إلى 7، ما يعني إمكان عقد مزيد من جلسات المحاكمة.

ويؤيّد اللورد بيرنت، رئيس مجلس القضاء الأعلى في المقابل، إلغاء الحق في المحاكمة أمام هيئة محلّفين في ما يتعلّق بالجرائم التي تُعرف باسم "أيّ الفئتين"، بحيث يمكن للمدّعى عليه الآن اختيار اللجوء إلى محكمة التاج أو أن يُرسل إلى هناك، إذا لم تكن لدى القضاة الصلاحيات اللازمة لإصدار الأحكام في الجرائم التي تُعهد إليهم.

وبدلاً من المحاكمة الكاملة، يتعاون القاضي مع اثنين من القضاة العامّين المشاركين في المداولات، بإصدار الحكم بالذنب أو بالبراءة، على أساس المقترحات المقدّمة.

وتشمل جرائم "أيّ الفئتين" السرقة والسطو وحيازة المخدّرات والأذى الجسدي الفعلي. أما الجرائم الأكثر خطورة مثل القتل والاغتصاب والسطو، فلا يمكن التعامل معها إلّا من خلال محاكم التاج.

ويرى رئيس مجلس القضاء الأعلى أن النظام قد يواجه "مشكلات خطيرة فعلية"، ويعتمد ذلك على طول مدة التباعد الاجتماعي وعلى إمكان انخفاض تراكم الدعاوى إلى مليون قضية.

واعتبر أنه "إذا انتهت حال الطوارئ هذه في غضون أشهر قليلة نسبياً، فإن التراكم - وإن كان يشكّل مسألة شائكة - سيكون قابلاً للاحتواء، من دون الاضطرار إلى إجراء تغييرات جذرية للغاية".

لكنه لفت إلى أنه "في حال بقاء الظروف على حالها في غضون 4 أو 5 أو 6 أشهر أو أكثر، فإن الحكومة والبرلمان سيواجهان خياراً صعباً". وفي هذا الإطار: "هل نجري هذه المحاكمات بطريقة لا يُعتقد عادةً أنها مناسبة، أم أننا راضون عن إرجائها لفترة طويلة جداً؟"

يُشار إلى أن بعض البيانات المؤقّتة أظهرت أن الجرائم التي سجّلتها الشرطة في إنجلترا وويلز انخفضت بنسبة 18 في المئة بحلول 7 يونيو (حزيران)، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي. ومع تخفيف قيود الإغلاق، عادت الجرائم إلى الارتفاع، فيما سُجّلت زيادة بنسبة 8 في المئة سنوياً في حوادث العنف المنزلي.

وتخشى الشرطة والجمعيات الخيرية من تصاعد العنف المنزلي خلال أشدّ فترات الإغلاق حدّةً، وألّا يسعى الضحايا إلى التماس المساعدة إلّا الآن.

وقد ارتفعت في المقابل حصيلة الاعتداءات على العاملين في خدمات الطوارئ بمقدار الربع، بمن فيهم الذين أفادوا بأنهم مصابون بالفيروس أو يعانون من السعال، وأيضاً المحتجّون الذين اعتدوا على أفراد الشرطة خلال التظاهرات الأخيرة.

وقال متحدّث باسم "المحاكم والهيئات القضائية الملكية": "لقد عملنا بشكل وثيق مع السلطة القضائية لمواصلة آلاف جلسات الاستماع بشكل آمن خلال فترة تفشّي الوباء. ويشمل ذلك إعطاء الأولوية للحالات الأكثر استعجالاً مثل القضايا التي تنطوي على العنف المنزلي، الأمر الذي يسهم في تعزيز قدرتنا على معالجتها عن بُعد بالسرعة اللازمة ومعاودة المحاكمات أمام هيئة محلّفين حرصاً على مواصلة تحقيق العدالة".

وأردف أن "هذه البيانات تعكس الظروف غير المسبوقة التي تواجه النظام القضائي في المحاكم، وسنواصل العمل على اتّخاذ مزيد من التدابير لضمان تحقيق العدالة".

© The Independent

المزيد من تقارير