Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اعتداء على قناة "MBC عراق" يثير تساؤلات حول قدرة الكاظمي على ضبط الجماعات المسلحة

إعلاميون يخشون على مستقبل الصحافة بسبب المضايقات المتكررة في بلاد الرافدين

صورة متداولة من اقتحام مقر قناة "أم بي سي عراق" في بغداد (مواقع التواصل)

اقتحم محتجون غاضبون من أنصار نائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس - الذي قُتل في الغارة الجوية التي استهدفته وقائد الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني في 3 يناير (كانون الثاني) الماضي- مقر قناة "MBC عراق" في بغداد، على خلفية ورود اسم المهندس في أحد برامج القناة، وكان المحتجون قد تجمهروا في محيط القناة قبل أن يقوموا باقتحامها. ولم يُسفر الحادث عن سقوط قتلى أو جرحى، في ما اقتصرت الأضرار على المعدات.
ووجد رئيس الوزراء العراقي الجديد، مصطفى الكاظمي، نفسه أمام تحدٍ صعب بعد هذه الواقعة، التي رأى فيها مراقبون خطراً على مستقبل الحريات في البلاد وامتداداً لما جرى في الأشهر السابقة من اعتداءات على المؤسسات الصحافية والإعلامية خلال فترة احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

السفارة في بيروت

وجاء هذا الاقتحام على خلفية حلقة برنامج "مالك بالطويلة"، التي تطرّقت إلى مقتل زوجة الشاعر السوري نزار قباني، بلقيس الراوي، في تفجير استهدف السفارة العراقية في بيروت عام 1981، وتضمنت الحلقة روايات حول دور أبو مهدي المهندس في التخطيط لتلك العملية. 
 

MBC تطلب الحماية

في غضون ذلك، استنكرت مجموعة "أم بي سي" الاعتداء، وقالت في بيان إن "المجموعة إذ تستنكر بأشد العبارات الاعتداء السافر الذي تعرّضت له استوديوهاتها في بغداد، فهي تضع الأمر في عهدة السلطات العراقية، وتُجدِّد ثقتها في الأجهزة الأمنية والقضائية، وذلك حمايةً للمؤسسة التي تعمل في العراق وفق الأنظمة والقوانين، وكذلك العاملين فيها".
وتابع البيان "عسى أن تكشف التحقيقات ملابسات الاعتداء وتفاصيله، وتُتخذ سريعاً الإجراءات الكفيلة بمحاسبة الفاعلين والحيلولة دون تكرار أي اعتداء مشابه مستقبلاً، لا قدّر الله".
في المقابل، أصدرت وزارة الداخلية العراقية بياناً جاء فيه، أنه "في الوقت الذي نؤكد ضمان حق الاحتجاج السلمي بالطرق المشروعة، فإننا نرفض أي اعتداء أو سلوك خارج القانون بحق وسائل الإعلام أو ممتلكات خاصة وعامة، سيتم التعامل مع تلك الحالات وفق القوانين النافذة". وأضافت أن "ضمان حرية وسائل الإعلام وأمنها جزء من مسؤولية القوى الأمنية، كما أن تنظيم عمل وسائل الإعلام من مسؤولية هيئة الاتصال والإعلام، والتي بدأت بإجراءات قانونية لمعالجة ما صدر في وقت سابق من شبكة تلفزيون الشرق الأوسط (أم بي سي)".



أخطر بقعة للعمل الصحافي

في السياق، قال محيي الأنصاري، أحد مراسلي قناة "أم بي سي عراق"، إن "هذه ليست المحاولة الأولى لاستهداف المؤسسة، بل تعرضت منذ انطلاقها لهجوم من جهات حزبية وجهات ذات أذرع مسلحة، لكنهم لم يجدوا الذرائع سابقاً بسبب التعامل الحيادي مع الاحتجاجات الأخيرة"، مبيناً أن "القناة مفتوحة وفق اللوائح والأنظمة والقوانين في العراق ولم تتجاوزها".
وأوضح الأنصاري لـ"اندبندنت عربية" أن "متابعة هذه الجهات لإحدى قنوات المجموعة، وليست قناة (أم بي سي)، كانت ذريعة للاعتداء الذي حصل"، مردفاً أن "صفحات عدة تابعة لجهات سياسية ومسلحة على وسائل التواصل الاجتماعي كانت تحضّر لهذا الاحتجاج على مدى أكثر من أسبوع وتهيئ الجو العام لتقبّل الاعتداء".
وتابع أن "أحد الأشخاص المعروفين بالانتماء لتلك الجهات صوّر الاعتداء ونشره وكان يتفاخر بما حصل"، لافتاً إلى أن "القناة قررت وقف مكتب بغداد حتى شهر سبتمبر (أيلول) المقبل حفاظاً على سلامة موظفيها".
وأشار إلى أنه "على الرغم من التعاطي الحيادي للقناة مع الاحتجاجات العراقية، فإننا تعرضنا للكثير من المضايقات والتهديدات على مدى تلك الفترة". وكشف أن "القناة أبلغت مكتب رئيس الوزراء والجهات الأمنية قبل ثلاثة أيام بأنها تتعرض لضغوط وتهديدات، وتمت طمأنتنا من قبلهم"، مبيناً أن "ما جرى يُعد أول اختبار لمصداقية حكومة مصطفى الكاظمي". ولفت إلى أن "القوة الأمنية التي تم تكليفها حماية المؤسسة اقتصرت على الشرطة المحلية، ولم يكن فيها قوة لمكافحة الشغب"، مستدركاً أن "القوة الأمنية لم تستطع القيام بشيء يذكر. ما حدث يُعد رسالة للصحافة بشكل عام بأنها في تدهور مستمر، وأن العراق بات أخطر بقعة للعمل الصحافي".

