Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سيتغيب فينيكس عن حفل الأوسكار، أم سيلوم الأكاديمية على دورها البيئي؟

تحرص الأكاديمية على جعلنا نعتقد أنها صديقة للبيئة، كما تقول لوسي جونز كاتبة المقالات الفنية في صحيفة "إندبندنت"، لكن المبالغ التي ستُنفق في أمسية توزيع الجوائز تشبه أيام روما الأخيرة.

خواكين فينيكس وهو يتسلم إحدى الجوائز (غيتي)

إذا كنتم تعتقدون أن فيلم "جوكر" صُنع من أجل المشاهدة غير المريحة، فما عليكم إلا أن تتابعوا أحد خطابات بطله خواكين فينيكس وهو يتسلم إحدى الجوائز. ومع ظهوره المتكرر في حفلات التكريم لنيل الجوائز واحدة تلو الأخرى عن دوره في الفيلم، بات النجم ينتهز الفرصة لإرباك جميع الحاضرين.  ففي حفل توزيع جوائز "بافتا"، انتقد  فينيكس عدم وجود تنوع في الأعمال الفائزة. وقال لافتاً انتباه الجمهور الغارق في صمت قاتل "أعتقد أننا نبعث برسالة واضحة للغاية للأشخاص الملونين بأنهم ليسوا موضع ترحيب هنا". أما في حفل "غولدن غلوبز"، وبعد اعتراضه على المسابقة برمتها باعتبارها "هذا الشيء الذي أنشئ من أجل بيع إعلانات للبرامج التلفزيونية"، فقد ناشد زملاءه الممثلين التوقف عن ركوب الطائرات الخاصة.

عادة، قد يبدو المشاهير الذين يطيلون الحديث عن القضايا الاجتماعية أثناء استلامهم الجوائز مفتعلين وزائفين. أصاب ريكي جيرفايس  عندما سخر في خطابه خلال حفل جوائز "غولدن غلوبز " من نفاق الممثلين المُفتعل. وقال "حسناً، أنتم تقولون إنكم تنبّهتم، لكن الشركات التي تعملون لصالحها في الصين، أمر لا يصدق.. آبل، أمازون، ديزني. إذا بدأت داعش خدمة بث تدفقي فسوف تتصلون بوكيلكم، أليس كذلك؟ لذا، إذا ربحتم جائزة الليلة، فلا تستخدموها كمنبر لإلقاء خطاب سياسي. أنتم لستم في وضع يسمح لكم بتثقيف الناس حول أي موضوع. أنتم لا تعرفون شيئاً عن العالم الحقيقي".

لكن الحديث من على منبر يُقدر جمهوره بـ 30 مليون شخص ممن يشاهدون حفل توزيع جوائز الأوسكار عادة، قد يكون فرصة جيدة إلى حد يجعلها لا تُفوت. ومن المحتمل أن يغتنم فينيكس الفرصة ليقول شيئاً استفزازياً مساء الأحد. ففي حفل "غولدن غلوبز" أشار فينيكس إلى الأزمة البيئية، وشكر منظمة رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية على "الخطوة الجريئة" المتمثلة في "إدراك والاعتراف بالصلة بين الزراعة الحيوانية والتغير المناخي"، لكنه قد يذهب أبعد من ذلك في حفل الأوسكار. كيف يواصل المخرجون تقديم القصص في عالم خالٍ من انبعاثات الكربون؟ كيف يمكننا أن نستمر في خلق واستهلاك الفن المدهش من دون تخريب الكوكب؟ مالذي نجد أنفسنا مستعدين للتضحية به؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن تُطرح.

تحرص الأكاديمية، مثلها مثل أي شركة أخرى، على جعلنا نعتقد أنها صديقة للبيئة، و"ملتزمة بتخفيض بصمتها الكربونية" وتهدف إلى توسيع "خطتها للاستدامة حتى الوصول إلى الهدف النهائي المتمثل في تصفير انبعاثاتها من الكربون".

