Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القطاع الصحي اللبناني أمام أسبوعين مصيريين... الانهيار أو السيطرة

الأزمة المالية تهدد سلامة الطاقم الطبي

يواجه القطاع الصحي في لبنان تحديات عدة مالية وتجهيزية ويتخوف من انتشار الوباء (أ.ف.ب)

زادت أزمة تفشي فيروس كورونا مصاعب القطاع الصحي في لبنان. وفيما استطاعت وزارة الصحة استنفار المؤسسات الدولية والاستفادة من الصناديق المخصصة لمساعدة الدول لمكافحة الوباء، بقيت المستشفيات الخاصة تحت رحمة أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار وشحه في السوق المحلية، وتعثر الدولة وتلكؤها في دفع مستحقاتها، ما حدّ من إمكانية تجنيد القطاع الخاص بكامل قدراته لمواجهة أي انفجار في اعداد المصابين.

لبنان، حتى الآن، استطاع احتواء انفجار تفشي الفيروس، ولكن المرحلة الأخطر ستتبلور في الأسبوعين المقبلين. فإما السيطرة الكاملة على أعداد المصابين وإما انهيار القطاع الصحي في ظل توقف شراء المستلزمات الطبية وتراجع إيرادات المستشفيات الخاصة.

عدد المصابين بفيروس كورونا بات 550 حالة، بعد 6 أسابيع من تسجيل الإصابة الأولى لمواطنة عائدة من إيران. وكشفت وزارة الصحة عن قدرة استيعاب القطاع حتى 5000 حالة. أما إذا وصلت أعداد المصابين إلى 10 آلاف فانهيار القطاع الصحي سيصبح محتماً.

المستلزمات الطبية، أولى العقبات

أزمة تأمين المستلزمات الطبية مزمنة، وقد ظهرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 عندما توقفت المصارف عن تحويل الأموال إلى الخارج لتمويل عمليات الشراء. وتكشف ممثلة تجمع مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي لـ"اندبندنت عربية" أنه "على الرغم من أن أزمة كورونا قد حركت الملف في اتجاه بعض الحلحة إلا أن ارتفاع عدد المرضى، إذا ما حصل، سيكون كارثياً على القطاع الصحي والعاملين فيه في ظل عدم وجود كميات كافية من معدات الحماية الشخصية للطواقم الطبية وأجهزة التنفس الضرورية".

ووفق عاصي، منذ توقفت التحويلات لتمويل شراء المستلزمات الطبية استنزفت المستشفيات المخزون، ويقترب القطاع الصحي من مرحلة الخطر. وفيما تحرك مصرف لبنان والمصارف، مع تفشي كورونا وبعد تحذيرات عدة، لإتمام بعض التحويلات، لكن المشكلة تبقى في الوقت بين فتح الاعتمادات وشحن البضائع ووصولها إلى لبنان في ظل طلب عالمي مستعر على المستلزمات الطبية.

تحتاج الشركات المستوردة للمستلزمات الطبية إلى تحويل ما قيمته 20 مليون دولار شهرياً لتغطية احتياجات السوق، بينما لم يُحول منذ أكتوبر سوى 10 ملايين دولار في مرحلة سابقة و21 مليون دولار بعد كورونا.

وتلفت عاصي إلى أن استيراد مستلزمات طبية عادية يحتاج إلى نحو 15 يوماً، فيما يستغرق استيراد المستلزمات الخاصة بكورونا وخصوصاً معدات الحماية الشخصية الخاصة بالطاقم الطبي نحو شهر في ظل ارتفاع قياسي للأسعار.

وتحذر عاصي من معدات حماية شخصية موجودة في الأسواق اللبنانية غير مطابقة للمواصفات وغير محددة المنشأ وقد تعرض من يستعملها للخطر.

المستشفيات الخاصة مهددة بالإقفال خلال 3 أشهر

الأزمة المالية التي تعصف بالمستشفيات تهدد بإقفال العديد منها خلال 3 أشهر، وفق نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، الذي يكشف لـ "اندبندنت عربية" أن "القطاع الصحي الخاص، كذلك العديد من الشركات الخاصة التي تعمل في قطاعات أخرى، مهددة. فمنذ الثورة وما تبعها من إعلان التعبئة العامة لمواجهة كورونا تعمل المستشفيات بمعدل 20 في المئة من قدرتها فقط. وفي ظل انتشار كورونا توقفت المستشفيات عن استقبال المرضى باستثناء الحالات الحرجة لمنع تفشي الفيروس في المستشفيات، وتراجعت أعداد المتابعات الطبية والفحوصات وكل ما يتصل بالقطاع الصحي لتواجه المستشفيات الخاصة تحديات عدة".

والتحديات، وفق هارون، هي:

- ارتفاع كبير في أسعار المستلزمات الطبية التي تزيد من الأعباء على ميزانيات المستشفيات. فالشركات تطلب الدفع فور التسليم ونقداً بالعملات الأجنبية غير المتوافرة إلا في السوق السوداء وبسعر مضاعف عن سعر الصرف الرسمي.

- عدم سداد الدولة مستحقات المستشفات التي يعود بعضها للعام 2012 ويصل إجمالي قيمتها إلى 2000 مليار ليرة أي 1.3 مليار دولار.

- عدم حصول المستشفيات الخاصة على أي مساعدات من جهات دولية أو متبرعين أفراد.

ويبين النقيب هارون أن 85 في المئة من إيرادات المستشفيات تأتي من الجهات الضامنة الحكومية، فيما تشكل شركات التأمين الخاصة 10 في المئة من إجمالي الإيرادات و5 في المئة من الأموال الخاصة.

مواجهة كورونا بالحدود الممكنة

تأهبت المستشفيات الخاصة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، فبدأت 6 مستشفيات باستقبال بعض الحالات، فيما سيُضاف 10 مستشفيات أخرى خلال أسبوع، ليصبح 16 مستشفى خاصاً جاهزاً لاستقبال مرضى كورونا من أصل 127 مستشفى خاصاً بإجمالي 500 سرير مخصص لكورونا منها 150 في العناية الفائقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويلفت النقيب هارون إلى أن في لبنان 900 جهاز تنفس، منها 90 خارج الخدمة و300 قيد الاستعمال لمرضى غير كورونا، ما يُبقي 500 جهاز فقط متاحاً لمواجهة الفيروس. وهي كافية إذا ما بقيت أعداد المصابين تحت السيطرة، أما إذا وصل عدد المصابين إلى 10 آلاف فذلك يعني بالتأكيد انهيار النظام الصحي في لبنان.

ويؤكد هارون كلام عاصي، إذ يشير إلى عدم توافر معدات للحماية الشخصية كالكمامات أو الألبسة الواقية بالعدد المطلوب. ما يهدد بتوقف عمل الأجنحة الخاصة التي أعدّتها المستشفيات لاستقبال مرضى كورونا.

الدعم المالي الدولي ينقذ خطط وزارة الصحة

ترزح المستشفيات الحكومية في لبنان، التي يبلغ عددها 29، تحت إهمال مزمن وتراجع في التمويل. ما انعكس تردياً في الخدمات الصحية للمواطنين، خصوصاً في مناطق الأطراف. ما طرح تحدياً جدياً أمام وزارة الصحة مع وصول فيروس كورونا إلى لبنان في فبراير (شباط) 2020 لتجهيز المستشفيات الحكومية في مختلف المناطق لمواجهة الوباء.

ووفق أرقام الوزارة، هناك 10 مستشفيات حكومية أصبحت مجهزة لاستقبال مرضى كورونا، وتوفر 576 سريراً منها 234 في العناية الفائقة و263 جهاز تنفس.

أما مستشفى رفيق الحريري الحكومي (بيروت) الذي أصبح مركزاً أساسياً في علاج المصابين فقد خصص 120 غرفة حجر مع 12 غرفة عناية فائقة وغرفة طوارئ تستوعب 12 مريضاً.

ووفق توقعات الوزارة، إذا ما طال الفيروس 5000 شخص في لبنان واحتاج 20 في المئة منهم إلى دخول المستشفيات الحكومية، فذلك يعني 1000 شخص منهم 250 بحاجة إلى العناية الفائقة و150 بحاجة إلى جهاز تنفس.

ويؤكد دكتور إدمون عبود، مستشار وزير الصحة، أن لبنان أصبح جاهزاً لمواجهة تفشي الوباء بشكل أفضل لثلاثة أسباب:

- إعلان حال الطوارئ الصحية في الوقت المناسب.

- تجهيز المستشفيات الحكومية والخاصة لمواجهة الفيروس.

- وعي الشعب اللبناني دقة المرحلة ووجود تجاوب مقبول لتعليمات الجهات المختصة.

ولجأ وزير الصحة حمد حسن، وفق عبود، منذ استلام مهماته إلى إنشاء فريق عمل لتذليل المشاكل التي تواجه صرف قرض من البنك الدولي أُقر عام 2018 ولم يستكمل. وتم تسليم 120 مليون دولار للبنان في مارس (آذار)، وخُصص مبلغ 39 مليون دولار منها لمواجهة وباء كورونا.

وفي شأن المخاوف من تفشي الفيروس في مخيمات الفلسطينيين أو اللاجئين السوريين، يوضح عبود أن مؤسسات الأمم المتحدة تؤمن دعماً للمستشفيات التي يعيش في نطاقها هؤلاء.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات