Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشروع وفيلم "سُفرة" أوصل صوت اللاجئات الفلسطينيات إلى العالم

تحوّل "سُفرة" مع مريم الشعّار من مشروع شاحنة طعام متنقلة تؤمّن فرص العمل للفسلطينيات، إلى فيلم سينمائي جذب الفنّانين الأجانب، منهم الممثلة الأميركية سوزان ساراندون

سوزان ساراندون ومريم الشعار في أحد أزقة مخيم برج البراجنة في بيروت (رويترز)

لم تكتفِ مديرة مركز البرامج النسائية في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، مريم الشعّار، في إيصال مشروع "سُفرة" إلى السينما العالميّة ونيل الجوائز التكريميّة، بل تابعت المسيرة على رأس المركز منشئةً "روضة نورس" للأطفال. وأحلام مريم لا تتوقّف هنا، بل مستمرّة خدمةً للفلسطينيات اللواتي يعانين اللجوء ومآسيه.

"سُفرة" يبصر النور

بدأت رحلة نجاح مشروع "سُفرة" في العام 2012، حين راحت مريم تبحث عن فكرة تمكّنها من تأمين فرص عمل للنساء في مخيم برج البراجنة، حيث وُلدتْ وترعرتْ. وبناءً على اقتراح امرأة عاملة في مركز البرامج النسائية، وقع خيارها على الاستثمار في مواهب الطهي لدى اللاجئات، اللواتي حرمتهنّ الظروف المعيشية الصعبة في المخيّم من إكمال دراستهنّ، وأصبحنَ بفعل الأمر الواقع، الذي حرمهنّ العمل في مهنٍ عديدة، بارعاتٍ في شؤون المطبخ الفلسطيني.

 

 

وُلد من رحم المعاناة مشروع "سُفرة"، وهو عبارة عن شاحنة طعام متنقلة (Food Truck)، تطبخ منتجاتها قاطنات المخيم، وتبيعها داخله وخارجه. وأسهمت مؤسّسة "الفنار" اللبنانية بتمويله، عبر إنشاء موقع إلكتروني جمعت من خلاله التبرّعات لشراء "التراك" وتجهيزه، الذي بلغت تكلفته 110 آلاف دولار أميركي، واليوم يؤمّن العمل لنحو 40 سيّدة فلسطينية.

ومع طرح مؤسّسة "الفنار" على شبكة الإنترنت مشروع إنتاج فيلم يحكي قصّة المشروع، جذبت حكايته المخرج توماس مورغان الذي أبدى رغبته في العمل عليه، وتبرّعت الممثلة الأميركية والناشطة سوزان ساراندون بإنتاجه. فتحوّل "سُفرة" إلى فيلم سينمائي وثائقي، واكب جهود مريم والنساء اللواتي رافقنها في رحلة إنجاز المشروع التي استغرقت عامين، ونقل أحاسيسهنّ لحظةً بلحظةٍ، مع اصطدامهنّ بعراقيلَ قانونيةٍ عديدة.

"الفنار" تحتفلُ بنجاح الفيلم

احتفالاً بالأصداء التي حقّقها الفيلم، عرضت مؤسّسة "الفنار" الفيلم للمرّة الأولى في لبنان، يوم الاثنين في الرابع من فبراير (شباط) الماضي في بيروت، ضمن حفل استقبال خاص أقامته للمناسبة. وحضره عدد من المشاهير والديبلوماسيين، بينهم سوزان ساراندون وتوماس مورغان والممثل الأميركي بن ستيلر والمخرجة اللبنانية نادين لبكي، إضافة إلى السفيرة الأسترالية في لبنان ريبيكا غريندلاي، وممثّلين عن المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة، والأونروا واليونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كذلك حضر ممثلون عن المجلس البريطاني والسفارة البريطانية.

 

 

وقدّم مورغان لفريق "سُفرة"، بعد عرض الفيلم، الجوائز التي حصدها في جميع أنحاء العالم على مدى العامين الماضيين. وكان الفيلم عُرض للمرّة الأولى في مهرجان الجونة المصري في العام 2017، مثيراً ضجةً ساعدت مركز البرامج النسائية في جمع الأموال لتنفيذ مشروع "روضة نورس" للأطفال، والذي يهدف إلى توفير فرص عمل وتعليم نحو 100 طفل.

