Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتخابات تمهيدية "ديمقراطية" استثنائية أفضت إلى محطة حاسمة

يجمع "الديمقراطيون الجدد" الذين كسبوا انتخابات الكونغرس قواهم فيما باتت التوجهات الديموغرافية المختلفة للتصويت أكثر وضوحاً

شكلت المكالمة بين الرئيس ترمب والمرشح الديمقراطي المحتمل استثناءً في مشهد معقد للانتخابات الرئاسية المقبلة (أ.ف.ب.)

على وجه التأكيد، شكّل الأسبوعان الأخيران من فبراير (شباط) الماضي جزءًا من أبرز الأحداث التي شهدها تاريخ الانتخابات التمهيدية في الولايات المتّحدة. فقبل أسبوعين، تصدر السيناتور بيرني ساندرز (الآتي من ولاية فيرمونت) قائمة المتنافسين في الانتخابات التمهيدية للحزب "الديموقراطي"، بعدما حقّق فوزاً كبيراً في المؤتمرات الحزبية في ولاية نيفادا. وقد فشل "الديمقراطيون" في الالتفاف حول بديل معتدل لهذا المرشح الذي يعلن بنفسه أنه ممثل للاشتراكية الديمقراطية. وشرعت مقالات وسائل الإعلام تشير إلى أن لا مفرّ من بيرني ساندرز لتمثيل حزبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

في المقابل، كيف دار الزمن دورته؟

لم يحقّق نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن مطلقاً أي فوز في السباق التمهيدي في ثلاث جولات خاضها للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة 2020. لكنه انتصر منذ ذلك الحين في الانتخابات الأولية لولاية ساوث كارولاينا بـ30 نقطة، وحصد بعدها عشر ولايات من 14 ولاية في يوم "الثلاثاء الكبير"، وباتت لديه الآن فرصة بنسبة 93 في المئة للفوز بترشيح الحزب "الديمقراطي"، بحسب نموذج توقّعات موقع "فايف ثيرتي إيت" FiveThirtyEight الذي يُعنى باستطلاعات الرأي. ومع الانتخابات التمهيدية في العاشر من مارس (آذار) في ولايات ميشيغان وواشنطن وميزوري وميسيسيبي وأيداهو ونورث داكوتا، نحتاج إلى النظر في طريقة وصولنا إلى هنا من أجل فهم التأثير الذي تحدثه تلك الولايات في السباق الانتخابي.

ما رأيناه في ولايات آيوا ونيوهامبشير ونيفادا، كان نوعاً من تقاسم عددٍ من المرشحين المعتدلين أصوات ناخبي الحزب الديمقراطي، في وقتٍ فشل الناخبون الأقل تقدمية [بالمقارنة مع موقف ساندرز] في الالتفاف حول شخص معين. في المقابل، مال الناخبون السود في ولاية ساوث كارولاينا إلى تبني موقف يمكن تلخيص أساسه بـ"حسناً... سنفعل ذلك من أجلك". وعبر هذه الخطوة، لعبوا دورهم المستمر منذ زمن في أن يكونوا بوصلة للحزب الديمقراطي العصري، واختاروا مَن يعتقدون أنه سيكون الأنسب لإلحاق الهزيمة بالرئيس دونالد ترمب.

قبل الانتخابات التمهيدية لولاية ساوث كارولاينا في 29 فبراير (شباط)، منح أسطورة ولاية ساوث كارولاينا النائب جيم كليبورن دعماً حماسياً لجو بايدن وضعه في مقدّم السباق. وفاز نائب الرئيس الأميركي السابق بأكثر من 60 في المئة من أصوات الناخبين السود في الولاية. واضطُّر توم ستاير بعد ساعات من خسارته، غداة دعم حرفي له من مغني الراب جوفينايل الذي قدّم له أغنية "باك ذات ثانغ آب" Back That Thang Up ضمن أحد التجمعات الحزبية، إلى إعلان خروجه من السباق. ثم كرّت سبحة خروج المرشحين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أعلن العمدة السابق لمدينة ساوث بند المرشح الديمقراطي بيت بوتيجيج والسيناتورة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا إيمي كلوبوشار، انسحابهما من السباق، مع إعلان تأييدهما جو بايدن. وانضم عضو الكونغرس السابق عن ولاية تكساس بيتو أورورك، إلى حملة بايدن في تكساس في الليلة التي سبقت "الثلاثاء الكبير" كي يمحضه مزيداً من التأييد. ومع هذا الزخم الذي حظي به نائب الرئيس الأميركي السابق، خاض بايدن سباق "الثلاثاء الكبير"، محقّقاً فوزاً بأرقام ناخبين تشبه إلى حدّ كبير تحالف الانتخابات النصفية [للكونغرس] التي أجريت في 2018.

وفيما فاز بيرني ساندرز في ولاية كاليفورنيا، حصد بايدن ولاياتٍ لم تكن متوقّعة أن تعطيه دعمها كـمينيسوتا وأوكلاهوما وماساتشوستس. أما في ولايات الجنوب الشرقي، فقد فاز بايدن بأصوات الناخبين السوداء مع 60 في المئة من المقترعين. وبما أن نسبة المشاركة كانت أعلى في ولايات كـتكساس وفرجينيا اللّتين فاز فيهما بايدن أيضاً، فقد ضُرِبَتْ حجّة ساندرز بأنه يعمل على توسيع نطاق جمهور المقترعين لصالحه.

