أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أن المركزي لم يكلف الدولة اللبنانية ليرة واحدة، بل كان يسجل أرباحاً ويحوّلها إلى الدولة اللبنانية، مساهماً في تخفيض دينها في مؤتمر "باريس 2" و"مستعملاً فروقات الذهب في مراحل معينة لإطفاء الدين".
وقال سلامة، في مؤتمر صحافي اليوم الأربعاء، "وبالنسبة إلى تمويل الدولة، هناك قوانين وعلى مصرف لبنان أن يلتزم بها. فمثلاً في موازنات السنوات الماضية، كان على المصرف أن يعطي مداخيل، ولكن إذا عدنا إلى قانون النقد والتسليف، فإنه يقول إنه عند إصرار الحكومة، يموّلها المصرف. ونحن احترمنا قانون النقد والتسليف".
وأضاف "نحن أسهمنا بتخفيض كلفة الدين العام بإقراض الدولة بفوائد متدنية، وفي الوقت ذاته كانت لدينا مهام أخرى، وهي تأمين تمويل القطاع العام بفوائد مقبولة وهذا يولد خسائر للمصرف المركزي، لكن إذا لم نموّل الدولة كيف كانت ستؤمن المعاشات؟ كيف تأتي بالكهرباء؟ نحن لم نموّل وحدنا الدولة، بل هناك القطاع المصرفي والمؤسسات ومؤتمرات باريس".
الهندسات المالية
وعن الهندسات المالية، التي ووجِهت بانتقادات كثيرة في السنوات الماضية، قال سلامة "اضطررنا لاعتمادها، لكي يكسب لبنان الوقت وبسبب وجود وعود بالإصلاح، لكنها لم تُترجم في الواقع لأسباب سياسية".
وأوضح أن "المصرف المركزي موّل الدولة لكنه لم يصرف الأموال، لذلك يجب أن نعرف مَن صَرَف هذه الأموال وهناك مؤسسات دستورية وإدارية لديها مهمة الكشف عن كيفية الإنفاق".
وطمأن سلامة "اللبنانيين أن الودائع موجودة وهي تُستعمل"، قائلاً "لم ولن نفلّس المصارف وذلك من أجل المودعين، كما طلبنا منها زيادة رأس المال، وهي التزمت ذلك".
وعن سعر صرف الدولار لدى الصرافين، أوضح أن "الموضوع يتأثر بالعرض والطلب وحاولنا بقدر الممكن ضبط تحرك الأسعار وأقدمنا بالاتفاق مع الصرافين على خلق وحدة نقدية في مصرف لبنان".
وأكد سلامة الاستمرار بتمويل استيراد القمح والأدوية والفيول، الذي يسهم في تأمين استقرار أسعارها.
خطوات غير مدروسة
وكان المركزي طلب، الأسبوع الماضي، من المصارف تسديد سحوبات الزبائن من ودائعهم بالدولار بالليرة اللبنانية، وفق سعر الصرف في السوق الموازية، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ في العملة الخضراء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى خبراء اقتصاديون أن قرارات مصرف لبنان بشأن تحديد سعر صرف الدولار ليست سوى خطوة تجاه خفض سعر صرف الليرة رسمياً، معتبرين إيّاها خطوة "غير مدروسة" كونها أوجدت سعر صرف ثالثاً.
ومنذ سبتمبر (أيلول)، تفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الأموال بشكل عام، خصوصاً بالدولار. كما منعت التحويلات المالية إلى الخارج.
وفاقم انتشار فيروس كورونا المستجد من الأزمة بعدما امتنعت المصارف عن تزويد زبائنها بالدولار، متحجّجة بعدم القدرة على استيراد شحنات منه نتيجة إغلاق المطار. وكان يُسمح قبل ذلك للمواطن في بعض المصارف بسحب مئة دولار أسبوعياً.
ويحمّل مواطنون وسياسيون المصارف جزءًا من مسؤولية التدهور الاقتصادي المتسارع. وتوالت الاتهامات بتحويل أصحاب المصارف وسياسيين ومتمولين مبالغ ضخمة إلى الخارج مع بدء حركة الاحتجاجات ضد السلطة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى نهاية عام 2019، تحديداً خلال أسبوعين أغلقت فيهما المصارف أبوابها إثر بدء التظاهرات.
ويرزح لبنان اليوم تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يشكّل نحو 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتُعدُّ هذه النسبة من الأعلى في العالم.