Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتفليقة يتراجع عن الترشح ويؤجل انتخابات الرئاسة… ويعيّن بدوي رئيساً للحكومة

يُعتقد على نطاق واسع أن الأخضر الإبراهيمي هو الشخصية التي ستُكلّف برئاسة "الندوة الوطنية"

أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (82 سنة) الإثنين، تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في 18 أبريل (نيسان) المقبل، وعدم الترشح لها، كاشفاً عن إجراء الانتخابات "بعد ندوة وطنية شاملة ومستقلة" (هيئة تمثيلية موسعة تعدّ وثيقة الدستور الجديد)، إضافة الى "تشكيل حكومة من الخبرات".

 

ووجّه بوتفليقة رسالة إلى الجزائريين، دافع فيها عن خيار انسحابه قائلاً "إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلب العهدة الخامسة حيـث أن حالتي الصحية وسِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري".

ولفت بوتفليقة في رسالته إلى أن "الجزائر بمرحلة حساسة من تاريخها، ففي الثامن من شهر مارس (آذار) الحالي، وفي جُمعةِ ثالثة بعد سابقتيها، شهِدت البلادُ مسيرات شعبية حاشدة"، مؤكداً أنه "تفهم حراك الجموع". وأضاف "تابعـتُ كل ما جرى، وكما سبق لي وأن أفضيت به إليكم في الثالث من هذا الشهر، إنني أتفهم ما حرّك تلك الجموع الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا الأسلوب هذا للتعبير عن رأيهم، ذلك الأسلوب الذي لا يفوتني، مرة أخرى، أن أنوّه بطابعه السلـمي".

التعهدات السبعة

وكشف بوتفليقة عن "خارطة طريق" غابت عنها المهل الزمنية، وتضمنت مجموعة التزامات حددها كالآتي: "أولاً: لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيـث أن حالتي الصحية وسنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا وهو العمل على إرساء أسس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعاً. إن هذه الجمهورية الجديدة، وهذا النظام الجديد، سيوضعان بين أيدي الأجيال الجديدة من الجزائريات والجزائريين الذين سيكونون الفاعلين والـمستفيدين في الحياة العامة وفي التنمية الـمستدامة في جزائر الغد".

وأضاف "ثانياً: لن يُجْرَ انتخاب رئاسي يوم 18 أبريل المقبل. والغرض هو الاستجابة للطلب الـمُلِح الذي وجهتموه إليّ، حرصاً منكم على تفادي كل سوء فهم في ما يخص وجوب وحتمية التعاقب بين الأجيال الذي الْتزمت به".

ووصف بوتفليقة خيار إلغاء الانتخابات الرئاسية "بتغليب الغاية النبيلة الـمتوخاة من الأحكام القانونية التي تكمن في سلامة ضبط الحياة الـمؤسساتية، والتناغم بين التفاعلات الاجتماعية – السياسية، على التشدد في التقيد باستحقاقات مرسومة سلفاً". وزاد "إن تأجيل الانتخابات الرئاسية الـمنشود يأتي إذن لتهدئة المخاوف المعبَّر عنها، قصد فسح الـمجال أمام إشاعة الطمأنينة والسكينة والأمن العام، ولنتفرغ جميعاً للنهوض بأعمال ذات أهمية تاريخية ستمكّننا من التحضير لدخول الجزائر في عهد جديد، وفي أقصر الآجال".

 

وقال بوتفليقة في ثالث تعهداته "عزماً مني على بعث تعبئة أكبر للسلطات العامة، وكذلك لمضاعفة فعالية عمل الدّولة في كل المجالات، قرَّرتُ أن أُجري تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة، في أقرب الآجال. وستكون هذه التعديلات رداً مناسباً على الـمطالب التي جاءتني منكم وبرهاناً على تقبلي لزوم المحاسبة والتقويم الدقيق لـممارسة الـمسؤولية على كل الـمستويات، وفي كل القطاعات".

وبعد نحو نصف ساعة من صدور بيان الرئاسة، أُعلن عن إجراء بوتفليقة تغيير حكومي، عُيِّن بموجبه وزير الداخلية الحالي نور الدين بدوي، رئيساً للحكومة خلفاً لأحمد أويحيى الذي قدم استقالة حكومته. وجرى تعيين المستشار الدبلوماسي لدى الرئاسة، وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة نائباً لرئيس الحكومة.

وتحدث بوتفليقة في التعهد الرابع عن "الندوة الوطنية الجامعة المستقلة" التي ستكون "هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس وإعداد واعتماد كل أنواع الاصلاحات التي ستشكّل أساس النظام الجديد الذي سيتمخّض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنية، هذا الذي أعتبر أنه مهمتي الأخيرة، التي أختم بها ذلك الـمسار الذي قطعته بعون الله تعالى ومدده، وبتفويض من الشعب الجزائري". وتابع أن "هذه الندوة عادلة من حيث تمثيل المجتمع الجزائري ومختلف ما فيه من الـمشارب والـمذاهب".

وفسّر أن الندوة "ستتولى تنظيم أعمالها بحريّة تامة بقيادة هيئة رئيسة تعددية، تكون على رأسـها شخصية وطنية مستقلة، تَحظى بالقبول والخبرة، على أن تحرص هذه النّدوة على الفراغ من عُهدَتها قبل نهاية عام 2019. وسيُعرض مشروع الدستور الذي تعدُّه النّدوة الوطنية على الاستفتاء الشعبي، كما أنها هي التي ستتولى بكل سيادة، تحديد موعد تاريخ إجراء الانتخاب الرئاسي الذي لن أترشح له بأي حال من الأحوال".

أما خامساً "سيُنظَّم الانتخاب الرئاسي، عقب الندوة الوطنية الجامعة الـمستقلة، تحت الإشراف الحصري للجنةٍ انتخابية وطنيةٍ مستقلة، ستُحدد عهدتها وتشكيلتها وطريقة سيرها بمقتضى نصّ تشريعي خاص، سيُستوحى من أنجع وأجود التجارب والـممارسات الـمعتمدة على الـمستوى الدولي"، مضيفاً أنه "تقرر إنشاء لجنة انتخابية وطنية مستقلة استجابةً لـمطلب واسع عبرتْ عنه مختلف التشكيلات السياسية الجزائرية، وكذلك للتوصيات التي لطالـما أبدتها البعثاتِ الـمراقبة للانتخابات التابعة للـمنظمات الدولية والإقليمية التي دعتها واستقبلتها الجزائر في الـمواعيد الانتخابية الوطنية السابقة".

وجاء في التعهد السادس، أنه "بغرض الإسهام على النحو الأمثل في تنظيم الانتخاب الرئاسي في ظروف تكفل الحرية والنزاهة والشفافية ولا تشوبها شائبة، سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية، تتمتع بدعم مكونات النّدوة الوطنية. وستتولى هذه الحكومة الإشراف على مهام الادارة العامة وأجهزة الأمن، وتقدم العون للجنة الانتخابية الوطنية الـمستقلة".

وفي التعهد السابع والأخير، قال بوتفليقة "أتعهد أمام الله عزَّ وجلَّ، وأمام الشعب الجزائري، بألا أدّخر أي جهدٍ في سبيل تعبئة مؤسسات الدولة وهياكلها ومختلف مفاصلها والجماعات الـمحلية، من أجل المساهمة في النجاح التام لخطة العمل هذه".

قراءة بوتفليقة للأحداث

وقدّم الرئيس الجزائري، الذي عاد مساء الأحد إلى بلاده بعد اجراء فحوص طبية دورية في جنيف، قراءته للمسيرات التي تشهدها الجزائر منذ أسابيع، فقال "إني لأتفهم على وجه الخصوص تلك الرسالة التي جاء بها شبابنا تعبيراً عما يخامرهم من قلق أو طموح بالنسبة إلى مستقبلهم ومستقبل وطنهم". وأضاف "أتفهّم كذلك التباين الذي ولّد شيئاً من القلق، بين تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعد مناسب تقنياً من حيث هو معلـم من معالـم الحياة الـمؤسساتية والسياسية، وبين التعجيل بفتح ورشة واسعة بأولوية سياسية قصوى للغاية". وتابع "إني أتفهم كذلك، أن مشروع تجديد الدولة الوطنية، الذي أفصحت لكم عن أهم مفاصله، يجب أن يُضاف إليه مزيداً من التوضيح وأن يتم إعداده، حتى نتفادى أي ريبة قد تخامر الأذهـان، وذلك باستجماع الشروط اللازمة والظروف الـملائمة لتبنّيه من قبل كل الطبقات الاجتماعية وكل مكونات الأمة الجزائرية".

 

بدوي "الإداري" رئيساً للحكومة

أما نور الدين بدوي، الذي عيّنه بوتفليقة رئيساً للحكومة خلفا لأويحيى، هو وزير من التكنوقراط تدرّج في المسؤولية عبر سلك الإدارة والولاة (المحافظين). ويُعتبر بدوي أحد خريجي المدرسة الجزائرية للإدارة، وشغل مناصب عدة كوالي لمحافظات عدة، قبل أن يصبح وزيراً للتكوين المهني، ثمّ وزيراً للداخلية منذ بضعة سنوات. ولطالما عهد له بوتفليقة بتكليفات نيابةً عنه، الأمر الذي كان يغيظ أويحيى.

