Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحزب الحاكم في موريتانيا يدعم مرشح الغالبية إلى الرئاسة... ويقيل جميع قياداته

اعتبر بعض المراقبين أن عدم انتخاب رئيس الحزب ولجان تسييره بمثابة تمهيد للطريق أمام الرئيس ولد عبد العزيز لتولي رئاسة الحزب بعد انتخاب خلفه في الرئاسة

أعلن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية دعمه ترشيح محمد ولد الغزواني إلى الانتخابات الرئاسية (اندبندنت عربية)

على نحو خاطف، عقد حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، السبت، مؤتمره الوطني العادي الثاني، في حضور أكثر من ألفي مشارك، يتقدمهم وزير الدفاع محمد ولد الغزواني، الذي رشحه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لخلافته في يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي أعلن رسمياً الجمعة ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية.

لكن أعمال المؤتمر، التي دامت ساعات، اقتصرت على إعلان دعم مرشح الغالبية الحاكمة إلى الانتخابات، قبل أن يُعلن رئيس الحزب سيدي محمد ولد محم استقالته واستقالة الهيئات القيادية للحزب (المكتب التنفيذي والمجلس الوطني) وفقاً للنصوص التنظيمية، كما قال. إلا أنه كان من اللافت تأجيل انتخاب القيادات الحزبية البديلة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، المقررة في يونيو (حزيران) المقبل، فيما اختيرت لجنة وصفت بـ "الموقتة" لتسيير شؤون الحزب، عُهد برئاستها إلى سيدنا عالي ولد محمد خونا، وزير الوظيفة العمومية والعمل، في حين كُلّف محمد ولد عبد الفتاح، وزير النفط والطاقة والمعادن، بمهمة الأمين العام للجنة، التي تضمّ 25 عضواً.

واعتبر بعض المراقبين أن عدم انتخاب رئيس الحزب ولجان تسييره بمثابة تمهيد للطريق أمام الرئيس ولد عبد العزيز لتولّي رئاسة الحزب بعد انتخاب خلفه في الرئاسة، خصوصاً أنه سبق له أن أكد مراراً بقاءه في المعترك السياسي بعد انتهاء ولايته في أغسطس (آب) المقبل. ويتوقع بعض المراقبين أن لا يعوّل المرشح ولد الغزواني كثيراً على الحزب وقيادته، في حملته الانتخابية، لأنه ربما لا يرغب في أن يُحسب على الحزب الحاكم، فيخسر أصوات المعارضة، التي أعلن بعض منتسبيها دعمهم له في الانتخابات.

نهاية الحزب؟

اشترط عدد من المدوّنين على ولد الغزواني الابتعاد كلياً عن الحزب الحاكم، إذا أراد الحصول على دعمهم ومؤازرتهم في النزال الانتخابي. وكتب الأكاديمي الشيخ سيدي عبد الله أن "بطاقات الدعوة إلى حفل ترشّح ولد غزواني لم تحمل شعار الحزب الحاكم ولا حتى ألوانه. وهو ما يؤكد أن الرجل يفكّر في اكتساب مناصرين من خارج دائرة الموالاة".

وأضاف "هذه بداية ذات رمزية استحسنها العديد من المعارضين الحزبيين وغير الحزبيين، لكنها لا تكفي لطمأنة الرأي العام بأنه إذا تولّى الحكم سيكون مختلفاً تنظيماً وتنفيذاً وطاقماً وبطانة عن سابقه".

وأشار عبد الله إلى أن "الموريتانيين سئموا عشر سنوات من الغبن والظلم وعدم التساوي في تقاسم الثروة".

عدم انتخاب قيادة جديدة لحزب الاتحاد وتغييب قياداته ورموزه عن مهرجان إعلان ترشّح ولد الغزواني إلى الرئاسة وما يشاع عن إمكان تهميش الحزب في الاستحقاقات المقبلة، اعتبرها الإعلامي محمد مختار مؤشرات إلى "بداية نهاية هذا الحزب ومشروعه السياسي".

