Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السوري... ثقة مفقودة بمعلومات كورونا الحكومية

محللون سياسيون بدلاً من الأطباء في الحديث عن الوباء

لا تزال دمشق تتعاطى مع مواطنيها حول كورونا بمزيد من الكتمان، وشحٍ شديد مع عدم تخطي الإصابات بعد حاجز الـ 19 منذ الخامس من أبريل (نيسان) الحالي لغاية اللحظة.

وأعلنت وزارة الصحة عن شفاء الحالة الرابعة من أصل إجمالي الإصابات، ووفاة شخصين، كما أعلن عدد من مراكز الحجر الصحي على الآتين من الخارج، خلوهم من المرض ومغادرتهم المأوى الصحي بعد مكوثهم 14 يوماً، وهي فترة احتضان الفيروس في الجسم.

ومع هذا يسري بين السوريين توجسٌ ليس من مخاطر الفيروس ذاته، بل من مجهول يتربص بهم جرّاء غموض يكتنف دوائر الرعاية الصحية في تعاطيها مع أنباء الوباء ومراكز حجره الصحي.

صدقية ولكن

وعلى الرغم من الصورة السوداء التي تخيّم على السوريين جراء حظر التجول الجزئي منذ 25 مارس (آذار) الماضي، ضمن الإجراءات الاحترازية التي أطلقتها الدولة والتي أثّرت بدورها اقتصادياً ومادياً على الناس، إلا أنهم يتضرّعون ألا يصل الحال في بلادهم إلى نقطة انفجار الوباء وتفشيه كحال دول إصاباتها تخطت عشرات الآلاف، لأنه وإن حدث ذلك ستكون بمثابة الكارثة.

ومع هذا لا تصارح الوزارة صاحبة الشأن، وتكشف عن واقع مستشفياتها التي تتسع لما يربو على 25 ألف سرير، في وقت تظل بياناتها غامضة وتفتقر إلى دقة الأرقام، حتى إعلانها الأخير عن الوفاة الثانية أتى خجولاً ومقتضباً، وكأن الوفاة من كورونا من شأنها هزّ صورة السلطة في الداخل السوري وفق ما يعبر عنه المواطنون.

ودفعت كل الأنباء الواردة وغير الواضحة في إحصاء المصابين بالفيروس المستجد لأكثر من مرة، رواد التواصل الاجتماعي بوصف الوزارة المعنية بوزارة الألغاز والأحاجي.

وكـ "الطير يرقص مذبوحاً من الألم"، لا يتوانى المتابعون والناشطون من التعبير عن توجسهم ساخرين من صدقية الأرقام، ولا يسعهم سوى في التعبير عما يختلج في نفوسهم إلا سلوك طريق الدعابة، بخاصة مع خروج عدد من المحللين السياسيين للحديث عن الفيروس.

قد لا تكون مناسبة هذه السخرية في أوقات الشدائد والأوبئة، إلا أنها سلاحهم الوحيد للتعبير عن مخاوفهم منها وتندرهم بعد إنشاء الحكومة أحواضاً للتعقيم في مدينة حلب، شمال البلاد، تمر بها السيارات فقط، فيما لا تصل فيها المعقمات حتى عجلات السيارات المارة.

التحضير للأسوأ

وعقب انتقادات طاولت الوزارة المعنية، خرج وزيرها نزار يازجي في مؤتمر صحافي في السادس من أبريل الحالي، مصرحاً عن سلسلة إجراءات منها التوسع بالمختبرات التي تكشف الفيروس المستجد، وتجهيز غرف في المدن الجامعية ولدى الجمعيات الأهلية ومراكز تتبع لوزارة الأوقاف، تحضيراً لحدوث أي انفجار.

ويشاطر وزير الصحة، مخاوفَ منظمة الصحة العالمية من انتشار كورونا في بلاده، لكونها مقصداً للسياحة الدينية، وهنا إشارة إلى الوفود القادمة من إيران والعراق.

ويقول "منذ ثلاثة أسابيع عُلّقت السياحة بشكل عام مع إيقاف استقبال الوفود السياحية وضبط المناطق عبر فرق الترصد التي يفوق عدد العاملين فيها لما يزيد على 725 شخصاً للمتابعة".