وكان تحالف 2018 أكثر وضوحاً في ولاية فرجينيا. وإذ نشأتُ في الضواحي التي حوّلت الولاية إلى اللون الأزرق المميز للحزب الديمقراطي في انتخابات حاكم الولاية 2017 والانتخابات التشريعية 2019، يمكنني القول إنّ هذه التحوّلات كانت حقيقية للغاية على أرض الواقع. فقد عكست تلك الانتخابات ما أظهرته البيانات الوطنية أيضاً، بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أبعد النساء البيض في الضواحي بشكل كبير عن الحزب الجمهوري، وبأعدادٍ كبيرة. قد يكون ذلك سبباً في إقبال المقترعين على الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بضعفَيْ الأعداد التي أدلت بأصواتها في 2016، وكذلك فوز بايدن في الولاية بـ30 نقطة.

تشكّل هزيمة دونالد ترمب الهدف الوحيد لقواعد الحزب الديمقراطي. لكن لسوء الحظ، أحبطت هذه المهمة المحدّدة حملات نساءٍ بارعات مثل إليزابيث وارين وإيمي كلوبوشار وكامالا هاريس. فقد تجاهلت الفكرة الذكورية القائلة إنّ "المرأة لا تفوز في الانتخابات" حقيقة أن انتصارات العام 2018 [الانتخابات النصفية للكونغرس] للحزب الديمقراطي، إنما قادتها النساء. وقد أضرّت مسألة عدم إمكانية فوز امرأة في الانتخابات، بالمرشح ساندرز، لكن لأسباب أكثر واقعية، إذ أثار هذا الأخير بعض المخاوف المتعلّقة بإمكانية انتخابه في الأسابيع التي كان فيها متصدّراً على المرشّحين الآخرين.

فقبل الانتخابات التمهيدية في ولاية ساوث كارولاينا، ضاعف ساندرز ثلاث مرات مديحه لبرنامج محو الأمّية الذي وضعه الرئيس الكوبي الراحل فيدل كاسترو، الأمر الذي دفعه إلى الوراء في استطلاعات ولاية فلوريدا. وعندما أثار المعتدلون، وهم أنفسهم الديمقراطيون الذين كسبوا الانتخابات النصفية للكونغرس في 2018، مخاوف من أن يؤدي موقف ساندرز من موضوع "الرعاية الطبية للجميع" Medicare For All إلى الإضرار بهم، واصل ساندرز خطابه المناهض لمؤسسة الحزب الديمقراطي. واستمر أيضاً في مهاجمة المؤسسة الحزبية بعد فوز جو بايدن في ساوث كارولاينا، الأمر الذي غيّر في ما يبدو الميول الانتخابية للناخبين السود، في غير صالح ساندرز. إنّ تلك المعطيات لا تخدم بناء تحالف [داخل الحزب الديمقرطي]، وبالتأكيد لا يبدو أن هناك شهيةً لذلك الأمر بعد ثلاثة أعوام من رئاسة دونالد ترمب.

ومع أخذ ما تقدّم في الاعتبار، يمكن النظر إلى أهمية الانتخابات التمهيدية في 10 مارس (آذار) بالنسبة إلى بيرني ساندرز، ولا سيما في ولاية ميشيغان. ففي تلك الولاية، هناك 125 مندوباً للفوز بهم، وقد انتصر ساندرز فيها في 2016 على هيلاري كلينتون. في المقابل، عندما اقتربت انتخابات المرحلة التمهيدية، بدا أنه فقد قبضته الشديدة على الطبقة العاملة البيضاء والفئات الديموغرافية الريفية التي فاز بها في الولاية ليتفوّق على [هيلاري] كلينتون آنذاك. ويتمتّع ساندرز بقوةٍ بين الناخبين الشباب والناخبين من أصول لاتينية، لكن مع الفشل في إقبال الشباب على التصويت بالأرقام التي يتوقّعها، لم يكن واضحاً أنه سيتمكّن من تحقيق فارق.

قد يكون هذا هو المكان الذي ينشط فيه تحالف الديمقراطيين الذي كسب انتخابات الكونغرس في 2018. وآنذاك، أصبح "الديمقراطي" المعتدل غريتشن ويتمر حاكماً لولاية ميشيغان، في حين تمكّنت الديمقراطيتان هيلي ستيفنز وإليسا سلوتكين كلتاهما، من الفوز بعضوية الكونغرس. وقد كسب الثلاثة مقاعد كان يشغلها ممثلون للحزب الجمهوري، وكذلك يؤيدون بايدن جميعهم. ويُضاف إلى القائمة السيناتورة الديمقراطية كامالا هاريس عن ولاية كاليفورنيا والديمقراطية كوري بوكر عن ولاية نيوجيرسي، وقد أيّدتا بايدن. ويُضاف إلى كل هؤلاء تعهّد مايك بلومبيرغ بوضع مليارات الدولارات في تصرف المرشح النهائي المفترض.

بات الحزب "الديمقراطي" خيمةً واسعة جداً للقيم المشتركة، وبات مكوَّناً من تحالفٍ متنوع من المعتدلين والتقدميين الآتين من خلفيات متنوعة. خلاصة القول إنّ الناخبين الديمقراطيين أوضحوا أنهم ليسوا متأكدين من أن بيرني ساندرز سيكون القائد الذي يمكنه توحيد حزبٍ من هذا النوع، وذلك حتى بغض النظر عن قدرته على إنهاض البلاد بأسرها كي تقف ضد دونالد ترمب. وما لم ينقل ساندرز خطابه إلى رسالة أكثر شمولية لا تُنَفّر غالبية أعضاء الحزب، وبالتالي على الأرجح غالبية الناخبين خارج الحزب، فإنّ خسارته حتمية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل