Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعفاء البريطانيين من التأشيرات لدخول الدول الأوروبية ليست جائزة ترضية كافية لتعويض فوضى "البريكست" الحالية

في جملة الأمور الأخرى، يعني انتهاء حرية حركة القوى العاملة أنه لن يكون بوسع البريطانيين العمل في الاتحاد الأوروبي من دون تصريح، والعكس صحيح

علم الاتحاد الأوروبي يرفرف خارج مقر مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل ، بلجيكا 20 يونيو ، 2018. (رويترز)

قليلة جداً هي الأخبار الجيدة التي نسمعها عن مأزق البريكست، لدرجة تجعلنا عند شعورنا بأن هناك بصيصاً من الأمل، وبأن إحدى المزايا التي كانت من المسلمات، ستبقى مضمونة في المُستقبل، نعتبر هذا إنجازاً وكأنه الانفراجة الدبلوماسية الأكبر منذ ذهاب نيكسون إلى الصين.

هناك خبر جيّد بخصوص التقليد البريطاني بقضاء نهاية أسبوع رومنسية سريعة في باريس. تكرّم الاتحاد الأوروبي بالموافقة على إعفاء مواطني المملكة المتحدة من التأشيرات لدخول جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وفي منطقة الشنغن الأوسع أيضاً والدول التابعة لها. وهذا يعني أن السياح البريطانيين سيتمتعون بحرية زيارة الوجهات المعتادة لهم في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى سويسرا، وسان مارينو، وموناكو، وأيسلندا أو النرويج - وكلها أماكن جيدة لقضاء العطلات. وقد قدّمت المملكة المتحدة الإعفاء ذاته لمواطني الاتحاد الأوروبي.

إن انتهاء حُرية تنقل القوى العاملة يعني بالطبع أنه لن يكون بوسع البريطانيين أن يعملوا من دون تصريح من الآن فصاعداً في الاتحاد الأوروبي، والعكس صحيح؛ وأن البريطانيين المقيمين في أوروبا لن يتمتعوا بالحماية الجُمركية التي يحظون بها اليوم (على سبيل المثال ضريبة المُمتلكات). وعلى الأقل فهذا الخبر يبقى جيّداً.

ولكن هذا هو سقف الأخبار السارّة. فالمجلس الأوروبي، في الإعلان ذاته، أشار إلى جبل طارق بالمصطلح البالي "مُستعمرة"، وهي إشارة تنذر بالشؤم أو قد تكون مجرد إشارة غير متقنة، ولكن الإعلان في كل حال أعاد طرح حقيقة أن سيادة المملكة المُتحدة على هذه الأراضي الواقعة ما وراء البحار مُتازعٌ عليها مع إسبانيا.

هذه الإشارة يجب على الأقل أن تُذكِّر دُعاة الخروج شديدي التفاؤل أن تفاوض رئيسة الوزراء مُجدداً على اتفاقية انسحاب المملكة المُتحدة من الاتحاد الأوروبي ستُشرِّع الأبواب أمام أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي لإعادة فتح قضايا تخُصُهم.

في الواقع، فقد وضّحت تيريزا ماي لمجلس العموم البريطاني، بعد عودتها من آخر جولاتها، أن المملكة المُتحدة إن رغبت بالتفاوض مُجدداً بشأن الاتفاقية، فإن هذا قد يجعل بعض الدول الأعضاء الأخرى، مثل إسبانيا، تعيد النظر في التزاماتها السابقة. حيث تمت تسوية قضية جبل طارق من خلال مُبارزةٍ دُبلوماسيةٍ حصلت في آخر لحظة، وتبادلٍ للرسائل في نهاية جلسات المباحثات الأخيرة.

بالتالي إن استطاعت ماي النجاح في حل قضية الحُدود الإيرلندية، فإنه من المُتوقع أن تُشعل فتيل الخلاف ثانيةً حول مُستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بما يخص جبل طارق دون قصد. حتى وإن كانت قضية جبل طارق مُهملة عادةً، إلا أنّها تُثير موجة من الغضب دائماً، حيثُ إن من شأن القضية تأجيل وتعطيل مُناقشات البريكسيت. وهذا بدوره يعني أن تأجيل صفقة البريكسيت وتمديد فترة إتمام إجراءات الخروج بحسب المادة رقم 50 أمرٌ لا مفر منه.

وعلى صعيد آخر، فإن ما يتم تداوله من أخبار حول تأسيس نايجل فاراج لحزب سياسيٍ جديد يُعتبر هامشياً في مثل هذه الظُروف. فقد كان فاراج يوماً، رجلاً ذا نفوذ في البلاد، إن صح التعبير، ولكن بالرغم من أن 200 مُرشحاً في صفه ومليون جنيهاً إسترلينياً بحوزته، إلا أن نجاحه مُستقبلاً يبدو صعب المنال. وتجدُر الإشارة إلى أنه منذ استقالته كزعيم لحزب استقلال المملكة المتحدة، ومن ثم من الحزب ذاته بشكل نهائي، فقد اتسع الصدع بينه وبين خليفته جيرارد باتن بشكل ملحوظ. ويُؤخذ على السيد فاراج امتعاضه من علاقة السيد باتن الوطيدة مع تومي روبنسون، وانحراف حزب استقلال المملكة المتحدة عن كونه حملة تاتشرية جديدة وتوجهه نحو النهج القومي.

إن كان فاراج سينافس بمُرشّحيه ضد حزب استقلال المملكة المتحدة، وضد المُحافظين الداعمين لماي، وهو أمر مُحتمل، فإن النتيجة ستكون فوضوية، ولكنها من المُحتمل أن تتسبب في انقسام التصويت حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، وكسب المزيد من تصويت المُحافظين أمام العُمال، وقد تُصبح احتمالية تولي كوربين زِمام الحكومة أكبر نتيجةً لذلك. هذا هو عادة نظام ويستمنستر المُتسم بالغرابة في تنفيذ قاعدة العواقب غير المقصودة لمن يسعون لتحديها.

على أيةِ حال، فهذا على فرض إجراء انتخابات عامة وإتمامها قبل إتمام البريكسيت، وهو ما لن يحدث. فبعد إتمام الخروج من الاتحاد الأوروبي، فإن الخلافات السياسية حول ما يُفضله الشعب فيما يتعلق بصفقة البريكسيت -إن كان لديه ما يُفضله بالمُطلق- ستكون قد تجاوزتها الأحداث. سيكون هُناك خسائر سياسية بالتأكيد، ولكن إن تم المُضي قُدماً في البريكسيت بأي شكل من الأشكال، فإن الضرر الاقتصادي سيكون على نحوٍ غيرمسبوق في زمن السلم.

إن افترضنا أن بريكسيت سيتم خلال العقد الذي يبدأ في 2020، فإن العواقب الاقتصادية للبريكسيت  - المُتمثلة بركودٍ أو كسادٍ طويل الأمد- هي ما سيحدّد الجدال والخيارات السياسية، أكثر من البريكسيت بحد ذاته.

© The Independent

المزيد من آراء