تستحق الأكاديمية الثناء  بالتأكيد لتقديم وجبات معظمها نباتية. كما حظرت عبوات المياه البلاستيكية في فعاليات الأوسكار كافة، وستُستخدم مصابيح موفرة للطاقة الكهربائية (إل إي دي) ومواد قابلة لإعادة التدوير في حفلة الحكّام، وهي الحفلة الرسمية التي تُقام بعد توزيع الجوائز، أجهزة إضاءة وصوت مؤجرة هي ومعدات حملها. لكن هذا كله ليس كافياً في عام 2020، وفي عالم يحتاج على وجه السرعة إلى العدالة المناخية.

والحال أن المبالغ التي ستُنفق في أمسية توزيع الجوائز تشبه أيام روما الأخيرة، فالتكلفة الإجمالية للحفلة تبلغ 44 مليون دولار. تشمل حقائب العطايا التي يحصل عليها الفائزون  بالأوسكار هدايا بقيمة 148 ألف دولار وتشمل رحلة في يخت لمدة 12 يوماً بالإضافة إلى الإقامة في إسبانيا والمكسيك وهونولولو. وتكلف السجادة الحمراء نفسها 24700 دولار وللأمسية تفاصيلها الأمنية الخاصة. وكما أوضح فينيكس، فإن كل هذه النفقات كلها تأتي من صناعة الإعلان، التي تدفع الملايين لقاء فواصل إعلانية مدتها 30 ثانية من شأنها التأثير على المشاهدين في منازلهم لجعلهم يشترون أشياء لا يحتاجونها. وفي الوقت نفسه، قد تصل تكلفة ملابس نجوم الدرجة الأولى إلى 18 مليون دولار تقريباً، وهذا يعادل ثروة  الممثلة كيت بلانشيت عندما فازت بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم ياسمين أزرق في عام 2013.

ما هو التصرف الذي سيكون متطرفاً حقاً؟ حسناً، هو تغيّب فينيكس عن الحفل. لكن ثاني أفضل خيار ، هو اغتنام الفرصة للإشارة إلى انفصال صناعة السينما عن الواقع. سيعتبر كثير من الحاضرين أنفسهم تقدميين ويهتمون بالناس والبيئة. بيد أن صناعة السينما والتلفزيون تترك بصمة كربونية وبيئية هائلة، وكذلك أمسية توزيع جوائز الأوسكار.

في الوقت الذي يواجه فيه العالم التحدي الهائل المتمثل في التخلص من الوقود الأحفوري وتغيير الطريقة التي نعيش بها لحماية الكوكب من كارثة، تجري  كما هو معتاد  خلال الأوسكار من دون تغيير يذكر بسبب هذه التحديات.

تشير البحوث إلى أن الرسائل التي يقدمها المشاهير تشجع المزيد من الناس على الاهتمام والمشاركة. ومثلاً  ارتفعت نسبة التغريدات  على تويتر التي تذكر التغير المناخي أو الاحتباس الحراري بنسبة 636% عن المعتاد في أعقاب خطاب ليوناردو ديكابريو الذي ركّز فيه على المناخ أثناء استلامه للجائزة عام 2016. من المثير للإعجاب أن فينينكس، وفقاً للموسيقي والناشط البيئي موبي، أقنع هيئة "غولدن غلوبز" باتخاذ إجراءات بيئية. لكن في عام 2020 ، لم يعد هناك وقت كاف لإحراز تقدم مناسب من خلال الحديث وحده.

ما الذي يتطلبه الأمر لجعل حدث يستهلك الموارد على نحو كثيف مثل حفل جوائز الأوسكار يبدو نشاطاً غير مناسب وغريب فيما نواجه التهديد البيئي؟ كيف يمكننا تبديد الوهم بأن العالم الذي  صنعناه مستدام؟ إلى أي مدى نحن مستعدون للتضحية بسعادتنا الحالية من أجل رفاهية الأجيال المقبلة؟ كم نحن مستعدون للتغيير؟

وكما تقول لافتات "تمرد الانقراض" في لوس أنجلوس هذا الأسبوع، فليس هناك من هوليوود في كوكب ميت.

© The Independent

المزيد من فنون