أعمال ترهيب وتخريب

في غضون ذلك، ذكرت النقابة الوطنية للصحافيين في العراق، في بيان، أنها "وثقت اقتحام وتخريب وإغلاق مكتب قناة (أم بي سي عراق) من قبل مواطنين محتجين على خلفية تقرير نشرته القناة حول تفجير السفارة العراقية في لبنان". وأضافت أن "وحدة رصد النقابة حصلت على فيديو ومجموعة صور تظهر اقتحام مكتب القناة وتخريب معداتها واستوديوهات التصوير الداخلي"، مشيرةً إلى أن "الفيديوهات أكدت أن المحتجين علقوا لافتات يطالبون فيها بإغلاق القناة".
وأكدت النقابة أن "حرية العمل الإعلامي والصحافي حق كفله الدستور العراقي، ولا يحق لأي جهة تكميمه بالقوة"، مطالبةً في الوقت ذاته بـ"اللجوء إلى القضاء في مثل هكذا أمور وتجنب أعمال الترهيب والتخريب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قوى فوق الدولة

في سياق متصل، رأى الصحافي فاضل النشمي أن "الاعتداء على أي مؤسسة إعلامية مدان بكل الأحوال، ومهما كانت الذرائع التي تقف خلفه"، مضيفاً أنه "في حال أخفقت أو أخطأت أي مؤسسة إعلامية في تقديم مضمون معين، فإن مكان محاسبتها الطبيعي هو القضاء وليست أعمال البلطجة التي استخدمت ضد استديو قناة (أم بي سي عراق)".
وأوضح لـ"اندبندنت عربية" أن "المؤسف هو أن حكومة الكاظمي الجديدة وقواتها الأمنية أظهرت هذه المرة عجزاً مماثلاً للعجز الذي ظهرت عليه حكومة عبد المهدي السابقة في التصدي للعصابات التي اعتدت على قنوات (الرشيد) و(دجلة والفرات) في يناير الماضي، واعتدت على موظفيها وحطمت معداتها".
وأشار إلى أنه "يخيل للمراقب أن قوى فوق الدولة العراقية تسعى جاهدة إلى إسكات كل صوت يصدر عن مؤسسة صحافية أو إعلامية خارج إطار السرديات الشائعة لأحزاب السلطة وفصائلها الموالية لإيران".
وأكد أن "الاعتداء على المؤسسات والقنوات الإعلامية بهذه الطريقة الفجّة يبعث برسالة سلبية جداً عن حالة الأمن في العراق، كما يحرم موظفين وكوادر صحافية وإعلامية عراقية من فرص عيش هم أحوج ما يكونون إليها في ظل ظروف تفشي فيروس كورونا العصيبة".


اختبار لحكومة الكاظمي

كذلك اعتبر الصحافي علي رياض أن "اقتحام (أم بي سي) ليس مفاجئاً، هذا المشهد رأيناه سابقاً مع قنوات محلية وعربية عدة، والأسلوب طُبّق في السابق على شكل مافيا أو عصابة تقتحم وتكسر المعدات وتعتدي على الطواقم، واليوم يُراد تجميله بمنحه صبغة احتجاج شعبي مستخدمين اسم الشخص المذكور في وثائقي للقناة لصناعة رأي عام مزيف".
وختم أن "ما حدث اليوم هو اختبار جادّ لحكومة الكاظمي وتحدٍ جديد مضاف لها، فإما أن تثبت أنها مع الحريات الصحافية وحرية التعبير عن الرأي وفسح هذا المجال الدستوري لوسائل الإعلام بمسؤولية حقيقية، أو تنتهج التراخي مع مَن يمارسون هكذا أفعال إجرامية كما حصل في فترة حكومة عبد المهدي المستقيلة".

المزيد من العالم العربي