Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة كورونا "لم تجهض" الانتفاضة الشعبية اللبنانية

اخفاقات وهفوات حكومة دياب واستشراء الفقر تنبئ بعودة الناس إلى الشارع بعد انقضاء فترة "التعبئة العامة"

أزمة كورونا صبت في مصلحة الحكومة اللبنانية إذ إن الواقع الصحي الذي فرضته حجب الحركة الاحتجاجية ضدها (رويترز)

على الرغم من أن فيروس "كورونا" حل ضيفاً ثقيلاً على معظم دول العالم وفرض إيقاعه على الجميع من دون تمييز بين عرق أو لون أو طائفة أو دين وتصدر اهتمامات الشعوب، فهو في لبنان، لم يستطع كسر هواجس المواطنين الاقتصادية والاجتماعية، حيث تبدو انتفاضة "17 نوفمبر" (تشرين الثاني) الماضي، ناراً تحت الرماد تنتظر انكفاء عاصفة "كورونا" لتعاود منازلتها مع الطبقة السياسية في الشارع وفق ما يؤكد ناشطون كثر في الحراك الشعبي. وتشير المعلومات إلى لقاءات تجري بعيداً من الأضواء بين الناشطين الذين اتفقوا على عدم التحرك في ظل التعبئة العامة لدواعي السلامة الصحية، والتحضير لتحركات مختلفة عن الخطوات السابقة، وعلى مستوى كبير بعد حين.


"كوفيد-19" ينقذ حكومة دياب!

ويقول القائد السابق لفوج "المجوقل" في الجيش اللبناني، العميد المتقاعد جورج نادر، أحد الوجوه البارزة في الحراك الشعبي، إن "أزمة كورونا صبت في مصلحة الحكومة الحالية إذ إن الواقع الصحي الذي فرضته، حجب الحركة الاحتجاجية ضدها"، مشيراً إلى أن "هذا أمر مرحلي قد تستفيد منه حكومة حسان دياب لإطالة عمرها إلا أن مرحلة الثورة لم تبدأ بعد. المرحلة السابقة كانت انتفاضة وبكل تأكيد ثورة ما بعد كورونا ستكون عنيفة".

ورأى أن "فشل الحكومة الاقتصادي وإخفاقها في إدارة أزمة كورونا الذي يظهر بخاصة في عدم تأمين الدعم الاجتماعي، كشف فعلاً أن المجموعات التي كانت في الشارع تتظاهر ضد الطبقة السياسية، هي التي تقف الى جانب المواطنين أكثر بكثير من الدولة والسياسيين".

وأشار نادر إلى أنه "بعد انحسار أزمة كورونا سنكون أمام انتشار واسع للفقر والجوع الذي سيتخطى انتشار الفيروس". وأضاف "ثورة ما بعد كورونا ستكون ثورة حقيقية لأن هذه السلطة أوصلت الشعب إلى نقطة الاعودة حيث لم يعد للمواطن شيء يخسره".


دعم اجتماعي "ثوري"

كذلك، رأى سمير صليبا أحد مؤسسي مجموعة "أنا خط أحمر" المنضوية في ثورة "17 نوفمبر"، أن "الثورة لم تبدأ بعد"، لافتاً إلى أن "الانهيار الاقتصادي مقبل على الجميع بسبب فشل الحكومة الحالية بوضع استراتيجية إنقاذيه وثورة الجياع الآتية ستكون أقوى بكثير من الانتفاضة الشعبية التي شهدناها في الأشهر الماضية".

وكشف صليبا أن "الثوار والمجموعات المنضوية في ثورة تشرين لم تنكفأ، إنما تساعد حالياً المواطنين المحتاجين وتؤمّن لهم الدعم الاجتماعي بعيداً عن الاستعراضات الإعلامية التي يقوم بها بعض السياسيين.