وأكثر ما يجعل الصورة قاتمة ولا تكشف عن جوانب النقص، التخوف من عدم وجود أجهزة تنفس كافية، ومحدودية الأمكنة في مجال الرعاية الصحية في المستشفيات الواقعة تحت سيطرة الدولة، خصوصاً أن جزءاً منها بات خارج الخدمة بعد حرب السنوات التسع المنصرمة، ويؤكد ذلك إطلاق مبادرات من قبل أفراد ومنظمات سورية لتصنيع تلك الأجهزة.

الحجر متواصل

ومع التشكيك بصحة الأرقام التي تخرج إلى العلن واستقرارها عند 19 إصابة، وعدم تسجيل أي إصابة جديدة خلال أربعة أيام، بات الأمر يثير الاستغراب والريبة من تفشي الوباء وتسلله من دون اكتشافه بعد.

لكن في الجهة المقابلة، يبرر مسؤول طبي لـ "اندبندنت عربية" هذا الاستقرار، إلى الإجراءات الرادعة والوقائية، بخاصة بعد اكتشاف الإصابات والتي تعاملت معها ومع محيطها. ويعزو المسؤول الطبي مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، أن تقويض الوباء في الأماكن التي تكتشف بها كان له دور كبير "وساهمت إجراءات العزل وتعقيم محيط المصابين بشلّ الفيروس وتجفيفه، على سبيل المثال، إغلاق بلدات بشكل كامل بعد اكتشاف الفيروس".

ومن تلك البلدات "تل منين" قرب العاصمة، وإغلاق منطقة "الست زينب"، والمعروف عنها بكثافة الوجود الإيراني بها لوجود مزارات ومقامات دينية، عقب اكتشاف إصابة هناك.

ذات الرئة العجيب

في غضون ذلك، وفي متابعة عن سبب استقرار الإصابات لحد رقم معين، كان من اللافت وبالتوازي مع بداية انتشار الفيروس على المستوى المحلي والإقليمي، تسجيل وفيات بعدد من المحافظات السورية، ناتجة وفق تشخيص طبي أنه مرض "ذات الرئة"، حيث تقترب أعراضه من أعراض كورونا وفق أطباء.

في المقابل، تتحدث الطبيبة ريما جواد، التي عملت في مستشفيات حكومية سابقاً قبل سفرها إلى برلين لـ "اندبندنت عربية"، "يتقاطع عدد من أعراض ذات الرئة مع كورونا مثل السعال، ولكن في ذات الرئة يخرج مع السعال مخاط مصحوب بالدم، مع ضيق بالتنفس والشعور بآلام حادة بالصدر".

في السياق ذاته، تعدّد الطبيبة جواد أعراضاً يمكن تشخيصها بذات الرئة، منها التعرق الشديد والقشعريرة والشعور بالإعياء ونفاد طاقة الجسم. وتنبه في سياق حديثها عن حالات كورونا في سوريا، "يمكن التفريق بين الفيروس المستجد وذات الرئة".

وترى أن الأبحاث ما زالت مستمرة في فك شيفرات الوباء وحلّ طلاسمه، خصوصاً الاكتشافات الجديدة التي تظهر عنه في كل يوم، إلا أنه في المقابل تعزو سرّ عدم انتشاره في سوريا بحسب البيانات الحكومية كون البلاد عاشت فترة من الحصار المطبق وهذا ما خفض من نسب وصول الفيروس، بالتالي من الممكن أن يكون أحد أسباب استقراره وعدم انفجار، بحسب قولها.

 ويتوقع المسؤولون الأمميون انفجاراً في الوباء في تصريحات سابقة في هذا المنحى، إلا أن شح المعلومات عن توسع الوباء في سوريا يزيدها ضبابية عدم الخروج بتصريحات تحاكي الواقع وتصارح الناس بكل شفافية، لا سيما أن السوري يشكك ببيانات حكومته ويخامره الشك بصدقيتها.

ويعاني الشارع السوري اليوم من حالة القلق من الضعف في النظام الصحي، الذي ليس بمقدوره الكشف عن حالات جديدة، وهي تعيش وتتنقل في المجتمع من دون دراية.

المزيد من العالم العربي