Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبدعون وظفوا الشهرة والثراء في خدمة القضايا الإنسانية

جين فوندا صُوّرت فوق مدافع هانوي وإليزابيث تايلور حاربت الإيدز وبيونسيه تناصر مطالب المرأة

جين فوندا في هانوي 1972 (غيتي)

في بلادنا تقود الموهبة الفنية المتميزة - إذا واكبها الحظ- صاحبها إلى الشهرة، والأغلب أنها تنتهي به هنا. وفي الدول الغربية الغنيّة تأتيه الشهرة لتقوده، في الأغلب أيضاً، إلى الثراء الفاحش. والكثرة في فئة المشاهير الأثرياء تعميها النعمة عن حال الآخرين المبتلين بالفقر أو بغيره. ولكن، لحسن الطالع، فثمة أنجم تنبّهوا إلى أن بوسعهم التأثير على مجريات الأحداث. وخذ مثلاً جيمس براون، الأبّ الروحي لموسيقى السول السوداء، الذي عانى من طفولة محرومة حَدَت به في الثراء إلى إغداق ملايين الدولارات على تعليم الصبية الفقراء. وخذ راي تشارلز، المسمى "العبقري"، الذي أحدث انعطافة هائلة في مسيرة الحقوق المدنية عندما رفض الغناء أمام أي جمهور يُقسَّم إلى أبيض وأسود. وأضف مارلون براندو الذي رفض جائزة الأوسكار ليضيء محنة الهنود الحمر في وطنهم الضائع، والمغني بوب ديلان الذي صار "صوت جيله" إبّان حرب فيتنام، وروبرت ريدفورد الذي أقام مؤسسة "صندانس" كملاذ للسينمائيين المستقلين بعيداً عن قبضة استديوهات هوليوود، وسوزان ساراندون الساعية بنفوذها إلى العدالة الاجتماعية والسياسية وحقوق الطفل، وليوناردو دي كابريو الذي خرج شاهراً ثروته للدفاع عن البيئة، وليدي غاغا الناشطة في مجال الصحة العقلية... القائمة طويلة (ومحزنة إذ لا مكان فيها لأسماء عربية)، وإليك أمثلة أخرى ساطعة:

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جين فوندا

عندما تصبح امرأة النجمة الأشهر على الإطلاق في زمانها بجوائز تشمل "الأوسكار" مرتين و"البافتا" مرتين و"الغولدن غلوب" سبع مرات، وغيرها العديد من جوائز "الإيمي" إلى "الأسد الذهبي"، تصبح أيضاً ذات كلمة مسموعة. ولهذا كانت الأميركية جين فوندا (ابنة هنري فوندا، من جهته أحد أشهر نجوم السينما في زمانه) بين الأصوات الأكثر تأثيراً في الحركة المناهضة لحرب فيتنام، التي أطلق عليها اسم "الثورة المضادة"، وذلك رغم أن هذه الممثلة - الموديل- كانت تغامر بكامل مهنتها المربحة. وبلغ بها الأمر حدّ أنها دعت المصورين إلى التقاط صور لها وهي تجلس وسط المقاتلين الفيتناميين الشماليين على أحد مدافعهم المضادة للطائرات الأميركية أثناء زيارة لها هانوي. واكتسبت بذلك لقب "جين هانوي"، وكما هو متوقع، اتهمتها أصوات بما لا يقل عن الخيانة. فردّت قائلة إنها لا تخون وطنها، وإنما تدين الساسة الذين رموه في حرب تأكل أبناءه من دون مبرر. وهي نتشط منذ ذلك وحتى الآن في مختلف القضايا السياسية والخيرية رغم أنها تجاوزت الثانية والثمانين. وقالت في لقاء لها مع مجلة "فانيتي فير" قبل أشهر قليلة "نحن النجوم صوت من لا صوت له، فكيف نسكت"؟

أودري هيبورن

عاصرت النجمة البريطانية أودري هيبورن - "سيدتي الجميلة"- أهوال الحرب العالمية الثانية في هولندا وشهدت بعينيها أن الأطفال هم من يقفون على خطّ المواجهة في أي نزاع مسلّح. وعندما ابتسم لها الحظ وصارت نجمة لا يُشَقّ لها غبار في النصف الأول من الخمسينيات خصّت صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسيف) بالدعم المالي والمعنوي بلا حساب. ولذا كان طبيعياً أن تعيّنها الهيئة الدولية (في 1988) سفيرة الأطفال المحرومين إلى العالم. ويشهد لها الصندوق في موقعه الإلكتروني بأنها كانت تخاطب 15 في الأقل من حكومات العالم ومؤسساته النافذة كل يوم. والواقع أن انشغالها بقضايا الطفولة بدأ يبعدها عن التمثيل منذ 1967، إذ ظهرت بعدها في عدد قليل من الأفلام والمسرحيات. ولدى وفاتها في مطلع 1993 كانت واحدة من 15 نجماً فقط حصلوا على الجوائز الأربع الأرفع، وهي "الأوسكار" و"الإيمي" و"الغرامي" و"التوني". لكنها اعتبرت ميدالية الحرية الرئاسية من البيت الأبيض في 1992 عن دورها كسفيرة لليونيسيف أهمّ ما نالت.

