Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ضاعف "كورونا" معاناة أكبر البنوك المركزية من التضخم؟

ارتفاع الأسعار سريعاً سوف يجر الاقتصاد العالمي إلى الركود

شعار اليورو أمام مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

بخلاف ما كان متوقعاً من أزمات خلال العام الحالي، سواء على صعيد حركة التجارة المتراجعة، أو الركود العالمي الذي ظهرت بوادره، فإن فيروس "كورونا" القاتل تسبب في معضلة كبيرة تواجه البنوك المركزية على مستوى العالم في الوقت الحالي.

وخلال اجتماعهم الأسبوع الحالي في العاصمة السعودية "الرياض"، واجه مسؤولو البنوك المركزية من الولايات المتحدة واليابان ومنطقة اليورو رمالهم المتحركة الخاصة بهم والتي يتعين عليهم اجتيازها، والمتمثلة في ذلك التضخم المخاتل.

والمشكلة التي تواجه ثلاثتهم هي أن نمو الأسعار لم يعد ومنذ فترة طويلة يتحرك كما هو متوقع، إذ يحول ارتفاع أعمار السكان والتقدم التكنولوجي دون بلوغ التضخم هدف الاثنين في المئة العزيز عليهم على الرغم من إجراءات التحفيز الشديدة.

ويقود هذا إلى إعادة التفكير بعمق من قِبل البنوك المركزية الأكثر نفوذاً في العالم، بدءاً من طريقة تعريفهم هدفهم والأدوات التي يستخدمونها لتحقيقه، في عملية تزداد إلحاحاً مع تأهب العالم لمواجهة التداعيات الاقتصادية لتفشي "كورونا".

وفّر اجتماع المسؤولين الماليين لأكبر 20 اقتصاداً في العالم في الرياض فرصة لغيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، وكريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، وهاروهيكو كورودا محافظ بنك اليابان لمقارنة ملاحظاتهم.

قوة مدمرة اقتصادياً وسياسياً

وفقاً لوكالة "رويترز"، قال مسؤول تنفيذي في أحد البنوك المشاركة في اجتماع العشرين، إن "البنوك المركزية الرئيسة تواجه جميعها مشكلات مماثلة، بما في ذلك سُبل التعامل مع تباطؤ اقتصادي جديد". وتابع، مشترطاً عدم نشر اسمه نظراً لحساسية الأمر "يبحثون هذا الموضوع منذ فترة، وحان الوقت أخيراً لكي يتوصلوا إلى نتيجة ما".

ولدى كورودا العديد من الدروس عن مخاطر التغاضي عن ضعف الأسعار لفترة أطول مما ينبغي، فقد ضخ جرعة مكثفة من التحفيز في عام 2013، لم تسفر إلا عن تكلس التضخم عند مستويات أقل بكثير من هدفه البالغ 2 في المئة.

وفي ضوء تلك المخاطر، يعكف مجلس الاحتياطي على مراجعةٍ لإطار عمله تركز على سُبل تحقيق هدف الـ2 في المئة باستخدام أدوات مثل الإفصاح عن اتجاهات السياسة النقدية مستقبلاً.

وفي مراجعته الخاصة به، بات في حكم المؤكد أن يعدل البنك المركزي الأوروبي هدفه للتضخم، المعرف بأنه معدل لنمو الأسعار "أقل لكنه قريب من 2 في المئة"، لكي يشير إلى أنه لا ينظر إلى ذلك المستوى كسقف.

ويمكن للتضخم أن يصبح قوة مدمرة اقتصادياً وسياسياً إذا ارتفعت الأسعار سريعاً جداً، لكن وتيرة متوسطة، مثل 2 في المئة، تعتبر ضرورية لتمكين الشركات من زيادة الأجور وخلق دورة قوية للاقتصاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا تعني "استراتيجية التعويض"؟

في الوقت نفسه، يتساءل المنتقدون إن كان تعديل تعريف أهداف الأسعار سيكون فعالاً في محاربة الرياح المعاكسة للعوامل السكانية ومبتكرات التكنولوجيا، فالمجتمعات الأكبر سناً تكون أقل استهلاكاً، والتقنيات الجديدة تعزز الكفاءة بتكلفة أقل، ومعاً يمكن أن يصبح هذان العاملان بمثابة قوة معاكسة للتضخم.

وفي إطار محاولات احتواء معدلات التضخم، ينظر مجلس الاحتياطي في أفكار مثل "استراتيجية التعويض"، التي يتعهد البنك المركزي الأميركي بموجبها بالسماح للتضخم بتجاوز الهدف لتعويض فترات الضعف الاقتصادي.

لكن هذا سيكبل أيدي صُنَّاع السياسات مستقبلاً، ما يجعلها استراتيجية عالية المخاطر، بحسب ما يقول توماس باركن، رئيس بنك ريتشموند الاحتياطي الاتحادي، مضيفاً "إنها تعمل على نحو رائع في النماذج، لكن تطبيقها يثير أعصابي".

أيضاً، يُحذِّر العديد من مسؤولي بنك اليابان المركزي من مراجعة جديدة لإطار العمل، ويُبدون تشكيكاً في أن يساعد أي تعديل لهدف التضخم في إقناع الناس على نحو أكبر بأن الأسعار سترتفع.

وقال مصدر مطلع على ما يفعله البنك، إن "هناك شكوكاً داخل بنك اليابان حيال ما إذا كان التعهد بتحقيق تضخم أعلى يمكن أن يغير افتراضات الرأي العام تغييراً جذرياً، لا سيما إذا كان التضخم لا يزال بعيداً من الهدف الحالي".

أزمة التراكم التدريجي للديون

وفي غياب اختراق واضح على صعيد الأدوات الأخرى في متناول البنوك المركزية، فإن إدارة توقعات الرأي العام تصبح من أقوى أسلحتهم في الوقت الراهن، لكن التكلفة المرتفعة من بقاء أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة، من تصاعد أسعار العقارات إلى تلاشي عوائد صناديق التقاعد، لا تسمح للبنوك المركزية أن تراوح مكانها على أمل أن يرتفع التضخم يوماً ما.

وقال مسؤول في البنك المركزي الأوروبي، اشترط عدم نشر اسمه، إن "الآثار الجانبية أشد الآن، وأعتقد أن علينا أن نخفف من نبرة حديثنا عن المزايا التي تفوق التكاليف بكثير".

وفي رفض منها لفكرة أن أسعار الفائدة قد تظل متدنية للأبد، شبهت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي تقاعس صناع السياسات بضفدع لا يعي أنه يعوم في ماء يغلي تدريجياً حتى فوات الأوان.

وقالت في مؤتمر هذا الأسبوع على هامش اجتماع مجموعة العشرين، إن "هذه هي المخاطرة التي نواجهها، التراكم التدريجي للدين في بيئة أسعار فائدة منخفضة لا يعطينا إشارة جيدة لكي نقفز من الماء المغلي".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد