Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هدوء المشهد الليبي يخفي قلقا من عاصفة محتملة

تصر حكومة الوفاق على إبعاد المشير حفتر من المشهد وهو ما يرفضه معسكر الشرق

يسيطر هدوء حذر، محفوف بالترقب، على المشهد العسكري الليبي. وقد تصاعدت درجات الغليان السياسي بين الأطراف ذات العلاقة المباشرة بما يجري في ليبيا، داخل البلاد وخارجها. ما رفع منسوب القلق من انقلاب الهدوء عاصفة تحول مياه المتوسط إلى بؤرة صراع دولي.   

ولأن هذه المؤشرات المقلقة ليست بخافية على أحد، تسارعت مساعي التهدئة والتسوية، لمنع انفجار الموقف، إذا ما اشتعلت جبهات سرت والجفرة، الفاصلة بين طرفي النزاع الليبي، وإذا ما جرّت أطرافاً إقليمية ودولية للمشاركة في الصراع، الذي بات ساحة لتصفية الحسابات السياسية وملعباً لتنافس المصالح، بين أقطاب الصراع الكوني ووكلائهم.

في الأثناء، التقى رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، السبت 20 يونيو (حزيران)، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في الجزائر التي تسعى إلى القيام بوساطة لحل النزاع الليبي المستمر منذ سنوات.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية بلعيد محند أوسعيد في التاسع من يونيو أن بلاده ترغب في "لعب دور الوسيط الذي يسعى للجمع بين الفرقاء" في ليبيا، "من دون أن ينحاز لطرف ضد آخر أو أن ينتظر أمورا أخرى متعلقة بتطور الوضع العسكري في الميدان".

حشد في الشرق والغرب

عسكرياً، يواصل طرفا النزاع الليبي، الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة الوفاق، الحشد العسكري، غرب سرت وشرق مصراتة. ما يثير تكهنات حول صدام عسكري جديد بينهما، في ظل انسداد المسار السياسي، منذ توقف العمليات العسكرية، قبل أيام.

في الشرق، نشرت وسائل إعلام مقربة من الجيش، مشاهد لأرتال عسكرية ضخمة، خرجت من بنغازي في اتجاه سرت. وهو الأمر الذي لم يتوقف منذ أسبوع، مع تلميحات متواصلة في شأن الوجهة المحتملة، في حال فشل المفاوضات الجارية حالياً، وهي مدينة مصراتة.

في المقابل، نشرت مصادر صحافية ليبية متطابقة، صوراً جديدة لإمدادات عسكرية تركية، وصلت إلى ميناء مصراتة، لدعم قواتها، في سياق الإعلان عن هجوم مرتقب للسيطرة على منابع النفط، شرق سرت، إذا لم تنجح جلسات الحوار في إيجاد صيغة ترضيها للحل السياسي.

العالم يريد حلاً

بات واضحاً أن حل الأزمة الليبية ليس ليبياً صرفاً، بل تتدخل في رسم اتجاهاته وملامحه قائمة طويلة من اللاعبين الفاعلين، على الساحة الدولية.

في هذا السياق، تعددت وتزايدت اللقاءات والمباحثات، بين عدد من الدول التي تؤدي أدواراً محورية في الأزمة الليبية، منذ سنوات، وتلك التي تأثرت وما زالت تتأثر بالأزمة، من إيطاليا إلى فرنسا وبريطانيا، إضافة إلى روسيا ومصر والجزائر وتركيا وغيرها.

وكانت لافتة الزيارة التي قام بها، قبل يومين، وفد من البرلمان والحكومة الليبية (للمرة الأولى)، في شرق البلاد، إلى موسكو، وتوجهه مباشرة بعد العودة إلى ليبيا، نحو مقر قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، ما فتح باب التكهنات حول الرسائل التي تم تبادلها بين الطرفين.

على الجهة المقابلة، تبرز زيارة وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو إلى روما، ولقائه بنظيره الإيطالي لويجي دي مايو، بعد أيام من اتخاذ إيطاليا خطوة عدت تصعيدية ضد التدخل التركي في ليبيا والبحر المتوسط، بإعادة ترسيم الحدود البحرية، بينها وبين أثينا، رداً على خطوة مماثلة قامت بها أنقرة وطرابلس قبل أشهر.

في الأثناء، توجه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج إلى الجزائر، لبحث أداء الأخيرة دوراً أكبر في حل الأزمة الليبية، في مواجهة الدور المصري، الذي ترفض طرابلس التعامل معه، كونها تتهم القاهرة بالتحيز إلى الجيش الوطني الليبي ومجلس النواب، شرق البلاد. وهو ما يعبر عنه موقفها الرافض مبادرة القاهرة الأخيرة لحل الأزمة الليبية.

بينما توالت زيارات أخرى لبحث قضايا عدّة يتقدمها الملف الليبي، بين عواصم إقليمية ودولية، أبرزها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لندن للقاء نظيره البريطاني، قبل أن يعود إلى بلاده ويستقبل الإثنين الرئيس التونسي قيس سعيد لبحث تداعيات الأزمة الليبية، وفق بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية.