جون لينون

لم يكن جون لينون، نجم "البيتلز" - أشهر فرقة في تاريخ الروك آند رول- الموسيقيّ الأول أو الأخير الذي يوظّف وزنه ونفوذه لمناهضة الحروب أينما كانت. لكنه كان، بفضل اسمه فقط، ضمن النخبة القليلة التي أدت مواقفها إلى التأثير الإيجابي على الأحداث العالمية. وفي أحد أشهر احتجاجاته على حرب فيتنام فتح لينون مع زوجته اليابانبة، يوكو أونو، الباب أمام عدسات الإعلام في 1969 إلى سريرهما أسبوعاً في غرفتهما بفندق هيلتون بأمستردام وأسبوعاً آخر بفندق كوين إليزابيث في مونتريال، رافعين شعارات السلام. وفي أعقاب أغنيته الشهيرة Give Peace a Chance وأغنيته الأخرى Happy Xmas (War Is Over)، والأثر الذي أحدثتاه وسط الشباب الأميركي خضع للمراقبة من مكتب التحقيقيات الفيدرالي "FBI"، وتقرّر طرده من الولايات المتحدة. لكن فضيحة "ووترغيت" واستقالة ريتشارد نيسكون في خضمها أتت بجيرالد فورد الذي قرّر أن الحكمة تقضي بتركه وشأنه. على أنه لم يصمت عن قضية مناهضته للحروب ونشط في هذا المجال إلى حين اغتياله قرب مسكنه بنيويورك في 1980.

إليزابيث تايلور

عُرفت "كليوباترا الغرب"، البريطانية- الأميركية إليزابيث تايلور، بزيجاتها الثماني وعشقها أغلى المجوهرات، وبأنها سابع أعظم الممثلات في تاريخ السينما تبعاً لتصنيف "معهد الفيلم الأميركي". فوظّفت شهرتها المدوية هذه لتتصدّر حملة محاربة الإيدز منذ اكتشاف فيروسه (آتش آي في) وتصدّره عناوين الأخبار في الدنيا أوائل الثمانينيات. وقالت إنها تفعل ذلك "لأن إدارة الرئيس رونالد ريغان تعمّدت تجاهله". ووفقاً لتقارير إعلامية أميركية في منتصف العقد الماضي فقد أدارت من منزلها الفاخر في أطراف لوس أنجيليس شبكة سرية من مراكز الأبحاث الصيدلية لإيجاد علاج لذلك المرض الذي قيل بعد اكتشافه إنه "عقاب إلهي للمثليين". لكن رواج هذا المفهوم وقتها لم يمنعها من تأسيس "مؤسسة إليزابيث تايلور لأبحاث الإيدز" لدعم الجهات المعنيّة بمساعدة المصابين أو المتأثرين به. ويذكر أن تايلور - التي هجرت ديانتها المسيحية لاعتناق اليهودية- نشطت أيضاً في دعم إسرائيل، وهو ما قاد إلى مقاطعة أفلامها عربياً. وفي 1962 منعت مصر دخولها لتصوير أشهر أفلامها "كليوباترا"، لكن القاهرة غيّرت رأيها عندما أدركت أن الفيلم سيصبح ذا مردود إيجابي على قطاعها السياحي.

ستيفي وندر

كان 1980 هو العام الذي أطلق فيه هذا المغني - الموسيقار الموهوب- ألبومه Hotter than July. وهذه محطة مهمة في حياته لأنه بدأ منها أحد أهم أنشطته السياسية المرتكزة على وزنه الهائل. فقد حوى أغنية Happy Birthday الموجهة إلى مارتن لوثر كينغ بعد 12 سنة على اغتياله في 1968. وكانت بمثابة الإعلان عن حملة تصدّرها ستيفي للمطالبة باعتبار عيد ميلاد داعية الحقوق المدنية عطلة قومية في عموم الولايات المتحدة. وهذا مجهود تكلّل بالنجاح عندما وقّع الرئيس رونالد ريغان تشريعاً فيدرالياً بذلك في 1986. كما كان الألبوم، وتلك الأغنية تحديداً، منطلقاً له نحو توظيف مكانته وصوته المسموع في دعم حركة الحقوق المدنية والحركة الرامية لإنهاء حرب فيتنام. وهو إلى اليوم ينشط في مختلف القضايا مثل تحسين الأوضاع السكنية والتعليمية والصحية للفقراء، إضافة إلى عمله الدؤوب في مجال العمل الخيري، سواء الداخلي أو الدولي، على غرار محاربة مجاعة القرن الأفريقي في منتصف الثمانينيات أو الدعم المالي لأبحاث علاج الإيدز والعمى وغير ذلك الكثير.

بوب غيلدوف

في أواخر السبعينيات كان بوب غيلدوف هو المغني في فرقة "بومتاون راتس Boomtown Rats" في موطنه إيرلندا. وكان للأمر أن ينتهي هنا لولا أن ما قام به للتخفيف من هول المجاعة التي اجتاحت إثيوبيا في 1984 جعلت منه اسماً معروفاً في كل بيت في المعمورة. فبداية، شارك ميج يور، مغني فرقة "ألترافوكس" الاسكتلندية، في كتابة وإنتاج الأغنية الشهيرة Do They Know It's Christmas? التي شارك في أدائها معظم المغنين - النجوم في العالم في تشكيلة أطلق عليها اسم "باند آيد Band Aid". وعادت المبيعات من هذه الأغنية (نحو 15 مليون دولار) لدعم جهود الإغاثة في ذلك البلد الأفريقي. لكن غيلدوف لم يكتفِ بذلك، بل مضى لينظّم "لايف آيد Live Aid"، وهي حفلة ضمّت أولئك النجوم في يوليو (تموز) 1985. واستمرت 16 ساعة ونقلتها تلفزيونات العالم حيّة وبلغت التبرعات التي تدفقت خلالها 225 مليون دولار. وهذا رقم قياسي خرافي، بخاصة في فترته الزمنية. وحصل غيلدوف، تقديراً لجهوده الملحميّة، على لقب "فارس الإمبراطورية" من الملكة إليزابيث، ثم جائزة "رجل السلام" - وهي جائزة يقدمها منذ 1999 الحائزون "نوبل للسلام" لشخصية يختارونها سنويا- إضافة إلى تشريفات عدة أخرى.

جورج كلوني وأمل علم الدين

على خطى أولئك الذين وظفّوا شهرتهم المدوية لخدمة الأعمال الخيرية، شكّل الممثل الأميركي جورج كلوني، بسند من زوجته المحامية اللبنانية- البريطانية أمل علم الدين، "مؤسسة كلوني للعدالة"، التي آلت على نفسها الوقوف بالدعم المالي والمعنوي وراء مختلف القضايا. كما شارك عدداً من نجوم السينما، أشهرهم براد بيت ومات ديمون، في تأسيسNot On Our Watch Project، وهي مؤسسة ترمي لتسليط الضوء على جرائم القتل الجماعي والجرائم ضد الإنسانية ودعم المكتوين بنيرها. وفي هذا الإطار تصدّر كلوني الحملة الرامية لوقف الفظائع التي ارتكبها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ضد أبناء دارفور في غربي السودان. وفي مناحٍ أخرى من العالم، دعّم الجهود الرامية للاعتراف بما اعتبره "جرائم القتل الجماعي بيد العثمانيين ضد الأرمن بين 1914 و1923". كما خصّص مع زوجته جهداً لتسليط الضوء على محنة اللاجئين السوريين إلى أوروبا، واجتمع الاثنان مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ليشكراها شخصيّاً على فتح حدود بلادها لإيوائهم.

بيونسيه وجيه زي

يحلو لوسائل الإعلام الغربية أن تصف هذين الزوجين بأنهما "العائلة المالكة الأميركية"، بسبب شهرتهما العالمية ولأن ثروتهما من أغانيهما وأعمالهما التجارية تقارب الملياري دولار. فبيونسيه، التي يعتبرها البعض "أجمل سوداء على وجه الأرض"، مغنية وكاتبة أغانٍ ومنتجة وممثلة وراقصة ناجحة في جميعها. وتكاد الجوائز التي حصلت عليها لا تحصى - وخذ مثلاً تحطيمها الرقم القياسي بست جوائز "غرامي" دفعة واحدة في 2010. أما زوجها جيه زي فهو مغني "راب" اعتبرته مؤسسة "بيلبورد" الموسيقية ضمن أبرز الفنانين المئة في تاريخ الموسيقى الغربية. وإضافة إلى كونه كاتب أغانٍ ومنتجاً موسيقياً ورجل أعمال، صار أول موسيقيّ أميركيّ (أسود أو أبيض) تتخطى ثروته عتبة المليار دولار. ولحسن الطالع فلم يكبح الثراء والشهرة رغبة هذين الزوجين في مساعدة الآخرين بشكل منتظم. فتبنّت بيونسيه قضايا المرأة ومطالبها بالمساواة، وأنشأت لهذا مؤسسة "فورميشن سكولارز" التي تقدّم منحاً دراسية لمساعدة بنات الفقراء على تلقي التعليم العالي، وأقامت شراكة مع اليونيسيف لتوفير مياه الشرب لأكثر من نصف مليون طفل وأهاليهم في بوروندي، وساعدت على توفير 45 مليون دولار لإغاثة ضحايا إعصار "هارفي" في تكساس، وقدّمت 7 ملايين دولار لإعانة مشردي مدينتها هيوستن، وساعدت جهود الإغاثة بعد زلزال نيبال. ومن جهته، فعل جيه الشيء نفسه لإغاثة ضحايا "هارفي" و"كاترينا" وأيضاً ضحايا إعصار "ماريا" في بورتوريكو، إضافة إلى الكثير الآخر من الأعمال الخيرية الإنسانية سواء داخل بلاده أو خارجها. ولهذا الغرض أقام الزوجان عدداً من المؤسسات المتخصصة لتنظيم عطائهما للآخرين بشكل منتظم وفعّال.

المزيد من منوعات