بصعوبة تمكن الأسير وائل أبو جلبوش من تهريب حيواناته المنوية من داخل زنازين السجون الإسرائيلية، مخاطراً بحياته، ليتمكن فريق طبي من نقل نطفته خارج المعتقلات إلى مراكز الإنجاب عبر النطف المهربة.
أبو جلبوش يبلغ من العمر 40 سنة، اعتقله الجيش الإسرائيلي عام 2002 بعد إطلاق النار عليه وإصابته بجراح، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد. وفي عام 2014 صدر بحقه حكم إضافي يقدر بحوالى 30 عاماً أخرى.
طرق سرية
وخوفاً من أن يقضي أبو جلبوش عمره في السجون الإسرائيلية، تشجع على فكرة تهريب حيواناته المنوية، ونقلها إلى مركز طبي يجري عمليات تلقيح صناعية. وبالفعل، نجح في ذلك وأنجب طفلاً.
بحسب مدير مركز أسرى فلسطين للدراسات رياض الأشقر، فإنّ إسرائيل لا زالت عاجزة حتى الآن عن اكتشاف طرق تهريب النطف من سجونها، على الرغم من تشديدها الإجراءات الأمنية، وتضييقها الخناق على الأسرى وكلّ من يزورهم.
بدأت فكرة تهريب النطف من داخل الزنازين الإسرائيلية عام 2012، حين درس الأسرى الفلسطينيون مقترح تهريب الحيوانات المنوية، وكانت أوّل تجربة ناجحة في العام نفسه.
حلم الأبوة يتلاشى
يقول الأشقر "يلجأ الأسرى إلى تهريب نطفهم بسبب السياسة الإسرائيلية، التي تمنعهم من الحرية، المكفولة وفقاً للقوانين والأعراف الدولية، وشعور عدد كبير منهم، خصوصاً المحكومين بالسجن سنوات طويلة، بأنّهم لن يستطيعوا الإنجاب إلا بهذه الطريقة".
وبيّن الأشقر أنّ حلم الأبوة بات يتلاشى عند الأسرى مع تقدمهم في العمر، لذلك خاضوا مغامرة تهريب النطف، ووجدوا عشرات طرق التهريب. وفي حين أن إسرائيل تمكنت من معرفة عدد منها، إلا أنّ الأسرى لا زالوا يبدعون في إيجاد طرق مميزة، لن تستطيع مصلحة السجون اكتشافها.
وأوضح الأشقر أنّ إسرائيل تحاول أنّ تقتل روح الأمل والحياة عند الأسرى من خلال تشديد الرقابة عليهم، ومنع أسرهم من زيارتهم داخل المعتقلات، كونها تعتقد أنّ تهريب النطف يكون من خلال الأهالي.
لكن الأسرى يعتقدون بأنّ استمرار عمليات تهريب النطف والإنجاب من داخل ظلمات السجون الإسرائيلية، على الرغم من الإجراءات والعقوبات ضدهم، يشكل انتصاراً معنوياً ويعبر عن إرادة فولاذية يتمتعون بها وأملاً في الحياة لا ينقطع أو يتراجع، وفق الأشقر.
17 حالة توائم
وبحسب مركز أسرى فلسطين للدراسات، فإنّ حوالى 62 أسيراً نجحوا في تهريب حيواناتهم المنوية من الزنازين، وأنجبوا 88 طفلاً، منهم 17 حالة ولادة لتوائم. ويطلق على النطف المهربة مصطلح سفراء الحرية، أو العصافير الطائرة.
وعن طرق التهريب، رفض الأشقر الإفصاح عنها، معتبراً أنها سر كبير من خلاله ينتصر الأسرى على السجان الإسرائيلي. لكنه قال "يجري التلقيح الصناعي في مركز رزان الطبي في الضفة الغربية، وقرابة 95 في المئة من حالات التخصيب نجحت".
ووفقاً للأشقر، فإنّ الأسرى يقومون بتهريب أكثر من عينة من الحيوانات المنوية، حتى تنجح عملية التلقيح. وفور وصولها إلى المركز الطبي تحفظ في مكان خاص، وبعدها تجري عمليات تلقيح صناعي على زوجات الأسرى.
النطف شرعية وقانونية
وحول رأي الدين الإسلامي في عمليات التهريب، يوضح الأشقر أنّهم قاموا باستشارة القانون والشرع الإسلامي، وأفتت رابطة علماء فلسطين بأنّ هذا الموضوع شرعي ولا يوجد في تفاصيله أيّ محرمات، طالما أن ذلك يجري برعاية طبية موثوقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهر الأشقر أنّ دار الإفتاء عملت على تهيئة الشارع الفلسطيني من خلال خطب يوم الجمعة، وتقديم برامج تلفزيونية.
لكن إسرائيل، تعاملت مع هؤلاء الأطفال بأنّهم غير شرعيين، وجاءوا إلى الدنيا بطريقة غير قانونية، ومنعتهم من زيارة آبائهم الأسرى داخل السجون.
ويشير الأشقر إلى أنّ عدداً من المحامين والمنظمات الحقوقية ضغط على إسرائيل، فسمحت بعد سنوات للأطفال بزيارة الأسرى في السجون.
أعداد الأسرى
وتعتقل إسرائيل حوالى 5700 أسير، وفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين، من بينهم 250 طفلاً، وأكثر من 30 مصاباً بالسرطان، وفق نادي الأسير (غير حكومي)، ومنهم حوالى 570 معتقلاً محكوماً بالسّجن المؤبد، كما أوضحت الهيئة العليا لمتابعة الأسرى (غير حكومية). وستة نواب من أعضاء المجلس التشريعي، إضافة إلى 55 أسيرة.
وتشير إحصاءات هيئة الأسرى والمحررين إلى أن حوالى 4600 من إجمالي الأسرى هم من الضفة الغربية، و490 أسيراً من القدس و90 من الأراضي المحتلة عام 1948 و325 أسيراً من قطاع غزة.