Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجميلات هن البدينات... في لوحات مصطفى رحمة

معرض في قاعة بيكاسو القاهرية... لوحات طريفة بلا نماذج

الفنان المصري مصطفى رحمة (اندبندنت عربية)

النساء في أعمال الفنان المصري مصطفى رحمة يتمتعن بهيئة منفردة، فإلى جانب هذا الفيض من الأنوثة المتدفقة عبر التفاصيل واللفتات الموحية، فهنّ يمتلكن كذلك قدراً وافراً من البهجة والحيوية، وانسيابية الحركة مع أجسادهنّ المكتنزة. نساء مصطفى رحمة أشبه بفراشات ملونة وشفافة، هنّ بدينات لكنهنّ جميلات وفاتنات. يرسم رحمة جميلاته الممتلئات بالحيوية على مساحات كبيرة وعامرة بالمفردات. أما الخط واللون فهما إطاران بديعان يطوق بهما الفنان شخوصه المرسومة، هذه الشخوص المُحلقة دائماً في فراغ مخملي من اللون المُبهج. عرض الفنان مصطفى رحمة جانباً من تجربته تلك أخيراً في قاعة بيكاسو للفنون في القاهرة، ليضاف هذا المعرض إلى جملة تجاربه التي قدمها خلال السنوات الماضية والتي تفرغ خلالها تماماً للفن، أو بالأحرى، ابتعد عن مجال القصص المصورة الموجهة للصغار، والتي أخذته لسنوات، ويعد واحداً من رموزها في الوطن العربي، فقد شكل مصطفى رحمة عبر رسومه تلك وعي أجيال متعاقبة دأبت على متابعة رسومه المنشورة في مجلة "ماجد" الإماراتية الشهيرة. 

لا شك في أن مصطفى رحمة لا يزال محتفظاً بتأثير هذه الرسوم، وإلا فمن أين جاء بكل هذه البهجة في أعماله؟ فهي سمة ملازمة لكل هذه الأعمال التي أبدعها بعد تفرغه الأخير واستقراره في القاهرة. ينتقي رحمة درجات ألوانه في حرص، ويشكل مساحاته على نحو تبدو فيه الخطوط مُندفعة ومتدفقة كأنه خطها بفرشاة واحدة، لامست السطح ولم تتوقف عن الحركة إلا بعد تشكُل ما به من عناصر ومفردات. خطوط منسابة في يُسر تُشكل استدارة الأجساد الأنثوية بمهارة وخفة، وتحيط في استدارتها درجات رائقة من اللون الشفاف كلون الغسق. منذ افتتانه من جديد باللوحة وهو يبحث بين الثيمات والعناصر من حوله عما يتوافق مع هذه الروح الحالمة التي تتمتع بها رسوماته، فاستمد من الفنون الشعبية دفأها وأصالتها، ونهل من العناصر التراثية رصانتها ومتانتها، كما أن ثمة أثراً في أعماله للرسوم الفرعونية والمنمنمات الإسلامية. في أعماله نلمح مزيجاً بين هذا وذاك، لكنه مزيج يخصه وينتمي إليه وحده. لوحات مصطفى رحمة تزدحم بالعناصر، نلمح فيها طيوراً محلقة وأزهاراً وزخارف تتوزع في فضاء المساحة. ومع وجود كل هذه العناصر والمفردات الكثيرة في أعماله ظلت البطولة دائماً للمرأة، فهي الثيمة الرئيسية التي تلتف حولها وتنطلق من خلالها بقية العناصر الأخرى. المرأة هنا هي بطلة العمل بلا منازع، وهي محور الرؤية فيه. هي امرأة خيالية بالطبع كما يبدو من الرسوم، لا يعتمد في رسمها الفنان على نموذج أو مثال واقعي، بل يستمد ملامحها من خياله، وقريحته الغنية بالتفاصيل، وقد عالج هيئتها بمزيج من التحريف والمبالغة في النسب.

أخذت هذه المرأة المُتخيلة التي يرسمها الفنان مصطفى رحمة من وقته وتجربته الكثير، وأبحر بها بين أزمنة وأماكن شتى، فنراه وقد ضمها مثلاً لزمرة السيدات المنتشيات طرباً من جمهور السيدة أم كلثوم، مستلهماً جلسات الطرب وملامح الجمال الأنثوية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، رسم مصطفى رحمة هوانم زمان، واستلهم أيضاً سيرة "بلقيس" وغيرها من سيدات الأساطير والتاريخ. رسم مصطفى رحمة موضوعات شتى عن المرأة، مجسداً من خلالها زمناً مفعماً بالروعة والجمال، بحسب تصوره، فهو دائماً ما يحن إلى الماضي، الذي يراه جميلاً وأكثر روعة من الحاضر، هذا الحنين الذي يستحضره مصطفى رحمة في أعماله يمثل خيطاً ممتداً يربط بين تجاربه التصويرية المختلفة.

ظل الفنان مصطفى رحمة يرسم للأطفال في مجلة "ماجد" منذ تأسيسها عام 1979 وحتى توقفه عن العمل بها قبل عشر سنوات تقريباً، وكان لرسومه ولخطوطه السلسة دوراً في تعلق متابعي المجلة بشخصياتها المحببة، ومن بينها شخصيات بعينها ابتكرها وذاع صيتها. بين هذه الشخصيات مثلاً برزت شخصيتا "خلفان وفهمان" وشخصية "كسلان جداً" وهي واحدة من بين أنجح الشخصيات التي لاقت قبولاً لدى الأطفال، ومازالت حتى اليوم تمثل إحدى الشخصيات الرئيسية في المجلة، وخصصت لها مطبوعات خاصة بها.

المزيد من ثقافة