إن الخصائص التي ينفرد بها فيروس كورونا جعلت منه تهديداً لحرياتنا التقليدية وكذا لصحتنا. لقد جرفت، على نحو شبه تلقائي، أجزاء كبيرة من المسؤولية المعهودة التي تضطلع بها الحكومات تجاه شعوبها. إنه تطور مقلق.
فمن ناحية، أجبرت العزلة الذاتية والتباعد الاجتماعي وتكاليف هذه الأزمة الوزراء على تولي سلطات استثنائية واسعة النطاق وتعسفية بموجب قانون فيروس كورونا. من ناحية أخرى، أدّت تلك الحاجة نفسها للتباعد الاجتماعي من أجل إبطاء انتشار كوفيد-19 إلى إغلاق البرلمان عملياً - مع وصول الأزمة إلى ذروتها. وبينما يُطرح المزيد والمزيد من الأسئلة الملحة عن استعداد هيئة خدمات الصحة الوطنية، تضاءلت الفرص الرسمية أمام أعضاء البرلمان وأعضاء مجلس اللوردات لعرضها مباشرة على الوزراء.
وبطبيعة الحال فإن الطقوس البرلمانية المعتادة لا تستجلب دائماً سيولاً من الصراحة من جبهة الأنصار. ومع ذلك فإن الأسئلة الموجهة إلى رئيس الوزراء ونظرائه الوزاريين تقدم بالفعل لأعضاء البرلمان وأحزاب المعارضة فرصة لرسم جدول الأعمال وإثارة هموم الناخبين. وعندما يسجل زعيم المعارضة نقطة ما، فإنها تكون مادة إخبارية.
في هذا الصدد، تعد اللجان الخاصة أكثر نفعاً. لقد حرمت لجنة الصحة والرعاية الاجتماعية، برئاسة جيريمي هنت، ولجنة العلوم والتكنولوجيا، برئاسة غريغ كلارك، الوزراء والمسؤولين والشهود الخبراء من تقديم أدلة "حيّة" لافتة وقيمة قبل أن يعلّق البرلمان أعماله يوم 25 مارس (آذار). ولأنهم وبقية المشرعين البريطانيين لن يعودوا إلى وستمنستر حتى 21 أبريل(نيسان)، سيكون هناك فراغ كبير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غير أن هناك أشياء يمكن للنواب القيام بها في الوقت نفسه. من الواضح أنهم يستطيعون اللجوء إلى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتوضيح نقطة ما. وعلى سبيل المثال، أصبح جوناثان أشوورث، وزير صحة الظل في حزب العمال، شخصية مألوفة على شاشات التلفزيون بأسلوبه الخاص في النقد البناء الذي ينمّ عن نفاد متزايد للصبر. وحتى أثناء عمل الوزراء ومستشاريهم في العزل الذاتي، لا يزال بإمكان النواب واللوردات ممارسة الضغط عليهم. وصحيح أيضاً أن البرلمان الإسكتلندي والجمعيتين التشريعيتين لإقليمي ويلز وأيرلندا الشمالية لا زالوا يعملون ويطرحون الأسئلة على إداراتهم المفوّضة.
مع ذلك، بالكاد يكون ذلك ممارسة للسياسة كالمعتاد، وتجد وسائل الإعلام نفسها مضطرة للاضطلاع بمزيد من مهمة المساءلة الديمقراطية. كما هو الحال عندما تكون هناك انتخابات عامة ويتم حل البرلمان، يخضع السياسيون للاستجواب والتعليق والتحليل المستمر من قبل الصحافيين. نرى هذا بصورة أكثر وضوحاً كل يوم في المؤتمرات الصحافية المتلفزة الحية التي تعقد في إدنبرة وكارديف وويستمنستر. كما يجول الوزراء في الاستوديوهات التلفزيونية والإذاعية، ويقدمون إفادات للصحافيين، بل ويظهرون حتى في برنامجي بي بي سي "نيوزنايت" و "توداي" الذيْن قاطعوهما من قبل.
لكن يبقى هناك نقص في المساءلة الشديدة والتشريحية المتواصلة لأولئك الذين يتمتعون بسلطات غير مسبوقة في هذه الظروف غير المسبوقة. فلا توجد هناك تفسيرات كافية، ناهيك عن المبررات، للنقص في معدات الحماية الشخصية وأجهزة التنفس الصناعي لدى هيئة خدمات الصحة الوطنية. لقد وجد الوزراء أنه من السهل جداً التهرب من الأسئلة وتلميع الأرقام. لذلك يجب على البرلمان، ولو بشكل رقمي، أن يجد طريقة للقيام بعمله - وإلا قد يبدأ مزيد من الناس في طرح بعض الأسئلة عن الغاية الفعلية من وجود نوابنا هناك.
© The Independent