قايد صالح والإبراهيمي

ومع تسارع الأنباء القادمة من القصر الرئاسي في زرالدة في الضاحية الغربية للعاصمة، نقل التلفزيون الحكومي، صور استقبال بوتفليقة، لرئيس أركان الجيش، نائبه في وزارة الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح. وجاء في بيان رئاسي أنه خلال هذا اللقاء "قدّم الفريق أحمد قايد صالح تقريراً حول الوضع الأمني على المستوى الوطني لا سيما على طول الحدود".

وأُعلن لاحقاً خبر استقبال بوتفليقة، الدبلوماسي الجزائري، وزير الشؤون الخارجية الأسبق، الأخضر ابراهيمي، فيما يُعتقد على نطاق واسع أن الابراهيمي هو مَن سيُكلَّف برئاسة "الندوة الوطنية".

وأكد ابراهيمي في تصريح للصحافة عقب اللقاء، أن هذه الزيارة هي "زيارة مجاملة". وقال "كان لي الشرف أن اسُتقبل من قبل الرئيس بوتفليقة بعد عودته من العلاج من سويسرا حتى أطمئن على صحته وأوضاعه"، مضيفاً أنه "نظراً للوضع الذي تمر به البلاد أخبرني ببعض القرارات المهمة الذي هو بصدد اتخاذها".

وعبّر ابراهيمي عن تفاؤله من كلام بوتفليقة وإدراكه بأن "صوت الجماهير بخاصة الشباب منها مسموع" لافتاً أن "مرحلة جديدة بناءة ستبدأ في مستقبل قريب ستعالج الكثير من مشاكلنا". وأضاف في السياق ذاته أن "الشباب الذين خرجوا في شوارع بلدنا تصرفوا بمسؤولية أثارت اعجاب الجميع في الداخل والخارج"، داعياً إلى "الاستمرار في التعامل مع بعضنا البعض بهذه المسؤولية والاحترام المتبادل وأن نحوّل هذه الأزمة إلى مناسبة بناء وتشييد".

كما أصدرت الرئاسة بياناً أعلنت فيه إقالة رئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، عبد الوهاب دربال وحل الهيئة نهائياً.

 

 



الأئمة يلتحقون بالحراك

وقبل ساعات على نهاية مهلة دراسة ملفات المرشحين للانتخابات الرئاسية في المجلس الدستوري، أعلن علي فوزي رباعين، رئيس حزب "عهد 54"، أحد المرشحين الـ 21 الذين تقدموا بملفاتهم، انسحابه رسمياً من السباق. وقال رباعين الاثنين إنه "يلتحق بالحراك الشعبي". كذلك، أعلن المجلس الوطني للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، الالتحاق بالحراك الشعبي، وتنظيم مسيرة الثلثاء، أمام مقر المجلس الدستوري في العاصمة "للمطالبة بعدم إقحام المساجد والأئمة في القضايا محل الخلاف من طريق التعليمات الإدارية التي أدت إلى المساس بقدسية المسجد ومكانة الإمام". ويُعيب المجلس الذي يقوده الإمام جمال غول، على وزارة الشؤون الدينية، إرسالها تعليمات أسبوعية تحتوي فكرة خطب الجمعة، إذ عادةً ما تدعو الوزارة عبر الأئمة، إلى تهدئة الشارع و"الدفاع عن خصال الرئيس وإنجازاته". وأدّى ذلك إلى تعرض أئمة أثناء خطب أيام الجمعة التي شهدت مسيرات، لانتقادات من مصلين غادروا المساجد من دون إتمام الصلاة. ودعا المجلس في بيان وقعه جمال غول "المسؤولين إلى الحرص الجاد على معرفة الأسباب الحقيقية للحراك الشعبي، والإصغاء إلى مطالبه المشروعة وتجنّب سياسة الهروب إلى الأمام".

مقاطعة برلمانية

في السياق ذاته، قاطعت سبع كتل برلمانية، جلسات البرلمان رسمياً. وضمت قائمة الكتل المقاطِعة، نواب كلٍ من، "حركة مجتمع السلم"، "حزب العمال"، "كتلة الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء" (ثلاثة أحزاب متحالفة)، "التجمع الوطني الديمقراطي"، و"جبهة المستقبل" و"جبهة القوى الاشتراكية". وتجمّع المحتجون في بهو الغرفة السفلى للبرلمان، معلنين دعمهم الحراك الشعبي الرافض ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، ودعم المطالب المرفوعة التي ترتكز في الأساس على "تغيير النظام ورحيل رجالاته والتأسيس لدولة الحق والقانون".

 

 

المزيد من العالم العربي