Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تكلف الجيش حماية شحناتها من "قراصنة الكمامات"

سرقة مستلزمات مواجهة وباء كورونا فرضت على الحكومة اعتماد تدابير عسكرية

لقطة عامة للمرفأ في العاصمة الجزائرية (رويترز)

دفعت عمليات "القرصنة" التي يشهدها العالم لمستلزمات الوقاية من فيروس كورونا إلى تدخل الجيش الجزائري لحماية طلبية من الصين، حيث أرسل الرئيس عبد المجيد تبون طائرات عسكرية إلى شانغهاي لشحن معدات طبية ووسائل وقاية في غضون 48 ساعة ذهاباً وإياباً.

معركة "بقاء"

ونظراً إلى الأهمية التي أولتها السلطات الجزائرية للطلبية الآتية من الصين، استقبل رئيس الحكومة عبد العزيز جراد ووزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد الشحنة. وأشاد رئيس البلاد بمساهمة الجيش في ضمان وصول المستلزمات الطبية، وأبرزها أكثر من 8.5 مليون كمامة، في ظل تسجيل عمليات "قرصنة" للكمامات شملت فرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا، بينما يخوض العالم معركة "بقاء" بشكل يكشف حقيقة خطر كورونا من جهة، وضعف المنظومات الصحية للدول، بما فيها التي توصف بـ"الكبرى"، من جهة أخرى.

السلم العالمي مهدد؟

في السياق، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة وهران رابح لونيسي أنّ "خطوة الجيش تدلّ على مدى الوعي والإدراك لأهمية الإسراع في إيصال الطلبية إلى الجزائر التي باتت بأمسّ الحاجة إليها، بعدما غيّر وباء كورونا الأولويات الاستراتيجية للدول، فأصبح الأمن الصحي في المقدمة"، مضيفاً أنّ "خطوة الجيش تدلّ أيضاً على وجود عمليات قرصنة عالمية لمختلف الأجهزة والمستلزمات المستخدَمة لمواجهة هذا الوباء، وظهرت بوادرها الأولى على يد دول كبرى، ما تطلّب حمايتها عسكرياً بعدما أصبحت القوانين الدولية تُضرَب عرض الحائط، ما من شأنه تهديد السلم العالمي".

ولفت إلى أن المفارقة هي أنه "بعدما كانت الصراعات والحروب تُخاض بسبب مصادر الطاقة، تحوّلت اليوم لتنشب من أجل مستلزمات مواجهة هذا الوباء الذي لو استمر مدة طويلة، سيغير معطيات عدّة لم تخطر إطلاقاً على ذهن كثيرين من متابعي التغيرات الدولية المستقبلية"، قائلاً إن "ليست هناك دولة وضعت في حساباتها انتشار وباء عالمي بهذا الشكل الرهيب"، ما جعل عدداً كبيراً منها "عاجزةً أمامه بشكل فضح ضعفها في إنتاج هذه المستلزمات، فلجأت إلى قرصنتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تبادل اتهامات

وارتفعت حدّة الاتّهامات بين دول "كبرى" بسبب الكمامات ومستلزمات الوقاية من كورونا، فحوّلت الولايات المتحدة طلبيةً فرنسية إليها، بعدما دفعت 3 أضعاف ثمنها في مطار صيني، بينما اتّهمت شركة سويدية، فرنسا بالاستيلاء على 4 ملايين كمامة أرسلتها إلى إيطاليا وإسبانيا، فيما اشتكت كندا من وصول طلبية كمامات ناقصة، تورّطت فيها دولة أوروبية لم تسمّها.

وسبقت تشيكيا الجميع في حرب قرصنة الكمامات، إذ صادرت شرطتها في 23 مارس (آذار) الماضي، مئات آلاف الأقنعة وأجهزة التنفس التي كانت موجهة إلى إيطاليا. كما وقع حادث مماثل في كينيا بعد اختفاء شحنة من 6 ملايين قناع كانت في طريقها إلى ألمانيا أثناء مرورها عبر الدولة الواقعة في شرق أفريقيا. واستولت تركيا على شحنة طبية كانت في طريقها إلى مدريد، تضمّ مئات أجهزة التنفس الصناعي، صنعتها شركة إسبانية في تركيا بمواد صينية واحتجزتها أنقرة من دون سابق إنذار.

وفي سياق توسّع دائرة "القرصنة"، أكدت مدريد على ضرورة التقدم بشكوى دبلوماسية حول عملية الاحتجاز غير المبرَّرة من قبل تركيا، والتي ترقى بحسب إسبانيا إلى مرتبة "جريمة"، نظراً إلى استحواذها على شحنة تخص الدولة الأوروبية التي تواجه أزمة صحية غير مسبوقة، بينما وصفت برلين ما يحدث بـ"القرصنة الحديثة" واعتماد "أساليب الغرب الأميركي المتوحش"، في حين فعّلت واشنطن قانون الإنتاج الدفاعي الذي يمنع تصدير أقنعة طبية إلى خارج الولايات المتحدة تحت أي مبرر. وقالت كندا إنه سيكون من الخطأ خلق عوائق أو تقليص حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة بالسلع الأساسية والخدمات التي تشمل السلع الطبية.


تضرر العلاقات الدولية

ورأى الناشط السياسي محمد الأمين صندوق أنّ "حرب قرصنة غير مسبوقة على المواد الطبية والأقنعة الواقية ومواد التطهير وأجهزة التنفس وغيرها من المستلزمات التي تندرج في سياق مواجهة هذا الفيروس، أبطالها ليسوا جماعات ارهابية أو عصابات إجرامية، بل دول ذات قوانين ومبادئ. وعليه، فإنّ تلك العمليات لا تزيد العلاقات الدولية إلّا ضرراً، بخاصة من الناحية الاقتصادية في القريب العاجل. وفي ظل وضع عالمي يشوبه الخوف الشعبي والضعف الحكومي وحرب قرصنة علنية، اعتمدت الجزائر على مؤسستها العسكرية من أجل ضمان وصول كمامات وأقنعة ومستلزمات طبية وأجهزة لمواجهة فيروس كورونا".

المزيد من العالم العربي