وهذا رأي تزكّيه منى بنت الدي، القيادية في حزب التكتّل المعارض، إذ "ليس لدينا حزب حاكم، بل لدينا حزب للحاكم تتحلّق حوله كلّ طفيليات المتسلّقين. وعند أفول نجم ذلك الحاكم تختفي، لتبدّل جلودها، التي أنتجتها أنظمة الظلم والغبن والنهب. ثم تعود في ثوب جديد إلى الحاكم الجديد". وتضيف بنت الدي أن "المشكلة الآن أن وعي الشعوب قد ازداد، وازداد معه وعي الحكام بخطورة الاستمرار في نهج سابقيهم، لذلك أتوقّع نهاية هذا الحزب ونهاية نهجه".

من حزب الشعب إلى حزب الاتحاد

يؤكد تاريخ الأحزاب الحاكمة المتعاقبة، في موريتانيا، اختفاء هذه الأحزاب من المشهد السياسي مع انتهاء كل حكم رئاسيّ. فأوّل حزب حكم البلاد، كان حزب الشعب، الذي أنشأه رئيس موريتانيا المؤسّس المختار ولد دداه وسيطر على مفاصل الحكم من دون منافس، منذ العام 1961 وحتى يوليو (تموز) العام 1978، حين اختفى من المشهد السياسي فجأة في اليوم التالي على إطاحة الجيش ولد دداه.

تكرّر مشهد الحزب الواحد، طيلة فترة حكم المقدّم محمد خونا ولد هيداله، من خلال ما عرف بـ "تنظيم هياكل تهذيب الجماهير"، الذي حكم البلاد بدءاً من مطلع العام 1981. إلا أنه لم يُعمّر طويلاً بعد الانقلاب عليه في 12 ديسمبر (كانون الأول) العام 1984.

وحين أقُرّ أول دستور يضمن التعدّدية السياسية في يوليو العام 1991، أنشأ الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع الحزب الجمهوري، فملأ الدنيا وشغل الناس، لأكثر من 15 عاماً. لكن، حين انقلب الجيش على الرئيس في العام 2005، بدا مقرّ الحزب الذي اعتاد الازدحام في أيام عزّه مهجوراً، في حين اختارت غالبية أعضاء الحزب الابتعاد طيلة الفترة الانتقالية، التي دامت 19 شهراً، في انتظار معرفة الوجهة الحزبية للرئيس الجديد، كما يقول الصحافي دداه عبد الله. هكذا، تشكّل حزب سياسيّ حاكم جديد بعد انتخاب الرئيس المدني سيدي ولد الشيخ عبد الله، حمل هذه المرة اسم حزب "عادل"، انخرطوا فيه فرادى وجماعات.

لكن بعد الإطاحة بولد الشيخ عبد الله، من قبل الرئيس ولد عبد العزيز، الذي كان يتولّى قيادة الأمن الرئاسي، خفت حضور "عادل"، وبدأت التعبئة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، الحزب الحاكم الجديد، الذي قد لا يكون أوفر حظاً من سابقيه، إذا قرّر الرئيس المقبل تشكيل حزب آخر.

أكثر من مئة حزب

يوجد في موريتانيا 107 أحزاب، شارك 98 منها في الانتخابات البرلمانية والمحلية، التي شهدتها موريتانيا في سبتمبر (أيلول) العام 2018، على الرغم من سعي السلطات إلى تقليص عدد الأحزاب، بعد سنّ قانونٍ ينصّ على حلّ أيّ حزبٍ لا يحصل على نسبة واحد في المئة، خلال استحقاقين انتخابيين.

لكنّ عدداً قليلاً من الأحزاب ممثلٌ في البرلمان، بل إن جلّها لا وجود له على الأرض، كما يقول الصحافي المختار السلم، الذي يعتقد بأن الأحزاب المؤثّرة في الشارع والرأي العام تُعدّ على أصابع اليد الواحدة.

مع ذلك، يعتقد السلم بأنه كان لهذه الأحزاب، على علاتها، دور مشهودٌ في التأسيس لبنية ديمقراطية من الناحية الشكلية، على الأقل، في بلد صحراوي تتجذّر فيه القبلية، وهو حديثُ العهد بالممارسة الديمقراطية.

ويضيف أن "المؤسسة الحزبية في شكل عام حقّقت ما كان تصوُّره مستحيلاً، وتمثّل ذلك في وجودِ غالبيةٍ حزبيةٍ حاكمةٍ ومعارضةٍ نشطةٍ، فضلاً عن كونها قدّمت أداءً سياسياً جنّب البلاد كثيراً من المطبّات والمنزلقات، فظلّت من واحاتِ الاستقرارِ القليلةِ في المنطقة".

المزيد من العالم العربي