ورفض صليبا القول إن "إنجاز الثورة الوحيد الذي تحقق هو إسقاط حكومة سعد الحريري"، مؤكداً استكمالها مع انحسار أزمة كورونا وعودتها إلى المطالبة بحكومة قادرة، مشيراً إلى أن "هذه الحكومة أكدت أكثر من أي وقت مضى أنها محكومة من الأحزاب وذهنية المحاصصة التي برزت في التعينات الإدارية" التي علّق دياب البحث فيها في اجتماع الحكومة الأخير بسبب خلاف نشب حولها بين الأحزاب المشارِكة في الحكم والمعارِضة.

وأكد الناشط المدني أن "المرحلة المقبلة ستشهد عودة نوعية للثورة التي باتت تملك مشروعاً سياسياً واقتصادياً واضحاً من خلال تفعيل التنسيق بين المجموعات الثورية، لنقل البلد من نظام الطائف الذي يؤمّن مصلحة الطبقة الحاكمة إلى نظام عصري مفتاحه الأول التحضير لانتخابات نيابية مبكرة".


الثورة حالة نفسية

من جهة أخرى، اعتبر الأمين العام لحزب "الكتلة الوطنية" بيار عيسى أن "الثورة حالة نفسية موجودة في كل اللبنانيين، فلدى كل الطبقات الغنية والفقيرة هناك حالة نفسية رافضة للأمر الواقع والارتهان للخارج والفساد المستشري"، مؤكداً أنه "طالما أن أداء الطبقة الحاكمة سيبقى ذاته، فذلك يعني أن الحالة النفسية ستبقى عند الناس وبالتالي الثورة لن تُطفأ لا باستقالة الحريري ولا باستقالة دياب بل بقيام دولة حقيقية".

ورأى عيسى أن "هناك إشارات واضحة إلى استمرار غضب اللبنانيين تجاه السلطة، والدليل هو الذي نراه خلال أزمة كورونا وعدم التزام مواطنين كثر بالحجر الصحي على الرغم من المخاطر الصحية، وذلك سببه الفقر والجوع". وأضاف أن "اللبنانيين معتادون منذ أيام الحروب على الالتزام بالملاجئ وحالة الطوارئ، أما اليوم، فرض الجوع وتأمين لقمة العيش واقعاً آخر".

وعن الانتقادات التي وجِهت إلى الثورة وغياب أي رؤية تنظيمية لها، قال عيسى "رؤيتنا هي الوصول إلى دولة قوية ومدنية"، مؤكداً وجود برنامج وسياسات عامة لنموذج جديد للاقتصاد اللبناني وخطة إنقاذية للأزمة الاقتصادية والمالية، "نعمل على الانتخابات لمواجهة منظومة أحزاب الطوائف"، مؤكداً أنه "بعد أزمة كورونا سيعود زخم النشاط"، خاتماً "نحن على ثقة بعودة الحراك والمبادرات الثورية".
 

صفقات مشبوهة

من ناحية أخرى، أثار إقرار الحكومة اللبنانية الشروع بتنفيذ سد مائتي في منطقة بسري جنوب لبنان انتقادات واسعة من جانب الحراك الشعبي وعدد من الأحزاب المعارضة لإنشاء هذا السد، وندّدت "الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري" بقرار الحكومة حول صفقة سد بسري التي كما قالت إنها "تكلف الخزينة العامة مبلغ625  مليون دولار في عزّ زمن الإفلاس.
واستغرب مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي صالح حديفه كيف أن "الحكومة في خضم الأزمات الملقاة على عاتق الوطن والمواطنين، تراها تراكم الأخطاء التي ترتكبها وتحاول تمرير صفقات تخدم الفريق الوصي عليها تحت جنح أزمة كورونا، ما يضعها في موقع المستفز للرأي العام"، مشيراً في هذا المجال إلى تمرير مشروع "سد بسري" على سبيل المثال الذي يأتي "لمراعاة مصالح تيار سياسي محدد، ضاربةً عرض الحائط كل الدراسات التي ظهرت أخيراً حول المخاطر الإيكولوجية والبيئية لهذا السد".

وذكّر حديفه بدعوة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى "استثمار المبلغ المرصود لهذا المشروع لتلبية حاجات المواطنين العاجلة في ظل ما يحصل من تراجع معيشي خطير، وإلى استخدام هذه الأموال أيضاً في شراء المعدات والتجهيزات الطبية الضرورية لمواجهة وباء كورونا بدل ترك وزارة الصحة ومستشفى رفيق الحريري الجامعي يقاتلان الوباء بجهد شبه منفرد".  وإذ تخوف حديفه من أن تصل الأمور إلى الجوع الذي كان رئيس الحزب أول من نبّه إليه منذ أشهر، أكد أن "الأولوية الآن هي إنسانية فقط وليس الوقت المناسب لتمرير صفقات مشبوهة تدميرية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الحكومة وقعت!

رأى النائب في البرلمان اللبناني بلال عبد الله أن "‏عودة الحكومة إلى موضوع سد بسري غير موفّقة، بالمضمون والتوقيت، وهي تعاكس منطق الأمور ومزاج الناس وأكثر الدراسات العلمية والفنية"، مشيراً إلى أنه وعدداً من النواب الآخرين سيعملون على تحويل الأراضي المستملكة في السد إلى محمية طبيعية، أو منطقة تُستثمر زراعياً بالشراكة مع أهل القرى المحيطة في حين يجب تحويل الأموال التي يتربص بها البعض، إلى دعم صمود الناس".

ورأى عبد الله أن "الحكومة وقعت في بعض المطبّات بدءاً من ملف التشكيلات القضائية والعودة إلى التدخل السياسي به وعدم إعطاء مجلس القضاء الأعلى الصلاحيات التي وُعد بها، مروراً بالتناتش المُعلن على الحصص في التعيينات، وصولاً إلى التهديد باستقالة بعض الوزراء منها، كما أنها تبدو متعثرة حتى تاريخه في إخراج لبنان من المأزق الذي وقع فيه لجهة تخلفه عن تسديد ديونه الخارجية المستحقة".

ولفت إلى أنه "هناك تباطؤ من الحكومة في بعض الإجراءات والتدابير خصوصاً لجهة ضبط الناس وتأمين حاجياتهم"، مشيراً إلى أن "لبنان يواجه فيروس كورونا في ظل أزمة اقتصادية ومالية خانقة، وعلى وقع انتفاضة الناس في كل أرجاء لبنان".


مشروع إنمائي
 

في المقابل، رد النائب في كتلة التيار الوطني النيابية (لبنان القوي)، نقولا صحناوي على الاتهامات الموجهة للحكومة ومن خلفها تياره السياسي، نافياً أن تكون هناك صفقات فساد وراء إصرار التيار على تمرير هذا المشروع، مشدداً على أن "هذا المشروع حيوي للعديد من المناطق اللبنانية ويساهم بتغذية بيروت بحاجتها من المياه".

وأشار إلى أن "هذا المشروع مموَّل من البنك الدولي الذي يمارس رقابة مالية على التمويل وبالتالي فإن أي اتهامات بالفساد تُعدّ ساقطة وغير مبررة وتوضع في إطار الكيدية السياسية". وأضاف "إنها محاولة بائسة لتأليب الرأي العام ضد الحكومة وتحريك الشارع الذي بات هامداً منذ ما قبل أزمة كورونا".


"أول انشقاق"

وفي أول إشارة إلى هشاشة استقرار الحكومة، قدم مستشار رئيس الحكومة لشؤون العلاقات الدولية، الدكتور محمد علم الدين استقالته من منصبه، اعتراضاً على منهجية عمل دياب، وبحسب المعلومات فإن علم الدين يعترض على محاولة رئيس التيار الوطني الحرّ، النائب جبران باسيل التأثير في دياب والضغط عليه والتدخل بكل شاردة وواردة خصوصاً في ملف التعيينات والتدخل في المواقع المحسوبة على الطائفة السنية، الأمر الذي نفاه النائب صحناوي، إضافة إلى استمرار إمساك حزب الله بالقرارات الاستراتيجية والسيادية في البلاد، ما يعيق القدرة على تحسين علاقات لبنان الدولية.

المزيد من العالم العربي