Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

50 في المئة من المؤسسات السياحية في لبنان تواجه الإقفال

القطاع يحتضر تحت ضربات كورونا والانهيار الاقتصادي

مدينة ملاهي خالية تماماً في مدينة صيدا الجنوبية في أول أيام عيد الفطر (رويترز)

تهاوى القطاع السياحي في لبنان على وقع ضربات متتالية، سدّدتها أولاً التجاذبات السياسية المستمرة والمحتدمة على أبواب كل موسم سياحي لتأتي بعدها الثورة التي اجتاحت شوارع البلاد، ولم يلبث القطاع يلملم جراحه حتى أتت الضربة القاضية من تفشّي وباء فيروس كورونا الذي أقفل كل الحدود عالمياً والتجوّل داخلياً. إقفال ترافق مع انهيار اقتصادي جعل استمرار المؤسسات التي اعتادت عدم الاستقرار في لبنان واكتسبت مناعة ضد الأزمات، أصعب.
هي قصة صورة مشرقة للبنان الذي استطاع بملاهيه ومطاعمه وفنادقه أن يتربّع على لائحة أفضل الأماكن السياحية في العالم ليصبح اليوم يواجه ظلمةً وشبح إقفال يتهدّد أكثر من نصف المؤسسات السياحية ومعها الآلاف من اليد العاملة اللبنانية.

هي حرب مزدوجة يواجهها القطاع السياحي الذي كان وقبل 10 سنوات فقط يغطّي 10 في المئة من الدخل الوطني بشكل مباشر و25 في المئة من الدخل بشكل غير مباشر.
الحرب الأولى خارجية، عنوانها وباء كورونا، أما الحرب الثانية، فداخلية، وتعدّدت عناوينها من التجاذب السياسي وانعكاسه على علاقات لبنان مع دول الجوار والمخاوف الأمنية المرافقة، إلى الانهيار الاقتصادي وشحّ السيولة والقدرة الشرائية للمواطن اللبناني.
 

نصف المطاعم والملاهي والمقاهي ستقفل قبل نهاية 2020 

يقدّر رئيس نقابة أصحاب ​المطاعم​ والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان ​طوني الرامي خسائر القطاع بحدود 500 مليون دولار شهرياً ويتوقّع إقفال أكثر من نصف المؤسسات العاملة في هذا القطاع مع نهاية عام 2020. فالمشكلات متعدّدة ومتشعّبة، وإضافةً الى انتشار وباء كورونا المستجد وتداعياته، المشكلة الأكبر التي تواجه المؤسسات السياحية تكمن في واقع الاقتصاد اللبناني المتردّي والمتمثّل في:

-عدم وجود سيولة في البنوك.

-تراجع القدرة الشرائية للمواطن الرازح تحت تفلّت سعر الصرف والبطالة وتراجع حادّ في راتبه.

 -العامل النفسي السلبي المسيطر على اللبنانيين بسبب استمرار التجاذبات السياسية وعدم مقاربة الملفات الحياتية بشكل فعال.

- الخوف من فيروس كورونا الذي يجعل السياحة مستبعدة.

- اضطرار المؤسسات السياحية إلى شراء المواد الأساسية بسعر صرف يتحرّك حول 4000 ليرة للدولار، فيما تسعير الخدمات والسلع النهائية يبقى عند 1500 ليرة وهو سعر الصرف الرسمي، ما يكبّد المؤسسات السياحية خسائر إضافية.

أما عن واقع قطاع المطاعم والمقاهي والملاهي بالأرقام بحسب النقيب طوني الرامي: 

- 2500 مؤسسة ستستمر من أصل 9500 مؤسسة مع حلول نهاية عام 2020

-785 مؤسسة أقفلت بشكل نهائي حتى الأول من فبراير (شباط) الماضي

-35 ألف عامل سيكونون من دون عمل خلال موسم الصيف كون القطاع السياحي يشغّل إجمالاً 165 ألف موظف بدوام كامل، 40 في المئة منهم في قطاع المطاعم المتضرّر أي 66 ألف موظف، نصفهم سيفقد عمله والباقون سيحصلون على نصف راتب أو أقل.

نعي القطاع

وكان الرامي نعى رسمياً القطاع السياحي الذي قال إنه "انتهى"، بخاصة بعدما تقدّمت النقابة بخطة لتقسيط وتخفيف الأعباء المترتبة للدولة والقروض المتوجّبة للمصارف من دون أن تلقى أي ردّ أو تحرك إيجابي من المعنيين للحفاظ على القطاع السياحي.
وشرح أن القطاع يعاني منذ عام 2011 من سنوات استنزفت قدراته وثرواته وعندما شرع وبعد سنوات من العمل على فتح أسواق جديدة للسياح ورفع الحظر عن سفر المواطنين الخليجيين إلى لبنان عام 2019 باسترداد الخسائر في ظل تحوّل الأرقام إلى إيجابية، هدمت السياسة مرة جديدة كل المساعي بعد حادثة قبرشمون التي أطلق خلالها مناصرون لـ"​الحزب التقدمي الاشتراكي" النار خلال زيارة وزير الخارجية السابق ​جبران باسيل​ إلى منطقة عاليه، على موكب وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​، ما أدى إلى مقتل اثنين من مرافقيه. حادثة عطّلت عمل الحكومة اللبنانية ومعها السياحة الموعودة لعام 2019 التي سجّلت أرقامها خلال الأشهر الستة الأولى من العام، 7 مليار دولار تقريباً ما يعني أن عام 2019 كان ليكون الأفضل سياحياً والمنقذ لاقتصاد لبنان في ما خصّ العملة الصعبة لولا حادثة قبرشمون وما تبعها حتى اندلاع الثورة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأكد النقيب الرامي أن القطاع السياحي سيحتاج إلى 3 سنوات بعد عودة الاستقرار الأمني والسياسي ليعود إلى العمل بكامل طاقاته، مشيراً إلى أن "أزمة كورونا ستأخذ وقتها ولن تنتهي سياحياً قبل مايو (أيار) من عام 2021 بحسب توقعات منظمة السياحة العالمية".
 

الموسم السياحي انتهى قبل أن يبدأ

"لا سياحة في لبنان" بحسب الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية جان بيروتي، الذي يرى أن "السياحة تلقّت ضربة مزدوجة هذا العام، فداخلياً الوضع الاقتصادي سيّء ولا قدرة للبنانيين على الإنفاق والأولويات في مكان آخر. كما أن السياحة الخارجية منعدمة ولا إشارات لعودة الرحلات الجوية قبل سبتمبر (أيلول) إذا كان الفيروس انتهى، ما يعني أن الموسم السياحي في لبنان انتهى قبل أن يبدأ".
ويحذّر بيروتي خصوصاً من عدم قدرة أصحاب المؤسسات السياحية على الاستمرار، "فالكلفة أصبحت عالية جداً في ظل فوضى تعمّ السوق وغياب الرقابة على التجار". ويكمل "المرحلة الحالية صعبة جداً وستطال الفنادق والمنتجعات البحرية كما تأجير السيارات والشقق المفروشة والمطاعم والملاهي، إضافةً إلى الموظفين الدائمين الذين سيخسرون أعمالهم". ويردف أن "من إجمالي 25000 وظيفة موسمية صيفية، سيتم توظيف 2000 بأفضل الأحوال هذا الموسم".

ويفصّل بيروتي أن "أكثر من 5000 وظيفة تتحرّك حول النرجيلة الرائجة في لبنان، قُضي عليها الآن". كما وفي مثال على تعثّر السياحة البحرية هذا العام، يشرح أن "11000 حوض سباحة مطاطي تم شراؤها خلال هذا الشهر من قبل اللبنانيين ما يزيد توقعات تراجع أعداد رواد الشواطئ والمنتجعات البحرية".

وعن الإقفالات، يشرح الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية أن "أصحاب المؤسسات من غير المالكين سيكونون الأكثر عرضةً للتخلّف والخروج من السوق، فيما سيقلّص المالكون من حجم أعمالهم بانتظار مواسم أفضل".
القطاع السياحي يدفع ثمناً غالياً ولن تقتصر الخسائر على القطاع الخاص، فمع احتضار القطاع السياحي ستخسر الدولة اللبنانية 6 مليارات دولار من العملة الصعبة الجديدة التي كانت تدخل البلد، فيما يصارع لبنان شحّاً كبيراً بالعملة الأجنبية دفع بسعر صرف الليرة إلى التدهور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إقفال القطاع الفندقي يحل الأزمة ولو مرحلياً

على صعيد آخر، يعمل رئيس لجنة السياحة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي وديع كنعان على حلول للقطاع السياحي عموماً والفندقي خصوصاً، الذي يعاني التعثّر جراء الأزمات التي تعصف بلبنان. ويبيّن كنعان أن "القطاع الفندقي مقفل بنسبة 90 في المئة منذ فترة ما قبل كورونا وتحديداً مع اندلاع الثورة".

في البلاد، نحو 460 فندقاً أي 24 ألف غرفة فندقية، فقد منها في الأعوام الماضية حوالى 3000 غرفة لتصبح القدرة الفندقية في لبنان عند حدود 19 ألف غرفة. ويتوقّع كنعان أن يفقد القطاع بعد الثورة وأزمة كورونا والمصاعب الاقتصادية 5000 غرفة إضافية، 3000 غرفة منها غبر قابلة للعودة إلى السوق.
ويشير إلى أن "إقفال الفنادق أمّن حمايتها من الإفلاس. فخفض النفقات وتصفيرها حتى تتحسّن الأحوال، شكّلت عامل مناعة بخاصة للفنادق التي يملكها اللبنانيون غير المنكشفين على ديون للدولة. وأصحاب الفنادق نوعان: المالك والمقترض. المالك يحميه الإقفال، أما المقترض، فسيواجه مصاعب أكبر".

وعن أصحاب القروض المتعثّرة، يوضح كنعان أن لجنة السياحة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التي يرأسها تعمل على حلول بالاشتراك مع القطاع المصرفي على طريقة Bail in – Bail out، أي يستملك المصرف أسهماً في الفنادق، بخاصة الكبيرة منها والموجودة في بيروت بحجم دينه ليعود ويبيعها حين تتحسّن الأحوال، في طرح يريح البنك من تكوين ديون معدومة ويمنح مالك الفندق فرصة للحفاظ على أعماله.
وبعكس كل السلبية السائدة في القطاع الفندقي، يرى كنعان أن فنادق الأطراف والمصايف الموسمية ستكون الرابحة هذا العام على الرغم من تردّي الأوضاع الاقتصادية.
وتشير أرقام كنعان إلى أن 80 في المئة من اللبنانيين أصحاب القدرة الشرائية كانوا في السنوات الماضية يسافرون إلى الخارج، وسيتحوّلون هذا العام مع خسارة فرصة السفر، ولو بأعداد أقل، إلى السياحة الداخلية، فيما فنادق العاصمة ستبقى مقفلة بظل عدم توافد المغتربين أو السياح الذين عادة ما يشغلون غرفها.
وبحسب رئيس لجنة السياحة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي "لن تكون هنالك أرقام واضحة حول الفنادق التي ستستمرّ والتي ستقفل نهائياً قبل انتهاء أزمة كورونا ولكن نسبة الإغلاق لن تكون بواقع 50 في المئة كما في قطاعات سياحية أخرى".

المزيد من اقتصاد