زيارة سوزان ساراندون إلى مخيّم برج البراجنة

لمعاينة الإسهام التعليمي والتمكيني الذي يُقدّمه مركز البرامج النسائية من خلال استثماراته في الشاحنة المتنقلة لبيع الطعام "سُفرة" وفي "روضة نورس"، زار كلّ من مورغان وساراندون مخيم برج البراجنة، قبيل الحفل، وعبّرت الممثلة الأميركية عن سعادتها بنجاح مريم الشعّار.

وقالت سوزان ساراندون، التي شاركت الأطفال في الروضة بالغناء، إنّ المشروع كان "حلماً ملهماً حقاً... وإن بدا شبه مستحيل، لكنّه كما ترون تحقّق في شكل جيد جداً، أحدث تغييراً كبيراً في المجتمع وتلته مكافأة بناء المدرسة (روضة الأطفال)، التي كانت شيئاً غير متوقع".

 

 

وأضافت أنّه مع دخول الولايات المتحدة "في حالة خوفٍ شديد" من زيادة عدد المهاجرين وطالبي اللجوء، أصبح من الضروري "إعادة تعريف كلمة "لاجئ" لتحديد ملامحها وتوضيح مدى أهمية دعم النازحين أو من يحاولون النجاة بأنفسهم وسط ظروف صعبة للغاية".

مخرج الفيلم توماس مورغان رأى، أنّ المشروع ساعد على تغيير نظرة مريم والنساء الأخريات لأنفسهنّ، "فأصبحنَ مساهماتٍ للمرّة الأولى، وقادراتٍ على القيام بشيء ما".

في سياق متّصل، قالت المديرة التنفيذية لمؤسسة "الفنار" ميرنا عطا الله، إنّ "سُفرة" يهدف إلى منح اللاجئين أدواتٍ لازمةً لتحمّلِ مسؤوليةِ أنفسهم. أضافت "وإلّا فنحن نلقي المال من دون جدوى ومن غير تمكين الناس فعلياً ليقرّروا مصائرهم".

مشاريع مريم المستقبلية ورأيها في الفيلم

كشفت مريم الشعّار، التي رافقت ساراندون ومورغان خلال زيارتهما إلى المخيم، إنّها تعتزم فتح مطعم صغير ليكون "مكاناً آمناً" للنساء. وأضافت "نفكّر بإنشاء مطعم صغير لنا، سُفرة، يكون مكاناً آمناً للنساء حيث يجدنَ الراحةَ النفسية والجسدية، ويجلسنَ ويشربنَ ويأكلنَ، ويعبّرنَ عن حالهنّ أكثر".

أمّا عن رأيها في الفيلم، فعبّرت مريم في حديث إلى موقع "القدس العربي" عن صدمتها حين شاهدته قائلةً "تصوّرته وثائقياً ورسميّاً جداً، وإذ به فيلم يمتد لساعة فيه الكثير من الدراما، ويركّز على مريم". أضافت "لو سُئلت من جديدٍ عن قبولي الظهور في هذا الفيلم والتركيز على شخصي، لرفضت. المخيّمات تضمّ مئات المريمات، ومن المؤكّد توجد امرأة تعمل أكثر مني، وأنا أتعلم ممّن سبقنَني. الفيلم عفويّ وطبيعيّ، يروي تجاربي في العمل، ونحن مجتمع محافظ لم يسبق فيه ظهور نساء في أفلام".

كذلك أملت مريم في أن يُشاهَد الفيلم في نطاق واسع، ليسهم في تأمين بعض الحلول من خلال المساعدات.

ويبقى مشروع "سُفرة" دليلاً حيّاً على إرادة اللاجئات الفلسطينيات في تحدّي المصاعب وقدرتهنّ على تحويل الأحلام "شبه المستحيلة" إلى حقيقة. على أمل أن يسهم الفيلم في تسليط الضوء على معاناة سكّان المخيّمات وأن يساعد في تحسين ظروف معيشتهم القاسية.

المزيد من فنون