توافق واشنطن والأطلسي

في السياق ذاته، ناقش السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند، مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب يوسف العقوري، التطورات الراهنة في ليبيا.

وأعلنت السفارة الأميركية في ليبيا، في بيان لها الجمعة 19 يونيو، أن "اتفاق الجانبين على الحاجة الملحة إلى مشاركة جميع الأطراف بشكل فعّال، في الحوار السياسي والأمني الذي تقوده الأمم المتحدة، لتحقيق السلام والاستقرار والسيادة في ليبيا، وإنهاء التدخل الأجنبي في الشأن الليبي".

وصرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أن "الحلف يدعم تنفيذ قرار الأمم المتحدة، في شأن فرض حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا".

وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء دفاع الحلف، "دعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي من طريق التفاوض للصراع".

لقاءات تحمل رسائل عدة

ويعتبر الصحافي الليبي الصديق الورفلي أنه "الأكثر أهميّة في هذه الزيارات واللقاءات هو زيارة وفد من شرق ليبيا إلى موسكو، ولقاء روما بين وزيري خارجية إيطاليا وتركيا، وزيارة فايز السراج الجزائر".

ويلاحظ، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن "زيارة وفد البرلمان والحكومة المؤقتة إلى موسكو تحمل رسائل عدّة، تتضمن رداً روسياً لا يخفى على تعنت تركيا وإلغاء المباحثات التي كانت مجدولة قبل أسبوع بين مسؤولين أتراك وروس، بسبب رفض أنقرة بعض النقاط التي أصرّت موسكو على وضعها على طاولة التفاوض والمباحثات بين الطرفين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف الورفلي "هذه المرة الأولى التي تستقبل روسيا مسؤولاً رسمياً من الحكومة المؤقتة التابعة للبرلمان، شرق البلاد. ما يعني اعترافاً ضمنياً بها، وتوجيه رسالة إلى طرابلس وأنقرة معاً، مفادها أن الحكومة الروسية قد تبدأ التعامل مع هذه الحكومة لعقد اتفاقات ما، مثلما فعلت تركيا وحكومة الوفاق".

ويعتبر الورفلي أن "زيارة وزير الخارجية التركي إلى روما، والتصريحات الودودة التي أطلقها في خصوص رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع روما، تهدف إلى قطع الطريق على التقارب الإيطالي اليوناني الذي أفضى إلى الاتفاق بشأن الحدود البحرية بينهما، والذي يهدد مساعي ومصالح تركيا التي تحاول أيضاً تجنب العزلة في مياه المتوسط، بصدام جديد مع روما، بعد تعقّد الموقف مع الطرف الفرنسي".

وكان وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، صرح في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، في روما، بأن تركيا "ستواصل العمل مع إيطاليا، على إحلال سلام مستدام، وإطلاق عملية سياسية تتكلل بنتائج في ليبيا".

عقدة حفتر

أعرب الباحث السياسي الموالي لحكومة الوفاق الليبية، فرج دردور، عن اعتقاده بأن "أي حوار، يتضمن خيار استمرار قائد الجيش خليفة حفتر، في المشهد، سيفشل وهو مرفوض في معسكر طرابلس".

وكتب دردور، على مواقع التواصل الاجتماعي، أن "الخيار العسكري الذي أصرّ عليه حفتر وعقيلة صالح انتهى بهزيمتهما، وسيتحملان مسؤولية القتل ودمار المدن، التي تسببت فيها حربهما، وأنه من غير المقبول والمنطقي الجلوس معهما في تفاوض جديد". وعبرت أغلبية الأطراف المقربة والموالية لحكومة الوفاق عن هذا الموقف والإصرار على إبعاد المشير حفتر من المشهد. وهو ما يرفضه معسكر الشرق الليبي وما يُعد عقبة جديددة في طريق المفاوضات والحل.

تركيا: الدعم الفرنسي لحفتر يعرّض أمن الحلف الأطلسي "للخطر"

وفي هذا السياق، أكّد المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين، في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية اليوم السبت، أن التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا يتطلّب انسحاب قوات حفتر من مدينة سرت الاستراتيجية، وأن تركيا تدعم مطلب حكومة الوفاق بضرورة العودة إلى خطوط عام 2015، وهو ما يمرّ بـ"انسحاب قوات حفتر من سرت والجفرة" في الجنوب.

كما اتهم كالين فرنسا بـ"تعريض أمن الحلف الأطلسي للخطر" بـ"دعمها" حفتر، قائلاً "في ليبيا، نحن ندعم الحكومة الشرعية فيما تدعم الحكومة الفرنسية زعيم حرب غير شرعي وتعرّض بذلك للخطر أمن الحلف الأطلسي، والأمن في المتوسّط، والأمن في شمال أفريقيا والاستقرار في ليبيا".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي