Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نساء متألقات الآن في علوم الثورة الصناعية الرابعة و... لم تسمع بهنّ!

على الرغم من وجود جائزة باسمها منذ عقود، اسم آدا بايرون لوفلايس ليس شهيراً في المنطقة العربيّة، وهي عاشت في القرن التاسع عشر وأسهمت في ولادة الكومبيوتر المتكامل! من هنّ حاملات شعلتها حاضراً؟

إنهن يستطعن... في العلم كما في مناحي الحياة كلها (موقع "ميديوم. كوم")

تمزج الحكاية الشعر بالكومبيوتر والعلوم، لكنها لا تُحْكَى إلا قليلاً، بالأحرى لا تُروى تفاصيلها "المحرجة" إلا لماماً. تبدأ القصة من الشاعر الرومانسي المتمرّد اللورد بايرون الذي يعتبر أيقونة المرحلة الثانية من العصر الرومانسي العاصف. يربط الشاعر بالعلوم خطّان رئيسان: فرانكنشتاين و... الكومبيوتر!

وُلِدَتْ رواية "فرانكنشتاين" الشهيرة، وهي نقد ثقافي عميق (ومأزوم) للعلم، على يد ماري تشيللي، ابنة الشاعر بيرسي تشيللي، صديق اللورد بايرون. ووفق قصة شائعة (ليس بالضرورة صحيحة)، كتبت ماري في ليلة واحدة، بعدما تحدّاها الشاعران أن تفعل ذلك، ذات ظهيرة في يوم عطلة بسويسرا. وُلِدّت تلك الرواية التي ما زالت ثقافة النقد العلمي تستقي منها (وأحياناً، ترفضها أيضاً) حتى الآن.

التمرّد ونابليون والعصر الرومانسي

 

يتمثّل الخيط الثاني الذي يجمع بايرون الثائر المفتون بالثورة الفرنسية وبنابليون بونابرت، في ابنته آدا بايرون. عند هذه النقطة، يجب خفض الصوت إلى ما تحت الهمس. ثمة تفاصيل محرجة في حياة الشاعر المتحرّر (بل المغالي في التحرّر الجنسي والديني)، أدت إلى ولادة الابنة من زواج مضطرب. حملت الابنة اسم أخت الشاعر بايرون، وربّتها زوجته الأسطوريّة الصبر (ربما أكثر من بنليوبي في الأوذيسيّة) على نزوات زوجها المجتاحة كل أنواع القيم. وتراءى للزوجة أن الشعر ومزاجه هما سر انفلات بايرون، فحرصت أن تبعد الابنة عن شعر أبيها، بل لم تقرأ حرفاً منه قبل أن تثق الأم من حصول آدا على ما يكفي من العلم كي تزن الأمور برجاحة. والأرجح أن صبر الأم أعطى ثماراً ما زلنا نأكل منها حتى الآن. إذ انجذبت آدا منذ طفولتها إلى الرياضيات التي درستها في دارة أمها (وليس في مدرسة عادية)، بل تألّقت فيه. وبعد أن لامست سن الشباب، اطّلعت آدا على شعر أبيها (وسيرة حياته الشبيهة بسلسلة أعاصير لم تتوقف إلا بموته في عمر الـ36 ربيعاً)، الذي يعتبر أحد أعظم شعراء إنكلترا. وحملت الكلمات الشعرية المموسقة إلى آدا شغفاً بالثقافة (حسناً: ربما مع شيء مما عُرِفَ عن بايرون من التطلّق والتمرّد)، فصار بعداً آخر في شخصيتها.

تزوجّت آدا من الأريستوقراطي الإنكليزي ويليام لوفلايس، وكذلك أدى شغفها في الرياضيّات إلى نسج علاقة وطيدة مع العالِم الإنكليزي الشهير تشارلز بابيج الذي غالباً ما يوصف بأنه الأب الروحي للكومبيوتر، وكان يكبرها سنين. وتعمّقت آدا في المعادلات الرياضيّة لآلةٍ كان بابيج يعمل عليها. وبفضل آدا، تبنّى بابيج فكرتها القائلة بضرورة صنع أداة أوتوماتيكيّة تستطيع أداء العمليات الحسابيّة كلها كما تستطيع أن تتعامل مع الكلمات والحروف كأنها أرقام. ووضعت آدا معادلات خوارزميّة عن كيفيّة تمكين آلة أوتوماتيكيّة من التعامل مع النصوص المكتوبة. وإذ تمازجت موهبتا بابيج وآدا، وُلِد مخطّط لآلة عرفت باسم بابيج، تجمع بين "التمرّس" في الرياضيات و"ثقافة" الكلمات. توجّب على العلم أن ينتظر قرابة قرن من الزمان، قبل أن تتحوّل تلك "أداة بابيج" إلى الكومبيوتر الأول في التاريخ. وفي أواسط الأربعينيات من القرن العشرين، تحت ضغوط متنوّعة منها الضرورات التي أملتها الحرب العالمية الثانية، وُلِد الكومبيوتر "إنياك" ENIAC، وهو اسم يختصر عبارة Electronic Numerical Integrator And Computer.

ما زالت علوم المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة مدينة لآدا بايرون لوفلايس بتلك الفكرة العبقرية في شأن الآلات التي تحسب وتكتب. وفي ثمانينيات القرن العشرين، وُضِعَت جائزة باسم آدا بايرون، وكُرس لها يوم عالمي. وفي 26 آذار (مارس) 2019، سيجري الاحتفاء بـ"جوائز آدا لوفلايس" Ada Lovelace Awards التي تكرّم النساء المتالّقات في التكنولوجيا.

من الجينوم مروراً بالليزر وصولاً إلى التحرّش الجنسي!

 

مع حلول اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس الحالي، تداولت المواقع العلميّة الغربيّة أسماء عشر نساء متألّقات حاضراً في العلوم، خصوصاً تلك المتصلة بمسار الثورة الصناعية الرابعة Fourth Industrial Revolution. وتوصف تلك الثورة بأن بُعدها العلمي والتكنولوجي يعتمد على إمحاء الفارق بين المادي والافتراضي عبر اندماج علوم المعلوماتية (خصوصاً الرَقْمَنَة والذكاء الصناعي والروبوت وشبكات الاتصالات والطباعة الثلاثية الأبعاد وغيرها)، والهندسة البيولوجية (الجينات...)، والنانوتكنولوجيا، والطاقة. وتضم قائمة الإناث العشر المتألقات في تلك العلوم، الأسماء التالية:

01- مارغريت هاملتون. توصف بأنها "الأم الروحية لبرمجيّات الكومبيوتر". عملت في شركة "آي بي أم" منذ مطلع الستينيات من القرن العشرين، وكتبت برمجيات مهمة المركبة "أبوللو" التي حملت بشراً إلى القمر.

 02- فاي فاي لي. تشغل منصب أستاذ كرسي أكاديمي في "جامعة ستانفورد"، في علوم الذكاء الصناعي Artificial Intelligence، بل تترأس المعهد المتخصص بالشق الإنساني من الذكاء الصناعي في تلك الجامعة.

03- جويل بوركس. مستثمرة في العلوم والتكنولوجيا. تشتغل على مشروع ضخم هدفه إحداث قفزة علمية في تقنيات الهواتف الذكيّة، يحمل اسم "بارتبِك" Partpic. وبفضل ذلك البرنامج، يكون ممكناً تصوير الأجزاء المعطّلة من آلة ما، لنقل أنها في محرك سيارتك، ثم البحث عن الأمكنة والمحلات التي

تمكنك من الحصول على بديل لها.

04- دونا ستركلاند. حائزة على جائزة نوبل في الفيزياء(2018) تكريماً لإنجازاتها في علوم الليزر. وتوصلت إلى جعل أشعة الليزر تحمل من الطاقة في كسر من الثانية "كمية توازي كل ما تحتويه شبكات الكهرباء في أميركا".

05- إليزابيث سميث فريدمان. برزت في سياق الحرب العالمية الثانية بوصفها مرجعية في التشفير وفك الشيفرات، وأسهم عملها في انتصار جيوش الحلفاء على النازية، على غرار ما فعله مؤسّس الذكاء الصناعي الشهير آلان تورينغ.

06- كوهل فيراي. اختصاصيّة في رياضيّات الفيزياء. ويتمحوّر علمها المعقّد تماماً على صنع معادلات رياضيّة تصف الأحوال الفيزيائيّة للمادة بأشكالها كلها وللحركات بأنواعها كافة. هل تتحرّك النجوم والمجرّات؟ تنكب فيراي على المعادلات العلميّة المستخدمة في رصدها، ثم تعمل على التثبّت من صحتها فعلياً.

07- جنيفر دودنا. يشكّل ما تعرفه دودنا عن الجينوم الحدّ الأقصى للمعرفة العلميّة عالميّاً! ليس ذلك مبالغة في وصف مكانة تلك البروفسورة التي تعمل في "جامعة باركلي". في اللحظة الراهنة، تمثّل تقنية "قص ولصق" الجينات (= تعديل تركيبة الجينوم)، المستوى الأكثر تقدّماً في علوم الوراثة والجينات. وتعرف تلك التقنيّة باسم "كريسبر" CRISPR. لقد ابتكرت دودنا تلك التقنية بالمشاركة مع العالِمة الألمانية

08- إيمانويل شاربنتييه (من "معهد ماكس بلانك" في برلين). وتعتبر العالمتان من الأصوات الصارخة في بريّة المجتمع العلمي العالمي للتحذير من إساءة استخدام تلك التقنية، خصوصاً في مجال تطبيقها على البشر.

09- سوزان فاولر. مهندسة في المعلوماتيّة وكاتبة وناشطة في حقوق المرأة. نالت جزءاً من شهرتها بمشاركتها في صنع البرمجيات التي تستند إليها شركة "أوبر" العالميّة. تعرّضت للتحرّش في مكان العمل في تلك الشركة، فتركتها، وصارت ناشطة في مجال حماية النساء اللواتي يعملن في شركات التكنولوجيا.

10- بيتي هولبرتون. يحوز الكومبيوتر الفعلي الأول "إنياك" شهرة ضاربة، ويجري القول غالباً إنه تحقق بفضل فريق قاده وليام شوكلي. قلما تنطق الذاكرة الذكوريّة باسم هولبرتون عندما تتحدث عن ذلك الإنجاز، وتنسى أن فريقاً نسائيّاً من ست إناث تولى إدارة "إنياك" خلال الحرب العالمية الثانية. ولم يجر الإقرار بفضل النساء الست إلا في العام 1986، عبر جهود بُذِلَت في "جامعة هارفرد".

المزيد من علوم