Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عشية "مليونية 25 فبراير"... حكومة علاوي تواجه الغضب الشعبي

قد يؤدي تمريرها إلى المطالبة بإسقاط النظام بالكامل

يستعدّ المحتجون للحضور إلى بغداد من مختلف المحافظات (غيتي)

يستمر المحتجون العراقيون بالتعبير عن رفضهم كل مخرجات العملية السياسية ولا سيما حكومة محمد توفيق علاوي، في حين يستعدون لتظاهرة مليونية تحت عنوان "راجعين من جديد" يوم الثلاثاء 25 فبراير (شباط) الحالي. ويرى مراقبون أن القطيعة بين الشارع المحتج والقوى السياسية، وصلت إلى حدود تفجر أزمة كبيرة في حال إمرار الحكومة.

وليوم 25 فبراير (شباط) رمزية كبيرة بالنسبة إلى ناشطي الحراك الاحتجاجي، كونها الذكرى السنوية لانطلاق أول تظاهرة احتجاجية على النظام العراقي عام 2011، في فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

ويستعدّ المحتجون للحضور إلى بغداد من مختلف المحافظات يوم غدٍ الثلاثاء، فيما يتخوف ناشطون من احتمالية أن تستخدم السلطات العنف ضدهم.

استمرار الخلافات ومقاطعة للجلسة

في غضون ذلك، يبدو أن الخلافات بين الكتل السياسية مستمرة، إذ أعلن تحالف القوى الوطنية، مقاطعته جلسة البرلمان الخاصة بالتصويت على حكومة علاوي، معلّلاً ذلك بـ"طريقة اختيار الوزراء في التشكيلة الحكومية"، ومطالباً باختيار بديل عنه.

وكانت رئاسة البرلمان العراقي قد حددت الخميس، موعداً جديداً لجلسة التصويت على الحكومة، التي كان من المفترض أن تُعقد يوم الأربعاء، فيما يرى مراقبون أن تأجيل الجلسة يأتي لمحاولة إقناع الكتل السياسية الرافضة.

وتشير تسريبات إلى أن الانشقاقات توسعت بين القوى السياسية إثر الخلاف على توزيع الحقائب الوزارية، فيما تبرّر تلك الكتل موقفها بأنه تناغم مع إرادة المحتجين الرافضين حكومة علاوي.

أما القوى السياسية الكردية، فلا تزال معظمها مصرة على رفضها تشكيلة علاوي الحكومية ومتمسكة في ما تسميه بـ"استحقاقاتها". وتنتهي المهلة الدستورية المحددة لعلاوي إكمال حكومته يوم الثاني من مارس (آذار) المقبل.

إشعال للحراك الشعبي

في السياق ذاته، يقول السياسي المستقل إبراهيم الصميدعي إن "قرار المحتجين في التصعيد ورفض التشكيلة الحكومية بات أمراً محسوماً"، مبيناً أن "إمرار حكومة علاوي على الرغم من الرفض الشعبي لها ومن دون التوصل إلى تفاهمات معهم أو الوصول إلى حل وسط، بمثابة خطوة تصعيدية وإشعال الحراك الشعبي".

ويضيف لـ"اندبندنت عربية"، "فرض الحكومة بهذه الطريقة، عمّقت الأزمة بين القوى السياسية في ما بينها، وزادتها بين تلك القوى والشارع العراقي"، لافتاً إلى أنّ "التصعيد المقبل سيكون خطيراً وقد يقود إلى انفجار شعبي لا يستطيع أحد التنبؤ بشكله أو نهايته". وأشار إلى أن "التسريبات السياسية تقول إنها حكومة صفقات تشتمل على ممثلي القوى السياسية ورجال أعمال".

تجاهل مطالب المحتجين

في المقابل، يقول الكاتب والصحافي ياسر السالم إن "دعوة يوم 25 شباط تأتي إحياءً ليوم 25 تشرين الأول الذي أطلقت فيه الاعتصامات في عموم ساحات الاحتجاج في البلاد"، مرجحاً أن تكون الدعوة مؤثرة وفاعلة من حيث الحضور في الساحات.

ويضيف "القوى السياسية كانت ولا تزال تعيش في عالم آخر لا يرتبط بالواقع العراقي، ولذلك هي مستمرة بتجاهل الحراك الاحتجاجي، ولم تلتفت لمطالبه سوى ما يخص إقالة الحكومة بعد سقوط عدد كبير من المحتجين".

ويرى أن "تأثير هذه الحركة قد لا يظهر اليوم وتلك القوى ستذهب بعد ضمان حصصها في التشكيلة الوزارية لمنح الثقة للحكومة بمعزل عن رغبة الشارع"، مبيناً أن "تلك الخيارات لن تؤدي إلى استقرار الأوضاع السياسية في البلاد لأن الشارع العراقي سيفرض إرادته في النهاية".

إسقاط النظام

من جهة ثانية، يوضح الباحث في الشأن السياسي قحطان الخفاجي أن "الشارع العراقي قال كلمته برفض علاوي، لكن القوى السياسية مستمرة بالدفع نحو إعطاء تلك الحكومة الثقة، ولا بوادر لاستجابة تلك القوى لتصعيد المحتجين".

ويقول لـ"اندبندنت عربية" إنه "حتى القوى الرافضة لحكومة علاوي، لا ترفضه تماشياً مع الاحتجاجات بل من أجل مكاسب أكبر داخل الحكومة المقبلة".

ويشير إلى أن "إمرار حكومة علاوي على الرغم من التصعيد الاحتجاجي الحاصل، سيؤدي إلى رفع سقف المطالب إلى حدود المطالبة بإسقاط النظام بالكامل"، مردفاً "هذا هو المطلب الأساسي في الاحتجاجات".

ويلفت الخفاجي أن "القوى السياسية ستمرر التشكيلة الحكومية، وإن لم تحصل على الغالبية كما حصل في التصويت على إخراج القوات الأجنبية من دون اكتمال النصاب القانوني في البرلمان العراقي، كما أن القوى السياسية متخوّفة من عدم إمرار علاوي، لأن ذلك يعني صعوبة ترشيح بديل عنه".

استذكار أول تظاهرة

ويصف الباحث والأكاديمي أحمد حميد تظاهرة الغد بأنها "استذكار لأول تظاهرة احتجاجية ضد الحكومات الفاسدة في 25 فبراير 2011"، مبيناً أن "تلك اللحظة كانت اقتحاماً حقيقياً لكل المنظومة الطائفية التوافقية والدينية، والشرارة الأولى للوعي المدني والوطني المناوئ لهذه العملية السياسية التي قامت على أساس الفساد والمكونات التي أضاعت الهوية الوطنية".

ويضيف "غداً سيكون كرنفالاً شعبياً لاستعادة أمجاد المواجهة مع الرصاص الحي وقنابل الدخان وقوة السلطة المستهترة، وهذا سيزيد حالة الرفض للحكومة المرتقبة ويخلق روحية جديدة للحراك الاحتجاجي بعد الحديث عن انخفاض منسوبه"، موضحاً أن "قوى السلطة في قطيعة فكرية واجتماعية مع الشارع العراقي، ولا تزال تخوّن المحتجين، ولا تبحث سوى عن مغانمها لديمومة سلطتها". ويلفت إلى أن "أحزاب السلطة ليست مكوّنة على أسس أيدولوجية فكرية، بل على أساس مغانم ريعية وبمجرد فقدانها السلطة، تنتهي".

رفض علّاوي شعار المحتجين

في مجال متصل، يعبَّر الكاتب والناشط علي المياح عن اعتقاده بأن "التوافقات السياسية التي أتت بعلاوي قادرة على تمرير حكومته، على الرغم من كل ما يُثار إعلامياً عن خلافات حادة في ما بينها، خصوصاً أنها تتمحور حول حصصهم من التشكيلة الحكومية الجديدة وهذه حالة مألوفة ستنتهي ما أن يقتنع المتخاصمون بالمتغيرات الحاصلة على الخريطة السياسية بعد انتفاضة تشرين وما تفرضه من توزيع جديد لميزان القوى".

ويضيف "سيبقى رفض علاوي هو الشعار الأبرز الذي ينادي به المحتجون في كل ساحات الاعتصام، وأنه ليس مرشح الشعب كما تدّعي الطبقة السياسية"، لافتاً إلى أن "واقع الاحتجاج، خصوصاً بعد انسحاب الصدر من الساحات وميله إلى المحور الإيراني، فرض على المحتجين واقعاً جديداً لا يمكن من خلاله إعطاء الفرصة لعلاوي".

ويوضح أن "التوافقات السياسية التي فرضت علاوي، ستكون مسؤولة عن إفرازات المرحلة المقبلة"، مبيّناً أن "المحتجين يمتلكون الأدوات لفرض خريطة طريق للمرحلة المقبلة ضمن سقوف زمنية محددة".

رمزية بغداد

من جهته، يقول الناشط من محافظة ذي قار حسين الغرابي، إن "مظاهرة الغد واحدة من أدوات زيادة زخم الحراك الاحتجاجي، وذهابنا إلى بغداد سببه رمزيتها الكبيرة، فضلاً عن محاولة استعادة الروحية لساحة التحرير بعد تدخل جهة سياسية حاولت التأثير فيها".

ويضيف "موقفنا ثابت برفض حكومة علاوي، وعراق ما قبل الأول من تشرين لن يعود كما كان، لذلك نحن ذاهبون إلى بغداد للتعبير عن رفضنا الآلية التي تأتي بها الحكومات"، مردفاً "يجب أن لا تُكسر إرادة الجماهير باختيار شخصية لا تتوافق مع إرادة ساحات الاحتجاج".

فيما يرى الناشط علاء ستار أن "توقيت التظاهرة جاء في منتصف أسبوع التصويت على الوزارة واختيار اليوم رسالة لإعادة الزخم ولمكانة يوم 25 تشرين الأول في ذاكرة العراق القريبة".

ويتابع أن "المحتجين لن يستسلموا لحكومة علاوي وقد يتطور الرفض إلى تظاهرات تطالب بإسقاطها في حال تم إمرارها في البرلمان"، مبيّناً أن "اختيار علاوي على الرغم من الرفض الشعبي، خطوة استفزازية من السلطة السياسية وستؤدي إلى تفاقم الوضع العراقي".

المزيد من العالم العربي