Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الداخلية الموريتانية تحلّ 76 حزباً وتثير جدلاً قانونيّاً وسياسيّاً

ينصّ القانون على شطب أي حزب لم يشارك في اقتراعين بلديين متتاليين، أو لم يحصل على نسبة 1 في المئة من أصوات الناخبين

قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية في موريتانيا، أبلغت وزارة الداخلية واللامركزية 76 حزباً سياسياً، بأنها قد حُلّت بقوة القانون، الذي ينص على شطب أي حزب سياسي لم يشارك في اقتراعين بلديين متتاليين، أو أخفق في الحصول على نسبة 1 في المئة من أصوات الناخبين.

أثار الإجراء ضجة داخل الأوساط السياسة وأشعل السجال في مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تباين في المواقف بين من اعتبره خطوة محمودة هدفها الحدّ من تمييع الساحة السياسية المتخمة بالأحزاب الصوَرِيّة، ومن اعتبره معادياً لمبدأ التعددية الذي يعد أساس اللعبة الديمقراطية وجوهرها.

إجراء "تعسفي"

محفوظ ولد بتاح رئيس حزب اللقاء الوطني الديمقراطي، المشمول حزبه بالقرار، وصف الإجراء بأنه تعسفي بامتياز. وقال ولد بتاح، وهو محامٍ ووزير سابق للعدل، لـ "اندبندنت عربية" إن القانون الذي أُقرّ في أغسطس (آب) العام 2018 ليحل محل قانون العام 2012 الذي استند قرار حل الأحزاب إلى مادته العشرين، لا يمكن تطبيقه بأثر رجعي، مؤكداً أنه بصدد التقدم بطعن أمام المحكمة العليا، من منطلق أن حزبه غير مشمول بهذا القرار، شأنه شأن أحزاب معارضة أخرى قاطعت انتخابات العام 2013، لاعتبارات سياسية لكنها شاركت في الانتخابات الأخيرة.

أضاف "القانون واضح ولا يمكن تأويله، وحزبنا قاطع مرة وشارك مرة، بالتالي فإن حله غير قانوني حتى وإن لم يحصل على النسبة المطلوبة".

تباين الآراء

يرى النائب عن حزب الشورى، الذي حُلّ أيضاً، محمد الأمين سيدي مولود، أن القانون الذي تم الاعتماد عليه في تصفية هذه الأحزاب، يفتقد للإنصاف في بعض الحيثيات، وإن كان له دور إيجابي، في الحدّ من ظاهرة التمييع التي تتخبط بها الساحة السياسية الموريتانية على حد تعبيره.

ويقول القيادي السابق في حزب التحالف الشعبي عبد الله العتيق اياهي، الذي يعلن نفسه مرشحاً للرئاسة باسم الفقراء والمهمشين، إن حل هذه الأحزاب أمر طبيعي، وينطلق من خلفية قانونية أكثر منها سياسية.

ويثمّن القيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم أحمد ولد يعقوب، الخطوة مطالباً بتعميمها لتشمل قطاع الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني التي قتلها هي الأخرى التمييع والتشتت وتحتاج إلى التنقية.

ويسأل الكاتب الصحافي عبد الله ولد سيديا "هل يعقل في بلد مثل موريتانيا التي لا يزيد عدد سكانها عن أربعة ملايين نسمة، أن يوجد أكثر من مئة حزب سياسي؟

غياب المرجعية

لم يفاجأ الكاتب ناجي محمد الإمام بحلّ هذه الأحزاب، "طالما أن معظمها يفتقد لمرجعية فكرية". يضيف "شاركت شخصياً في وضع التصوّر المذهبي لثلاثة أحزاب حكمت البلاد خلال الثلاثين سنة الماضية، تحللت كلها من التصور المذهبي وتخلصت من العناصر القيادية الموصوفة بالالتزام به قبل أن تتم عامها الأول وتحولت إلى ماكينة دعائية، يقودها رهط متجدد يتوارث الاستيلاء على البنى الحزبية الفارغة من أي مرجعية". ويشخّص ناجي الأوضاع التي قادت إلى حل الأحزاب بعد أن تضاعف عددها على نحو مخلّ باللعبة الديمقراطية بقوله "العمل الحزبي عمل فكري سياسي، يتجاوز الأطر التقليدية ليكون أداة تخدم الدولة الحديثة، ويسعى قادته إلى الوصول سلمياً إلى الحكم بغية تحقيق رؤيتهم الإنمائية المتعددة الأبعاد. هذ التعريف لا ينطبق، غالباً، على التحزّب الهشّ الموقت المتساوق مع العيوب نفسها التي تنخر جسم الدولة". ومرد ذلك، وفق ناجي، هو "أنه مع كل انقلاب وانتخاب يظهر موكب من الأحزاب الكرتونية تلعب أدواراً مطلوبة في مسرحية شبه الدولة. وتنتهي بانتهائها لتبدأ مع كل انعطافة سلطوية وما أكثرها". ويخلص ناجي إلى القول "فشلت كل محاولة لبناء كيان حزبي ذي صبغة ثابتة باستثناء أحزاب نحيلة تعيش على الكفاف الفكري الموروث من عهود النضال القومي والشيوعي".

أحزاب عريقة شملها الحل

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من أبرز الأحزاب التي حُلت، التجمع من أجل الديمقراطية والوحدة، وهو أول حزب اعتُرف به بعد إقرار التعددية السياسية بناءً على دستور يوليو (تموز) العام 1991، والحزب الجمهوري الذي حكم عبره الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع، قبل أن ينقلب الجيش على نظام حكمه في العام2005. وقد أخفق هذا الحزب في انتخابات سبتمبر (أيلول) 2018 الماضي إذ حصل على نسبة لم تتجاوز 0.22 في المئة، وعلى خلفية ذلك جمّدت رئيسته منتات بنت حديد عضوية حزبها في ائتلاف الموالاة الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، بعدما تقدمت أمام القضاء بطعن في نزاهة تلك الانتخابات وشفافيتها.

نواب بلا أحزاب

ثلاثة نواب وجدوا أنفسهم، بموجب الإجراءات الأخيرة، بلا أحزاب بعدما شمل الحل التشكيلات الحزبية التي وصلوا عبرها إلى البرلمان، ومن هؤلاء الكاتب الخليل ولد النحوي، الذي ولج البرلمان من بوابة حزب الغد الموريتاني، قبل حله لأنه عجز عن تجاوز نسبة 0.3 في المئة من الأصوات.

حزب المستقبل يلاقي المصير نفسه بعد عجزه عن الحصول على نسبة تتجاوز 1 في المئة، وإن نجح في الدفع برئيسه سالم فال ولد فال إلى قبة البرلمان في الانتخابات النيابية الأخيرة.

الأمر نفسه ينطبق على المدون والسياسي الشاب محمد الأمين ولد سيدي مولود، الذي ولج البرلمان عبر حزب الشورى المشمول بقرار الحل، بعد إخفاقه في تجاوز نسبة 0.43 في المئة من أصوات الناخبين في الاقتراع الأخير.

المزيد من العالم العربي